هل انتهت الزعامة الأمريكية للعالم؟
تاريخ النشر: 11th, November 2024 GMT
تناول دان بيري، محرر سياسي خبير بشؤون الشرق الأوسط وأفريقيا وأوروبا، الدور المتغير لأمريكا في السياسة العالمية، بالنظر إلى الاحتمالات الانعزالية في ولاية ترامب الثانية.
موقف ترامب الانعزالي يثير المخاوف بين الحلفاء في أوروبا الشرقية
وأوضح بيري، وهو محرر سابق في وكالة أسوشيتد برس، في مقاله بموقع مجلة "نيوزويك"، كيف تحولت السياسة الخارجية الأمريكية على مدى عقود من الزمان: من منظور دولي بعد الحرب العالمية الثانية إلى موقف ترامب الأخير الذي يركز على الداخل تحت شعار "أمريكا أولاً".
فبدءاً من ترومان، أكد الرؤساء الأمريكيون باستمرار على تعزيز الديمقراطية والسلام والاستقرار الاقتصادي في مختلف أنحاء العالم.
وعززت المبادرات البارزة، مثل تشكيل حلف شمال الأطلسي وخطة مارشال، الالتزام بالأمن الجماعي والنظام القائم على القواعد.
وأيّد الرؤساء أيزنهاور وجونسون ونيكسون هذا النهج، إذ اعتبروا القوة الأمريكية أمراً حاسماً للدفاع عن الحرية العالمية.
وحتى في خضم التأثيرات الانقسامية لحرب فيتنام، شعر قادة البلاد بواجب مقاومة الاستبداد، مما يؤكد تفانيهم الحزبي للقيادة الأمريكية.
وكانت زيارة نيكسون التاريخية للصين وسياسات ريغان في الحرب الباردة مبنية على رؤية أمريكا لتعزيز الاستقرار والنمو العالميين.
واستمر هذا الالتزام في إدارة أوباما، التي سعت إلى تحقيق التوازن بين القوة والأهداف، والاعتراف بعيوب السياسة الخارجية الأمريكية ولكنها أكدت على تأثيرها الإيجابي الشامل في الأمن العالمي.
انقلاب ترامب على السياسة الخارجيةورأى الكاتب أن انتخاب ترامب في عام 2016 انحرف بشكل كبير عن هذا التقليد، إذ أكد ترامب أن كل دولة يجب أن تعطي الأولوية لمواطنيها، وحث البلدان على رعاية نفسها بدلاً من الاعتماد على الدعم الأمريكي.
وهزت تصريحات ترامب بأن حلف شمال الأطلسي "عفا عليه الزمن" وأن أمريكا لا تتحمل سوى القليل من الالتزامات بدعم الأنظمة الدولية حلفاء الولايات المتحدة التقليديين وألقت بظلال من الشك على الالتزامات الخارجية الأمريكية طويلة الأمد.
وأوضح الكاتب أن هذا التحول يأتي بعواقب وخيمة على الاستقرار العالمي، خاصة فيما يتصل بالتحالفات والردع. على سبيل المثال، أثار خطاب ترامب "أمريكا أولاً" مخاوف من أن تتخلى الولايات المتحدة عن المساعدات العسكرية لأوكرانيا، الأمر الذي يترك البلاد فعلياً عرضة للعدوان الروسي.
وقال بيري إن مثل هذه الخطوة لن تؤثر في أوكرانيا فحسب، بل إنها تشير أيضاً إلى تحول أوسع نطاقاً من شأنه أن يشجع القادة الاستبداديين.
ولفت الكاتب إلى أن موقف ترامب الانعزالي يثير المخاوف بين حلفاء أوروبا الشرقية، الذين قد يضطرون إلى إعادة التفكير في استراتيجيات الدفاع دون دعم أمريكي مضمون.
ويروي بيري المخاوف من مؤتمر أوكرانيا الأخير في بوخارست، حيث كان الحاضرون قلقين من أن أمريكا بقيادة ترامب قد تقلل من الانتشار العسكري في بولندا ورومانيا، الأمر الذي قد يعرض موقف أوروبا الشرقية الأمني لخطر التوسع السوفييتي.
وفي الشرق الأوسط، يعكس موقف ترامب العدواني تجاه إيران والتحالفات غير التقليدية مع بعض دول الخليج وإسرائيل ميله إلى العمل الأحادي الجانب بدلاً من الدبلوماسية التقليدية.
وأشار الكاتب إلى أن أنصار ترامب في المنطقة يتوقعون أنه قد يتعامل مع إيران بنهج "العصا الغليظة"، مما قد يؤدي إلى تعطيل الاستقرار الهش في المنطقة. ومع ذلك، فإن أسلوب ترامب قد يؤدي إلى عواقب لا يمكن التنبؤ بها، حيث أن تركيزه على العلاقات الثنائية قد يهمل الأطر المتعددة الأطراف التي ساعدت تقليدياً في استقرار الصراعات الإقليمية.
مسألة تايوان ونفوذ الصين المتوسعفي المحيط الهادئ، يحذر الكاتب من أن عدم القدرة على التنبؤ بترامب يمثل نقاط ضعف جديدة، وخاصة بالنسبة لتايوان؛ فاعتماد تايوان على الدعم الأمريكي أمر بالغ الأهمية لردع الصين، التي أظهرت اهتماماً متزايداً بتأكيد السيطرة على الجزيرة.
وأوضح بيري أن أمن تايوان قد يقوضه إحجام ترامب المحتمل عن التدخل في الصراعات الأجنبية. وقد يشجع هذا التقاعس طموحات الصين، ويزيد من عدم الاستقرار الإقليمي ويقوض التزام الولايات المتحدة التاريخي بالدفاع عن الدول الديمقراطية من التعدي الاستبدادي.
الانقسامات الداخليةوتناول الكاتب الاختلاف داخل الحزبين السياسيين الرئيسين في الولايات المتحدة، مشيراً إلى أن نهج بايدن في السياسة الخارجية يعتمد على العودة إلى القيم التقليدية للأممية، والدفاع عن التحالفات، ودعم أوكرانيا ضد الغزو الروسي.
ومع ذلك، أشار الكاتب إلى أن هناك جناحاً تقدمياً داخل الحزب الديمقراطي يفضل إعادة تخصيص الموارد لبرامج محلية مثل الرعاية الصحية والتعليم. وعلى الجانب الجمهوري، ابتعد جناح "أمريكا أولاً" الذي يهيمن عليه ترامب عن الميول العالمية التي مثلتها ذات يوم شخصيات مثل ريغان وبوش، مفضلاً التوجه الانعزالي الذي يعطي الأولوية للمخاوف المحلية على التحالفات والتدخلات العالمية.
وقال الكاتب إن تآكل الدور العالمي للولايات المتحدة يتطلب من العالم الاستعداد لمستقبل بدون حاميه التقليدي. ويؤكد هذا التغيير على تراجع أوسع نطاقاً عن الرؤية المشتركة بين أجيال من القادة الأمريكيين.
وخلص الكاتب إلى أن العالم يمر بمرحلة انتقالية مع إعادة تقييم أمريكا لمسؤولياتها، وهو ما قد يشير إلى نهاية "إمبراطوريتها الحسنة النية"، ومع تضاؤل دور أمريكا، قد يواجه المجتمع الدولي تهديدات متزايدة من الاستبداد الجامح، منوهاً إلى أن تداعيات هذا التحول لن تشكل مستقبل أمريكا فحسب، بل وأيضاً استقرار العالم الذي اعتمد على الزعامة الأمريكية لعقود من الزمان.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: عودة ترامب عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية ترامب حلف شمال الأطلسي عودة ترامب الانتخابات الأمريكية الحرب الأوكرانية الناتو السیاسة الخارجیة الولایات المتحدة أوروبا الشرقیة الکاتب إلى أن موقف ترامب
إقرأ أيضاً:
روبيو: ترامب الوحيد في العالم الذي يستطيع جلب بوتين إلى طاولة المفاوضات
قال وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هو الشخص الوحيد في العالم الذي يستطيع جلب بوتين إلى طاولة المفاوضات
أضاف وزير الخارجية الأمريكي بأنهم في أمريكا جاهزون للانخراط مجددا مع الأوكرانيين إذا كانوا مستعدين للسلام، في بادرة انفراجة ممكنة إذا ما أبدت أوكرانيا عزمًا في المضي قدمًا.
أردف وزير الخارجية الأمريكي بأنه لا يمكن تحقيق السلام دون الحديث مع روسيا ومعرفة مطالبها، ذاكرًا إنه سأل نظرائه الأوروبيين عن خطتهم لإنهاء الحرب في أوكرانيا وإنه لم يخرج بشئي فلم يسمع أفكارا من أي منهم.
يأتي ذلك فيما ذكر المتحدث باسم الحكومة البريطانية، بأن رئيس الوزراء كير ستارمر وميلوني رئيسة وزراء إيطاليا اتفقا على أهمية التحالف عبر الأطلسي لمواجهة التحديات وأكدا عزم لندن وروما على الوقوف إلى جانب كييف مهما طال الوقت.