تغيب بعض المفاهيم الأساسية علي المناديين بشعار لا للحرب. حيث أن هذا الشعار سيقود البلاد نحو الضياع الحتمي و لن ينفع السودان في مستقبله القريب أو البعيد المحدودية في الرؤية و ضيق الأفق الذي زيّن للبعض التقوقع داخل هذا الخطاب دون سند أو منطق سليم ..دعنا هنا نعرج علي مبدأ معروف و فكرة أزلية هي أصل البقاء و هي القتال من أجل السلام !

هذه العبارة تُستخدم للتعبير عن واقع تاريخي وفلسفي، حيث نجد أن السلام الدائم لا يتحقق دائماً عبر السُبل السلمية أو الحوار وحده، خاصة عندما يكون هناك تهديد حقيقي للأمن أو العدالة.

في بعض الأوقات، لا يمكن الوصول إلى السلام إلا من خلال مواجهة القوى التي تهدد الاستقرار أو تحاول فرض سيطرتها بالقوة. بالتالي، القتال هنا لا يكون بهدف العنف، بل بهدف حماية الأمن والعدل، مما يؤدي إلى تحقيق السلام في النهاية.
المنطق خلف هذا القول هو أنه بدون مواجهة الظلم أو التهديدات الموجهة ضد الكيان أو الجماعة، يمكن أن يستمر هذا الظلم أو هذه التهديدات ويتفاقمان، مما يجعل السلام أمراً مستحيلاً. لذا، يتطلب السلام في بعض الأحيان اتخاذ موقف صارم ضد قوى الشر أو الاستبداد لضمان الأمان والاستقرار للمجتمع. بمعنى آخر، القتال هنا يأتي كوسيلة دفاعية لضمان أن تكون هناك بيئة مستدامة للسلام، حيث يتم حماية القيم الأساسية والأرواح من التهديدات المستمرة.

يمر السودان بمرحلة حرجة من تاريخه، حيث يواجه تحديات جسيمة وحرباً تهدد أمنه واستقراره ووحدته الوطنية. لقد أثبتت التجارب عبر العصور أن الشعب السوداني قادر على الصمود وتجاوز الصعاب مهما بلغت قوتها، وأن الأرض التي تجمعنا ما زالت تزخر بثرواتها الكامنة، التي تنتظر منا استثمارها من جديد بإرادة قوية وطموح لا ينكسر

ضرورة الإنتصار علي القوات المعادية واستعادة الكرامة الوطنية

إن الصراع ضد قوات الدعم السريع والقوى الخبيثة التي تسعى لزعزعة استقرار السودان ليس مجرد حرب على الأرض، بل هو حرب على الهوية والكرامة. إننا أمام معركة تتجاوز البقاء الفعلي، فهي معركة الحفاظ على إرثنا، هويتنا، ومستقبلنا. السودان اليوم في حاجة إلى تماسك وطني يجمع كافة أطيافه، من شماله إلى جنوبه، ومن شرقه إلى غربه، حيث يصبح الهدف الأسمى هو الانتصار من أجل بقاء الوطن والحفاظ على مكتسباته.

تستدعي هذه المرحلة إيماناً قوياً ووعياً متجدداً بمسؤولياتنا تجاه الوطن، من أجل حماية ترابه وثرواته وتاريخه. وهذا يتطلب تضافر الجهود الشعبية والحكومية والتعاون المستمر بين قوى المجتمع لمواجهة هذه التحديات، بما يضمن الانتصار في معركة الوجود والبقاء.

“لا للحرب” ليست الطريق لتحقيق هذا الهدف

على الرغم من أن فكرة السلام الدائم هي طموح نبيل يستحق السعي لتحقيقه، إلا أن رفع شعار “لا للحرب” في هذا السياق قد لا يكون الطريق الفعلي لتحقيق الأهداف الوطنية العظيمة التي نسعى إليها. إن رفض المواجهة دون وجود بدائل واقعية وحلول قوية في مواجهة قوى تهدد وحدة الوطن وسلامته هو ببساطة دعوة إلى الهروب، وهو ما سيترك الوطن عرضة للانهيار والخضوع لأجندات خارجية وأخرى داخلية لا تريد الخير للسودان.

إن أي توجه يهدف إلى إنهاء الصراع دون دعم القوات المسلحة والسعي لحماية السودان من كل ما يهدده سيضعف من قوة السودان وهيبته في نظر العالم، ويقلل من قدرة الشعب على إعادة بناء وطنه بحرية. لا يمكن تحقيق الأمن والاستقرار عبر التساهل في الدفاع عن الوطن أو التقاعس عن مواجهة التهديدات، بل يتطلب ذلك من كل سوداني دعم الجيش في هذه اللحظة التاريخية، وتحمل المسؤولية الجماعية من أجل مستقبل مشرق.

إذن ما هو النهج البديل؟

بناءً على الدروس التي قدمتها الشعوب الأخرى، من الضروري تبني نهج جديد يقوم على دعم الجيش الوطني بشكل كامل كرمز للوحدة والاستقرار، والعمل على إصلاح الأخطاء السابقة التي أدت إلى الأزمات الحالية. وهذا يعني معالجة الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي قد ساهمت في تدهور الوضع، وتعلم الدروس من تلك الأخطاء حتى لا تتكرر.
إن فكرة التنازل عن الجيش و معاداته و ربطه و تسليمه طوعا لتنظيم سياسي معين هي خطأ كبير..

المرحلة المقبلة يجب أن تكون فرصة للتغيير الحقيقي عبر الإصلاحات التي تحترم سيادة الدولة وتدعم مؤسساتها. يمكن تحقيق ذلك من خلال إطلاق مشاريع وطنية تستهدف البنية التحتية والتعليم والصحة، بالإضافة إلى خلق فرص اقتصادية تنعكس على حياة المواطنين. هذه الإصلاحات يجب أن تكون متوازية مع دعم الجيش الذي يمثل خط الدفاع الأول في وجه الأعداء الداخليين والخارجيين، والعمل على ترسيخ ثقافة وطنية جديدة قائمة على الفخر بالهوية السودانية والانتماء للوطن.

استعادة الأراضي والموارد: خطوات نحو التنمية المستدامة

بعد هذه الأزمة، لا بد من وضع خطط استراتيجية لاستعادة الأراضي والثروات التي تأثرت، والعمل على بناء اقتصاد وطني قوي ومستدام. السودان يمتلك من الموارد الطبيعية والثروات ما يمكنه من تحقيق نهضة شاملة؛ فالأنهار، الأراضي الزراعية، والمعادن هي كنوز تنتظر من يعيد لها الحياة ويستثمرها بالشكل الأمثل.

أحد أبرز الدروس التي يمكننا تعلمها من تجارب الأمم العظيمة هو أهمية تطوير استراتيجيات فعالة للحفاظ على الموارد واستثمارها في تحقيق الأمن الغذائي والاستقلال الاقتصادي. فالدول التي خرجت من الحروب والصراعات، مثل ألمانيا واليابان، ركزت جهودها على إعادة بناء البنية التحتية ودعم الاقتصاد المحلي وتنمية الموارد البشرية. لم يكن الطريق سهلاً، لكن إصرار شعوب هذه الدول على النهوض من جديد صنع المعجزات.

البناء على أساسات التاريخ والثقافة الغنية

يمتلك السودان تاريخاً طويلاً وثقافة غنية ومتنوعة، ويُعتبر بلداً ذا تراث حضاري فريد. ينبغي على السودانيين اليوم أن يستمدوا قوتهم من هذا التراث الحضاري، وأن يستلهموا من أمجاد الأجداد العزيمة والصمود. إن القيم الراسخة، والتقاليد العريقة، والنسيج الاجتماعي المتماسك هي أعمدة أساسية يجب أن تُبنى عليها المرحلة المقبلة.

الدروس المستفادة من دول مثل الصين، التي تحولت من دولة منهكة بفعل الحروب الداخلية والخارجية إلى قوة عالمية اقتصادية، تكمن في الإيمان بأن البناء يبدأ من الثقافة والانتماء الوطني. حينما تستند الدولة على قيمها وهويتها، تصبح قادرة على التغلب على أية صعاب.

النهوض نحو مستقبل واعد: الطريق إلى السودان الجديد

إن الخطة هي البقاء، ولكنها لا تقتصر على مجرد النجاة، بل تحمل في طياتها طموحاً أكبر نحو إعادة بناء السودان كدولة متقدمة ومزدهرة. إن الشعب السوداني يملك القوة والإرادة التي تمكنه من تجاوز هذه المحن، وعلينا أن نستثمر هذه القوة في صياغة رؤية مستقبلية قائمة على التنمية والازدهار.

يمكننا تحقيق مستقبل أفضل من خلال تعزيز التعليم وتطوير البنية التحتية، ودعم المشاريع الوطنية التي تهدف إلى تحسين حياة الناس. يجب أن يكون لكل فرد دوره في إعادة بناء الوطن، سواء من خلال العمل الدؤوب أو من خلال نشر الوعي بأهمية الحفاظ على الوحدة الوطنية والالتزام بتعزيز الاستقرار.

لقد أثبتت تجارب التاريخ أن الدول التي تتحد من أجل هدف واحد تستطيع أن تحقق المستحيل، وأن السودان ليس استثناءً. إن شعبنا، الذي صمد في وجه التحديات، قادر على النهوض من جديد واستعادة مكانته، ليكون السودان مرة أخرى دولة قوية ومستقرة، تجمع بين تراثها العريق وطموحات أبنائها الذين يسعون لبناء مستقبل أكثر إشراقاً.

 

habusin@yahoo.com

بقلم حاتم أبوسن  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: إعادة بناء لا للحرب من خلال من أجل یجب أن

إقرأ أيضاً:

انتشال جثامين 137 شهيداً من تحت الأنقاض في غزة

قامت طواقم الدفاع المدني في فلسطين بانتشال جثامين الشهداء من تحت أنقاض العقارات المُنهارة في رفح بقطاع غزة، وذلك بعد سريان اتفاق وقف إطلاق النار. 

اقرأ أيضاً.. عدوى النيران تنتقل إلى نيويورك.. إصابة 7 أشخاص في حريق هائل

وأشارت مصادر محلية فلسطينية إلى أن عدد الشهداء المُنتشلين من تحت الأنقاض وصل إلى 137 شهيداً، وبالطبع فإن الأعداد مُرشحة للزيادة مع استمرار جهود رفع مُخلفات العدوان. 

وكانت غزة قد استعادت حالة الهدوء التي يحلم بها أبناؤها في صبيحة يوم الأحد الماضي، وذلك بعد دخول اتفاق انهاء الحرب ووقف إطلاق النار حيز التنفيذ. 

ومع توقف دانات المدافع ورشقات الصواريخ عاد النازحون إلى ديارهم (وما تبقى منها)، وكثف رجال البحث جهودهم للوصول إلى جثامين الشهداء تحت الأنقاض.

وكانت مصر ومعها شركائها الدوليين قد نجحت في الوصول إلى إتفاقٍ يُنهي حالة الحرب بين الاحتلال وحركة حماس، وارتقى خلال شهور الحرب ما يُقارب 50 ألف شهيداً. 

وتأمل الجهات المعنية أن تتواصل حالة السلام داخل القطاع وألا تتجدد حالة الحرب التي لم تبقي ولم تذر. 

تعرض قطاع غزة على مر السنين لعدوان متكرر خلّف أضرارًا جسيمة في البنية التحتية والمنازل والمؤسسات العامة والخاصة، مما أدى إلى معاناة إنسانية كبيرة للسكان المحليين. في أعقاب هذه الأزمات، انطلقت جهود واسعة النطاق لإعادة إعمار غزة، بمشاركة حكومية ودولية ومجتمعية.

تشمل جهود الإعمار إعادة بناء المنازل المدمرة وتوفير المأوى للعائلات المشردة، بالإضافة إلى ترميم شبكات المياه والكهرباء والصرف الصحي. كما تضمنت المشاريع إعادة بناء المدارس والمستشفيات لتحسين الخدمات التعليمية والصحية في القطاع. علاوة على ذلك، تم التركيز على إعادة تأهيل البنية التحتية الاقتصادية، مثل الأسواق والمصانع، لدعم السكان وتمكينهم من استعادة حياتهم الطبيعية.

تساهم العديد من الجهات الدولية والإقليمية في تمويل جهود الإعمار، مثل الأمم المتحدة، ووكالة "الأونروا"، ودول عربية وإسلامية. رغم ذلك، تواجه عملية الإعمار تحديات كبيرة، أبرزها الحصار المفروض على القطاع، الذي يعيق دخول مواد البناء ويبطئ وتيرة العمل.

على الرغم من هذه الصعوبات، تبقى إرادة الشعب الفلسطيني والمجتمع الدولي العاملين الأساسيين لدفع عملية الإعمار قُدُمًا. يسعى الجميع لتجاوز الأزمات الإنسانية وتعزيز صمود الشعب الفلسطيني، بهدف بناء مستقبل أكثر استقرارًا وأمانًا للقطاع.

مقالات مشابهة

  • الدرديري: فضائل الإنقاذ وطريق العودة للسلطة..!
  • مفوض الدفاع الأوروبي: يجب الاستعداد للحرب خلال خمس سنوات
  • امتحانات الفصل الدراسي الأول في مدارس حلب تسير وفق الخطة التي وضعتها وزارة التربية والتعليم
  • وزير خارجية الأردن أمام دافوس: الرئيس ترامب يريد تحقيق السلام
  • تعرف على أحياء تركيا التي شهدت أقل وأعلى مبيعات عقارية في 2024 
  • انقطاع التيار الكهربائي عن عدد من أحياء مدينة جنين
  • الأمل معقود على ترامب..زيلينسكي: نريد نهاية عادلة للحرب
  • الشرع مهنئا ترامب: قائد قادر على إحلال "السلام" في الشرق الأوسط  
  • انتشال جثامين 137 شهيداً من تحت الأنقاض في غزة
  • السلام بالقوة!!