رحاب القحم
لم تسقط الراية كما راهن العدوّ، ولم تكتمل حفلةُ النصر المؤقَّتة، وقد اشترك فيها الصهاينة مع المتربصين الأعراب، حتى عادت المقاومةُ بالعزم والثبات، ورعب المسيّرات، ونصرُ الله يلازمها في كُـلّ ميادين الجهاد، وقد تحولت الدماءُ الزكية إلى وقودٍ لشحذ الهمم وشد العزائم، وتحويل التهديد إلى فرصة، وقلب الصورة على العدوّ من مشهد الانتصار المطلق إلى الهزيمة المطلقة، وقد فعلها حزبُ الله، والعدوّ -العاجز عن المواجهة المباشرة، المفلس في الأهداف العسكرية- يلجأ كعادته إلى استهداف المناطق المدنية ومصالح السكان، لكنه يدفع الثمن بتصاعد هروب المستوطنين من الشمال، ودخول الملايين منهم إلى الملاجئ، وسقوط مئات الصواريخ والمسيرات على قواعده العسكرية ومصالحه الحيوية.
في أربعينيةِ شهيدِ المسلمين والإنسانية، ارتفع الخطاب من لبنان، لا مكانَ آمنًا في الكيان، والميدانُ وحدَه من سيُوقف العدوان، وحتى ذلك الوقت، على الجبهة الصهيونية أن تَتحضر لمزيد من الصواريخ والمسيّرات، وقد اختبروا نجاحَها وتأثيرها، وهي جزءٌ من مخزون استراتيجي من المفاجآت، تم إعدادُه لحرب طويلة ومعقدة، ستفرض حتمًا على العدوّ أن يصرخ أولا، وعليه أن يبادر للنزول عن الشجرة قبل أن تسقطه المقاومة، وهي عازمة على ذلك بعون الله، ولا مجال لتعويض الهزائم بالجرائم، ولا أفق لاختراق جبهة السياسة.
كما هو حال نتنياهو وقد بدت عليه النشوةُ عقب إعلان فوز ترامب، وسرعان ما تزول النشوة، وتعود الحسرة، فأمريكا عجزت بقوتها لا برئيسها فحسب، وخيار التصعيد ليس إلا مقامرة خارج حسابات الواقع، أما محور الجهادِ والمقاومة، فالجهاد واجب وضرورة، وطريقُه وإن كان محفوفًا بالتضحيات، سيكتب غلبة المجاهدين وسقوط العدوّ والمنافقين، تمهيدًا لزوال المحتوم بوعد الله.
لا ينفك القائد عن شحذ الهمم ورفع مستوى الوعي والإحساس بالمسؤولية تجاه حتمية الصراع مع العدوّ الإسرائيلي، يعمل على تجييش العرب في أقطارهم كافة لخوض معركة تعنيهم جميعًا، في حاضرهم ومستقبلهم، ويحذرهم نتائج السياسات الهشة ويقدم وعد بالفور نموذجًا شاهدًا على ارتدادات التملق العربي الرسمي لأعداء الأُمَّــة، وبتجارب اليمن السابقة وبمواقفه الآتية يحصن السيد القائد مناعة وعي شعوب أمتنا من استلاب الأنظمة المرتعشة أمام عودة المجرم ترامب، وحدهم المنافقون الهاربون من فلسطين إلى الحضن اليهودي يخشون نتائج انتخابات الرئاسة الأمريكية.
في الجبهة الداخلية للعدو يزدهر التفكك والانقسام والخلاف وما يسمى بالكنيست تحت الذعر والهلع يطارد أهالي منفذي العمليات الفدائية البطولية بقانون ترحيل عن الأراضي المحتلّة وهذه عربدة لن تطول وإن مدتها الإدارة الأمريكية الديمقراطية بمقاتلات جديدة.
في اليمن شعبنا الثائر العظيم يتحضر بحشود مليونية مشرفة تؤكّـد استعدادًا على كُـلّ المستويات لمواجهة الآتي في جميع المسارات، وجهوزية للسير في طريق ذات الشوكة، ونحن هم منذ فجر التاريخ، يا قائد ثورتنا إلى الانتصار وسيد ثباتنا في الطوفان، يوم من أَيَّـام الله على الفراعنة وَزمن من سنن الله على الصهاينة، يريك الله فيه بالأنصار ما تقر به عينك وما يثبت به فؤادك وما يثلج به صدرك من نفير في سبيل الله إلى كُـلّ ساحة وميدان، بصدق أَوْسي عهدته فينا وبصبر خزرجي
المصدر: يمانيون
إقرأ أيضاً:
أمريكا تقرع طبول الحرب في اليمن ..
والمسألة لم تعد متعلقة باستعادة النفوذ المفقود في بلد تخلص من الوصاية الأجنبية، سواء للسعودية أو الولايات المتحدة وحسب، بل لاستعادة الردع في البحر الأحمر وخليج عدن، وحفظ هيبة القوات الأمريكية ومكانتها التي تزعزعت وتأثرت على الصعيد الدولي بفعل الضربات اليمنية ضد السفن المشمولة بقرار حظر الوصول إلى موانئ فلسطين المحتلة ، وذلك دعمًا وإسنادًا لغزة ولبنان.
العدوان على اليمن أمريكيًا بقفازات خليجية
في الموقف الرسمي والشعبي المعلن فالعدوان على اليمن المعلن من واشنطن بتاريخ السادس والعشرين من شهر مارس 2015 م هو عدوان أمريكي بامتياز لكن بقفازات خليجية، حظيت بكل وسائل الدعم من البيت الأبيض وشركائه الغربيين، وسخرت لأجله المنابر الدولية والهيئات الأممية لتمويه الحقيقة وإظهار ما يحدث على أنه حرب أهلية بين الأفرقاء اليمنيين، ونتيجة للفشل في ابتلاع اليمن والسيطرة عليه مع تصاعد الضربات المؤثرة على المنشآت النفطية السعودية، وما أحدثته من اضطرابات في أسواق الطاقة العالمية، لجأت الولايات المتحدة إلى التهدئة والتركيز على سلاح الاقتصاد، وحرب التجويع، وفشلت أيضًا في إخضاع الشعب اليمني وتطويعه للإملاءات الأجنبية.
عملية طوفان الأقصى، تنبئ عن قوة إقليمية صاعدة
مع انطلاق عملية طوفان الأقصى التاريخية قبل أكثر من عام، وكنتيجة لانتهاج العدو الإسرائيلي سياسة الأرض المحروقة، وارتكابه لجرائم حرب الإبادة والتهجير في القطاع المحاصر، وفي ظل التخاذل العربي والإسلامي بل والتآمر من الأنظمة المطبعة، ما كان من اليمن إلا أن يؤخر استحقاقاته الإنسانية وأولوية كسر الحصار وإنهاء العدوان عليه ليرمي بكثل ثقله في مساندة غزة، ضمن “معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس” معلنًا ولادة قوة صاعدة فاعلة ومؤثرة في فرض التوازنات والمعادلات الإقليمية، وبفضل من الله وتأييده نجحت القوات المسلحة اليمنية في فرض حصار مطبق على موانئ فلسطين المحتلة مع تصاعد زخم الضربات الصاروخية والطيران المسير إلى العمق الفلسطيني المحتل بأسلحة وقدرات جديدة عمقت من أزمة الكيان وزادت من الخيبات الأمريكية والغربية.
أمريكا تبحث عن أوراق ضغط بعد فشلها في حماية أمن الكيان
ومع الفشل الأمريكي المعلن في تقويض القدرات اليمنية وحماية سلاسل إمدادات العدو الإسرائيلي التجارية، دفعت الولايات المتحدة أدواتها الخليجية لإشهار سلاح الاقتصاد، وحاولت من خلالهم تعطيل الرحلات الجوية في مطار صنعاء، وتشديد الخناق على ميناء الحديدة، قبل أن تزيد من منسوب التحريض والتلويح باستئناف الحرب بالتحديد في الساحل الغربي، وهو مؤشر أول على رغبة أمريكية في إشغال اليمن بمعارك بينية.
ثاني المؤشرات على الرغبة الأمريكية في تحريك الأدوات المحلية دعمًا للعدو الصهيوني بصورة غير مباشرة، نشط السفير الأميركي ستفين فاجن في المدن الجنوبية المحتلة مجددًا؛ ليعلن عن إطلاق ما أسماه “التكتل الوطني للأحزاب والمكونات اليمنية” لدعم حكومة الرياض في الخامس من الشهر الجاري، واعتبر ذلك لحظة محورية في التاريخ السياسي لليمن، والمسألة ليست بغريبة ولا جديدة، فكم من التحالفات والتكتلات التي تم الإعلان عنها خلال حرب السنوات العشر الماضية في سياق محاولات تجميع شتات المرتزقة، وتحشيدهم لجولة جديدة من الصراع ضد السلطة في صنعاء، ومع ذلك لم يحظ التكتل بإجماع كل الأطراف المنضوية تحت عباءة السعودية والإمارات، رغم محاولات تصوير البعض أن التكتل هدفه التلاحم والاصطفاف واستعادة ما يسمونه الانقلاب، وهو ما اعتبره بعض المراقبين ولادة ميتة لتكتل لا يملك من أمره شيئًا.
وتلا الخطوة لقاءات للسفير فاجن بقيادات المرتزقة، تمحورت حول سبل الدعم الأمريكي لمواجهة ما أسموه التحديات الاقتصادية، وانهيار العملة في المحافظات الجنوبية والشرقية المحتلة، وهي الذريعة التي لطالما استغلتها واشنطن لتحريك المرتزقة في حروبها الإجرامية في اليمن منذ عقد من الزمن عن طريق افتعال الأزمات ودعم أوجه الفساد، وبالتالي ممارسة الضغط لتنفيذ الأجندة الأجنبية عبر وعود الإصلاحات الاقتصادية الفارغة.
اليمن يؤكد ثباته على الموقف واستعداده لأي مواجهة
لا يبدو أن السلطة في صنعاء غير مدركة بما يحَضِّره العدو ويعد له في الساحل وفي غير محور؛ من أجل فصل اليمن عن غزة وجبهات محور الجهاد والمقاومة، ولتأكيد ألوية المساندة للشعبين الفلسطيني واللبناني تستمر القوات المسلحة في استهداف السفن المشمولة بقرار الحظر، واستهداف العمق الفلسطيني المحتل بصواريخ باليستية وفرط صوتية وطائرات مسيرة، ومن العمليات النوعية التي أقر بها العدو قصف منطقة “شميش”، وهي عملية استهدفت قاعدة ناحال سوريك، وهي مركز للبحوث النووية في كيان العدو في تطور لافت ومقلق للاعداء.
وبموازاة ذلك تستمر أعمال التعبئة والإعداد والتدريب، إذ أشرفت وزارة الدفاع على مناورات نوعية للقوات المسلحة تحاكي التصدي لأربع موجات هجومية في البر والبحر.
وخلال المناورة في الساحل الغربي تم الكشف عن الغواصة “القارعة” كواحدة من ضمن أسلحة بحرية لم يكشف عنها بعد، ويعد الكشف عنها إنجازًا نوعيًا، يعزز من قدرة اليمن على ردع التهديدات البحرية، وحماية المياه الإقليمية، وتثبيت المعادلة التي أنتجتها العمليات المساندة لغزة في أعقاب عملية طوفان الأقصى.