في الوقت الذي كان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو يحتفل بعد فوز الرئيس دونالد ترامب، بأصوات تجاوزت 300 صوت، بينما يكفيه أقل من ذلك للفوز بالانتخابات، لا يبدو أن الرياح التي كانت تأتي من أوروبا تحمل نفس الدرجة من اللطف.
حيث حدثت عدة أحداث مرتبطة بثلاث دول مختلفة، تشير إلى تغير المزاج الأوروبي نحو إسرائيل؛ أولها كان من إيطاليا حيث أدارت الجماهير الإيطالية ظهرها خلال عزف نشيد إسرائيل، خلال المباراة التي جمعت الفريقين في دوري أبطال أوروبا سبتمبر الماضي.وهذا على المستوى الشعبي وأما على المستوى السياسي فقد نجح نتانياهو في نقل رئيس الوزراء جورجينا ميلوني من خانة الحليف إلى خانة الخصم المرجح، بعد استهداف قوات اليونيفيل، حيث يمثل الجنود الإيطاليون عُشر هذه القوات التي تأتي من 48 دولة.
وتحدث وزير الدفاع الإيطالي غيدو كورسوتو قائلاً: «لم يكن هذا خطأ، ولم يكن عطلاً، كان إطلاق نار متعمداً، جريمة حرب. نحن لا نتلقى أوامر من إسرائيل»، وأضاف: «إطلاق النار كان متعمداً لإجبار جنودنا على الفرار حتى لا نشهد ما تنوي إسرائيل فعله في لبنان».
وبالحديث عن إيطاليا يجب أن لا ننسى أنها من أبرز مصدّري السلاح لإسرائيل، ولن تكون بدعة من إيطاليا إذا ما حظرت كل أو بعض صادرات الأسلحة، فقد كان هذا من أوائل قرارات حزب العمال البريطاني هذا العام وهو الحظر الجزئي لبعض الأسلحة، بالرغم من أن بريطانيا لا تعتبر أوروبية سياسياً ولكن على الأقل جغرافياً، وكانت أعلنت كندا وهولندا واليابان وإسبانيا وبلجيكا توقفها عن إرسال الأسلحة إلى تل أبيب، بالإضافة إلى قضية مرفوعة في الدنمارك قد تمنع الحكومة من تصدير أجزاء من طائرات F35.
ورياضياً أيضاً يبدو أن هناك غضباً كبيراً يأتي من أمستردام، حيث حدثت اعتداءات على جماهير إسرائيلية، عقب مباراة أقيمت في أمستردام بين نادي «مكابي تل أبيب» الإسرائيلي ونادي «أياكس» الهولندي في الدوري الأوروبي لكرة القدم قبل أيام.
ورغم التنديد من حكومة اليمين الحاكمة يُعد هذا مؤشراً لافتاً من هولندا التي عادة ما حمل جماهيرها علم إسرائيل في اللقاءات العربية، وإن كان يصعب عادة تحديد هوية جماهير مباريات الاتحاد الأوروبي، وعلى أقل تقدير يمكن اعتبار ذلك مرآة لمزاج بعض الهولنديين.
وثالث الأمثلة هو فرنسا، حيث قام ضباط إسرائيليون مسلحون باقتحام كنيسة «الإيليونة»، واعتقال موظفَين من القنصلية الفرنسية لبعض الوقت، قبل أن يطلقوا سراحهما بعد تدخل وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو الذي كان في زيارة رسمية إلى إسرائيل تزامنت مع الاعتقال.
ويعد مجمع كنيسة الإيليونة على جبل الزيتون أحد المواقع الأربعة المملوكة لفرنسا في القدس، التي تشكّل المجال الوطني الفرنسي في الأرض المقدسة، وتديرها السلطات الفرنسية.
بالطبع تأتي التوترات هذه مع سياسة نتانياهو التي تريد أن تسير بالمعركة إلى تجاوز القضاء على حماس أو تغيير الواقع على الأرض مع حزب الله، إلى تغليب إطالة عمر نتانياهو السياسي، وتغيير الواقع على الأرض فلسطينياً.
وبالرغم من الانطباع العام عن محدودية هذه الرياح، وأنها لا يجب أن تقلق إسرائيل، وإن كان هذا ربما صحيحاً على المدى القصير، لكنه مؤثر بشكل عكسي على مساعيه لدفن مشروع الدولتين، لاسيما إذا أخذنا في الحسبان أن النرويج وإيرلندا وإسبانيا وسلوفانيا انضمت كدول أوروبية هذا العام لما يتجاوز مئة دولة حول العالم تعترف بدولة فلسطين.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: عودة ترامب عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية غزة وإسرائيل
إقرأ أيضاً:
فهمي هويدي: مؤسف أن تكون المصالحة مع إسرائيل أسرع من تلك التي بين دول عربية
وفي حديثه، تناول هويدي نشأته ومواقف شكلت رؤيته النقدية، إضافة إلى انعكاسات الأحداث والتحولات السياسية على مسيرته الصحفية، وطرح رؤيته حول العلاقة بين الدول العربية من جهة وإيران وتركيا من جهة أخرى.
وأكد هويدي أن هاتين الدولتين، بعمقهما الحضاري وقوتهما الإقليمية، يمكن أن تكونا شريكتين طبيعيتين للعرب إذا ما تأسست العلاقة بينهما على أسس المصالح المتبادلة لا منطق الهيمنة.
ويرى هويدي أن الأزمات التي شهدتها المنطقة خلال العقد الماضي أثبتت أهمية خلق توافقات إقليمية فاعلة لتحقيق الاستقرار والحد من التدخلات الأجنبية.
اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4بروفيسور يهودي: التعاطف مع إسرائيل يماثل التعاطف مع ألمانيا النازيةlist 2 of 4غزة والتعاون النووي أبرز عناوينه.. طهران تستضيف الحوار العربي الإيرانيlist 3 of 4المفكر محمد العوا: لم أتمن عدم اندلاع ثورة يوليو 1952list 4 of 4المفكر العوا: 7 أكتوبر أولى خطوات تحرير فلسطين وأكون سعيدا إذا شهدتهend of listوأعرب هويدي عن أسفه لأن عمليات المصالحة مع إسرائيل أصبحت أسرع وأكثر فعالية مقارنة بالمصالحات بين الدول العربية أو بينها وبين دول إسلامية وإقليمية أخرى.
وانطلق هويدي في الحلقة من تقييم السياسات العربية التي يرى أنها تفتقر في كثير من الأحيان إلى الاستقلالية في اتخاذ القرار، مما يجعلها عرضة للضغوط والتأثيرات الخارجية، خاصة من قوى دولية تسعى لفرض أجنداتها في المنطقة.
وأشار هويدي إلى أن الدول العربية لم تبنِ حتى اليوم إستراتيجية سياسية أو أمنية مستقلة رغم كل التحديات التي تواجهها، مؤكدا أن توجيه العلاقات العربية مع دول الجوار الإقليمي، يجب أن يخضع لرؤية تحقق مصالحها بالأساس.
وتطرق هويدي إلى مرحلة الربيع العربي، التي اعتبرها محطة مهمة في تاريخ المنطقة، حيث شكّل هذا الحراك حلما جماهيريا ومرحلة كان بإمكانها أن تكون نقطة انطلاق لتحرر الشعوب من الأنظمة الاستبدادية.
اختطاف قسري للربيع العربيويرى هويدي أن هذا الربيع "لم يمت" لكنه جرى اختطافه قسريا، عبر تهميش الحريات وتغييب الدور الفاعل للشعوب، التي إن استردت أنفاسها، على حد تعبير هويدي، ستعود الحياة لهذا الربيع.
وتناول هويدي بشكل موسع معضلات "الإسلام السياسي"، موضحا أن الجماعات الإسلامية التي ظهرت في مشهد الربيع العربي كانت تفتقر إلى الكفاءة السياسية وإلى رؤية عميقة حول كيفية إدارة الدولة وتحقيق تطلعات الشعب في ظل أنظمة قمعية.
وقال إن الحركات الإسلامية تحمل طموحات مشروعة، لكن الفراغ في مشروعها الفكري وإخفاقاتها في تقديم نموذج سياسي قوي أدى إلى عزلتها وتصادمها مع الأنظمة، وأكد هويدي أن هذه الحركات بحاجة إلى مراجعة شاملة لأفكارها، خاصة في ظل السياقات الجديدة والمعقدة في العالم العربي.
ولم يخفِ هويدي انتقاده للنخب الفكرية العربية، موجها إليها اللوم بسبب ما وصفه بانحياز بعض هذه النخب للسلطة وابتعادها عن قضايا الشعوب وهمومها.
وأكد أن المثقف الذي يتماشى مع رغبات الأنظمة يساهم في تكريس واقع التخلف والانحطاط، في حين يجب على المثقف الحقيقي أن يلعب دورا محوريا في النضال من أجل حقوق الإنسان والحريات العامة.
وأشار هويدي إلى أن هناك العديد من المثقفين الذين برروا قمع الحريات السياسية تحت مسميات شتى، مما أسهم في إضعاف الثقة بين الشعب والنخب الفكرية.
الصحافة في البلاد العربيةوفي سياق حديثه عن دور الإعلام في العالم العربي، أبدى هويدي أسفه للوضع الذي وصلت إليه الصحافة التي تعاني من تضييق الرقابة ومحاولات الأنظمة الحاكمة تحويلها إلى أداة من أدوات الدعاية الرسمية.
وذكر هويدي أن حرية الصحافة هي أحد الركائز الأساسية لأي مشروع نهضوي حقيقي، مشيرا إلى أن غياب هذه الحرية يعكس أزمة كبرى في بنية النظام السياسي العربي ويُضعف من قدرته على التطور والازدهار.
ولفت هويدي إلى أن الحكومات العربية تفتقر إلى مشروع موحد يعزز موقفها على الساحة الدولية، داعيا إلى مزيد من التنسيق بين الدول العربية لتكوين جبهة واحدة قادرة على مواجهة التحديات المختلفة.
ويرى هويدي أن الموقف العربي الرسمي قد فشل في دعم القضية الفلسطينية، حيث باتت العديد من الأنظمة تبتعد عن تبني مواقف واضحة وصارمة حيال الاحتلال الإسرائيلي.
ولفت في هذا السياق إلى أن بعض الأنظمة العربية تخلت عن التزاماتها القومية تجاه فلسطين مقابل الحصول على دعم سياسي واقتصادي من الدول الغربية، مما زاد من تعقيد الأوضاع في الأراضي الفلسطينية وأفقدها زخمها السياسي.
ودعا هويدي المثقفين العرب إلى الوقوف بجانب شعوبهم لا إلى جانب السلطة، وأكد أن المثقف الذي يتخلى عن دوره الاجتماعي ويختار الانحياز للنظام الحاكم يلحق ضررا جسيما بالثقافة العربية، وشدد على أن المثقف العربي لا بد أن يظل ثابتا على مبادئه بعيدا عن إغراءات السلطة.
10/11/2024