العمود الفقري للكنيسة الأرثوذكسية.. المجمع المقدس يؤكد همية الالتزام بتعاليمه لضمان وحدة الكنيسة واستقرارها
تاريخ النشر: 10th, November 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
يعتبر المجمع المقدس الهيئة العليا المسئولة عن قيادة الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، والذي تساهم في الحفاظ على تعاليم الكنيسة وضمان وحدتها، إلى جانب أنه الركيزة الأساسية لصنع القرارات الكنسية الكبرى وتحديد السياسات الروحية والإدارية التي تؤثر على جميع أتباع الكنيسة في مصر وخارجها.
يتكون المجمع من مجموعة من الأساقفة والمطارنة العاملين في مختلف الأبرشيات داخل وخارج مصر، بالإضافة إلى رؤساء الأديرة، ويرأسه قداسة البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، ويلعب دورًا محوريًا في الحفاظ على وحدة الكنيسة وتعزيز رسالتها الروحية والاجتماعية.
ويتمثل دوره في العديد من المهام وتشمل إصدار القوانين والتشريعات الكنسية المتعلقة بالأسرار المقدسة، والزواج والطلاق، وتنظيم الاحتفالات والأعياد، كما أنه يلعب دورًا مهمًا في عملية انتخاب البطريرك ويشترك في ترشيحه وسيامته بعد تجليسه، وكذلك تقنين العلاقات مع الطوائف والكنائس الأخرى، حيث يتولى عملية إدارة الانتخابات والإشراف على تنفيذها بما يتوافق مع التقاليد الكنسية المعتمدة، بالإضافة إلى أنه له دور في حسم القضايا العقائدية واتخاذ القرارات الإدارية والمالية التي تخص الكنيسة، بما في ذلك إدارة الممتلكات والأوقاف الكنسية والتأكد من توزيع الموارد بشكل عادل على مختلف الأبرشيات، إلى جانب المساهمة في الأعمال الخيرية والتنمية الاجتماعية.
ويجتمع المجمع في الكاتدرائية المرقسية بالقاهرة، تحت رئاسة البابا تواضروس الثاني؛ لمناقشة الأمور الطارئة واتخاذ القرارات اللازمة، حيث تناقش الاجتماعات عدة موضوعات مثل تعيين أساقفة جدد، مراجعة التقارير من الأبرشيات، ومناقشة التحديات التي تواجه الكنيسة، وتُتخذ القرارات في المجمع بناءً على تصويت الأعضاء، حيث يلتزم الجميع بقرارات الأغلبية.
باباوات الكنيسة القبطية
أكد البابا كيرلس السادس، على الدور المحوري للمجمع المقدس في حياة الكنيسة، موضحًا أن المجمع يعد "حامي الإيمان وعامود الكنيسة"، مشيرًا إلى أهمية الالتزام بتعاليمه لضمان وحدة الكنيسة واستقرارها.
وصف البابا شنودة الثالث، المجمع بأنه "الركيزة الأساسية في صنع القرارات التي تحفظ كيان الكنيسة القبطية"، مؤكدًا أن المجمع لا يمثل فقط جهة إدارية، بل هو الحصن الذي يحمي تعاليم الكنيسة ويدافع عن عقيدتها في وجه التحديات والضغوط.
أكد البابا تواضروس الثاني، على أهمية المجمع المقدس في الحفاظ على وحدة الكنيسة وتطوير رسالتها باعتباره "نبض الكنيسة"، مشيرًا إلى أن دوره يتجاوز اتخاذ القرارات؛ ليشمل تعزيز القيم الروحية والتفاعل مع المتغيرات المجتمعية والسياسية بما يخدم مصلحة الأقباط والكنيسة بشكل عام.
وشهدت فترة البابا كيرلس السادس، عدة قرارات مهمة متعلقة بالعديد من المجالات، مثل الحياة الرهبانية، وإدارة الكنيسة، والمواقف الدينية والاجتماعية، وجاءت أبرز القرارات التي اتخذها المجمع المقدس خلال هذه الفترة على النحو التالي:
إعادة تنشيط العديد من الأديرة المهجورة وتطويرها، مثل دير الأنبا مقار في وادي النطرون، الذي شهد إعادة بناء كبيرة بعد أن كان مهدمًا لفترة طويلة.
إقامة معايير صارمة لدخول الرهبان إلى الحياة الرهبانية، فضلاً عن وضع برامج تعليمية وتدريبية لتحسين الحياة الروحية والنشاط الرهباني.
افتتاح المعاهد اللاهوتية لتنمية الكوادر الكهنوتية والاهتمام بتعليم رجال الدين، حيث تم تزويد الكهنة بالدورات التعليمية في اللاهوت والدراسات المسيحية.
التشجيع على إنشاء مدارس دينية تهتم بتعليم القيم المسيحية.
التوسع في بناء الكنائس وتم إعادة بناء وترميم العديد من الكنائس القديمة التي كانت بحاجة إلى إصلاحات بعد سنوات من الإهمال.
إنشاء أديرة جديدة في مناطق مختلفة، بما في ذلك بناء أديرة في صعيد مصر، وهو ما ساعد على تعزيز الحياة الرهبانية في تلك المناطق.
تحديد عدد من السياسات التي تحافظ على استقلالية الكنيسة بينما تسعى أيضًا إلى التعاون مع الدولة لتحقيق مصالح مشتركة، مثل التعليم والرعاية الاجتماعية.
تشجيع الكنيسة على تنظيم مؤتمرات وندوات روحية على مستوى الكهنة والشعب، مما ساعد في تعزيز التواصل وتعميق الروحانية المسيحية بين الأقباط.
كما اتخذ المجمع عددًا من القرارات في عهد البابا شنودة الثالث، والتي ساهمت بشكل كبير في تطوير الكنيسة وتعزيز مكانتها، حيث جاءت أبرزها كالتالي:
رفض الزواج المدني الذي يُجرى دون إشراف الكنيسة، ولابد أن يتم في إطار الكنيسة وبتدبير رعوي، كما شدد على أن الطلاق لا يتم إلا في حالات معينة مثل الزنا أو ترك أحد الزوجين للإيمان.
تأسيس المجلس الإكليريكي: قام البابا شنودة الثالث بتأسيس "المجلس الإكليريكي" الذي يختص بالفصل في القضايا الكنسية والإدارية المعقدة، وذلك لتنظيم شئون الكنيسة الداخلية.
إطلاق لائحة إدارية لتنظيم الحياة الرهبانية، بحيث تكون هناك معايير واضحة لدخول الرهبان إلى الحياة الرهبانية وأيضًا للأنشطة التوعوية داخل الأديرة.
تأسيس العديد من المدارس الدينية من أجل تعليم الشباب والشابات القيم المسيحية، وكذلك العلوم الدينية.
دعم تعليم اللاهوت داخل الكنيسة من خلال إنشاء معاهد لاهوتية متخصصة ورفع مستوى الكوادر الكهنوتية من خلال برامج تدريبية.
اتخذ موقفًا حذرًا في التعامل مع القضايا السياسية، مع الحفاظ على استقلالية الكنيسة ورفض التدخل في شئون الدولة.
التأكيد على ضرورة وجود قوانين تحفظ حقوق المسيحيين، مثل ما يتعلق بحريتهم في بناء الكنائس أو تعديل قانون الأحوال الشخصية
تطوير العديد من الأديرة والكنائس في مصر، وكان له دور كبير في إعادة بناء الأديرة القديمة وتحديث المباني الكنسية بما يتناسب مع احتياجات العصر.
توحيد تقويم الأعياد في الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بما يتماشى مع التقاليد المحلية وفي نفس الوقت مع احترام التقاليد المسيحية العالمية.
دعم العديد من المشروعات الاجتماعية والصحية والتعليمية، كما اهتم بتوسيع شبكة المستشفيات والمدارس التي تدار تحت إشراف الكنيسة.
وفي عهد البابا تواضروس الثاني، اتخذ المجمع المقدس عددا من القرارات المهمة، والتي ساهمت في مواكبة التحديات المعاصرة التي تواجه الكنيسة، حيث جاءت أبرزها على النحو التالي:
إعادة تنظيم الحياة الرهبانية من خلال وضع ضوابط أكثر صرامة في اختيار الرهبان وإصلاح نظم الحياة الرهبانية، بهدف الحفاظ على طهارة الحياة الروحية.
اتخاذ قرار في عام 2013 بوقف قبول رهبان جدد في بعض الأديرة وإغلاقها مؤقتًا؛ لإعادة تقييم الحياة الرهبانية ورفع معايير الانضمام إليها.
إنشاء معاهد ودورات تدريبية لاهوتية جديدة لتعليم الكهنة والشباب، وذلك لتطوير الكوادر الكنسية بشكل عام.
وضع ضوابط جديدة لاختيار الطلاب وإدخال مناهج لاهوتية متقدمة، بالإضافة إلى تحسين المناهج الدراسية وتطوير أساليب التدريس في المعاهد اللاهوتية التي تخدم الكنيسة.
دعم الأقباط في الخارج من خلال التوسع في عدد الكنائس القبطية في مختلف دول العالم، وإقامة المزيد من الرعايا والمراكز الدينية.
افتتاح العديد من الكنائس في أوروبا وأمريكا وكندا وأستراليا، مما ساعد في تلبية احتياجات الأقباط المغتربين.
الحفاظ على حياد الكنيسة في الأحداث السياسية، وخاصة بعد ثورة 25 يناير 2011، وسعيه للحفاظ على العلاقة الطيبة مع مختلف الأطراف السياسية في مصر.
تعزيز العلاقة مع الكنيسة الكاثوليكية، حيث تم عقد لقاءات متعددة مع البابا فرانسيس بابا الفاتيكان.
إعادة تنظيم العمل الإداري داخل المجمع، من خلال إعادة توزيع الأساقفة في مختلف الأقاليم المصرية لتوزيع المسئوليات بشكل أفضل وتسهيل اتخاذ القرارات.
إعادة توزيع بعض الإيبارشيات وتعيين أساقفة جدد في بعض المناطق لتوسيع نطاق العمل الرعوي والإداري، مما ساعد في تحسين التواصل بين الأساقفة والشعب.
تطوير برامج اجتماعية ودينية موجهة للشباب، منها المخيمات الروحية والندوات التثقيفية. كما قام بتعيين عدد من الأساقفة الموجهين للشباب للمساعدة في تعزيز دورهم في الكنيسة.
إنشاء العديد من القنوات الكنسية على مواقع التواصل الاجتماعي للتفاعل مع الشباب.
file:///C:/Users/USER/Downloads/p.2-2.pdf
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: المجمع المقدس الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بابا الاسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية قداسة البابا تواضروس الثاني البابا كيرلس السادس الحياة الرهبانية البابا تواضروس الثانی الکنیسة القبطیة المجمع المقدس وحدة الکنیسة الحفاظ على العدید من من خلال
إقرأ أيضاً:
كنائس العالم تستعد للاحتفال بمرور 17 قرنا على المجمع المسكوني الأول.. والبابا تواضروس ينشر مقالا تاريخيا حول ملابسات الانعقاد الأول
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
قال قداسة البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، إنه في عام 2025م نحتفل ويحتفل العالم المسيحي كله شرقًا وغربًا بمرور 17 قرنًا من الزمان على انعقاد المجمع المسكوني الأول في مدينة نيقية بآسيا الصغرى عام 325م.
ملابسات انعقاد المجمع المسكوني.. ظهور آريوسوأضاف بابا الإسكندرية ، حسب ما نشرته الصفحة الرسمية للكنيسة منذ قليل ، وهو مقال لقداسته في مجلة الكرازة ، بان التاريخ يحكي لنا عن أن البداية كانت بسبب شخص لا نعلم عنه الكثير يدعى آريوس (256-336م) وهو ليبي المولد والمنشأ، جاء إلى الإسكندرية وتعلم فيها حتى ظهر عالمًا زاهدًا متقشفًا يجيد الوعظ والخطابة والإرشاد، حيث كوَّن شعبيته من الناس ومن بينهم عدد من عذارى الإسكندرية كن سببًا في نشر ما يقوله وما يُعلِّم به في ذلك الزمان.
واشار إلي إحدى سمات شخصية آريوس كانت هي “المراوغة”، حيث شايع في بداياته الأسقف المارق ملاتيوس (أسقف أسيوط) والذي عارض البابا بطرس البطريرك 17 في أمر توبة الجاحدين، وقد قطعه البابا وحرمه، ولكن آريوس تراجع بخبث حتى تمت سيامته شماسًا. ونال البابا بطرس إكليل الشهادة في خريف عام 311م، ثم لجأ آريوس إلى البابا أرشيلاوس البطريرك 18 الذي سامه كاهنًا، ثم وثق فيه البابا ألكسندروس البطريرك 19 فجعله خادم كنيسة بفكالس أي كنيسة الإسكندرية الرئيسية.
السمات المتطرفة والمراوغة لآريوستابع" البابا تواضروس": كان آريوس لسانيًا متطرفًا، جره تطرفه إلى الوقوع في خطأ عقيدي جسيم، واستمر فيه بسبب كبريائه وذاته العالية. كان ينادي بأن الآب وحده يستحق لقب الإله، أما الابن فإنه لم يكن سوى إله ثانوي منخفض في الرتبة والمنزلة مخلوق من العدم بإرادة الآب. كان هذا تعليمًا مخالفًا لما عاشته الكنيسة القرون الثلاثة الأولى من ميلاد السيد المسيح. ورغم اعتراض كثير من المؤمنين على هذا التعليم المخالف ثم اعتراض البابا ألكسندروس عليه أيضًا، والذي أمره أن يعلَّم بما استقر في الكنيسة ومنعه عما كان يعلم به، إلا أن آريوس إعتز بعلمه ورفض أمر سيده رئيس الكنيسة وامتنع عن الطاعة. فكان من البابا السكندري أن جمع مائة من الأساقفة في مـجمع مــحــلي بالإسكندرية وأطلعهم على بدعة آريوس، التي رفضها المائة أسقف ماعدا اثنين امتنعا عن الشجب، فقطع المجمع السكندري آريوس وهذين الأسقفين وعدد عشرة قساوسة وشمامسة الذين انحازوا إلى هذه الهرطقة التي بدأت تهدد سلام الكنيسة.
واستطرد “البابا تواضروس الثاني ” ، لكن آريوس بشخصيته المراوغة لجأ إلى فلسطين وتواصل مع يوسابيوس المؤرخ أسقف قيصرية فلسطين وحاول خداعه وكأنه ظُلم من البابا ألكسندروس، حتى انعقد مجمع محلي للنظر في قضية آريوس، وهذا المجمع المحلي أرسل إلى البابا ألكسندروس طالبًا رفع الحرم والعمل على قبول آريوس وجماعته في الشركة. وكتب آريوس نفسه رسالة منمقة لبقة قال فيها: “إنه لم يعلِّم غير ما علمه ألكسندروس وأنه (آريوس) حرم ما حرمه سيده ورئيسه”.
وتابع البابا تواضروس : لكن هذا التصرف لم ينطلِ على البابا ألكسندروس الذي هب مع أساقفته للدفاع عن الإيمان المستقيم ضد هذه الهرطقة التي بدأت في الانتشار في سنتها الأولى، وامتنع عن رفع الحرم عن آريوس الذي لجأ إلى عدد من أساقفة الشرق في أنطاكية وفلسطين الذين منحوه حق الرجوع إلى ممارسة الأسرار، وبسبب ذلك عاد آريوس متمردًا إلى الإسكندرية ونظم الأغاني والأناشيد حتى يرددها الناس من جميع طبقات الشعب في كل مكان.
سبب الدعوة لعقد المجمع المسكوني الأولوأضاف بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية ، بان هذه الاضطرابات وصلت إلى مسامع الإمبراطور قسطنطين، وقد حاول حل هذا الخلاف العقائدي حبيًا من خلال رسالة يحملها رسول الإمبراطور ولكنها لم تحقق القصد منها. ثم ظهرت فكرة عقد مجمع مسكوني ونادى بها البابا ألكسندروس. والبعض ينسب الفكرة إلى الإمبراطور ذاته الذي جمع الأساقفة من جميع أنحاء الإمبراطورية للتشاور وإبداء الرأي، وحدد مكان الاجتماع في نيقية بسبب مناخها اللطيف. وانعقد المجمع من 20 مايو 325 إلى 19 يونيو 325م، وحضر المجمع عدد 318 أسقفًا، وربما لم يحضر البعض كل الجلسات مما حدا في بعض المراجع أن الحضور كان 270 أسقفًا أو ثلاثمائة تقريبًا. وحرم الآباء المجتمعون آريوس وأتباعه وأيدهم الإمبراطور قسطنطين الذي حكم عليه بالنفي والإبعاد. الذي ظل فيه إلى خريف عام 334م حيث عاد ومثل أمام الإمبراطور وأكد على “أرثوذكسيته”؟!! وحاول إعادته من خلال بعض الأساقفة في القسطنطينية، ولكن أسقف القسطنطينية الشيخ الجليل ألكسندروس رفض تمامًا أمر الإمبراطور. ويقال إن آريوس عندما دخل الكنيسة عنوة اعتزل القوم لقضاء حاجته فاندلقت أحشاؤه ومات وكان ذلك عام 336م. هذه هي نهاية كل مراوغ أو منافق أو هرطوقي ومكتوب: “لاَ تَسْتَكْبِرْ بَلْ خَفْ” (رو 11: 20).
واختتم قداسة البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية ، ما قاله بهذه الكلمات : تجدر إشارة هامة من الناحية التاريخية أنه بعد عام واحد من انعقاد مجمع نيقية المسكوني الأول أي عام 326م، تم اكتشاف خشبة الصليب المقدس على يد الملكة هيلانه والدة الإمبراطور قسطنطين ويقال إنها أخذت مسامير الصليب وأذابتها في معدن خوذة ابنها وأيضًا في لجام حصانه.