في 11 نوفمبر من عام 1918، وضعت الحرب العالمية الأولى أوزارها بتوقيع هدنة بين ألمانيا وقوات الحلفاء، إيذانًا بنهاية صراع عالمي استمر لأربع سنوات، وأدى إلى خسائر فادحة في الأرواح والبنى التحتية. 

وبدلاً من فرض استسلام كامل من أحد الطرفين، اتفقت الأطراف على وقف إطلاق النار عبر هذه الهدنة التي اختيرت كحل سريع لتخفيف وطأة الدمار.

 

لم يقتصر تأثير هذه الحرب على ساحة المعركة فقط، بل تركت إرثًا من الأزمات الإنسانية مثل انتشار الإنفلونزا الإسبانية وظهور جرائم إبادة جماعية، بالإضافة إلى التغيرات السياسية والاجتماعية التي مهّدت الطريق لأحداث تاريخية أخرى.

الظروف المحيطة بالهدنة

مع تقدم الحرب العالمية الأولى، واجهت كل من ألمانيا ودول الحلفاء أزمات داخلية وضغوطًا شعبية متزايدة لإنهاء النزاع، خاصة مع زيادة الخسائر البشرية والاقتصادية، وبينما كانت القوات الألمانية تحقق تقدمًا في البداية، تغيرت الأمور مع استعادة الحلفاء السيطرة ونجاحهم في عمليات هجومية أجبرت الألمان على التراجع. وازداد الوضع تعقيدًا داخل ألمانيا حيث اندلعت ثورة، ما دفع القيصر فيلهلم الثاني للتنازل عن العرش في 9 نوفمبر 1918، مما مهد الطريق لتوقيع الهدنة بعد يومين فقط.

"البساط الأبيض".. ورش فنية لذوي الهمم بمتحف محمود مختار مارتن لوثر.. صاعقة رعدية حولته إلى اشهر الرهاب ما القصة؟ اتفاقية الهدنة وآثارها المباشرة

 

أسفرت الهدنة عن مكاسب مباشرة لدول الحلفاء، إذ أعادت ألمانيا إقليم الألزاس - لورين إلى فرنسا، وتنازلت عن الأراضي التي احتلتها منذ 1914. وقد أعقب الهدنة توقيع عدد من المعاهدات بين دول المحور والحلفاء، كان أبرزها معاهدة فرساي التي وقّعت مع ألمانيا في 28 يونيو 1919، ومعاهدة سان جيرمان مع النمسا في 10 سبتمبر، ومعاهدة نويي مع بلغاريا في 27 نوفمبر. كما شهدت هذه الفترة سقوط أربع إمبراطوريات كبرى: الألمانية، الروسية، النمساوية، والعثمانية، والتي أحدث انهيارها تغييرات كبيرة في النظام العالمي.

 تأثير الثورة الروسية في مجريات الحرب

ساهمت الثورة الروسية في تغيير ميزان القوى خلال الحرب؛ ففي فبراير 1917، أسقطت ثورة فبراير الحكم القيصري وأقامت حكومة مؤقتة. لكن تذمر الشعب من الحرب وتكاليفها أدى لاحقًا إلى ثورة أكتوبر، التي أفرزت نظامًا شيوعيًا عبر إنشاء الجمهورية السوفياتية الاشتراكية. هذا التغيير الداخلي في روسيا دفعها للانسحاب من الحرب، ما منح ألمانيا فترةً من التقدم. ومع ذلك، استعاد الحلفاء قوتهم في عام 1918، وأجبروا الألمان على طلب الهدنة عقب هجوم المائة يوم.

تبعات الهدنة على أوروبا والعالم

مع توقيع الهدنة، تغيّر المشهد السياسي الأوروبي بشكل جذري، واهتزت المجتمعات بسبب الثورات الداخلية والفوضى السياسية، وهو ما أدى إلى نشوء ظروف مهيئة لاندلاع الحرب العالمية الثانية بعد عقدين. تسببت الحرب العالمية الأولى في إضعاف المجتمعات، وانتشار الفقر والجوع، بالإضافة إلى تفشي الإنفلونزا الإسبانية التي أودت بحياة الملايين. كما أن حالة الفوضى الاجتماعية والسياسية التي خلفتها الحرب ساهمت في صعود التيارات القومية والفاشية، مما أدى في النهاية إلى نشوب صراعات جديدة.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الحرب العالمية وقف إطلاق النار الحرب العالمية الأولى الخسائر البشرية الإنفلونزا الإسبانية الحرب العالمیة الأولى

إقرأ أيضاً:

الأمم المتحدة : العدو الصهيوني خلف دمارًا في غزة لم نشهد مثله منذ الحرب العالمية الثانية

يمانيون../ قال مقرر الأمم المتحدة المعني بالحق في السكن بالاكريشنان راجاجوبال، إن الكيان الصهيوني بارتكابه إبادة جماعية في غزة منذ السابع من أكتوبر 2023، خلف دماراً في القطاع لم نشهد مثله منذ الحرب العالمية الثانية.

وأضاف راجاجوبال في تصريح صحفي، اليوم الخميس، إلى أن الدمار في قطاع غزة “غير مسبوق من حيث نطاقه ووحشيته وتأثيره الهائل على الفلسطينيين الذين يعيشون هناك”.

ولفت إلى تدمير العدو الصهيوني أكثر من 80% من المنازل في غزة بالكامل، و”هو ما لا يشبه ما حدث عندما جرى تدمير مدينة دريسدن الألمانية”.

وأوضح أن فلسطينيي غزة يواجهون تحديات ضخمة، مثل إنقاذ الأشياء الثمينة بين الأنقاض، وإزالة الحطام وإعادة بناء حياتهم.

وأكد أن “الأولوية في غزة الآن هي تقديم المساعدات الإنسانية حتى يتمكن الناس من العيش عند عودتهم”، وشدد على الحاجة الملحة للوصول إلى المأوى في غزة.

وذكر أنه عقب إقامة الفلسطينيين بغزة خيامهم ومنازلهم بفضل المساعدات، يجب وضع خطط إعادة الإعمار موضع التنفيذ.

وشدد على ضرورة إزالة الركام في غزة أولا، في ظل خطورة وجود ذخائر غير منفجرة.

وقال المقرر الأممي إن “ما حدث في غزة هو إبادة جماعية حقيقية لأنه يخلق ظروفا تجعل الحياة مستحيلة وتجعل غزة غير صالحة للسكن”.

وأضاف: “إذا جعلت منطقة أو مكانا غير صالح للسكن للأشخاص الذين يعيشون فيه، فهذا في الواقع عمل من أعمال الإبادة الجماعية”.

وشدد على أن وجود اتفاق لوقف إطلاق النار “لا يعني أن الإبادة الجماعية قد توقفت”.

وأردف: “الإبادة الجماعية تستمر طالما أن غزة غير صالحة للعيش لشعبها، وطالما أن هناك ظروفا قد تؤدي إلى القضاء على الشعب الفلسطيني بالكامل أو جزء منه” .

مقالات مشابهة

  • مقرر أممي: إسرائيل خلفت دمارا بغزة لم نره منذ الحرب العالمية الثانية
  • الأمم المتحدة : العدو الصهيوني خلف دمارًا في غزة لم نشهد مثله منذ الحرب العالمية الثانية
  • صراع ثلاثي بين «جبلاني» و«عداي» و«أنتيثرد» بـ«ماراثون العين»
  • “هآرتس”: الحشود التي تعبر نِتساريم حطّمت وهم النصر المطلق‎
  • “هآرتس”: صور الحشود التي تعبر نِتساريم تُحطّم وهم النصر المطلق‎
  • معرض القاهرة للكتاب يناقش شبح الحرب العالمية الثالثة ومستقبل النظام الدولي
  • للمرة الأولى.. سوريا تشارك في مسابقة الدورة الثانية لألعاب الرياضيات التي ‏تقيمها الألكسو‏
  • ضباب استمر 10 ساعات على مختلف مناطق الدولة
  • دير البلح.. المدينة الهادئة التي استقبلت مليون نازح تعود لـالنوم باكرا
  • كاتب صحفي: المرحلة الثانية لوقف إطلاق النار في غزة الأصعب.. ونجاحها ينهي الحرب