عربي21:
2025-03-14@01:14:26 GMT

أمن العالم في ظل إدارة ترامب

تاريخ النشر: 11th, November 2024 GMT

لن يكون التعاطي مع الإدارة الأمريكية بعد فوز دونالد ترامب بالانتخابات الرئيسية سهلا، كما لن يكون بالأساليب التقليدية التي تراعي الدبلوماسية بشكل دقيق. فهو رجل أعمال متمرّس، ينظر للأمور من زاوية الصفقات بشكل أساسي، ولا مكان فيها للسلوك الدبلوماسي، فقد عرف عنه عدم اكتراثه بقواعد تلك اللعبة، كما لم يكن دبلوماسيا في تعامله مع الآخرين، بل كان فظّا وبعيدا عن أساليب اللباقة والأخلاق.

ولذلك تفاجأ الكثيرون من غياب سماته الشخصية عن عيون الناخبين الذين أوصلوه إلى سدّة الرئاسة.

فقد عرف بعلاقاته غير المشروعة مع الجنس الآخر، بالإضافة لرعونته واستعلائه وتنمّره. وحتى إلى ما قبل بضعة شهور لم يكن هناك توقع كبير بفوزه خصوصا أنه لم يحقّق الكثير للشعب الأمريكي في دورته الرئاسية الأولى التي امتدت ما بين 2016 و 2020. بل انطلق في سياساته بدوافع شخصية أحيانا كثيرة، فعمد لما حقّقه سلفه، باراك أوباما، وألغاه. وكان في مقدمة ذلك أمران: الاتفاق النووي مع إيران الذي تحقق في العام 2015 بعد جهود مريرة ومفاوضات عبر وسطاء.

وكان ذلك الاتفاق من أهم إنجازات أوباما واعتبر مدخلا لعهد جديد في العالم يغيب عنه شبح الحرب، ويمنع انتشار التكنولوجيا النووية خصوصا في جانبها العسكري. كما مارس سياسة الضغط السياسي والتهديد لفرض التطبيع مع «إسرائيل» من قبل حكومات الإمارات والبحرين والمغرب والسودان، تحت مسمى «اتفاقات أبراهام» في العام 2020. ولم يكن ملفه الاقتصادي أحسن حظا، فقد ورث اقتصادا مزدهرا نسبيا من سلفه، أوباما، ولكنه خلّف وراءه مشاكل كبرى. فقد خفض الضرائب بهدف تحفيز الاستثمارات التجارية ولكن ذلك لم يحدث، ونجم عن ذلك عجز مقداره تريليون دولار تقريبا.

ثمة من يقول إن إعادة انتخاب ترامب يؤكد منحى الولايات المتحدة للانكفاء على الذات وتقليص دورها العالمي. مع ذلك فإن ترامب ينتهج سياسة للتفاهم مع زعماء الدول الكبرى مثل روسيا والصين، ويتباهى أتباعه بتواصله مع الرئيسين: الروسي فلاديمير بوتين، والصيني شي جين بينغ.

ويشيرون إلى تأكيده مقولة «أمريكا أولا» بأنها تؤكد هذه السياسة. كما أنه يرفض الاتحاد الأوروبي ويدعو إلى تفكيكه. فهو إنسان «عملي» بدليل توسع امبراطوريته التجارية التي تؤكد أنه «رجل صفقات» وأن ذلك يعني أن شخصيته تتسم بقدر كبير من العناد والنرجسية واللامبالاة. ويرى هذا الفريق أن هذه السمات مفيدة لأمريكا التي تسعى لتوسيع نفوذها في العالم بالاعتماد على قوتها الاقتصادية والعسكرية، وأن وجود رئيس كهذا سيعزز هذه السياسة. بينما يرى آخرون أن هذه العقلية خطيرة على أمريكا كبلد قائم على الائتلاف بين مكوناته العرقية والثقافية.

وكان من الظواهر المثيرة في الانتخابات تصويت قطاع كبير من ذوي الأصول اللاتينية، أي المنحدرين من أمريكا الجنوبية ومنحوه أصواتهم، بعد أن اقتنعوا بعدم التعويل على الحزب الديمقراطي الذي لم يكن أداؤه تحت رئاسة جو بايدن منسجما مع تطلعاتهم. وقد لعبت أصوات الناخبين اللاتينيين والسود وكذلك العرب دوراً مهماً في فوزه. حيث أظهرت نتائج الاقتراع حصوله على نسب من أصوات هذه الفئات أكبر مما حصل عليه في السابق.

فقد حصد نحو 13 في المائة من الناخبين السود على الصعيد الوطني و45 في المائة من الناخبين اللاتينيين، بالمقارنة مع انتخابات عام 2020 فاز ترامب بنسبة 8 في المائة فقط من الناخبين السود، و32 في المائة من الناخبين اللاتينيين.

من أهم ما يهم العالم العربي في الانتخابات الأمريكية موقف واشنطن وسياستها إزاء الصراع العربي ـ الإسرائيلي. هذا مع عمق قناعتهم بأن السياسة الأمريكية تجاه «إسرائيل» تصنعها الدولة العميقة التي لا تخفي التزامها الكامل بضمان التفوق العسكري الإسرائيلي وحماية الكيان بأي ثمن.

وبدلا من أن ينطلق الضغط على واشنطن لتغيير تلك السياسة، يحدث العكس تماما، فالإدارات الأمريكية المتعاقبة تمارس ضغوطا كثيفة على الحكومات العربية للاستسلام للأمر الواقع والتطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي. هذه ليست سياسة جديدة بل تمثل جوهر التوجه الأمريكي منذ قرابة الستين عاما، أي منذ حرب 1967.

وعلى أساس ذلك تنظر واشنطن لمنطقة الشرق الأوسط من زوايا عديدة: أولها النفط الذي يعتبر عصب الحياة في العالم، وثانيها: الكيان الإسرائيلي وحمايته حتى عندما يظهر زعماؤه شيئا من التمرد على سياسات البيت الأبيض، وثالثها: الحكومات العربية التي تعتبرها الإدارة الامريكية حليفة لها سياسيا واقتصاديا خصوصا إزاء ما تعتبره «حربا على الإرهاب».

والإرهاب هنا عنوان مطاط يشمل أي عمل مضاد للسياسات الأمريكية. وينضوي تحت ذلك العنوان أغلب الحركات الإسلامية بالإضافة لإيران التي تعتبر العدو الأول الذي تستهدفه أمريكا. ولا تتردد الولايات المتحدة في استخدام القوة ضد إيران بأشكالها المتعددة: الصواريخ والمسيّرات والطائرات خصوصا اف 16 واف35.
لا تختلف سياسات الجمهوريين الذين ينتمي لهم ترامب عن الديمقراطيين الذين كان بايدن رمزهم الرئاسي الأخير
ولا تختلف سياسات الجمهوريين الذين ينتمي لهم ترامب عن الديمقراطيين الذين كان بايدن رمزهم الرئاسي الأخير. ويصعب التكهن بمدى ما سيذهب له ترامب في فترة رئاسته الثانية، خصوصا أنه متقلب الأطوار والأمزجة.

ولكن أداءه في فترته الأولى مثير للقلق. فقد أمر بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، وكان ذلك تطورا خطيرا لا يخدم إلا المشروع الصهيوني. وقام بإلغاء الاتفاق النووي مع إيران، ووقّع على قرار اغتيال عنصرين عسكريين هما الإيراني الجنرال قاسم سليماني والعراقي أبو مهدي المهندس.

كان ذلك رسالة واضحة بأنه لن يتساهل مع من ينافس النفوذ الأمريكي في المنطقة ولو تطلّب ذلك ممارسة أعمال خارج القانون. هذه السياسة قد تتضارب مع التوجه العام بأن على الرئيس المنتخب أن يسعى لخفض المصاريف الأمريكية على القضايا الخارجية التي تثقل كاهل الميزانية. فهو يواجه خيارات تتعارض أحيانا لجذب الأموال.

فعقد الصفقات العسكرية مع الحلفاء في الشرق الأوسط سيحقق دخلا كبيرا، ولكن ذلك يتعارض مع التزامه دعم «إسرائيل» وهو التزام تفرضه مجموعات الضغط اليهودية، ولا يمثل محورا ثابتا في سياسته الخارجية. ويتوقع أن يفرض على حلفاء أمريكا رسوما جمركية أعلى لإجبارهم على إنفاق المزيد على الدفاع لكي يحدث توازن في علاقاتهم التجارية مع الولايات المتحدة، مع وضع الصين تحت الضغط. فهو ينطلق من شعار «أمريكا أولا» لضمان تحقيق فائض في ميزان التبادل التجاري مع الأصدقاء والأعداء. ومعياره هنا بسيط جدا، فهو يقيس مدى رجحان فائضهم التجاري الثنائي مع الولايات المتحدة.

وثمة قلق واسع من إعادة تكرار مصطلح «صفقة القرن» التي أطلقه في المرة الأولى، وهو عنوان فضفاض لم يفهم الكثيرون فحواه. ولكن ما رشح عن ذلك أثار قلق الكثيرين. ولعل من أهم مضامينها إلغاء ما يسمى «مشروع الدولتين» في الشرق الأوسط، أي رفض إقامة دولة فلسطينية. وبرغم أن هذا الطرح في أساسه مجحف بالحقوق الفلسطينية ومنها حق العودة، فإنه يختصر توجهاته التي تهدف لتصفية القضية الفلسطينية وفق المنظور الإسرائيلي.

وسيعمل ترامب بكل جهده لتمرير سياسات الحكومة الإسرائيلية المتطرفة برئاسة بنيامين نتنياهو، وتسهيل ضم مناطق في الضفة الغربية للكيان، ومحاولة إملاء بعض الحلول الجزئية على الأرض. هذا ما تخطط له الإدارة الإسرائيلية على أمل أن تكون رئاسة ترامب فرصة لتفعيله. ولكن، كما في السابق، فإن وعي الشعب الفلسطيني وثباته ونضاله المتواصل سيحول دون تحقق ذلك. ولا يستبعد، بسبب ذلك، تكثيف سياسات القمع والقتل والإقصاء التي تستهدف الفلسطينيين.

وستكون الشهور القليلة المقبلة مؤشرا لمدى اهتمام إدارة ترامب بمآلات سياساتها في الشرق الأوسط في ظل التوترات السياسية والأمنية التي لا تفتر.

القدس العربي

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه ترامب بايدن بايدن الإنتخابات الأمريكية ترامب مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة مقالات رياضة صحافة صحافة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الولایات المتحدة الشرق الأوسط من الناخبین فی المائة لم یکن

إقرأ أيضاً:

«الجامعة التي لا تهدأ».. تاريخ من التصعيد والاحتجاجات في كولومبيا

قفزت جامعة كولومبيا الأمريكية إلى واجهة الأحداث مؤخرا إثر إطلاق إدارة الرئيس دونالد ترامب حملة تهديد تهدف لقمع الاحتجاجات الطلابية المناهضة لإسرائيل والحرب في غزة داخل الجامعة، .

وتزامنت حملة التهديد الرئاسية مع اعتقال الناشط الفلسطيني محمود خليل، الذي قاد احتجاجات في جامعة كولومبيا، وقالت وزارة الأمن الداخلي إنه تم احتجاز خليل نتيجة لأوامر الرئيس الأميركي دونالد ترامب التنفيذية التي تحظر معاداة السامية.

واعتقل خليل، الحاصل على إقامة قانونية في الولايات المتحدة والذي أنهى دراساته العليا في كولومبيا في ديسمبر، يوم السبت، على يد عملاء الهجرة الاتحاديين، تمهيدا لترحيله، قبل أن يصدر قاض اتحادي في ولاية نيويورك الأميركية قرارا يمنع ترحيله لحين نظر المحكمة في الدعوى القضائية التي تطعن في احتجازه.

وحذَّر ترامب من أن اعتقال محمود خليل واحتمال ترحيله سيمثلان بداية لسلسلة من الإجراءات المماثلة مستقبلا، وذلك في إطار حملة إدارته لقمع الاحتجاجات الطلابية المناهضة لإسرائيل والحرب في غزة.

وتعد احتجاجات جامعة كولومبيا جزءا من حركة طلابية نشطة تُعبر عن مواقف سياسية واجتماعية مختلفة، وغالبًا ما تكون مرتبطة بقضايا مثل حقوق الإنسان، العدالة الاجتماعية، وحقوق الطلاب.

مواقف تاريخية

ولجامعة كولومبيا، الواقعة في نيويورك، تاريخ طويل من النشاط الطلابي. ففي الستينيات من القرن الماضي، شهدت الجامعة احتجاجات كبيرة ضد حرب فيتنام وسط مطالبات بإنهاء التمييز العنصري.

وفي عام 1968، نظم الطلاب إضرابًا احتجاجًا على مشاركة الجامعة في أبحاث مرتبطة بالحرب وبناء صالة ألعاب رياضية في حديقة عامة، مما أدى إلى إغلاق الجامعة لفترة.

الاحتجاجات الحديثة

وفي عام 2024، شهدت الجامعة احتجاجات طلابية كبيرة تدعم حقوق الفلسطينيين وتدعو إلى مقاطعة إسرائيل. كما طالب الطلاب بإلغاء استثمارات الجامعة في شركات تدعم الاحتلال الإسرائيلي أو تورطت في انتهاكات حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية.

اعتقال محمود خليل

واعتقلت سلطات الهجرة الأمريكية الناشط الفلسطيني المقيم في الولايات المتحدة، محمود خليل، بسبب مشاركته في المظاهرات الطلابية بجامعة كولومبيا في نيويورك العام الماضي.

وكان محمود خليل عضوًا في فريق التفاوض الطلابي مع مسؤولي الجامعة للمطالبة بوقف التعاون مع إسرائيل احتجاجا على الإبادة الجماعية في غزة.

محتجون بجامعة كولومبيا

ودعا مسؤولون وأكاديميون وطلاب في مؤتمر صحفي بجامعة كولومبيا إلى إطلاق سراح الناشط والطالب الفلسطيني محمود خليل الذي اعتقلته سلطات الهجرة الفدرالية بزعم دعمه حركة المقاومة الإسلامية (حماس).

وخلال المؤتمر، أعرب المتحدثون عن قلقهم العميق إزاء تداعيات الاعتقال، مؤكدين أنه يمثل انتهاكًا واضحًا لحرية التعبير، ويشير إلى تصعيد خطير في التعامل مع الناشطين في الولايات المتحدة.

اقرأ أيضاًترامب: كولومبيا ستوقف المهاجرين العابرين من منطقة دارين

الأمم المتحدة تدعو إلى إنهاء العنف ضد المدنيين فى كولومبيا

قرينة رئيس كولومبيا تزور المجلس القومي للمرأة وتشيد بمعرض منتجات المصريات

مقالات مشابهة

  • حقائق-ما مدى تضرر الوكالات الأمريكية من تسريح ترامب وماسك للموظفين؟
  • سياسات ترامب المجنونة تنذر بحرب تجارية بين أمريكا ودول العالم
  • أمريكا تقرر إغلاق برنامج مساعدة ضحايا التعذيب وأسر المختفين في العراق التابع للأمم المتحدة
  • رسوم أوروبية ردًا على الأميركية التي دخلت حيز التنفيذ
  • إدارة ترامب.. فشل العقوبات على الحوثيين يحرك القوات الأمريكية
  • الخارجية الأمريكية: إدارة ترامب تفي بوعدها بتصنيف الحوثيين كـ”منظمة إرهابية أجنبية”
  • المفوضية : انطلاق عملية تحديث سجل الناخبين السبت المقبل
  • ألغت أمريكا إقامته.. من هو الفلسطيني محمود خليل؟
  • ترامب: أمريكا تناقش بيع «تيك توك» مع 4 مجموعات
  • «الجامعة التي لا تهدأ».. تاريخ من التصعيد والاحتجاجات في كولومبيا