بحسب المفوض الأممي لحقوق الإنسان تورط رجال يرتدون زي قوات الدعم السريع في إرتكاب ما لا يقل عن 19 حالة اغتصاب.

جنيف: التغيير: سارة تاج السر

قال المفوض السامي للامم المتحدة لحقوق الانسان، فولكر تورك اليوم الثلاثاء ” تلقى مكتبي تقارير موثقة عن 32 حالة عنف جنسي بحق 72 ضحية حتى تاريخ 2 أب (اغسطس)، من بينها 28 حالة إغتصاب.

تورط رجال يرتدون زي قوات الدعم السريع في إرتكاب ما لا يقل عن 19 حالة.

ورجح تورك في بيان صحفي اطلعت عليه (التغيير) ان عدد الحالات أكبر بكثير من الرقم المذكور. وأضاف ” قمت بحثّ كبار المسؤولين في السودان – أثناء زيارتي هناك و كررت ذلك مرارا منذ ذلك الحين – على إصدار تعليمات واضحة لجميع من هم تحت إمرتهم بعدم التسامح مطلقا مع العنف الجنسي. يجب محاسبة الجناة و يجب إدانة هذا العنف بشكل واضح و قاطع”.

وذكر انه فى الوقت الذي يصعب فيه تحديد عدد القتلي بدقة نتيجة شدة الصراع الدائر، وصعوبة جمع رفات العديد من القتلى وتحديد هوياتهم ودفنهم، تشير الأرقام المبدئية إلى مقتل ما يزيد عن 4000 شخصاً حتى الأن، بينهم المئات من المدنيين، بما في ذلك 28 من العاملين في المجال الإنساني والصحي و 435 طفلا. ويٌعتقد أن عدد القتلي اكبر من ذلك بكثير. وفقا للمسئول الاممي.

الأمن الغذائي

وبحسب تورك فإنه منذ شهر مايو، تضاعفت حالة إنعدام الأمن الغدائي تقريباً، مما أثر على أكثر من 20.3 مليون شخص، بما في 700,000 طفلاً اصبحوا معرضين لخطر سوء التغذية الحاد والموت.

كما أن الإقتصاد في حالة من الإنهيار التام و النظام الصحي في أزمة. حيث صرحت وزارة الصحة السودانية في مطلع أغسطس أن 100 مستشفي من أصل 130 مستشفي في الخرطوم قد اصبحت خارج الخدمة.

كذلك تعرض المئات من الاشخاص، بما في ذلك نشطاء سياسيين، ومدافعين عن حقوق الانسان، للإعتقال التعسفي والحجز بمعزل عن العالم الخارجي من قبل طرفي الصراع.

وفي الخرطوم لوحدها، تم تسجيل إختفاء ما يزيد عن 500 شخصاً، بما في ذلك 24 إمراةً حتى نهاية شهر يوليو. حيث تعرض العديد من المعتقلين لسوء المعاملة و في بعض الحالات للتعذيب.

وإعتبارا من تاريخ 8 اغسطس الجاري، نزح أكثر من 4 ملايين شخص، وتشير التقارير إلى أن غالبيتهم يعيشون في ظروف انسانية مزرية، مما يجعل النساء والفتيات في معسكرات اللجوء ومواقع النزوح اكثر عرضة للإستغلال الجنسي.

واكد المسئول الاممي إن الحرب الكارثية الغير مبررة التي يشهدها السودان، والناجمة عن صراع وحشي على السلطة، قد نتج عنها آلاف القتلى، والتدمير لآلاف المنازل، والمدارس، والمستشفيات، وغيرها من الخدمات الأساسية، و النزوح الجماعي و كذلك العنف الجنسي، و التي تعد أعمالا قد ترقى إلى مستوى جرائم الحرب.

انتهاكات جسيمة

وأضاف تورك ، لدى مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان أسبابا معقولة للإعتقاد بأن القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع قد إقترفتا إنتهاكات جسيمة للقانون الدولي خلال النزاع الجاري الذي يدخل شهره الخامس، بما في ذلك إنتهاكات للقانون الدولي الإنساني، والقانون الدولي لحقوق الانسان، ويجب ان يخضع الجناة للمحاسبة.

كما أعرب تورك عن قلقه البالغ من أن حالة الفوضي العارمة المقترنة بالإفلات من العقاب ، يسهل أستغلالها من قبل مليشيات و جهات مسلحة إنتهازية أخرى، الأمر الذي قد يفاقم الوضع.

و تشمل المناطق الأكثر تضرراً من الصراع الجاري الخرطوم والمناطق المجاورة، ومدينة الأبيض في شمال كردوفان، ومناطق في إقليم دارفور، و لا سيما غرب دارفور، حيث تحمل الإعتداءات على المدنيين طابعا عرقيا.

نهب المنازل والاغتصاب

وقال تورك ” ورد مقتل العديد من المدنيين اثناء مقاومتهم لمحاولات نهب منازلهم، او إغتصاب نسائهم وبناتهم، من قبل قوات الدعم السريع”.

مضيفا أن العديد من المدنيين قتلوا أثناء تبادل لإطلاق النار بين طرفي الصراع، أو نتيجة سقوط قذائف على منازلهم. “وفي غرب دارفور، تعرض أناس للقتل في منازلهم أو أثناء محاولتهم الوصول لمناطق آمنه سواء في مدينة الجنينة أو على الطريق لتشاد”.

وقد أتهم الشهود الذي أجريت معهم مقابلات من قبل مكتب المفوض السامي لحقوق الانسان طرفي الصراع بحرمان المدنيين من الممرات الآمنة للهروب من القتال، أو اجلاء الجرحى، خاصة في جنوب الخرطوم، وشرق النيل، وأم درمان. وفي مدينة الجنينة ، منعت قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها إجلاء الجرحي إلى المرافق الصحية.

قتل غير مشروع واحتجاز

كما تلقى مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان شهادات تتعلق بالقتل غير المشروع، والاحتجاز التعسفي، والإختقاء القسري، من بين انتهاكات اخرى.
وقال تورك : “يتوجب على طرفي الصراع وقف القتال فوراً، وإستئناف المحادثات السياسية، والإمتثال لإلتزاماتهم القانونية بموجب القانون الدولي الانساني، و لا سيما مبادئ التمييز و التناسب و الحيطة اثناء العمليات العسكرية، والسماح بوصول المساعدات الانسانية”.

الى جانب التحقيق في كافة الإنتهاكات للقانون الدولي الانساني والقانون الدولي لحقوق الانسان التي وقعت خلال الصراع الجاري، وفقا للمعايير الدولية ذات العلاقة، ومحاسبة المسؤولين عن هذه الإنتهاكات”.

و حث المجتمع الدولي على زيادة الضغوط السياسية والإقتصادية على طرفي الصراع لوقف القتال فوراً، وزيادة الدعم المالي للوكالات الإنسانية التي تعمل على معالجة الأزمة الإنسانية الناجمة عن الصراع، بما في ذلك أزمة اللجوء والنزوح”.

الوسومآثار الحرب في السودان المفوض السامي لحقوق الإنسان انتهاكات حقوق الإنسان حرب الجيش والدعم السريع فولكر تورك

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: المفوض السامي لحقوق الإنسان انتهاكات حقوق الإنسان حرب الجيش والدعم السريع قوات الدعم السریع المفوض السامی لحقوق الانسان لحقوق الإنسان طرفی الصراع بما فی ذلک العدید من من قبل

إقرأ أيضاً:

هل دخل السودان عصر الميليشيات؟

هناك أكثر من سردية لبداية الحرب في السودان، ومن هو صاحب المصلحة في إشعال الحرب، لكن السردية الحكومية الرسمية تقول إن ميليشيا «قوات الدعم السريع» تمردت على سلطة الدولة وحاولت الاستيلاء على السلطة، فاضطر الجيش للتصدي لها. لكن حتى من يقول بتلك السردية يعترف بأن «قوات الدعم السريع» تكونت في عهد حكومة الإنقاذ الإسلامية، وكانت مهمتها هي القيام بالأعمال التي لا يمكن للجيش أن يقوم بها، بخاصة في دارفور التي كانت مشتعلة. وصدر قانون «الدعم السريع» في ظل حكومة الإنقاذ، وتم السماح لها بالتمدد من ناحية العدد ونوعية التسليح حتى صارت تشكل خطراً حقيقياً، ثم جاء الفريق عبد الفتاح البرهان وعدّل قانون «الدعم السريع» ليمنحها مزيداً من الصلاحيات، ويعطيها قدراً من الاستقلالية عن القوات المسلحة السودانية.

إذا افترضنا حسن النية في كل ما حدث، إن كان ذلك ممكناً، فالطبيعي أن يتعلم الناس من التجربة، ويمتنعوا عن تكرارها، على الأقل في المستقبل القريب، ويتجهوا ناحية تقوية الجيش الرسمي، وإعادة تأهيله وتسليحه وتدريبه ليكون القوة الوحيدة الحاملة للسلاح، ولكن ما حدث عكس ذلك تماماً.

أعلنت الحكومة الاستنفار، وكان المفهوم هو قبول متطوعين من المدنيين للالتحاق بالجيش. وفعلاً بدأ هذا العمل في عدد من الولايات، لكن في الوقت ذاته ظهرت «كتيبة البراء بن مالك» التابعة للحركة الإسلامية، وبدأت من جانبها فتح باب التجنيد وسط الشباب، واتخذت لنفسها شعاراً وراية مختلفين، وأدبيات مستوحاة من تاريخ الحركة الإسلامية وفصائلها المسلحة في العهد الماضي، ثم أعلنت حركات دارفور المتحالفة مع الحكومة تخليها عن الحياد وانضمامها لصفوف الجيش، مع فتح معسكرات للتجنيد والتدريب داخل وخارج السودان، وبالتحديد في دولة إريتريا المجاورة، ثم ظهر نحو خمسة فصائل من شرق السودان فتحت معسكراتها في إريتريا وبدأت تخريج المتطوعين. وكان الملمح الظاهر لكل هذه المجموعات المسلحة، بما فيها حركات دارفور وشرق السودان، هو الطابع القبلي للحشد والتعبئة والتجنيد.

الاختلاف الوحيد ظهر في منطقة البطانة، شرق الجزيرة، وولايتَي سنار والنيل الأزرق، حيث ظهرت مجموعات مسلحة انضمت لـ«الدعم السريع»، بقيادة أبو عاقلة كيكل في منطقة البطانة، والبيشي في منطقة سنار، والعمدة أبو شوتال في النيل الأزرق. وبالطبع كان الطابع القبلي لـ«قوات الدعم السريع» أظهر من أن يتم إخفاؤه؛ فقد اعتمدت بشكل أساسي على القبائل العربية في ولايات دارفور.

كانت التحذيرات تتردد من دوائر كثيرة، ليست فقط بين المجموعات المدنية التي وقفت ضد الحرب، ولكن حتى من بين صفوف السلطة والقوات المسلحة، واتفقت كلها على أن تمرد ميليشيا لا يمكن محاربته بتكوين عشرين ميليشيا أخرى لا تخضع بشكل مباشر لسلطة القوات المسلحة، وإنما لسلطة القبيلة.

بعد الانقلاب الكبير الذي قاده أبو عاقلة كيكل في أكتوبر (تشرين الأول) 2024، وانضمامه للقوات المسلحة مع قواته المسماة «درع السودان»، شنت «قوات الدعم السريع» حملات انتقامية على مدن وقرى منطقة البطانة وشرق النيل، وقتلت المئات من المدنيين، وشردت مئات الآلاف من قراهم، ونهبت متاجرهم وممتلكاتهم. ورغم السخط الكبير على كيكل باعتبار أنه كان مسؤولاً عن استيلاء «قوات الدعم السريع» على ولاية الجزيرة، فإنه استفاد من التعبئة القبلية في المنطقة وضاعف حجم قواته، واستطاع أن يحقق انتصارات كبيرة ضد «الدعم السريع».

مع تقدم الجيش وتحقيق الانتصارات سرعان ما بدأ صراع الفصائل يظهر على السطح، بخاصة من خلال صفحات «السوشيال ميديا»، بين مجموعات «القوات المشتركة» المكونة أساساً من حركات دارفور المسلحة، وقوات «درع السودان» التي تمددت في منطقتَي شرق وغرب الجزيرة حتى غطت على ما عداها، ومجموعات الكتائب الإسلامية التي أحست بوجود منافسة مبنية على الأساس القبلي والمناطقي تحد من تمددها في المناطق المختلفة. وتحولت الانتقادات إلى اتهامات بالفساد وارتكاب الجرائم والتصفيات، ووصلت لمرحلة تبادل اتهامات الخيانة والعمالة. وتزامن ذلك مع تبني البرهان وأركان الحكومة لما يُعرف بـ«خريطة الطريق» لمرحلة ما بعد الحرب، والتي أعدتها قوى سياسية ومسلحة متحالفة مع البرهان لم تشرك الحركة الإسلامية في إعدادها. وتضمن «الخريطة» للبرهان حكماً مطلقاً خلال فترة انتقالية قادمة، رأت فيها بعض الفصائل إنكاراً لدورها في الحرب.

الخطر الذي يخشاه السودانيون هو تحول هذه الصراعات الإسفيرية إلى صراعات ميليشيات مسلحة على الأرض، وهو ما بدا ظاهراً الآن؛ إذ تحول السودان إلى «كانتونات» تدخل البلاد في دوامة لا يعرف أحد حدودها وخطوط نهايتها.

فيصل محمد صالح
نقلا عن الشرق الأوسط  

مقالات مشابهة

  • حميدتي: الدعم السريع لن يخرج من الخرطوم أو القصر الجمهوري
  • الجيش السوداني يتقدم بالفاشر والدعم السريع يقتل 8 مدنيين بالخرطوم
  • هل دخل السودان عصر الميليشيات؟
  • تحليل الوضع الراهن في السودان وتحديات مستقبل الدعم السريع
  • ستة قتلى في قصف قوات الدعم السريع لمدينة استراتيجية  
  • السفير الحارث: الحرب لن تتوقف إلا حين توقِف الإمارات دعمها لمليشيا الدعم السريع
  • هدوء حذر في العاصمة السودانية بعد تضييق الخناق على الدعم السريع وسط الخرطوم
  • المستشار السياسي السابق لـ”حميدتي” يكتب عن مستقبل الدعم السريع في السودان
  • الدعم السريع تختطف طبيباً في شمال كردفان بعد هجوم مسلح على منطقة «أم سيالة»
  • قتلى بينهم أطفال في هجمات بالسودان والبرهان يتوعد الدعم السريع