تسلق الجبل الثاني.. رحلة نحو حياة ذات هدف
تاريخ النشر: 11th, November 2024 GMT
لقد وجدت في كتاب ديفيد بروكس”الجبل الثاني”، رسالة عميقة مفادها، (أنت مُحاط بالإنجازات، ولكن في الداخل، هناك فراغ !).
ففي كثير من الأحيان، بعد الوصول إلى القمة، يشعر الكثيرون، وكأن شيئًا ما مفقود! وهنا تبدأ الرحلة نحو الجبل الثاني، وهي رحلة لا تتعلق بالنجاح الفردي، بل تتعلق بالهدف، والخدمة، والالتزام بشيء أعظم من الذات.
يصف بروكس الجبل الأول، بأنه السعي وراء النجاح الفردي، حيث يستثمر معظمنا طاقته. إنه الصعود إلى قمة الإنجازات الشخصية، والسعي من الرضا عن الوصول، إلى المعالم التي يخبرنا المجتمع أنها مهمة كالنجاح المهني، والاستقرار المالي، والمكانة الإجتماعية.
قبل سنتين تقريباً، حقّقت هدفي المتمثل في تسلُّق جميع القمم السبع، الأعلى في العالم. كان انتصارًا بلا شك، ولكن مع تلاشي الاحتفالات، نشأ شعور غريب بالفراغ. لقد وصلت إلى قمة أحد أكبر طموحات حياتي، لكن ذلك الانتصار الداخلي الذي اعتقدت أنه سيأتي بعد ذلك، لم يصل أبدًا. نعم حققت الاستقلال المالي والاستقرار الأسري، لكن هذا الشعور بالفراغ استمر. لقد نجحت رؤية بروكس للجبلين “الأول” و”الثاني” في التقاط تجربتي تمامًا ، كنت أركِّز على التسلُّق لدرجة أنني لم أدرك أن هناك جبلًا آخر ينتظر اكتشافه.
يصف بروكس “الجبل الثاني”، بأنه حياة راسخة في التزامات عميقة تجاه مهنة، وعائلة، وفلسفة، أو عقيدة، ومجتمع. هذه الالتزامات تخرجنا من أنفسنا، وتقيِّدنا بشيء أعظم. لا يتعلق الجبل الثاني بالتخلّي عن الطموح، أو الإنجازات، بل بإعادة تعريف النجاح، من حيث الخدمة المجتمعية، وثقافة العطاء. هنا نجد الهدف الحقيقي، والذي ليس في الإشادات التي نجمعها، بل في المساهمات التي نقدمها للعالم من حولنا.
لأي شخص يشعر بالإرهاق، أو الإحباط، على الرغم من تحقيق النجاح التقليدي، يقدم لنا كتاب “الجبل الثاني” خريطة طريق لاستعادة المعنى. فهو يتحدَّانا لتحويل تركيزنا من “ماذا يمكنني أن أحصل؟”، إلى “ماذا يمكنني أن أعطي؟”، وهو سؤال، على الرغم من بساطته، يغيِّر كل شيء. يقترح بروكس أن السعادة لا تأتي من النجاح المادي، أو الملذات العابرة، بل من التزاماتنا العميقة تجاه الناس وقضاياهم.
وعلى الصعيد المهني، هذه الرسالة قوية بنفس القدر. ففي عالم يمجِّد الإنجازات الفردية والتنافسية، يحثّ بروكس القادة، على إعادة تعريف القيادة، باعتبارها خدمة. ويزعم أن القيادة الحقيقية، لا تتعلق بتجميع القوة، بل بتمّكين الآخرين، وتعّزيز النمو، وبناء مجتمع داعم. ومن خلال تبنّي هذه العقلية، يُمكن للقادة، خلق أماكن عمل متجذِّرة في التعاطف، والتعاون، والغرض المشترك. ولا يعمل هذا التحوُّل على تحسين الروح المعنوية في مكان العمل فحسب، بل يخلق بيئات، حيث يزدهر الجميع.
سواء كنت تعمل في مجال الرعاية الصحية، أو التدريس، أو الأعمال التجارية، فإن كتاب “الجبل الثاني” يؤكد بأن أعمق المكافآت في الحياة، لا تأتي من تسلُّق أعلى قمم النجاح الشخصي، بل من المساهمة في الرفاهية المجتمعية للآخرين. هذا المنظور هو عامل تغيير لقواعد اللعبة بالنسبة للمهنيين، الذين يكافحون لإيجاد معنى لعملهم. إنه دعوة لبناء مهن ليست ناجحة فحسب، بل وذات مغزى أيضًا.
إن المنظر من الجبل الثاني أكثر مكافأة، ليس بسبب الإنجازات التي يمكننا الإشارة إليها، ولكن بسبب الحياة الغنية، ذات المعنى التي نعيشها في خدمة الآخرين.
ولا ننسى أن ديننا الحنيف، يحثّ على ذلك، وفي الحديث: أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله” أيّ الناس أحب إليك ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله، سرور تدخله على مسلم، أو تكشف عنه كُربة، أو تقضي عنه، أو تطرد عنه جوعاً، ولأن أمشي مع أخ لي في حاجة، أحبّ إليّ من أن اعتكف في هذا المسجد ( مسجد المدينة) شهراً ، ومن كفّ غضبه، ستر الله عورته، ومن كظم غيظه، ولو شاء أن يمضيه، أمضاه، ملأ الله قلبه، رجاء يوم القيامة، ومن مشى مع أخيه في حاجة حتّى يثبتها، ثبَّت الله قدميه يوم تزل الأقدام”.
jebadr@
المصدر: صحيفة البلاد
كلمات دلالية: الجبل الثانی
إقرأ أيضاً:
بهدف حماية المدنيين.. إتلاف الأطنان من مخلفات الحرب بـ«الجبل الغربي»
في إطار جهوده المتواصلة لحماية الأرواح والممتلكات، قام قسم التفتيش الأمني وتفكيك المتفجرات بفرع الجبل الغربي، بالتعاون مع إدارة الشؤون الفنية بجهاز المباحث الجنائية في وزارة الداخلية بحكومة الوحدة الوطنية، بإعدام وإتلاف كمية من مخلفات الحرب تُقدّر بـ 2 طن.
ووفق بيان الوزارة، “نُفذت العملية بنجاح في منطقة الهيرة، بعد التأكد من استيفاء كافة شروط ومعايير السلامة وتأتي هذه الخطوة عقب انتشال الكمية من عدة مواقع بمناطق الجبل الغربي خلال الأشهر الماضية، ضمن جهود الجهاز المتواصلة لتأمين المناطق ورفع المخلفات الحربية”.
هذا “وتُعد مخلفات الحرب في ليبيا مشكلة كبيرة تُؤثر على المجتمعات المحلية والبيئة بشكل عام، وبعد سنوات من الصراع الداخلي والاضطرابات، انتشرت في مختلف أنحاء البلاد المواد المتفجرة ومخلفات الحرب غير المنفجرة، مما يُشكل تهديدًا مباشرًا على حياة المدنيين ويُعيق جهود إعادة الإعمار والتنمية”.
وتتضمن هذه المخلفات “الألغام الأرضية والقذائف غير المنفجرة والذخائر المُهملة، والتي تُعيق حركة الناس وتُحد من إمكانية الوصول إلى الأراضي الزراعية والمناطق السكانية بأمان، بالإضافة إلى الخطر الجسدي المباشر، وتؤثر هذه المخلفات على الجانب الاجتماعي والاقتصادي، حيث تُعرقل الأنشطة التجارية والزراعية وتؤدي إلى خسائر اقتصادية معتبرة”.
وتسعى العديد من المنظمات الدولية والمحلية إلى “معالجة هذه التحديات من خلال برامج إزالة الألغام والتوعية بمخاطر المخلفات الحربية، وتهدف هذه الجهود إلى تعزيز السلامة العامة ودعم عملية إعادة البناء والتنمية في ليبيا، مما يُساعد في تكوين بيئة أكثر أمانًا واستدامة للسكان المحليين”.