على مدى أربعة أشهر مروعة، غرق شعب السودان في حرب تدمر حياتهم ووطنهم، وتنتهك حقوقهم الإنسانية الأساسية،  لذلك دعا رؤساء المنظمات الدولية بالأمم المتحدة إلى العمل على إنهاء "المأساة في السودان"، مؤكدين أن الشعب السوداني غرق في حرب تدمر حياته ووطنه.

جاء ذلك في بيان صادر عن 20 من رؤساء المنظمات، وشدد البيان الذي وقع عليه رؤساء وكالات الأمم المتحدة الإنسانية وعدد من المنظمات الدولية، على ضرورة إيقاف القتال من أجل حماية المدنيين، حيث طالب رؤساء المنظمات أطراف النزاع بإزالة العوائق البيروقراطية أمام الوصول الآمن وغير المقيد للمنظمات، بجانب وقف عمليات نهب الإمدادات الإنسانية واستهداف عمال الإغاثة والأصول المدنية والبنية التحتية في السودان، حيث أشار البيان إلى أن عرقلة المساعدات الإنسانية واستهداف المراكز الصحية والمستشفيات هي انتهاكات محظورة بالقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان.

وأغلقت المستشفيات والمدارس والمؤسسات المدنية أبوابها في المناطق التي تشهد اشتباكات بين الجيش والدعم السريع، وذلك نتيجة لتكرار استهدافها والعاملين بها، كما لا تتوفر ممرات آمنة لجهود الإجلاء والأعمال الإغاثية.

وقال بيان رؤساء الوكالات الإنسانية بمناسبة مضي أربعة أشهر من الحرب، إن المجتمع الدولي "لا عذر له في الانتظار"، وأشار البيان إلى وضع الأمن الغذائي في السودان بسبب الحرب، حيث يقف أكثر من ستة ملايين شخص "على بعد خطوة واحدة من المجاعة"، فيما يحتاج أكثر من 14 مليون طفل إلى مساعدات إنسانية.

وفر أكثر من أربعة ملايين شخص من القتال الدائر في العاصمة الخرطوم ومناطق في كردفان ودارفور، وظل أكثر هؤلاء الفارين نازحين داخليًا في جميع أنحاء البلاد، والبقية كلاجئين في دول الجوار وأنحاء المنطقة الأوسع، فيما يواجه المزارعون خطر فشل الموسم الزراعي، وقال قادة المنظمات إن "الوضع يخرج عن السيطرة"، مشيرين إلى أن نداءات التمويل للاستجابة الإنسانية في السودان لم تجد سوى استجابة بنسبة (27)% حتى الآن.

وفي رسالة للشعب السوداني قال البيان إن المجتمع الإنساني الدولي ما يزال ملتزمًا بدعمه، مشددًا على مواصلة الضغط من أجل الوصول إلى جميع الناس في جميع مناطق السودان لإيصال الإمدادات الإنسانية والخدمات الأساسية.

البيان الذي وقع رؤساء كل من مكتب التنسيق الإنساني التابع للأمم المتحدة، ومنظمة الأغذية والزراعة الأممية، ومنظمة "كير" العالمية ضمن العديد من المنظمات الأممية والوكالات الدولية - طالب بوقف فوري للأعمال العدائية، قائلًا إن شعب السودان "حاجة إلى السلام والوصول العادل للإغاثة الإنسانية"، مطالبًا المجتمع الدولي بتكثيف جهوده والمشاركة في جميع المستويات للعمل على إعادة السودان إلى مساره الصحيح وإنهاء الحرب.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: السودان الأمن الغذائي مساعدات إنسانية انهاء الحرب الشعب السوداني فی السودان

إقرأ أيضاً:

سيظل الشعبويون ينتصرون حتى ندرك هذه الحقيقة الإنسانية

«ها هو قد اقترفها هذه المرة، والجميع يرون كيف أنه كارثة». كم مرة سمعنا مثل هذا يقال بحق دونالد ترامب؟ وكم مرة ثبت أنه خطأ؟ ليكن، لعله هذه المرة قد تجاوز الحدود حقا، ففي النهاية قد يؤدي هزله بشأن الرسوم الجمركية، وإطلاقه شرارة حروب تجارية، ثم تراجعه فجأة عن موقفه، إلى ركود عالمي، بل كساد. مؤكد أن أنصاره سوف يتنصلون منه؟ لكنني لا أراهن على ذلك، وإليكم السبب.

لقد شنّ ترامب بالفعل حربًا على كل شيء يحقق الرخاء والرفاهية: أعني الديمقراطية، والنظم البيئية الصحية، والتعليم، والرعاية الصحية، والعلم، والفنون. غير أنه وسط هذه الكارثة، وبرغم بعض التذبذب، تظل نسب تأييده واقعة ما بين 43% و48%، فهي أعلى كثيرا من مثيلاتها لرؤساء آخرين. لماذا؟ أعتقد أن جانبا من الإجابة يكمن في جانب أساسي من طبيعتنا الإنسانية، هو الرغبة في تدمير ما نشعر أننا مستبعدون منه.

وهذه الرغبة في ظني أساسية في فهم السياسة، وإن لم يبد أن أحدًا يدركها. فلا يكاد أحد يراها حقا، إلا اليمين المتطرف الذي يراها في تمام الوضوح.

في أجزاء كثيرة من العالم، وفي الولايات المتحدة على وجه الخصوص، ارتفع التفاوت ارتفاعا حادا منذ سبعينيات القرن الماضي. (والمملكة المتحدة ماضية في هذا المسار). إذ أصبح مليارديرات العالم أكثر ثراء بتريليوني دولار العام الماضي، بينما لم يتغير تقريبًا عدد من يعيشون تحت خط الفقر العالمي منذ عام 1990.

وثمة دليل قوي على ارتباط عرضي بين تنامي التفاوت وارتفاع حركات الاستبداد الشعبوي. فقد تبيّن لورقة بحثية في جريدة السياسة العامة الأوروبية أن ارتفاعًا بمقدار وحدة واحدة في معامل جيني (وهو المقياس المعياري للتفاوت) يزيد من دعم الديماجوجيين بنسبة 1%.

فما السبب في هذا؟ ثمة تفسيرات عديدة ومتصلة: مشاعر التهميش، وقلق المكانة الاجتماعية، والتهديد الاجتماعي، وانعدام الأمن الذي يثير رد فعل استبدادي، وفقدان الثقة في الفئات الاجتماعية الأخرى. وأشعر أن جذر بعض هذه التفسيرات يكمن عميقا في الذات الإنسانية وهو هذا: إذا لم يتيسر لك العدل، فعليك بالشر.

في الولايات المتحدة، يجري إقصاء نسبة مرتفعة من الشعب من كثير من الفوائد التي سردتها. فقد يؤدي العلم إلى تحقيق فتوح، لكنها فتوح ليست على الأرجح لمن لا يستطيعون دفع التأمين الصحي. والتعليم الجامعي قد يفتح الأبواب المغلقة، ولكنه لا يفتحها إلا للقادرين على عشرات أو مئات آلاف الدولارات من الديون. والمسرح والموسيقى يزيدان حياتنا جمالا، ولكنه لا يفعل ذلك إلا لمن يستطيعون شراء التذاكر.

وكذلك الحدائق الوطنية، ولكن لمن يملكون القدرة على زيارتها.

والديمقراطية حسبما يقال لنا تعطي صوتا في السياسة. لكنها لا تفعل ذلك فيما يبدو إلا لمن يملك التبرع لحزب سياسي ببضعة ملايين. ومثلما قال أستاذ العلوم السياسية مارتين جيلنز في كتابه: «الثراء والنفوذ» فإنه «في معظم الظروف، لا يبدو أن لتفضيلات الغالبية الكاسحة من الأمريكيين أثرًا جوهريًا على السياسات التي تتبناها الحكومة أو لا تتبناها».

لقد كان نمو إجمالي الناتج الوطني قويًا في ظل حكم جو بايدن، ولكن مثلما يوضح أستاذ الاقتصاد جاسون فيرمان: «في الفترة من 2019 إلى 2023 انخفض دخل الأسرة المعدل حسب التضخم، وارتفع معدل الفقر». فلم يعد هناك رابط بين إجمالي الناتج الوطني والتحسن الاجتماعي.

كل هذه أمور طيبة؟ معذرة، لكنها ليست كذلك بالنسبة لك. ولو أنك تشعر بالرغبة في تدميرها جميعا، وإحراق النظام الفاسد والمنافق والإقصائي بأكمله، فترامب هو الشخص المناسب لك.

أو ذلك ما يزعمه. فالواقع أن أداءه بأكمله ليس إلا تشتيتًا للانتباه عن تفاقم التفاوت وتسريعه في الوقت نفسه. ولا يكاد يبدو أنه يمكن أن يخسر: فكلما فاقم التفاوت، زاد من شعور الانتقام من كباش الفداء: أي المهاجرين، والمتحولين جنسيًا، والعلماء، والمعلمين، والصين.

ولكن هؤلاء المهرجين القتلة لا يستطيعون تحقيق ذلك بمفردهم. وجنودهم الأكثر فعالية في ذلك يتمثلون في أحزاب الوسط المشلولة في مواجهة القوة الاقتصادية. فبسبب الخضوع للممولين الأثرياء، والرعب من وسائل الإعلام فاحشة الثراء، عجزت هذه الأحزاب على مدار عقود عن تحديد المشكلة، ناهيكم بمعالجتها. ومن هنا تأتي العبثية الصارخة في رد فعل الديمقراطيين على ترامب، فكما يلاحظ الصحفي الأمريكي هاملتون نولان فإن «أحد الحزبين خرج للقتل، وبقي الحزب الآخر ينتظر موت زعمائه».

وحزب العمال في المملكة المتحدة، شأن الحزب الديمقراطي في الولايات المتحدة، طالما أكد أن مدى اتساع الفوارق الاقتصادية لا يهم، ما دام مستوى الفقراء يرتفع.

ثم إنه الآن تخلى حتى عن هذا التحذير، فبات بوسعنا تخفيض الإعانات، ما دام إجمالي الناتج الوطني ينمو. لكن الأمر مهم. ومهم للغاية. ويتبين من طائفة واسعة من الأدلة المجموعة في عام 2009 والمحدَّثة في عام 2024 في كتاب «المستوى الروحي» لريتشارد ويلكنسون وكيت بيكيت، أن للتفاوت تأثيرًا هائلًا على النتاجات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية والسياسية، بغض النظر عن مواقف الأفراد المطلقة.

ولو أن هناك ما يسمى بالـ(ستارمرية)، فإنها تنهار أمام ورقة بحثية نشرها أستاذا العلوم السياسية ليوناردو باتشيني وتوماس ساتلر العام الماضي، وخلصت إلى أن التقشف يزيد من دعم اليمين المتطرف في المناطق المعرضة اقتصاديا للخطر.

كما خلصت الورقة إلى أن التقشف هو العامل الرئيسي، وبدونه، لا يرجّح أن يصوِّت الأقل تعليمًا للديماجوجيين اليمينيين أكثر مما يصوّت لهم ذوو التعليم العالي. بعبارة أخرى، يسلِّم كير ستارمر وراشيل ريفز دوائرهما الانتخابية الأساسية لنايجل فاراج.

وهم بالطبع ينكرون فرضهم التقشف، مستخدمين تعريفا تقنيا للتقشف لا يعني شيئًا لذوي الموقف الحرج.

فالتقشف هو ما يعانيه الفقراء، بينما يضطرون لمشاهدة الأغنياء والطبقة المتوسطة العليا، في ظل حكومة حزب العمال، وهم ينعمون بوفرة متزايدة.

يرى ستارمر وأتباعه أنه لا يمكنهم فعل شيء: فالضرائب المفروضة على الأثرياء بلغت أقصاها بالفعل. ولكن بينما تحلّق الطائرات الخاصة والمروحيات في السماء، يمكن لأي شخص أن يرى أن هذا هراء. ومن بين كل ما لفت نظري وأنا أبحث من أجل كتابة هذه المقالة، ربما يكون ما يلي هو الأكثر إدهاشًا. بناء على أحدث الأرقام (من عام 2022)، بمجرد دفع الإعانات، لا يختلف معامل جيني للدخل الإجمالي في المملكة المتحدة تقريبًا عن معامل جيني للدخل بعد الضريبة. أي أن الفجوة بين الأغنياء والفقراء متساوية تقريبا بعد فرض الضرائب، بما يشير إلى أن الضرائب ليس لها تأثير كبير على توزيع الدخل.

فكيف يمكن أن يكون هذا صحيحًا، والأغنياء يدفعون معدلات أعلى من ضريبة الدخل؟ ذلك لأن الفقراء يقدمون نسبة أعلى بكثير من دخلهم في ضرائب المبيعات، مثل ضريبة القيمة المضافة. وهذا كل ما في الأمر، وما من خيارات أخرى. وهذا غاية واقعية حزب العمال.

وهكذا، فإن الشيء الوحيد الذي يمكن أن يوقف صعود اليمين المتطرف هو الشيء الوحيد الذي ليست الأحزاب السائدة حاليا مستعدة لتحقيقه: أي تحقيق مزيد من المساواة. يجب فرض ضرائب أكبر على الأغنياء، ويجب أن يستعمل هذا العائد الضريبي في تحسين حياة الفقراء. ومهما حاولت الأحزاب الوسطية تجنُّب هذه القضية، فما من سبيل آخر.

مقالات مشابهة

  • مرور عامان: تقرير خاص عن الحرب السودانية وتداعياتها الإنسانية
  • “حقوق الإنسان” بالأمم المتحدة: مقتل 71 مدنيًا في اعتداءات الاحتلال الإسرائيلي على لبنان منذ وقف إطلاق النار نوفمبر 2024
  • عامان من الحرب في السودان... تقلبات كثيرة والثابت الوحيد هو تصاعد الأزمة الإنسانية
  • سيظل الشعبويون ينتصرون حتى ندرك هذه الحقيقة الإنسانية
  • بعد عامين على الحرب.. من يتحمل فاتورة إعادة إعمار السودان؟
  • الخارجية الفلسطينية: نطالب المجتمع الدولي بالاهتمام بالتقارير حول الكارثة الإنسانية في غزة
  • يونيسف: 15 مليون طفل يحتاجون إلى المساعدات الإنسانية في السودان
  • مؤتمر دولي في لندن لمناقشة الأزمة الإنسانية في السودان ولا دعوة لممثلين عن البرهان وحمديتي
  • البيان المشترك لمنتدى الاعلام السوداني بمناسبة الذكرى السنوية الثانية لاندلاع الحرب في السودان
  • باجعالة: حريصون على تمكين المكاتب الميدانية وتسهيل عمل المنظمات الإنسانية