مناطق آمنة بلا سلاح للمدنيين بالسودان: هل تجد سبيلها للتنفيذ؟
تاريخ النشر: 11th, November 2024 GMT
دعت تنسيقية “تقدم” إلى إنشاء مناطق آمنة منزوعة السلاح لحماية المدنيين بالسودان ووقف العدائيات، لكن المقترح يواجه معارضة داخلية وتحذيرات من مخاطر تدويل النزاع..
تقرير: التغيير
في ظل استمرار الحرب والانتهاكات المستمرة في السودان، بات الحديث عن إنشاء مناطق آمنة للمدنيين أمرًا حيويًا لا مفر منه. هذا الاقتراح، الذي تقدمت به تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية «تقدم»، يلقى دعمًا من بعض الأطراف، لكنه يواجه في المقابل رفضًا شديدًا من آخرين، يستدلون بتجارب سابقة فشلت في تحقيق الأمان، مثلما قالت ريان رامري، المتحدثة السابقة باسم مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين “لقد علمنا التاريخ أن المناطق الآمنة نادرًا ما تكون آمنة”.
في الفترة الأخيرة، أطلقت تنسيقية «تقدم» اقتراحًا لإنشاء مناطق آمنة لحماية المدنيين في السودان، بالإضافة إلى وقف العدائيات ووقف الطيران بشكل فوري.
جاء هذا التصريح على لسان رئيس الهيئة القيادية لتنسيقية «تقدم»، عبد الله حمدوك، خلال حديثه في معهد شاتام هاوس بالعاصمة البريطانية لندن.
وقال حمدوك إن فرض حظر طيران وإنشاء مناطق آمنة مع نشر قوات لحماية المدنيين في السودان أمر مهم للغاية في هذا التوقيت.
تنسيقية «تقدم» اقترحت إنشاء مناطق آمنة لحماية المدنيين في السودان
وأضاف حمدوك أن الصراع في السودان يجب أن يُحل عبر عملية سلام موحدة، تشمل مسارات متعددة ومتزامنة، تشمل المفاوضات لوقف إطلاق النار، بالإضافة إلى إطلاق عملية سياسية تركز على مستقبل الحكم وانتقال السلطة إلى المدنيين.
من جانبه، قال الأمين العام لتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية «تقدم»، الصديق الصادق المهدي، إن النزاع الدائر في السودان قد تحول إلى حرب أهلية شاملة، داعيًا إلى إنشاء مناطق آمنة لحماية المدنيين الذين يتعرضون لانتهاكات خطيرة. المهدي شدد على ضرورة ضمان حماية المدنيين عبر مناطق آمنة في ظل توقف العدائيات واستخدام الطيران.
في السياق نفسه، أشار نائب رئيس حزب المؤتمر السوداني وعضو الأمانة العامة لتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية، إلى أن الحديث عن انتهاء الحرب بسرعة هو مجافٍ للواقع.
خالد عمر يوسفوقال يوسف “نحن لا نروج للأوهام، ولا توجد مؤشرات على أن حرب 15 أبريل ستنتهي قريبًا. من يقولون إن الحرب ستنتهي بحسم عسكري قريب يغالطون التاريخ السوداني في التعامل مع الحروب.”
الآليات الدوليةفي حين أشار تقرير صحفي إلى أن بريطانيا تعتزم طرح مشروع قرار في مجلس الأمن الدولي حول السودان، يستجيب لتوصيات الأمين العام للأمم المتحدة. وينص المشروع على آليات لضمان التزام الأطراف المتحاربة بتعهداتها لحماية المدنيين بموجب اتفاق جدة. كما ناقشت لجنة العلاقات الخارجية بمجلس العموم البريطاني الخطوات التي يجب أن تتخذها بريطانيا، التي ستتولى رئاسة مجلس الأمن في نوفمبر، فيما يتعلق بحماية المدنيين وتحديد مناطق آمنة في السودان.
الرفض الرسميفي المقابل، كان لعضو مجلس السيادة السوداني، إبراهيم جابر، رأي مغاير، حيث أعلن رفض الحكومة نشر قوات دولية لحماية المدنيين.
الفريق أول إبراهيم جابرجابر أكد أن المدنيين في مناطق سيطرة مليشيا الدعم السريع لا يحتاجون إلى حماية من الجيش السوداني، بل إنهم يلجؤون إلى القوات المسلحة للنجاة من الاعتداءات. وأوضح أن نشر قوات أممية في ظل تواجد مليشيا الدعم السريع سيؤدي إلى شرعنة وجودها، بدلاً من حماية المدنيين.
من الناحية القانونية، أي قرار يصدر من مجلس الأمن بشأن المناطق الآمنة للمدنيين في السودان سيعتمد على قرار مجلس الأمن رقم “2417”، الذي صدر في 2018، وينص على منع تجويع المدنيين كأسلوب من أساليب الحرب. كما يحظر المنع غير القانوني من إيصال المساعدات الإنسانية وحرمان المدنيين من المواد التي لا غنى عنها لبقائهم على قيد الحياة.
حماية المدنيينمن جانبه، قال الناطق الرسمي لحزب المؤتمر السوداني، نور الدين بابكر، في تصريح لـ«التغيير»، إن قضية حماية المدنيين أصبحت أولوية منذ بداية الحرب قبل عام ونصف، حيث شهدت الحرب تمددًا إلى وسط السودان، ما أدى إلى نزوح مستمر للمدنيين.
وأضاف بابكر أن وجود مناطق آمنة منزوعة السلاح سيكون أمرًا ضروريًا خاصة في ظل احتمالية استمرار الحرب لفترة طويلة.
وأشار إلى أن الأمم المتحدة قد تبدأ في وضع مناطق آمنة منزوعة السلاح لا تخضع لسيطرة أي من الأطراف المتحاربة.
فيما أشار بابكر إلى أن تجارب الأمم المتحدة في مناطق آمنة في دول مثل رواندا وسيراليون وجنوب السودان قد أسهمت بشكل كبير في تقليل الانتهاكات وحماية المدنيين، حيث كانت تحت إشراف قوات أممية، ما سمح بإيصال المساعدات الإنسانية بشكل فعال.
الانتقادات السياسيةمن جهته وصف الكاتب والباحث إبراهيم فتح الله في حديثة “للتغيير” الذين ينتقدون الفكرة بأنهم ينطلقون من مواقف سياسية كيزانية.
ولفت فتح الله إلى أن المقترح جاء بسبب تعنت الطرفين المتحاربين في وقف الحرب، مشيرًا إلى أن البعض يروج لفكرة استمرار الحرب كـ “خيار واقعي”. وتساءل عن جدوى هذه الفكرة، معتبرًا أنها تصب في مصلحة استمرار الحرب التي يتعرض خلالها المدنيون للقتل والتشريد.
وفي سياق متصل، قال الأكاديمي وأستاذ فض النزاعات في الجامعات السودانية، راشد عثمان، إن فرض مناطق آمنة في السودان قد يكون له نتائج كارثية. على السودان بتدويل القضية وفتح الفضاء السوداني للتدخلات الخارجية كما حدث في ليبيا عندما تدخلت القوى الدولية في المنطقة.
وأضاف: كما أن ذات المقترح تسبب في أكبر كارثة في أوروبا في التسعينيات في البوسنة والهرسك التي شهدت مجزرة كبرى للمواطنين المسلمين وأيضا هل نجحت الفكرة في أبيي؟
مناطق آمنةيقول راشد بحسب مقترح “تنسيقية تقدم” كانت هنالك مناطق آمنة في السودان ليس فيها سلاح ولا جيوش في الجزيرة وسنجة والنيل الأبيض.
ويتساءل: هل نجت من بطش قوات الدعم السريع؟ وقول: الإجابة هي لا، لقد تم اجتياحها بسبب أن هذه القوات همجية وأسلوبها يقوم علي النهب والسلب.
ويشير متحدثا عن قوات الدعم السريع بقوله: هم لا يلتزمون بالأعراف والتقاليد والأخلاق السودانية ناهيك عن القانون الدولي.
ورأى أن فرض مناطق لحماية المدنيين تعتبر فكرة بائسة، ولا تخدم المواطن.
وأشار إلى أن الذين يجرمون عن طيران الجيش، متسائلا: هل ضرب الطيران المناطق التي لا توجد فيها قوات الدعم السريع.
وأكد راشد احترامه لرأي “تقدم” فيما يتعلق بسعيهم لإيقاف الحرب وقال: ليس هنالك عاقل يريد استمرار الحرب ولكن إيقافها ليس بهذه الطريقة عليهم أن يضغطوا أكثر “خارجيا” لتنفيذ مخرجات اتفاق جدة.
واختتم راشد حديثة بالاستدلال بمقولة المتحدثة السابقة باسم مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين “لقد علمنا التاريخ أن المناطق الآمنة نادرًا ما تكون آمنة”.
الوسومالجرائم والانتهاكات حرب الجيش والدعم السريع حماية المدنيينالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: الجرائم والانتهاكات حرب الجيش والدعم السريع حماية المدنيين إنشاء مناطق آمنة لحمایة المدنیین حمایة المدنیین الأمم المتحدة استمرار الحرب مناطق آمنة فی الدعم السریع المدنیین فی فی السودان مجلس الأمن إلى أن
إقرأ أيضاً:
رويترز: واشنطن فرضت عقوبات على أحد قادة قوات الدعم السريع بالسودان
ذكرت وكالة "رويترز" بأن واشنطن فرضت عقوبات على عبد الرحمن جمعة بارك الله، أحد قادة قوات الدعم السريع، متهمة إياه بالضلوع في انتهاكات لحقوق الإنسان بولاية غرب دارفور السودانية.
السودان يطرح أوراقًا نقدية من فئتي الـ500 والـ1000 جنيه السودان يتهم المنظمات الأممية بتوزيع المساعدات في دارفور للدعم السريع
ونقلت الوكالة عن القائم بأعمال وكيل وزارة الخزانة الأمريكية لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية برادلي سميث قوله: "إن بارك الله قاد حملة قوات الدعم السريع في غرب دارفور، اتسمت بادعاءات يعتد بها عن انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان تشمل استهداف المدنيين والعنف الجنسي المرتبط بالصراع والعنف بدوافع عرقية".
وأضاف سميث للوكالة: "إجراء اليوم يؤكد التزامنا بمحاسبة الساعين إلى تسهيل أعمال العنف المروعة هذه بحق السكان المدنيين الضعفاء في السودان".
يأتي هذا الإجراء فيما تزيد واشنطن الضغوط بسبب الحرب الدائرة هناك، وبعد العقوبات، التي فرضتها لجنة من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة على بارك الله الأسبوع الماضي.
ويعتبر هذا التحرك الأحدث من الولايات المتحدة بعد الحرب التي اندلعت في السودان في أبريل 2023، حيث يخوض الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو المعروف بحميدتي، قتالا خلف نحو 20 ألف قتيل وأكثر من 11 مليون نازح ولاجئ، وفقا للأمم المتحدة.