ماذا عن صفقة القرن، وترامب في طريقه للبيت الأبيض؟!
أول مرة سمعنا فيها عن هذا المصطلح؛ "صفقة القرن"، كان على لسان عبد الفتاح السيسي، في لقاء جمعه بالرئيس الأمريكي المعجب باستبداده دونالد ترامب، والجنرال يقول له إنه سيكون تحت أمره في تنفيذ "صفقة القرن"، ولم يوضح مقصده حتى الآن. يومئذ حتى قيادات حماس أنفسهم كانوا لا يعرفون شيئا عن هذا الموضوع، إلى أن توصلنا إلى أن هناك مخططا لوطن بديل للفلسطينيين، ومع تفاصيل مختلفة، تبدو كما لو كانت تعبر عن سيناريوهات عدة، فالصفقة ليست قولا واحدا، إلا من حيث هذا الوطن الفلسطيني!
في وقت لاحق شكك الجنرال في الموضوع برمته، وكأنه لم يكن هو من قاله، لكن بدا أن تشكيكه كان مؤشرا على أن الإدارة الأمريكية قد "صرفت نظرا" عن الصفقة، لاستحالة تنفيذها، ولأن هناك طرفا مهما فيها لن يوافق عليها، وهو المعني بها، أقصد الجانب الفلسطيني!
وفي كتاب "الحرب" لمؤلفه الصحفي المرموق "بوب وودوارد"، ذكر أن المخطط مع بداية العدوان الإسرائيلي على غزة، كان الدفع بالفلسطينيين لعبور الحدود المصرية، من هول القصف، وهو أمر لم يحدث، لأنه من الواضح أنه مخطط منفرد لإسرائيل، فواشنطن لم تكن حاضرة في هذا التصور، وترامب الذي كان في مرحلة سابقة يتبنى الصفقة خارج البيت الأبيض، وبجانب أن الرفض المصري سيكون واسعا، فإنه لا بد أن تكون للمساهمة بنصيب الأسد في الصفقة ثمنا، ونتنياهو يريد فرض سياسة الأمر الواقع!
حرب الإبادة التي يتعرض لها القطاع ستمكن ترامب من أن يملي شروطه مقابل وقف إطلاق النار، حيث يبدو مطلب عزل حركة حماس عن الحكم واردة، ولا يبدو أن الحركة تمانع في ذلك، ولديها تجربة سابقة في استقبال رئيس للحكومة الفلسطينية في القطاع، وذلك قبل سنوات من طوفان الأقصى، ولا أعتقد أن لقاءات القاهرة مع ممثلين للسلطة بعيدة عن الاتفاق على استلامها المهام في القطاع
وقد ذكرت سابقا هنا أن الوطن الفلسطيني البديل فكرة لها جذورها التاريخية، ويمكن الوقوف عليها من خلال مذكرات رئيس الحكومة في عهد ما قبل ثورة 1952، النقراشي باشا، وقد أبلى الرجل بلاء حسنا في الوقوف ضد الفكرة، مع أنها لم تكن دائما حلا على حساب المصريين، ففي إحدى المرات كان مطروحا إقامة دولة فلسطينية في العراق!
وكان ينبغي أن نعلم أن الجانب الإسرائيلي لا يزال يحلم بتنفيذ صفقة القرن، فماذا والراعي الرسمي للفكرة على بعد خطوات من البيت الأبيض؟!
تعويم نتنياهو:
إن الظروف في السابق لم تكن مواتية، وتبدو الفرصة سانحة الآن لضرب أكثر من عصفور بحجر واحد!
فلم يتمكن بايدن من تتويج نهاية رحلته السياسية بإنجاز وقف إطلاق النار، والانتصار الكامل لإسرائيل، ليحقق لها بالمفاوضات ما لم تحققه بالحرب.
وفي المقابل، فحرب الإبادة التي يتعرض لها القطاع ستمكن ترامب من أن يملي شروطه مقابل وقف إطلاق النار، حيث يبدو مطلب عزل حركة حماس عن الحكم واردة، ولا يبدو أن الحركة تمانع في ذلك، ولديها تجربة سابقة في استقبال رئيس للحكومة الفلسطينية في القطاع، وذلك قبل سنوات من طوفان الأقصى، ولا أعتقد أن لقاءات القاهرة مع ممثلين للسلطة بعيدة عن الاتفاق على استلامها المهام في القطاع بعد أن تسكت المدافع!
فغزة تحتاج إلى الإعمار، وإزالة آثار العدوان، وهذا يحتاج لمساعدات كبيرة، ولسنوات من العمل الجاد، والمؤكد أنه لن يكون جادا طيلة الوقت!
وعندما نقرأ تسريبا عن أن إسرائيل طلبت من السلطات المصرية أن يتولى الجيش المصري تدريب قوات السلطة انتظارا للمهمة القادمة في القطاع، عندئذ نعلم مآلات الأمور!
الساقطة واللاقطة:
إن محمود عباس (أبو مازن) يبدو دائما في انتظار "الساقطة واللاقطة"، ومنذ بداية العدوان الإسرائيلي وهو يبدي استعداده لتولي الحكم في قطاع غزة، وهو الطلب الذي رفضته إسرائيل، لكن في النهاية فإن فكرة الاحتلال ليست واردة، والإجراء الأسلم هو استلام السلطة الفلسطينية للحكم، ولديها سابقة أعمال في حفظ الأمن لصالح إسرائيل، فلا معنى لعناد نتنياهو وهو لا يملك تقرير المصير، فله خطاب في العلن وإجراء مختلف على الأرض، وهو ما كشفه هذا التسريب!
ورغم تحقيق المقاومة في القطاع وفي جنوب لبنان نجاحات كبيرة مؤخرا، فإن وقف إطلاق النار مطلبها هنا وهناك، والتعنت خلال عام مضى هو من الجانب الإسرائيلي، حيث تجد الحكومة أن أمانها السياسي في استمرار الحرب، ولو قُتل الأسرى جميعهم!
ومن هنا فإن ترامب مع قدرته على إخضاع نتنياهو لن يجد ما يعكر صفوه، ويمنعه من تحقيق الإنجاز السريع بوقف إطلاق النار وإنجاز ما فشل بادين في إنجازه، وليس هناك ما يمنع من العودة للتفكير في مشروع صفقة القرن مجددا.
لا يبدو في التصور العام هذه المرة أن هناك خيارات مفتوحة لصفقة القرن، بعيدا عن سيناء، كما كان الحال قبل ثورة 1952، إذ كان هناك أكثر من خيار، تم رفضها جميعها! هذا فضلا عن أن شعب فلسطين الذي مورست ضده الإبادة الجماعية والتجويع في غزة، ولم يحقق المخطط الإسرائيلي بالتدافع نحو الحدود المصرية، لن يكون لقمة سائغة
بيد أن طريقه لن يكون أخضر تماما، فأن تكون سيناء جزءا من الدولة الفلسطينية المحتملة هو أمر لن يقبله الشعب المصري، الذي قاوم فكرة الوطن البديل للفلسطينيين، وفي فترة كانت مصر نفسها واقعة تحت الاحتلال الإنجليزي!
ولا يبدو في التصور العام هذه المرة أن هناك خيارات مفتوحة لصفقة القرن، بعيدا عن سيناء، كما كان الحال قبل ثورة 1952، إذ كان هناك أكثر من خيار، تم رفضها جميعها! هذا فضلا عن أن شعب فلسطين الذي مورست ضده الإبادة الجماعية والتجويع في غزة، ولم يحقق المخطط الإسرائيلي بالتدافع نحو الحدود المصرية، لن يكون لقمة سائغة لتنفيذ مخطط أكد مؤلف كتاب "الحرب" أنه لا يزال قائما، وقد عاد الأب الروحي للفكرة ترامب إلى الحكم مجددا!
خطورة ترامب:
يبدو ترامب مخيفا للبعض هذه المرة، وكأنهم حذفوا سنتين كاملتين من رئاسته، ولم يبق في أذهانهم إلا صورة الفتى الطائش في أيامه الأولى للحكم، فيمارس الابتزاز، ويتمادى في وقاحته، على النحو الذي فعله على الهواء مباشرة مع الملك السعودي، لكن هذا كان في البداية وقد أسقطنا عامين بدا فيهما عاقلا وليس موتورا.
إنه نموذج حي لفتوة الحارة، وقد جعل من العالم على اتساعه مجرد حارة، هو فتوتها الأوحد، فوزع تهديداته يمينا ويسارا، لكنه كأي فتوة غير حقيقي، سرعان ما جرى له تعديل مسار، فقد هدد أردوغان ثم تحول إلى صديق له، وبدا كما لو كان قادرا على إسقاط زعيم كوريا الشمالية، ثم خضع له بالقول!
ولأنه يريد أن يبدو أمام الناخب الأمريكي الشعبوي مثله أنه قادر على ابتزاز العالم، فقد يبدأ من جديد في هذه السياسة، وجانب من ذلك سيكون مرده إلى قدرته على جمع المال لإرضاء الناخب، ولن يحقق كثيرا من ذلك لأن السعودية مثلا لم تعد في مرمى التهديدات الخارجية كما كان الحال من قبل، وقد حدث تقارب مع إيران، وكان لافتا أنه بعد إعلان فوز ترامب، أن رئيس هيئة الأركان السعودي يزور طهران!
وبكل تأكيد ستكون هناك محاولات للتعامل معه بحسبانه تاجر، اتقاء لشره، لكن الحال قبل أربع سنوات يختلف بدرجة ما عما عليه الآن، وإذا كان قد "صرف نظر" عن صفقة القرن في نهاية ولايته الأولى، فإن سيعيد الكرّة هذه المرة، والشعب الفلسطيني مثخن بالجراح، وسيرهق الوجدان العام في البداية لتصوره أن الأجواء مناسبة لتحقيق الصفقة، لكن سيتحقق له عدم قدرته على فرض دولة بديلة على الفلسطينيين.
ليته يعقلها مبكرا.
x.com/selimazouz1
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه صفقة القرن السيسي ترامب الفلسطيني الإسرائيلي نتنياهو السيسي إسرائيل امريكا فلسطين نتنياهو مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة مقالات رياضة صحافة صحافة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة وقف إطلاق النار صفقة القرن فی القطاع هذه المرة أن هناک لا یبدو لن یکون
إقرأ أيضاً:
بعد تصريحات ترامب.. هل يتكرر سيناريو تهجير الفلسطينيين مجددا؟
#سواليف
شدد العديد من الكتاب على أن حديث الرئيس الأمريكي دونالد #ترامب وطرحه لفكرة #التهجير الطوعي، ليس مجرد #تهديدات عابرة، بل هي #خطط_مستقبلية تأتي في سياق تفاهمات ووعود قطعها ترامب لرئيس الحكومة الإسرائيلية #نتنياهو وقيادة #الاحتلال المتطرفة، وبناء عليه سيكون #سيناريو_التهجير مطروحا مجددا في المشهد الفلسطيني.
ويرى الكاتب والمحلل السياسي بانّ قضية التهجير قضية حقيقية وجدية جدا، مضيفا: “الضغط على #الأردن و #مصر ستستعمل فيه كل الوسائل، إن لم نكن في موقع مواجهة التهجير سنجد أنفسنا فيه، هذا كلام ليس للتهويل، بل لمواجهة الحقيقة”.
وشدد عنبتاوي على أنّ ما قاله ترامب ليس مجرد كلام، هذا ضمن رؤيا، وكرجل صفقات سيقوم باستعمال سياسة العصا والجزرة مع مصر والأردن بالعروض المالية والتهديدات الداخلية والتعطيل بإعادة البناء في غزة لتسهيل موضوع التهجير.
مقالات ذات صلة السحب الماطرة تواصل انتشارها وأمطار الخير تتجدد في هذه المناطق 2025/01/31ونبه عنبتاوي بان خطط الاستيطان المستعرة في الضفة الغربية والسعي لتغيير معادلة التوزيع السكاني لصالح المستوطنين هي مقدمة لتثبيت المشاريع الاستيطانية التي ستساهم في زعزعة المنطقة وجعلها مشتعلة لخدمة اهداف الاحتلال .
وبحسب عنبتاوي فان الفصل بين الضفة الغربية وقطاع غزة وتجزئها الى مناطق جغرافية وخلق المعازل والكنتونات واعاقة الحركة ما هي الا خطوة في سياق خلق الياس والإحباط وصولا الى تشجيع فكرة الهجرة والرحيل الى الخارج.
ووصف عنبتاوي تهديدات ترامب واطماع الاحتلال بالأمر الخطير الامر الذي يتطلب وجود موقف فلسطيني موحد ورؤية لمواجهة كل تلك التحولات والخطط والمشاريع التي تهجف الى تصفية القضية الفلسطينية والاستفراد بالضفة الغربية بعد ان حُولت غزة الى مكان غير صالح للحياة.
الكاتب والمحلل السياسي ياسر مناع أكد على أنّ الحديث عن التهجير القسري لم يعد مجرد تهديد أو ورقة ضغط، بل أصبح مطروحًا بجدية كخيار قابل للتنفيذ. هناك تقارب واضح بين الرؤية الأمريكية والإسرائيلية بهذا الشأن، حيث تسعيان معًا لإيجاد سبل لتحقيقه.
ولفت مناع الى ان هذا السيناريو يثير قلقًا بالغًا لدى مصر والأردن، اللتين ترفضان استقبال موجات نزوح قسرية، خوفًا من تداعياتها السياسية والأمنية.
وبحسب مناع فان الوقائع على الأرض تشير إلى أن العمليات العسكرية الجارية ليست مجرد ردود فعل، بل أدوات لتنفيذ مشروع سياسي يهدف إلى إعادة تعريف السلطة الفلسطينية وظيفيًا وجغرافيًا.
واكمل:” إسرائيل تسعى إلى تقسيم الضفة الغربية إلى معازل دائمة، مما يجعل السيطرة عليها أكثر سهولة، ويقضي على إمكانية قيام كيان فلسطيني مترابط جغرافيًا، كما يتزايد التهجير الداخلي من المخيمات إلى المدن، ما قد يكون خطوة تمهيدية لتهجير أوسع نطاقًا خارج الأراضي الفلسطينية.
وجدد الرئيس الأميركي دونالد ترامب امس الخميس ، تصريحاته الداعية إلى تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، قائلا إن “على مصر والأردن قبولهم”.
وفي رد ترامب على أسئلة لصحفيين في البيت الأبيض بشأن القضايا الراهنة، قال ترامب بعد أن سُئل عن إمكانية قبول مصر والأردن للفلسطينيين من غزة “ستفعلان ذلك”، على حد تعبيره.
وأضاف الرئيس الأميركي “لقد قدمنا لهما (مصر والأردن) الكثير، وسوف يقومان بذلك”.
وتوالت ردود فعل مصرية وأردنية رافضة للتهجير منذ اقتراح الرئيس الأميركي، السبت الماضي، نقل فلسطينيي قطاع غزة إلى دول مجاورة مثل مصر والأردن، متذرعًا بـ”عدم وجود أماكن صالحة للسكن في قطاع غزة” الذي دمرته إسرائيل طوال أكثر من 15 شهرا.
وكان الرئيس الأميركي قال قبل أيام إنه يرغب في “تطهير” قطاع غزة، موضحا أنه سيطلب من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ما طلبه من ملك الأردن عبد الله الثاني من السماح بدخول ما يصل إلى 1.5 مليون فلسطيني من غزة إلى الأراضي المصرية.
ورفض كل من الرئيس المصري وملك الأردن هذا المطلب، حيث وصف السيسي ذلك بأنه ظلم لا يمكن أن تشارك مصر فيه، كما أكد ملك الأردن موقف بلاده “الراسخ” بضرورة “تثبيت الفلسطينيين على أرضهم”.
ورُفضت تصريحات ترامب من عدة جهات دولية، بينها فرنسا وألمانيا وجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي والأمم المتحدة.
انقر للمشاركة على فيسبوك (فتح في نافذة جديدة)اضغط للمشاركة على تويتر (فتح في نافذة جديدة)انقر للمشاركة على WhatsApp (فتح في نافذة جديدة)انقر للمشاركة على Telegram (فتح في نافذة جديدة)النقر لإرسال رابط عبر البريد الإلكتروني إلى صديق (فتح في نافذة جديدة)اضغط للطباعة (فتح في نافذة جديدة)
وسوم : “التهجير الطوعي” إدارة ترامب الطوفان