ما وراء نشر قاذفات بي 52 الأمريكية في المنطقة؟
تاريخ النشر: 11th, November 2024 GMT
تحاولُ أمريكا -خُصُوصاً في هذه المرحلة المفصلية من المواجهة- توفيرَ ما يمكن من تجهيزات وقدرات دفاعية؛ لتعزيز وجودها العسكري في المنطقة.
ولحماية كيان العدوّ الصهيوني، وبنيته التحتية التي أصبحت تحت مقصلة الصواريخ الباليستية والمسيَّرات لمحور المقاومة، بالإضافة إلى حماية قواعدها العسكرية ومصالحها الاستراتيجية في المنطقة من أي استهداف، ولهذا دفعت الولاياتُ المتحدة بقاذفات أمريكية استراتيجية من طراز “بي-52” إلى المنطقة، ومنظومات “ثاد” للدفاع الجوي إلى الاحتلال الإسرائيلي.
وفي هذا الشأن يرى الخبير العسكري زين العابدين عثمان أن نشرَ قاذفات القنابل بعيدة المدى التابعة للقوات الجوية الأمريكية من طراز بي-52 في المنطقة، ومدمّـرات إضافية للدفاع الصاروخي الباليستي، وسرب من المقاتلات، يأتي “ضمن الترتيبات الأمريكية لحماية قواعدها العسكرية في المنطقة من أي استهداف، وللدفاع عن كيان العدوّ الصهيوني”.
ويضيف: “أرسلت الإدارة الأمريكية في وقت سابق بطاريتين من أنظمة الدفاع الصاروخي “ثاد” مع تجهيزات تشغيلية تسعى من خلالها للدفاع عن هذا الكيان وإنقاذه من جحيم الضربات الصاروخية التي يتعرض لها، من اليمن وحزب الله وإيران”، مؤكّـداً أنه خلال “عملية الوعد الصادق 2 الإيرانية” تعرض كيان العدوّ لضربة قاصمة دمّـرت عدداً كَبيراً من قواعده الجوية الاستراتيجية ومنشآته ومواقعه الحيوية في ظل فشل مطبِق لكامل أنظمته الدفاعية التي لم تتمكّن من توفير أدنى مستوى من الحماية.
ويؤكّـد عثمان أن أمريكا اليوم تكثّـِفُ جُهدَها العسكري لحماية هذا الكيان من عمليات هجومية قادمة، خُصُوصاً أن إيران تتحضر لرد استراتيجي يفوق ما سبقه من ردود فعل في عمليات الوعد الصادق الأولى والثانية، مبينًا أن أمريكا لم تتوقف فقط عند إرسال أنظمة “ثاد” للكيان، بل عملت مؤخّراً على إرسال المزيد من قواتها الجوية إلى قواعدها في المنطقة (البحرَين وقطر) من هذه القوات قاذفات الشبح B-52H وسرب من المقاتلات الاعتراضية F16، والتي تأتي جميعها في سياقِ تعزيز الموقف الأمريكي المباشر للدفاع عن كيان العدوّ أمام جبهات الإسناد، ورد الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
استعراض وحماية:
وفيما يتعلق بإرسال قاذفات B-52 إلى المنطقة، يوضح الخبير العسكري عثمان أن هذه القاذفات “لا تعني بالضرورة أن أمريكا لا تزالُ قويةً، بقدر ما هي جزءٌ من استعراض القوة التي تعتمدُها للترهيب والحرب النفسية ضد بيئة محور المقاومة والرأي العام كما كان حال حاملات الطائرات”، مؤكّـداً أن “أمريكا ليست كما يتصوَّرُها البعضُ بأنها ما تزال تحتفظُ بعناصر قوةٍ تمكّنُها من قلب الموازين أَو الدخول في حرب شاملة؛ فهي في هذه المرحلة أضعفُ من أي وقت مضى، وقد فقدت قوةَ الردع والمبادَرة بشكل كامل في مواجهة جبهات محور المقاومة؛ فهزيمة قواتها البحرية وحاملة الطائرات “أيزنهاور” أمام ضربات اليمن من أوضح دلائل فشل أمريكا، وتحطّم قدراتها الردعية التي كانت في السابق تركِّعُ بها دول العالم”.
ولهذا نؤكّـد أن “جهد أمريكا اليوم منكفئ فقط للدفاع عن كيان العدوّ الصهيوني ومحاولة منعه من الانهيار؛ كونه شرطيَّها الأَسَاسي الذي تستخدمه لحماية مصالحها ومشاريعها الاستعمارية في المنطقة والشرق الأوسط، ولو كان العدوّ الصهيوني منتصراً، أَو يحرز تقدماً في الميدان العسكري على المستويَّين الدفاعي أَو الهجومي باتّجاه تحقيق أهداف حملته العسكرية، لَمَا أرسلت أمريكا له منظومات ثاد للدفاع الجوي، ولَمَا أرسلت قاذفات B52 إلى المنطقة، ووفق ذلك فإن المؤشرات تشير إلى قرب المنطقة من حرب كبرى؛ ولهذا تسعى أمريكا للدفاع عن مراكز نفوذها في المنطقة، والتي يبدو أنها في خطر كبير، ليس بسَببِ القوة العسكرية المتصاعدة لمحور المقاومة فقط، بل لتغير المزاج الشعبي في المنطقة ضد أمريكا وفهم حقيقتها وحقيقة سلوكها، وهذا هو أخطر ما تخشاه أمريكا نفسُها”.
عملية تهديد فاشلة:
ويرى خبراءُ عسكريون أن الولايات المتحدة تسعى من خلال إرسال طائرات قاذفة وطائرات مقاتلة وسفن حربية أُخرى تابعة للبحرية إلى الشرق الأوسط، لتعزيز الوجود الأمريكي في المنطقة من جديد، وإظهار قدرتها على الانتشار في جميع أنحاء العالم في غضون مهلة قصيرة لمواجهة التهديدات الأمنية الوطنية المتطورة.
ويعد نشر هذه القاذفات في الشرق الأوسط خطوةً ذات دلالات كبيرة؛ فقد أوضحت مصادر عسكرية أن هذا الانتشار يأتي كإشارة تهديد فاشلة لطهران، ولمحور المقاومة، وهذا يعني أنه إذَا تم استهداف المصالح الأمريكية في المنطقة، فإن الولايات المتحدة ستتخذ كُـلّ الإجراءات اللازمة للدفاع عنها، وهذا يأتي في ظل احتمالية شن هجوم إيراني واسع ضد أهداف إسرائيلية، بما في ذلك المنشآت النووية.
وبحسب المعلومات فإنه تم نشر القاذفة بعيدة المدى القادرة على حمل رؤوس نووية من طراز B-52 مرارًا وتكرارًا في الشرق الأوسط في تحذيرات موجَّهة لإيران وهذه هي المرة الثانية التي سيتم فيها استخدامُ القاذفات الاستراتيجية الأمريكية لدعم الدفاعات الأمريكية في المنطقة.
القاذفة الأمريكية بي-52:
وعن قاذفات “بي-52”، فإنها تعتبر ركيزة أَسَاسية في ترسانة القوات الجوية الأمريكية، حَيثُ شاركت في العديد من الحروب والصراعات، بَدءاً من الحرب الباردة، وُصُـولاً إلى حرب العراق والحرب على سورية.
ومن المتوقع أن تبقى هذه القاذفات في الخدمة حتى منتصف القرن الحالي؛ وذلك بفضل تحديثاتها المُستمرّة التي تشمل إلكترونيات الطيران، وأنظمة الاستهداف، وتتميز “بي-52” بقدرتها على حمل حمولة ضخمة تصل إلى 31500 كيلوغرام، ومدى تشغيلي يتجاوز 14 ألف كيلومتر بدون إعادة التزود بالوقود، ولديها قدرة على حمل الأسلحة النووية على رأس 12 صاروخ كروز متقدم من نوع AGM-129، و20 صاروخ كروز من نوع AGM-86A، كما تدعم القاذفة الضخمة قائمة شاملة من الأسلحة لتنفيذ مجموعة واسعة من المهام التقليدية، من بينها صواريخ AGM-84 Harpoon، وذخائر الهجوم المباشر المشترك (JDAM)، وصواريخ AGM-142 Raptor وَAGM-86C الجوية التقليدية، وصواريخ كروز CALCM، وهناك خطط لتزويدها بصواريخ تفوق سرعتها سرعة الصوت، وفق المعلومات.
ولقاذفات “بي-52″ تاريخ حافل في العمليات العسكرية الأمريكية، فقد نفذت ما يُعرف بـ ”القصف البِساطي” خلال حرب فيتنام وحرب الكويت عام 1991، حَيثُ كانت تُقلِعُ من الولايات المتحدة لقصف أهدافٍ في العراق، ثم تهبطُ في قاعدة دييغو غارسيا في المحيط الهندي، كما استُخدمت بكثافة في الغزو الأمريكي لأفغانستان عام 2001م.
وعلى الرغم من حجمها الضخم، إلا أن مساحة الحركة داخل “بي-52” محدودة، حَيثُ يُشبه تصميمها الداخلي الغواصاتِ أكثرَ من الطائرات، مع إضاءة حمراءَ وشاشات تُعتبر المصدر الرئيسي للضوء على متنها.
تعودُ جذورُ القاذفة الأمريكية من طراز بي-52 إلى الأربعينيات من القرن الماضي، عندما بدأت الولاياتُ المتحدة بالتفكير بقاذفة استراتيجية ثقيلة بعد الحرب العالمية الثانية، وسرعان ما قدمت شركة بوينغ، إلى جانب العديد من الشركات المنافسة، عروضاً لسلاح الجو لتصميم الطائرة، ونجحت الشركة العملاقة بالحصول على عقد التصميم، وبعد مفاوضات ونماذج مرفوضة عديدة، نجحت بوينغ بتصميم طائرة أخفَّ وأسرعَ من التصميم الأولي، وبعد 6 سنوات، في عام 1952، بدأت النماذجُ الأولية في دخول مرحلة الإنتاج.
المسيرة نتالمصدر: يمانيون
إقرأ أيضاً:
بغارة واحدة.. أمريكا تمحو تجمعاً للحوثيين وترامب يعلّق: لن يغرقوا سفننا مجددًا
نشر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مقطع فيديو على منصة "Truth Social" يظهر ضربة جوية أمريكية استهدفت مجموعة من مقاتلي الحوثيين في اليمن.
أرفق ترامب الفيديو بتعليق ساخر: "هؤلاء الحوثيون تجمعوا لتلقي تعليمات حول هجوم. أوبس، لن يكون هناك هجوم من هؤلاء الحوثيين! لن يغرقوا سفننا مرة أخرى!" وفقا لصحيفة نيويورك بوست الأمريكية
ويظهر الفيديو، الذي نشرته ايضا مواقع “دي فيلت” و"ذا ديلي بيست" و أكونوميك تايمز" الملتقط بالأبيض والأسود من طائرة بدون طيار أو طائرة عسكرية، مجموعة من الأشخاص متجمعين بالقرب من طريق، قبل أن يتم استهدافهم بضربة جوية دقيقة.
وفقًا للتقارير، كانت المجموعة تضم حوالي 70 فردًا يُعتقد أنهم كانوا يخططون لهجوم على سفن تجارية. أسفرت الضربة عن مقتل العديد منهم وخلّفت حفرة كبيرة في الموقع.
ومنذ أكتوبر 2023، كثّف الحوثيون، المدعومون من إيران، هجماتهم على السفن في البحر الأحمر، مُعطلين بذلك حركة الشحن التجاري.
ردًا على ذلك، صعّدت الولايات المتحدة من عملياتها العسكرية، حيث نفّذت أكثر من 200 ضربة جوية في يوم واحد، وأعلنت عن نشر مزيد من القوات في المنطقة.
وأثارت هذه الضربات الجوية قلق الجماعات الحقوقية، حيث أشاروا إلى تفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن نتيجة لهذه العمليات.
أدت الهجمات إلى مقتل مدنيين وتدمير بنى تحتية حيوية، مما زاد من معاناة السكان المحليين الذين يواجهون بالفعل ظروفًا صعبة.
في سياق متصل، زعمت جماعة الحوثي أنها أسقطت طائرة أمريكية بدون طيار من طراز MQ-9 ريبر خلال هذه العمليات، مما يشير إلى تصاعد التوترات بين الطرفين.
وتأتي هذه التطورات في ظل تصاعد التوترات في المنطقة، حيث تستمر الولايات المتحدة في استهداف مواقع الحوثيين بهدف تأمين الملاحة البحرية وحماية مصالحها وحلفائها في المنطقة.