الترقب سيد الموقف في سوريا لسياسات الولايات المتحدة الأميركية مع وصول الرئيس دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، علما أن هناك قوات أميركية تتواجد في مناطق عدة في سوريا ضمن التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن ضد تنظيم "داعش" في سوريا والعراق، وكان ترامب خلال ولايته السابقة يريد سحب هذه القوات إلا أن قراره جوبه بمعارضة واسعة من الدولة العميقة، فروبرت أف كيندي جونيور ألذي أعلن دعمه لحملة ترامب الإنتخابية ويتوقع أن يلعب دورا رئيسا في حكومته، قال إن الرئيس ترامب يريد سحب القوات الأميركية من شمال سوريا بدلاً من تركها "وقوداً للمدافع إذا اندلع قتال بين تركيا والمسلحين الأكراد".
وسط كل ذلك يتوقع مراقبون أن تكون سياسة ترامب تجاه سوريا محور بحث واسع سواء داخل البيت الأبيض او مع الروس ودول الخليج لا سيما السعودية، خصوصاً في ما يتعلق بالوجود التركي والإيراني شمالي وشمالي شرقي البلاد إضافة إلى الضربات الإسرائيلية. وسبق لترامب أن تبنى مواقف متشددة تجاه النفوذ الإيراني، فهو يعارض نقل الأسلحة إلى حزب الله من إيران عبر سوريا.
فماذا تقول سوريا عن انتخاب ترامب؟ وهل ستكون سياسة الولايات المتحدة بعد 20 كانون الثاني معاكسة للتوقعات؟
في آذار الماضي أعرب الرئيس السوري بشار الأسد، ، في مقابلة حصرية لقناة "سولوفيوف" الروسية، عن اعتقاده بأن الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب سيفوز في انتخابات الرئاسة الأميركية المقبلة. وأكد أن "الرؤساء الأميركيين لا يختلفون عن بعضهم بعضا، فنحن بحاجة إلى معرفة من الذي يصنع السياسة حقا ".
لا تعول سوريا، بحسب مصادرها أبدا على شخصية أميركية بعينها ، بل تعول على السياسات الأميركية ، والتي ما زالت حتى هذه اللحظة ضد الشعب السوري وحكومته، وبالتالي لن تغير الادارة الأميركية في عهد ترامب من سياساتها . ففي ولاية ترامب السابقة، قصفت سوريا بحجج واهية ، وفرض عليها اجراءات أحادية الجانب ، أضرت بالاقتصاد السوري كثيراً وزادت من معانات السوريين، وترامب ، هو من طرح فكرة سوريا المفيدة ، اي احتلال أماكن الغاز والنفط في سوريا والتي تعود بالفائدة على الولايات المتحدة وحلفائها بالمنطقة .
وتعتقد المصادر أن هناك اشكالية كبيرة جدا بين دمشق وواشنطن ، أولها انعدام الثقة ، كون الادارة الأميركية ما زالت تضغط على سوريا سياسيا واقتصاديا وعسكريا وتحتل الاماكن الحيوية فيها ، والهدف دفع سوريا الى تغيير سياساتها من دعم المقاومة ، وتجاه علاقتها مع الجمهورية الاسلامية، كما أن للولايات المتحدة غايات أخرى وهي إبقاء قواعدها غير الشرعية بالقرب من القواعد الروسية الشرعية الموجودة في الساحل السوري، لمتابعة أمور التجسس ، وفرض الهيمنة ومراقبة التحركات الروسية .
تعترف المصادر أن هناك تصريحات سابقة لترامب ، تتعلق بنيته سحب القوات الأميركية من سوريا، وأخرى حديثة مسربة من طائرته الرئاسية حيث تحدث لجنرالاته عن نيته سحب هذه القوات، لكن وزارة الخارجية الأميركية تعارض هذا القرار، ففي كل عام يعقد اجتماع بين وزارة الخارجية والبنتاغون ، والسي اي ايه ، ويقومون بتقييم وضع القوات الأميركية في الخارج .
وفي الاجتماع الذي عقد العام الماضي أوصت كل من إدارة الاستخبارات المركزية ووزارة الدفاع بضرورة سحب القوات الأميركية من سوريا ، لأن عددها قليل ، وستصبح أهدافا سهلة إذا ما اندلعت اي مواجهات ، لكن الخارجية الأميركية عارضت ذلك ، لغايات تصب في خانة دعم كيان الاحتلال لوجستيا، وهذا ما حدث فعلا حيث أصبحت وابان عملية طوفان الاقصى، هذه القواعد ، هدفا للقصف من قبل المقاومة السورية والعراقية ووقعت خسائر كبيرة يتكتم الاميركيون عنها.
ويبقى السؤال هل يمكن أن يعقد ترامب والرئيس التركي رجب طيب أردوغان صفقة على حساب "قسد".
لا تعتقد المصادر ذلك، فالعلاقة الشخصية بين ترامب واردوغان لم تكن جيدة في ولايته الأولى ، وقد قام ترامب بحجب صفقة طائرات ال F 35 عن تركيا رغم أنها من الدول الكبرى في الناتو، لذلك يمكن القول إن الأشهر القليلة المقبلة قد تظهر ما اذا كان ترامب سوف يعود فعلا على سياساته القديمة، فهو يعمل وفق مصلحته، ومن الممكن أن ينقلب على تنظيم قسد إذا ما رأى في ذلك مصلحة للولايات المتحدة من خلال اخماد الحروب في المنطقة ، ولذلك فإن التغيير يمكن أن يحصل، بحسب المصادر من خلال رفع يد الأميركيين عن قسد والسماح لتركيا بتفكيك مشروعها، وهذا يتطلب انسحابا أميركيا من سوريا، وأن يترجم ترامب أقواله عن نيته سحب قواته من سوريا إلى أفعال فضلا عن رفع العقوبات والسماح للدول الخليجية المساهمة في إعادة الاعمار.
الأكيد أن أي تغيير كبير في الملف السوري يحتاج إلى توافق بين الدول الكبرى المعنية بهذا البلد، وسط معلومات ان سوريا سوف تشهد في المرحلة المقبلة إعادة ترتيب لأوضاعها بعد التغيرات السريعة في المنطقة،ومن المرجح عودة سوريا إلى الأسرة العربية، بالتنسيق مع السعودية لتعزيز الجهد العربي وحل القضايا العربية . المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: القوات الأمیرکیة فی سوریا من سوریا
إقرأ أيضاً:
من قلب الجامعات الأميركية أصوات يهودية ترفض حماية ترامب
واشنطن- بعد أيام من بداية ولايته الثانية، وقّع الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمره التنفيذي رقم 14188، الذي يزعم مكافحة "معاداة السامية" في المؤسسات التعليمية، خاصة الجامعات.
وبموجبه جُمّدت تمويلات بمليارات الدولارات لجامعات مرموقة مثل هارفارد وكولومبيا، وفُعّلت إجراءات لترحيل واعتقال وإلغاء تأشيرات طلاب وباحثين، لا سيما أولئك الذين عبّروا عن تضامنهم مع فلسطين.
وبينما يمر الحرم الجامعي الأميركي بإحدى أعمق أزماته، تتصاعد أصوات من داخل المجتمع اليهودي ذاته، رافضة سياسات ترى فيها تهديدا لحرية التعبير واستقلالية المؤسسات الأكاديمية.
وصمة عاروفي ظل سياسات إدارة ترامب التي تعيد رسم حدود المسموح والممنوع داخل الجامعات الأميركية، برزت حالات أثارت جدلا واسعا، بينها قضية الباحث الهندي في جامعة جورجتاون في واشنطن، بدر خان سوري، الذي اعتُقل بتهمة نشر "دعاية لحماس" على وسائل التواصل الاجتماعي، رغم خلو سجله الجنائي من أي مخالفات.
وفي السياق، برزت أصوات يهودية من داخل جامعة جورجتاون ترفض توظيف هويتها كأداة سياسية. ومن جورجتاون إلى كولومبيا وهارفارد، تتبلور مقاومة فكرية وأخلاقية لسياسات تخلط بين الحماية والتكميم، وبين مكافحة التمييز واستغلاله كذريعة لترهيب المخالفين.
إعلانوعبَّرت إيما بينتو، طالبة قانون في جامعة جورجتاون في واشنطن عن رفضها ما وصفته بـ"المساس بحرية التعبير باسم حماية اليهود"، مؤكدة إيمانها بأهمية الحوار المتعاطف.
وقالت للجزيرة نت "إن احتجاز وترحيل أعضاء من مجتمعنا الأكاديمي لمجرد محاولتهم فتح نقاشات ضرورية حول الإبادة الجماعية، يعد وصمة عار أخلاقية على جبين أميركا".
وعندما تبرر الحكومة -تضيف بينتو- هذه الأفعال بأنها "مكافحة لمعاداة السامية"، فإنها "تجعل من اليهود وجها للفاشية في أميركا، لهذا يتطلب منا التعاطف والعدالة أن نتحرك الآن".
وكانت بينتو من أوائل الموقّعين على عريضة شارك فيها عشرات الأساتذة والطلبة والخريجين اليهود في جورجتاون، طالبوا بوقف ترحيل الباحث بدر خان سوري، وحذَّروا من استغلال الهوية اليهودية لتبرير سياسات تمس جوهر الحياة الأكاديمية.
وقال أحد الأساتذة اليهود الموقعين -فضَّل عدم كشف اسمه- للجزيرة نت "بدر ليس مجرد زميل، بل مرآة لوضع كل من يجرؤ على التفكير بصوت عالٍ. الصدمة لم تكن فقط في توقيفه، بل في السرعة التي تحوّلت بها هوامش التعبير إلى خطوط حمراء. إذا لم ندافع عن حق زملائنا في التعبير، حتى حين نختلف معهم، فإننا نسلم مستقبلنا الأكاديمي للرقابة والخوف".
سيف التمويلفي موازاة ذلك، صعّدت إدارة ترامب استخدام التمويل الفدرالي كسلاح لإخضاع الجامعات، متوعدة بإجراءات مالية صارمة ضد المؤسسات التي لا تمتثل لتعريفها الموسّع لـ"معاداة السامية".
وقد علّقت مؤخرا أكثر من 2.2 مليار دولار من التمويلات المخصصة لجامعة هارفارد العريقة، عقب رفضها الاستجابة لمطالب تقضي بتقييد النشاط الطلابي ومراجعة برامج التنوع.
هذه الخطوات دفعت أكثر من 100 طالب يهودي في هارفارد لتوقيع رسالة مفتوحة، أكدوا فيها أن هذه الإجراءات تهدد بيئة الجامعة بالكامل.
وجاء في الرسالة "نشعر بأن علينا التعبير عن موقفنا، لأن هذه الأفعال ترتكب باسم حمايتنا من معاداة السامية، لكن هذه الحملة لن تحمينا، بل بالعكس، نحن نعلم أن قطع التمويل سيضر بالمجتمع الجامعي الذي ننتمي إليه ونحرص عليه بشدة".
إعلانوأوضحت الطالبة مايا هوفنبرغ، إحدى المساهمات في صياغة الرسالة، لصحيفة الجامعة أن المبادرة انطلقت من نقاشات يومية بين الطلبة، ثم تحولت إلى موقف جماعي موحد، مضيفة "كنا مندهشين من عدد من يشاركوننا هذا الشعور، بأن التهديد بقطع التمويل لن يخدمنا كيهود في الجامعة".
لا تحمي اليهودفي صلب هذه المواجهة، يحتدم جدل قانون وفكري متجدد حول تعريف "معاداة السامية" وحدود استخدامه، إذ تستند سياسات إدارة ترامب إلى تعريف التحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست، الذي يُدرج انتقاد دولة إسرائيل ضمن مظاهر معاداة السامية.
لكن هذا التعريف يثير اعتراضات واسعة بين الحقوقيين والأكاديميين، الذين يرون فيه توسيعا خطيرا قد يفضي إلى قمع الخطاب السياسي، وتجريم التضامن مع فلسطين.
وحذَّرت منظمات حقوقية أميركية، كالاتحاد الأميركي للحريات المدنية، من أن اعتماد تعريفات فضفاضة لمعاداة السامية قد يؤدي إلى إسكات الأصوات المؤيدة لفلسطين وتجريم النشاط الطلابي السلمي.
وحملت رسالة وجهتها المنظمة إلى وزارة التعليم الأميركية في فبراير/شباط 2024 أن التعريف المعتمد يخلط بين الخطاب السياسي المحمي دستوريا والتمييز الحقيقي.
كما وصفت منظمة "الصوت اليهودي من أجل السلام" في بيان لها في مارس/آذار 2025، سياسات إدارة ترامب بأنها "توظف معاناة اليهود لتبرير سياسات إقصائية"، داعية إلى فصل الحماية من التوظيف السياسي.
وشددت على أن "هذه السياسات لا تحمي اليهود بل تعرضهم للخطر، وتُقوّض الحقوق الدستورية في حرية التعبير والمعارضة".