سلطنة عمان قدوة حسنة للسلام والوفاق
تاريخ النشر: 15th, August 2023 GMT
القوَّة النَّاعمة للدبلوماسيَّة العُمانية استطاعت بكُلِّ اقتدار أن تثبتَ نفْسَها على السَّاحة الدوليَّة؛ وذلك لِمَا تتمتع به من حكمة وشخصيَّة قياديَّة قويَّة تستطيع أن تحتويَ الموقف بَيْنَ الأطراف المتنازعة عن طريق الاجتماع معهم وإقناعهم بالحوار الهادئ المثمر الإيجابي من أجْل التوصُّل لحلٍّ يُرضي جميع الأطراف.
ومؤخرًا نشرت شبكة «فوكس» الأميركيَّة تقريرًا أكَّدت فيه أنَّ سلطنة عُمان تتمتع بخبرة كبيرة في التفاوض على اتفاقيَّات مماثلة للاتفاق الذي توسَّطت فيه مؤخرًا بَيْنَ الولايات المُتَّحدة الأميركيَّة وإيران بمشاركة قطر وسويسرا.. فقَدْ نجحت السَّلطنة في الوساطة للوصول لاتِّفاق بالإفراج عن خمسة أميركيين مسجونين في إيران مقابل العديد من الإيرانيين المسجونين بالولايات المُتَّحدة.. إلى جانب وصول طهران حوالي 6 مليارات دولار من عائدات النفط الإيراني المجمَّدة، لذلك استحقَّت السَّلطنة هذه الإشادة الدوليَّة والتي تُعدُّ وسامًا جديدًا وإنجازا يضاف لسجلِّ الإنجازات الحافل بمِثل هذه المواقف.
إنَّ الوساطة الأخيرة التي قامت بها السَّلطنة ليست الوحيدة، بل تاريخها مليء بالوقائع التي تتعلق بحلِّ الخلافات بَيْنَ الفرقاء، يأتي على رأسها التوصُّل لحلٍّ جذري للملف النووي الإيراني الشائك، ثم التوسُّط بَيْنَ بلجيكا وإيران مايو الماضي بشأن إطلاق سراح سجناء.. ومن قَبل بَيْنَ اليمن وإنجلترا، ونجحت السِّياسة العُمانيَّة في تحرير رهائن إيرانيين اعتقلتهم القوَّات الأميركيَّة أثناء الحرب العراقيَّة الإيرانيَّة، وكذلك تحرير رهائن أميركان لدى إيران منذ أعوام سابقة.. إلى جانب تحرير عددٍ كبير من الرهائن من أوروبا وأميركا وكندا وغيرها في اليمن وإرجاعهم إلى دوَلهم.. وأدَّت سلطنة عُمان كذلك دَوْرًا مهمًّا في تسوية قضايا معتقلي جوانتانامو رغم أنَّه لَمْ يكُنْ هناك محتجز عُماني واحد في هذا المعتقل، ولكنَّها نظرت إلى القضيَّة من منظور إنساني.. كما تبنَّت أرض السَّلطنة ملفات إقليميَّة ودوليَّة عديدة مِثل الملف الإيراني واليمني والسوري والليبي.
لقَدْ نأت السَّلطنة بنفْسِها دائمًا عن أيِّ صراعات إقليميَّة أو دوليَّة، ورفعت شعارات تعزيز الأمن والسِّلم العالَمي، وحُسن الجوار وعدم التدخُّل في الشؤون الداخليَّة للدوَل الأخرى واللجوء دائمًا للحوار في حلِّ أيِّ مشكلة؛ لأنَّ العنف سيدفع ثمنه الأبرياء.. فقدَّمت القدوة الحسنة للدولة الراعية للسَّلام والوفاق، والحريصة على لَمِّ الشَّمل وتحقيق الاستقرار والأمان للشعوب، وهذا أكسبها احترام العالَم وثقته.
حفظ الله بلادنا وأدام عليها نعمة الاستقرار، وجعلها دائمًا ملجأ لكُلِّ محتاج ومنارة تشعُّ سلامًا ينتشر نورها شرقًا وغربًا حتى يعمَّ الأرض الرخاء والازدهار والنُّمو.
✱✱✱
إعلان وزارة التراث والسِّياحة ـ ممثَّلةً عن السَّلطنة ـ مشاركتها في معرض بورصة برلين الدوليَّة للسِّياحة لعام 2024م الذي يُعدُّ أكبر المعارض السِّياحيَّة في العالَم فرصة ذهبيَّة جديدة لعرض ما تمتلكه السَّلطنة من مُقوِّمات سياحيَّة هائلة والترويج لِمَا تزخر به بلادنا من مفردات طبيعيَّة وتراثيَّة عريقة.. فالحمد لله تتمتع سلطنة عُمان بمُقوِّمات سياحيَّة عظيمة جعلتها قِبلة للسَّائحين الباحثين عن الاستمتاع بالجَمال الطبيعي الأخَّاذ والراحة النفسيَّة والهدوء والخدمة المتميزة.. من هنا نرى أنَّ السِّياحة العُمانيَّة حقَّقت في السنوات الأخيرة قفزة هائلة، وصارت ضِمْن الدوَل المستقطبة للسَّائحين وذلك بشهادة العديد من المنظَّمات الدوليَّة.
إنَّ التنوُّع الطبيعي والبيئي ببلادنا مصدر فخر لنَا.. فنحن نمتلك مُقوِّمات السِّياحة العالميَّة التي تجعل من القِطاع السِّياحي مصدرًا من مصادر الدخل الوطني الذي يرفع من شأن بلادنا، ويضعها في مصاف الدوَل ذات الكنوز الثقافيَّة والطبيعيَّة والتاريخيَّة المميزة.. فالله سبحانه وتعالى حبانا بطبيعة أخَّاذة لا يقتصر تنوُّعها على المظاهر الجغرافيَّة فقط ما بَيْنَ جبال وسهول ووديان وصحراء خلَّابة وسواحل بديعة وغيرها.. ولا على التنوُّع الأحيائي البَرِّي والبحري والطائر فقط.. بل إنَّ هناك تنوُّعا مناخيًّا يجِبُ التركيز عليه عِند الترويج لبلادنا في الخارج.. فالنَّفْس البَشَريَّة على اختلافها تتطلع نَحْوَ التنوُّع والعيش في جميع الأجواء الحارَّة والباردة الممطرة والجافَّة.
إنَّ مشاركة السَّلطنة في معرض بورصة برلين الدوليَّة للسِّياحة يجِبُ الاستعداد والتخطيط لها بكُلِّ دقَّة، خصوصًا أنَّه سيشارك فيه أكثر من 160 دولة وأكثر من 5000 عارض.. لذلك لا بُدَّ من رسم خطَّة واضحة توضع قَيْدَ التنفيذ ووفق قاعدة بيانات وإحصائيَّات شاملة ودقيقة يتمُّ تسليط الضوء خلالها على مكنونات المناطق السِّياحيَّة وما تتميز به من جَماليَّات تجذب السَّائحين.. لا سِيَّما أنَّنا نمتلك كافَّة أنواع السِّياحة العالميَّة الطبيعيَّة والتاريخيَّة والبيئيَّة، وسياحة المؤتمرات والاستشفاء وغيرها، بالإضافة إلى طبيعة تستقطب السَّائح على مدار العام مهما كانت ميوله وتوجُّهاته وذوقه.. كذلك علينا تسليط الضوء على الفرص الاستثماريَّة المتوافرة في بلادنا التي تتيح دعم القِطاع السِّياحي، والمساهمة في تحقيق أهداف الرؤية المستقبليَّة «عُمان 2040».. وأيضًا يُمكِن ابتكار العديد من الأساليب التي تجذب السيَّاح وفي هذا المجال يُمكِن الاطلاع على تجارب الدوَل الأخرى؛ لأنَّنا في حاجة ماسَّة لابتكار طُرُق جديدة تواكب العصر الحديث وتعرِض تراثنا ومُقوِّماتنا السِّياحيَّة بطريقة مبهرة.
لا شكَّ أنَّ اختيار سلطنة عُمان شريكًا رسميًّا لمعرض بورصة برلين الدوليَّة للسِّياحة يجسِّد مدى ما تحظى به السَّلطنة من تقدير عالَمي في دنيا السَّفر والسِّياحة.. فبلادنا تبذل جهودًا مضنية من أجْل النهوض بالقِطاع السِّياحي بدليل أنَّ إجمالي عدد الزوَّار القادمين إلى السَّلطنة بنهاية العام الماضي بلغ 2.9 مليون زائر.. ونحن بالتأكيد نحلم أن يتضاعفَ هذا العدد في الأعوام القادمة. ندعو الله أن يديمَ على بلادنا طبيعتها الخلَّابة.
ناصر بن سالم اليحمدي
كاتب عماني
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: العال م ة ع مان دائم ا
إقرأ أيضاً:
العدل تناقش التعاون مع لجنة الميثاق العربي لحقوق الإنسان
التقى معالي الدكتورعبدالله بن محمد السعيدي، وزير العدل والشؤون القانونية بمكتبه اليوم وفد لجنة الميثاق العربي لحقوق الإنسان برئاسة المستشار جابر المري، رئيس لجنة الميثاق العربي لحقوق الإنسان الذي يزور سلطنة عمان حاليا، جرى خلال اللقاء التأكيد على التعاون مع لجنة الميثاق في سبيل الإنفاذ الفعلي لمواد الميثاق على الصعيد الوطني بعد انضمام سلطنة عُمان إلى الميثاق العربي لحقوق الإنسان بموجب مرسوم سلطاني رقم ١٦ / ٢٠٢٣.
كما التقى سعادة الدكتور يحيى بن ناصر الخصيبي، وكيل العدل والشؤون القانونية، رئيس فريق العمل المشكل لإعداد التقارير المتصلة بالميثاق العربي لحقوق الإنسان، بالوفد الزائر، وعقدت لجنة الميثاق العربي لحقوق الإنسان لقاء منفصلا مع الفريق الفني الذي أعد التقرير الوطني الأول الخاص بالميثاق العربي لحقوق الإنسان برئاسة المستشار جمال بن سالم النبهاني، مدير دائرة التشريع في وزارة العدل والشؤون القانونية؛ لمناقشة الجوانب الفنية والتفصيلية ذات الصلة بالتقرير.
حيث سبق لسلطنة عمان تقديم التقرير الوطني الأول تنفيذا لما قررته الفقرة (1) من المادة (84) من الميثاق العربي لحقوق الإنسان وطبقا للمبادئ التوجيهية والاسترشادية العامة المعتمدة من لجنة الميثاق العربي لحقوق الإنسان، وبعد التشاور مع أصحاب المصلحة، كما تم تضمين التقرير كافة التدابير القانونية والإدارية وغيرها من الإجراءات التنفيذية المتخذة من سلطنة عمان لتنفيذ التزامها وإعمال الحريات المنصوص عليها في الميثاق.
والجدير بالذكر أن سلطنة عمان ستناقش تقريرها الدوري الأول في مقر جامعة الدول العربية في شهر ديسمبر القادم.