سهل الحولة.. جمال طبيعي ساحر في فلسطين دمره الاحتلال
تاريخ النشر: 11th, November 2024 GMT
لم تمنع الكارثة التي ارتكبها الاحتلال في منطقة سهل الحولة عبر تجفيفه من أن يبقى صادما أمام "الجريمة البيئية" التي ارتكبت بحقه، فهو يعد منطقة زراعية في شمال فلسطين وعرف بوفرة مياهه العذبة والطبيعة الخلابة.
ويعتبر محطة كبرى لاستراحة الطيور المهاجرة على طول الوادي المتصدع الكبير بين أفريقيا وآسيا وأوروبا، ويمر سنويا ملايين من أسراب الطيور المهاجرة عبر منتزه بحيرة الحولة وبحيرته.
وتقع بحيرة الحولة بين بحيرة طبريا جنوبها، ومنحدرات جبل الشيخ شمالها، وهضبة الجولان إلى الشرق منها، وجبال الجليل الشرقية إلى الغرب منها.
هذه البحيرة تكونت نتيجة تجمع مياه الجبال التي جرفت معها أيضا كميات من الطين مكونة بحيرة صغيرة في غاية الجمال، وما يميز هذه البحيرة أنها كونت في أرضيتها جرنا كبيرا جعل خروج الماء من البحيرة صعبا جدا.
ومع تراكم كميات من الطين والمجروفات وارتفاع مصب البحيرة باتجاه نهر الأردن الجبلي، تكونت المستنقعات في شمالي البحيرة، واكتست البحيرة بالأعشاب الكثيفة التي شكلت عامل جذب لطيور نادرة وحيوانات بحرية كالجاموس الذي انتشر فيها، وكذلك لانتشار مرض الملاريا في المناطق المجاورة.
اكتسب سهل الحولة اسمه من بحيرة كانت تحتل قسما من جنوبيه عرفها اليونان باسم "أولاتا"، وتسميها الوثائق التي اكتشفت في رأس شمرا "بحيرة سمخو". ويذكر ياقوت الحموي الحولة إنها "كورة بين بانياس وصور من أعمال دمشق ذات قرى كثيرة".
وأطلق عليها أسماء مختلفة عبر العصور فقد سماها المصريون "سمخونا" في القرن الرابع عشر قبل الميلاد. في حين أطلق العهد القديم عليها اسم "ميروم" ويعني بالكنعانية "المياه المرتفعة"، وسماها العرب الحولة المشتقة من الآرامية "حولتا" التي تعني "الأرض المنخفضة".
واستوطنت المنطقة عشرات القبائل والعشائر العربية منذ آلاف السنين معتمدة في رزقها على تربية الجواميس، وقطع القصب وبيعه في السوق لإنتاج أشغال قشية وقصبية، وبعضهم اعتمد على صيد الأسماك أو زراعة الأرز بمساحات محدودة، وذلك لوفرة كميات من المياه التي يحتاجها هذا الفرع الزراعي.
وأعطت الحكومة العثمانية امتيازا لاستصلاح أراضي مستنقعات الحولة لأحد المالكين ويدعى سليم علي سلام ولما عجز عن تنفيذ الامتياز بدأ سماسرة الصهاينة يتصلون به ويفاوضونه على البيع، وتحت الضغط الصهيوني بيع امتياز الحولة إلى شركة "هاخشرت هايشوب" في فلسطين عام 1934، فيما بعد طردت العائلات العربية من قراها في منطقة الامتياز.
وبلغت مساحة الأرض المباعة في الصفقة 165 ألف دونم، ونجم عن هذه البيوع تشريد 15 ألف عربي من سهل الحولة، وتشريد نحو عشرة آلاف آخرين من امتياز الحولة الغربي الذي باعه آل بيهم وآل سرسق.
ونجح "الصندوق القومي اليهودي" بشتى الألاعيب في السيطرة على مساحات شاسعة من أراضي البحيرة في أعقاب صفقات عقدها وكلاؤه مع ملاكي هذه الأراضي، حيث وصلت إلى أيدي المؤسسة الصهيونية قرابة 57 ألف دونم من مجمل مساحة البحيرة والأراضي المجاورة لها. وشرعت "الوكالة اليهودية" بإقامة مستوطنات في مناطق الحولة، وكان الشاغل الأساس لهذه المستوطنات هو السيطرة على مزيد من الأراضي واستصلاحها لزراعة أنواع مختلفة من المحاصيل الزراعية.
وقبل نكبة عام 1948 كان في سهل الحولة حوالي 30 قرية فلسطينية منها: خان الدوير، المنشية، الحسينية، كراد البقارة، كراد الغنامة، مزرعة الخوري، خربة ياردا، لزازة، دفنة، الخصاص، الناعمة، المفتخرة، الدوارة، غرابة، ملاحة، عرب الزبيد، تليل، الدردارة، الظاهرية التحتا، منصورة الخيط، مغر الخيط، قباعة، طيطبا، ماروس، هونين، بيسمون، الزوق التحتاني، الزوق الفوقاني، عرب الغوارنة، الصالحية، الحمرا، خيام الوليد، السنبرية، جاحولا، وغيرها.
وشرع الاحتلال بتنفيذ تجفيف الحولة على ثلاث مراحل بين عامي 1951 و1957. وقبل تجفيفها في الخمسينيات بلغ طول بحيرة الحولة 5.3 كيلومتر وعرضها 4.4 كيلومتر، مع مساحة تمتد لأكثر من 12إلى 14 كيلومتر مربع.
وحولت مساحة 70 ألف دونما تم تجفيفها إلى المستوطنات للاستفادة منها في الزراعة، لكن فيما بعد أقر الخبراء، بأن عملية تجفيف البحيرة كانت خطأ فادحا، لكون عملية التجفيف خلقت مشاكل عسيرة، منها هبوط في الأراضي التي انتشرت فيها المستنقعات، ما يؤدي إلى فيضانات مائية مستقبلية، ولحقت أضرار بمناطق الفحم الحجري التي اكتشفت في المنطقة بعد تجفيفها، وهذه المناطق تعرضت إلى احتراق في الصيف، ما أدى إلى انجراف مساحات من التربة، ولم تعد البحيرة تشكل مجمعا للطين المجروف والذي كان يصل إلى بحيرة طبريا ويساهم في عملية التوازن فيها.
فكانت مضار كثيرة، وفوائد زهيدة، مما دفع الاحتلال إلى معاودة محاولة إحيائها بعد انكشاف كذبهم حول " تجفيف المستنقعات وتحويل ألقفار في فلسطين إلى جنائن و بساتين".
بعد أن اختفت البحيرة التي عاش في مياهها 16 نوعا من الأسماك وجذبت طبيعتها عشرات الأنواع من الحيوانات وجمعت طيورا من ثلاث قارات، وكانت الموطن الأقصى شمالا لنبتة البردى الإفريقية، وعلى ضفافها تناثرت القرى العربية التي هجر معظم سكانها إلى سوريا ولبنان فيما بقى عدد قليل منهم مهجرين في وطنهم يعيشون داخل بعض القرى التي سلمت من الهدم مثل شفا عمرو ووادي الحمام وشعب وغيرها من قرى الجليل .
أسراب من الطيور المهاجرة في سهل الحولة
ولم يتبق أثر للسكان في الحولة سوى صورة مجسمة لفلاح وزوجته وابنته داخل متحف في "محمية الحولة " دونما توضيح أو إشارة إلى ماضيهم بعكس صورة الحيوانات والطيور التي عاشت في الحولة وحظيت بشروحات وتوضيحات وافرة تلفت انتباه الزوار أكثر من ذكر حقوق السكان الأصليين والمالكين الحقيقيين للأرض الذين شردوا من أراضيهم.
المصادر
ـ هشام نفاع، "كارثة بيئية جديدة في سهل الحولة بسبب محاولات إخضاع الطبيعة مجددا لمعايير الربح الجشع"، مدار، المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية، 3/1/2022.
ـ "سهل الحولة "تاج الجليل"، موقع عرب 48، 28/3/2014.
ـ مصطفى مراد الدباغ، بلادنا فلسطين، بيروت، 1973.
ـ عيد مرعي، "منطقة الحولة"، الموسوعة العربية، دمشق.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي تقارير تقارير الاحتلال سهل الحولة فلسطين احتلال فلسطين اهمية سهل الحولة تقارير تقارير تقارير تقارير تقارير تقارير سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة سهل الحولة
إقرأ أيضاً:
إحصائية بالخسائر التي خلفتها حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة .. تقرير
الجديد برس|
كشفت معطيات إحصائية جديدة حجم ما ألحقته آلة القتل والتدمير الإسرائيلية في القطاع غزة على مدار 470 يومًا من حرب الإبادة الجماعية التي طاولت كل مقومات الحياة الإنسانية.
وقدر المكتب الإعلامي الحكومي في تقرير إحصائي نشره اليوم الثلاثاء، الخسائر الأولية المباشرة للحرب بأكثر من 38 مليار دولار، فيما بلغت نسبة الدمار 88%.
وبين أن جيش الاحتلال ألقى طوال فترة الحرب على غزة 100 ألف طن من المتفجرات، استشهد على إثرها 46 ألفًا و960 مواطنا، بينهم 17 ألفًا و861 طفلًا منهم 214 رضيعًا و808 أطفال دون عمر السنة، بالإضافة لارتقاء 12 ألفًا و316 امرأة، مشيرا إلى نسبة الأطفال والنساء تشكل 70% من إجمالي عدد الضحايا.
وسجل الإعلام الحكومي 14 ألفًا و222 مفقودًا، ونحو 110 آلاف و725 إصابة، بينهم 15 ألفًا بحاجة لعمليات تأهيل طويلة الأمد، و4 آلاف و500 حالة بتر، موضحا أن 18% من إجمالي حالات البتر سجلت بين الأطفال، فيما يحتاج 12 ألفًا و700 جريح للعلاج في الخارج.
وأوضح الإعلام الحكومي أن 38495 طفلًا يعيشون بدون والديهم أو بدون أحدهما، فيما فقدت 13901 من النساء أزواجهن خلال الحرب.
وفي تفاصيل ممارساته الإجرامية، ارتكب الاحتلال مجازر مروّعة ضد العائلات الفلسطينية طيلة أشهر الحرب، حيث أباد 2092 عائلة بمجموع عدد أفراد 5967 شهيدًا، في حين أنّ 4889 عائلة أخرى فقدت جميع أفرادها باستثناء فرد واحد (الناجي الوحيد)، ليصل عدد شهداء هذه العائلات إلى أكثر من 8980 شهيدًا.
النزوح والجوع
في حين أجبرت حرب الإبادة مليونين من مواطني قطاع غزة البالغ عددهم حوالي 2.3 مليون فلسطيني، على النزوح في أوضاع مأساوية مع شح شديد متعمد في الغذاء والماء والدواء، حسب إحصاءات المكتب الإعلامي الحكومي. وأشار إلى أنّ 110 ألف خيمة اهترأت وأصبحت غير صالحة للنازحين، فيما أُصيب أكثر من مليونين و136 ألفًا بأمراض معدية نتيجة النزوح، فيما انتقلت عدوى التهابات الكبد الوبائي لنحو 71 ألفًا و338 نازحًا.
وفي غزة، شدد المكتب على أن “الناس ماتت جوعًا ومن البرد أيضًا”، إذ استشهد 8 فلسطينيين بينهن 7 أطفال من شدة البرد في الخيام، فيما استشهد 44 نتيجة سياسة التجويع التي انتهجها الاحتلال خلال أشهر الحرب ضد سكان القطاع تحديدًا محافظتي غزة وشمالها لحملهم على الهجرة القسرية، ولا يزال الموت يتهدد نحو 3 آلاف و500 طفل في القطاع بسبب سوء التغذية.
وعلى مدار أكثر من 15 شهرا من الإبادة التي ارتكبها الاحتلال بغزة، لم يسلم القطاع الصحي من دائرة الاستهداف المباشر والحصار المشدد، حيث وصل عدد شهداء الطواقم الطبية ألف و155 شهيدًا ونحو 360 معتقلًا أعدم منهم 3 أطباء داخل السجون.
المستشفيات والدفاع المدني
ومنذ السابع من أكتوبر ألو 2023، طال العدوان 34 مستشفى في قطاع غزة من خلال حرقها أو الاعتداء عليها أو إخراجها من الخدمة، فيما تعمل بقية المستشفيات بقدرات محدودة للغاية.
وأدى العدوان، وفي معطيات الإعلام الحكومي، لإخراج 80 مركزا صحيا عن الخدمة بشكل كامل، كما استهدف الاحتلال 162 مؤسسة صحية أخرى، فضلًا عن استهداف وتدمير 136 سيارة إسعاف مما أدى إلى شلل كبير بقدرة الطواقم الطبية على الاستجابة لحالات الطوارئ.
أما طواقم الدفاع المدني فقد استشهد منهم 94 عاملًا، واعتُقل 26 آخرين من إجمالي 6 آلاف و600 حالة اعتقال نفذها الاحتلال في قطاع غزة منذ بادية الحرب، ووضعتهم تحت ظروف قهرية بدنية ونفسية قاسية، ومارست عليهم شتى أنواع التعذيب والتنكيل، وواجه بعضهم عمليات اغتصاب وتحرش جنسي.
وخلال الحرب دمر الاحتلال 19 مقبرة بشكلٍ كلي وجزئي من أصل 60 مقبرة، وانتهك حرمة الأموات بسرقة ألفي و300 جثمان من المقابر. كما اكتشفت الطواقم المختصة 7 مقابر جماعية أقامها الاحتلال داخل المستشفيات، جرى انتشال 520 شهيدًا منها.
كما لم تسلم بيوت العبادة من العدوان، حيث تعرض 823 مسجدًا للهدم الكلي بفعل الاستهداف المباشر، و158 مسجدا بشكلٍ بليغ بحاجة لإعادة ترميم، إلى جانب استهداف وتدمير 3 كناس في القطاع، و206 مواقع أثرية.
وشدد الإعلام الحكومي على تعمد جيش الاحتلال منذ بداية الحرب، استهداف الصحفيين وملاحقتهم في محاولة لطمس الحقيقة التي أصروا على نقلها رغم المخاطر التي أحاطت بهم، إذ أسفرت الغارات الإسرائيلية عن استشهاد 205 صحفيين، إصابة 400 آخرين، واعتقال 48 صحفيًا معلومة هوياتهم.
البنية التحتية السكانية والخدماتية
ووفق الإحصاءات، تعرضت 161 ألفًا و600 وحدة سكنية في قطاع غزة للهدم الكلي بفعل القصف الإسرائيلي، إلى جانب 82 ألفا أخرى أصحبت غير صالحة للسكن، و194 ألفًا تضررت بشكل جزئي بدرجات متفاوتة.
وهدم جيش الاحتلال 216 مقرًا حكوميًا بشكل كلي، وارتكب 150 جريمة استهدف فهيا عناصر شرطة وتأمين مساعدات، خلّفت 736 شهيدًا. وطالت سياسة التدمير القطاع التعليمي في غزة، حيث هدم الاحتلال كليًا 137 مدرسة وجامعة، فيما تضررت 357 مدرسة وجامعة بشكلٍ جزئي.
أما ما عدد ما قتله الاحتلال من طلبة ومعلمين وأساتذة وباحثين، فقد أحصى “الإعلام الحكومي” استشهاد 12 ألفًا و800 طالب وطالبة، و760 معلمًا وموظفًا تربويًا في سلك التعليم، و150 عالمًا وأكاديميًا وأستاذًا جامعيًا وباحثًا.