روسيا – أظهرت دراسة جديدة أن مستويات الإشعاع التي تعرضت لها الضفادع في منطقة تشيرنوبل لا تؤثر على العمر أو معدل الشيخوخة لديها، ولا حتى على هرمونات التوتر.

ولم تظهر أي اختلافات بين الضفادع التي تعيش في مناطق ذات مستويات إشعاع عالية وتلك التي تعيش في مناطق خالية من الإشعاع. كما لم يتم العثور على فروقات في مستوى هرمون الكورتيكوستيرون، الذي يرتبط بالاستجابة للإجهاد، بناء على مستوى الإشعاع الذي تعرضت له هذه البرمائيات.

وفي عام 1986، أدت كارثة تشيرنوبل النووية، حينما انفجر مفاعل تشيرنوبل الرابع لتوليد الطاقة، بسبب خلل في أحد المولدات التوربينية، أثناء تجربة كانت تجرى عليه، إلى أكبر إطلاق للمواد المشعة في البيئة في تاريخ البشرية. وقد كانت كارثة لجميع أشكال الحياة البرية.

وكشفت نتائج الدراسة الجديدة أن “ضفدع الأشجار الشرقي” (Hyla orientalis) يبدو أنه لم يتأثر بشكل كبير، إذ أن التعرض المزمن للإشعاع في البيئة المحيطة لم يؤثر على عمره أو مستوى التوتر أو الشيخوخة لديه.

وقال بابلو بوراكو، مؤلف الدراسة وباحث ما بعد الدكتوراه في المركز البحثي الإسباني Estación Biológica de Doñana: “أعتقد أن مستويات الإشعاع الموجودة حاليا في منطقة تشيرنوبل ليست كافية لإحداث ضرر ملحوظ للكائنات الحية في الحياة البرية، على الأقل في معظم مناطق تشيرنوبل. ولست مندهشا من ذلك”.

وتابع: “في غضون أسبوعين من العمل في بعض المناطق شديدة التلوث (لعدة ساعات كل يوم) تراكم لدينا نفس مستوى الإشعاع الذي يتعرض له المرء في زيارة واحدة لطبيب الأسنان. وذلك لأن أخطر النظائر المشعة التي تم إطلاقها في لحظة حادث تشيرنوبل لها “عمر نصف قصير جدا”، لذلك انخفضت مستويات الإشعاع بسرعة بعد عدة أشهر أو سنوات”.

ويستخدم مقياس عمر النصف لمادة نشيطة إشعاعيا للإشارة إلى مقدار الوقت اللازم للكمية لتنخفض إلى نصف قيمتها التي تم قياسها في بداية الفترة الزمنية لتحلل إشعاعي.

وكان بوراكو جزءا من فريق بقيادة جيرمان أوريزولا الذي أجرى عملا ميدانيا في تشيرنوبل بين عامي 2016 و2018، وفحص مجموعات الحيوانات مع التركيز بشكل خاص على ضفدع الأشجار الشرقي.

وقد أخذوا عينات من مجموعات الضفادع في تشيرنوبل تغطي كامل تدرج التلوث الإشعاعي الموجود في المنطقة، وجمعوا أكثر من 200 ضفدع ذكر.

وفي بيئة معملية، قاموا بتقييم أعمار الضفادع، وكمية الإشعاع التي امتصتها، ومستويات هرمون التوتر الكورتيكوستيرون لديهم، وحددوا معدل الشيخوخة لديهم باستخدام طول التيلومير كعلامة.

وأظهرت النتائج عدم وجود فرق بين متوسط ​​العمر ومعدل الشيخوخة ومؤشرات الإجهاد في ضفادع الأشجار في تشيرنوبل مقارنة بتلك التي تعيش في مناطق خالية من الإشعاع، ما يشير إلى أن مستويات الإشعاع في المنطقة لم تعد كافية للتسبب في أضرار مزمنة.

ويقول المؤلفون إن النتائج تعزز دور منطقة تشرنوبل المحظورة كملجأ للحياة البرية يجب الحفاظ عليه، خاصة وأن التأثير الحالي للحادثة يبدو قابلا للإدارة بالنسبة للضفادع.

وأوضح بوراكو: “حتى لو لوحظ انخفاض طفيف في متوسط ​​العمر في الحياة البرية، فقد تكون العواقب البيئية والتطورية منخفضة. لقد سمح غياب البشر بالتأكيد بزيادة هائلة في عدد الحيوانات البرية في تشيرنوبل الحالية”.

وكشفت دراسة سابقة شارك فيها بوراكو تغيير مذهل في صبغة الضفادع، حيث تحولت من اللون الأخضر إلى الأسود بطريقة يمكن أن تحميها من الإشعاع.

ويسعى الفريق الآن إلى مواصلة عملهم حتى يتمكنوا من إجراء أفضل تقييم للتأثير الحالي لحادثة تشيرنوبل على الحياة البرية.

نشرت الدراسة في مجلة Biology Letters.

المصدر: iflscience

المصدر: صحيفة المرصد الليبية

كلمات دلالية: مستویات الإشعاع الحیاة البریة فی تشیرنوبل

إقرأ أيضاً:

من عالم القطبية الثنائية إلى التوتر متعدد الأبعاد

في خطوة صاخبة تحمل رسائل حادة، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب حربًا اقتصادية شاملة، مستخدمًا الرسومَ الجمركية كسلاح إستراتيجي. استهدفت هذه الحرب التنين الصيني بشكل مباشر، كما لم تخلُ من تهديدات للحليف الأوروبي.

لم يتوقف الأمر في حدود دائرة الاقتصاد؛ إذ أطلق ترامب ثورة سياسية مضادة، هزّت أركان الثقافة الليبرالية، وخربت قواعد سياسة الهجرة التي شكلت لزمن طويل أحد تقاليد الولايات المتحدة الراسخة.

إنها مواجهة مفتوحة، عنوانها التمرد على التقاليد، وإعادة رسم ملامح أميركا وفق رؤية ترامب الخاصة.

طالما اتسمت السياسات الأميركية تجاه الصين بالتدرج والحذر، بدءًا من سياسة الاحتواء خلال الحرب الباردة، وصولًا إلى الانفتاح الاقتصادي في عهد نيكسون، ثم الشراكة المشروطة التي ميزت العقود الأخيرة.

كانت الولايات المتحدة في هذا السياق، تنسج علاقاتها مع الصين ضمن شبكة من الضوابط التي تحكمها المصالح الإستراتيجية والتوازنات العالمية، مع حرص دائم على التنسيق مع الحلفاء الأوروبيين الذين شكّلوا حلقة داعمة في رسم واستقرار هذه السياسة.

لكن ومع وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، شهد هذا المسار تحولًا جذريًا. إذ أطلق عنان سياسة خارجية غير مقيدة، خرجت عن النص التقليدي الذي حكم السلوك الأميركي لعقود، وتجاوزت الأعراف التي كانت تضبط تحرك "السيارات الأميركية" في مضمار السياسة العالمية.

إعلان

فبدلًا من الحوار والدبلوماسية الاقتصادية، تبنّى نهج المواجهة والمجابهة، مفجّرًا حربًا تجارية بوجه الصين، وموجّهًا رسائل صادمة حتى إلى أقرب الحلفاء الأوروبيين.

يتغير العالم بسرعة غير مسبوقة تكاد تكون غير طبيعية، كما لو أن النقاط المرجعية التي كانت تنظم التوازنات الدولية تنهار دون أن تترك أي مجال لمرحلة انتقالية.

إننا نشهد تحولًا مفاجئًا بعيدًا عن النظام ثنائي القطبية، ثم أحادي القطب، نحو نظام بلا قطبية واضحة، حيث تتحول كل منطقة نفوذ إلى بؤرة توتر محتملة.

إن هذا الاضطراب هو، في جزء منه، نتيجة لقرارات إستراتيجية اتخذتها القوى الكبرى نفسها. كما شهد عهد ترامب قطيعة عميقة في دور الولايات المتحدة كحارس للنظام العالمي. كما أنه ساعد، من خلال رفضه المؤسسات متعددة الأطراف، وازدرائه التحالفات التاريخية وانسحابه السيادي المتفاقم، في نزع الشرعية عن بنية ما بعد الحرب العالمية الثانية. وقد أتاح هذا الفراغ النسبي المجال لقوى أخرى – الصين، وروسيا، وتركيا، وإيران – لتأكيد طموحاتها الخاصة.

في هذا المناخ من عدم اليقين، انتهزت روسيا "فلاديمير بوتين" الفرصة لإعادة تعريف قواعد اللعبة. ويشكل غزو أوكرانيا سابقة ذات عواقب بعيدة المدى: محاولة متعمدة لتغيير النظام الدولي بالقوة. وذلك أنه إذا مرّ هذا العمل دون عقاب أو تم احتواؤه بشكل سيئ، فقد يصبح نموذجًا للقوى التحريفية الأخرى. فهو يُبرهن أنه في عالم بلا نقاط/ أسس مرجعية صلبة، فإن استخدام القوة يمكن أن يصبح مرة أخرى أداة مشروعة للسياسة الخارجية.

لا تقتصر إعادة التشكيل هذه، على أوروبا الشرقية، فهي تتجلى أيضًا في الجرائم التي لم يكن من الممكن تصورها أن تقترف في غزة. إن صمت المجتمع الدولي في مواجهة المذبحة التي يتعرض لها المدنيون الفلسطينيون -نساء وأطفالًا وعائلات بأكملها- لا يشكك في الاتساق الأخلاقي للغرب فحسب، بل يشكك أيضًا في شرعيته في الدفاع عن حقوق الإنسان في أماكن أخرى.

إعلان

إن الدعم الأعمى، بل وغير المشروط، لآلة الحرب الإسرائيلية، باسم "الحق في الدفاع"، يكشف عن حياد انتقائي وتلاعب بالمبادئ الإنسانية الكونية التي تقوم عليها المنظومة الغربية.

إن هذه الازدواجية في المعايير تغذي الاستياء العميق في أجزاء واسعة من العالم، لا سيما في جنوب الكرة الأرضية.

وهو يغذي التصور بأن حقوق الإنسان ليست قيمًا كونية، بل أدوات جيوسياسية تُستخدم في هندسة متغيرة وفقًا لمصالح اللحظة. وتساهم هذه السخرية في فقدان مصداقية المؤسسات الدولية، وصعود الراديكالية وتزايد تشظي الخطاب العالمي.

ونتيجة لذلك، فإننا وببساطة لسنا في مرحلة انتقالية جيوسياسية فقط، بل نحن في حالة اضطراب أخلاقي. إن غياب القطبية لا يؤدي إلى عالم سلمي متعدد الأقطاب، بل إلى فضاء مجزأ ومتوحش، حيث تحل القوة محل القانون في كثير من الأحيان، والانتهازية محل الأخلاق.

في هذا العصر غير المستقر، لم يعد الصراع هو الاستثناء، بل القاعدة، وأصبحت التحالفات متقلبة، وتذوب الحقائق في ضجيج الروايات المتنافسة.

مازال هذا العالم لم يجد شكله بعد، وإلى أن يعيد اختراع شكل من أشكال التوازن العادل والقائم على التضامن والعالمي حقًا، سيبقى ميدانًا للمواجهات، المرئية وغير المرئية، حيث يدفع الناس ثمن طموحات الأقوياء.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • «اليمن الجديد على طاولة السياسة الدولية» السفير عبدالإله حجر لـ”الثورة “: صنعاء أظهرت قدرة فائقة على التأثير في الهيبة الأمريكية في البحر الأحمر واستطاعت أن تردع السفن الأمريكية عن مواصلة تهديداتها
  • من عالم القطبية الثنائية إلى التوتر متعدد الأبعاد
  • صندوق النقد يحذر من تراجع النمو بسبب التوتر التجاري الذي أشعله ترامب
  • لبنان نحو إصلاح السّلطة القضائيّة ورقة عمل في شراكة بين ملتقى التأثير المدني ومؤسَّسة كونراد آديناور – لبنان
  • مستشار وزير التموين: الذهب حقق مستويات غير مسبوقة في تاريخه بسبب ترامب
  • ورشة وطنية بمشاركة خبراء دوليين لدعم الأمان الإشعاعي بالمحطات النووية المصرية
  • الشهري: تصحيح مستويات فيتامين د له دور في تنظيم سكر الدم ..فيديو
  • كيف تعالج ضغط الدم المرتفع المرتبط بالتوتر ؟
  • ملتقى التأثير المدني عقد لقاءه الثالث عشر من الحوارات الصباحية
  • كينيا تتهم شابين بلجيكيين بقرصنة الحياة البرية بعد ضبط 5,000 نملة بحوزتهما