بالأرقام.. تعرف على جهود المغرب في التنقيب عن الغاز
تاريخ النشر: 10th, November 2024 GMT
الرباط – يسعى المغرب إلى خفض فاتورة استيراد الطاقة وتعزيز فرص العمل وتطوير بنيته التحتية، من خلال زيادة إنتاج الغاز الطبيعي، فضلا عن تنويع مصادر الطاقة ما بين أحفورية ومتجددة، للتقليل من الاعتماد على الأسواق الخارجية.
ينتج المغرب نحو 110 ملايين متر مكعب سنويا من الغاز الطبيعي، بينما يصل حجم الاستهلاك إلى مليار متر مكعب سنويا، مما يعني أن الإنتاج المحلي لا يلبي سوى 10% من إجمالي الطلب.
وتسعى الحكومة إلى زيادة إنتاج الغاز، عبر دعم الاكتشافات الجديدة، وذلك من أجل خفض فاتورة الطاقة التي كلفت البلاد 122 مليار درهم (12.3 مليار دولار) السنة الماضية.
ويستهدف المغرب رفع إنتاج الغاز الطبيعي إلى 400 مليون متر مكعب سنويا خلال الأعوام القليلة المقبلة، بهدف تلبية 40% من الاستهلاك المحلي.
يستهدف المغرب رفع إنتاج الغاز الطبيعي إلى 400 مليون متر مكعب سنويا خلال الأعوام القليلة المقبلة، بهدف تلبية 40% من الاستهلاك المحلي
2- الشركات العاملةوتنشط حوالي 13 شركة أجنبية في مجال الاستكشاف والبحث واستغلال الهيدروكاربورات على مساحة إجمالية تصل إلى 283 كيلومترا مربعا، من أهمها شركة شاريوت وإس دي إكس إينيرجي وأوروبا أويل وقطر للطاقة، وتم منح 53 رخصة بحث منها 26 رخصة بحرية وفق بيانات 2021.
وتستفيد هذه الشركات من تسهيلات تشمل الإعفاء من الضرائب لمدة 10 أعوام والإعفاء من ضريبة القيمة المضافة والرسوم الجمركية على المعدات المستخدمة في أعمال التنقيب.
3- قيمة الاستثماراتوتم استثمار ما مجموعه 29.4 مليار درهم (2.9 مليار دولار) ما بين سنتي 2000 و2022 في مجال التنقيب عن الهيدروكاربورات (النفط والغاز)، 96% منها ممولة من طرف الشركاء، وفق ما ذكرت وزيرة الانتقال الطاقي ليلى بنعلي في جواب على سؤال كتابي في البرلمان حصلت الجزيرة نت على نسخة منه.
فما آفاق الاستثمار في التنقيب عن الغاز الطبيعي بالمغرب؟ وما أهم الأحواض التي تجري فيها عمليات التنقيب، وما حجم الإنتاج فيها؟
ليلى بنعلي: تم استثمار 2.9 مليار دولار ما بين 2000 و2022 في مجال التنقيب عن النفط والغاز (مواقع التواصل) 4- الاستكشاف والإنتاجيقتصر إنتاج المغرب حاليًا من الغاز الطبيعي على حقلين أساسيين هما مسقالة والغرب بإجمالي سنوي يبلغ 100 مليون متر مكعب، ومن المتوقع أن تعزز مشاريع أخرى مثل تندرارة وأنشوا، وبدرجة أقل موقع لوكوس هذا الإنتاج، وفق التقرير الاقتصادي والاجتماعي الذي أصدرته وزارة الاقتصاد والمالية العام الحالي.
ويتوقع المكتب الوطني للهيدروكاربورات إنتاج 31.5 مليون متر مكعب من الغاز العام المقبل في 3 أحواض هي الصويرة (18 مليون متر مكعب)، وحوض الغرب (مليون متر مكعب) وتندرارة (12.5 مليون متر مكعب)، وفق تقرير للمكتب حول حصيلة إنجازاته خلال 2024.
وأشار تقرير لمنظمة مراقبة الطاقة العالمية غير الحكومية أن احتياطيات الغاز الحالية في المغرب تبلغ حوالي 39 مليار متر مكعب.
5- أحواض الإنتاجوتجري عمليات البحث والاستكشاف والتنقيب في عدد من الأحواض، حيث تتواصل عمليات الاستكشاف في بعضها، فيما بدأ الإنتاج في بعضها الآخر بكميات محدودة يتم استغلالها في مجالات صناعية.
أشار تقرير لمنظمة مراقبة الطاقة العالمية غير الحكومية أن احتياطيات الغاز الحالية في المغرب تبلغ حوالي 39 مليار متر مكعب.
حوض الغربيعد حوض الغرب من أكثر المناطق نشاطًا في المغرب من حيث استغلال وإنتاج الغاز الطبيعي، وخلال عام 2023 تم تزويد مصانع في المنطقة الصناعية بالقنيطرة بالغاز الطبيعي المنتج في هذا الحوض.
وتمتلك شركة (إس دي إكس إينيرجي) 4 تراخيص استكشافية في هذا الحوض، وكانت قد أعلنت عن اكتشاف احتياطات ضخمة من الغاز الطبيعي فيه تقدر بـ47 مليار قدم مكعبة وذلك بعد تحليل البيانات الزلزالية ثلاثية الأبعاد.
ووفق بيانات رسمية، فقد أنتج هذا الحوض في السنوات الخمس الماضية 254 مليون متر مكعب من الغاز.
يسعى المغرب إلى تحقيق مزيج من الطاقة المتجددة وغير المتجددة لتلبية احتياجاته (شترستوك) حوض الصويرةبدأ إنتاج الغاز في هذا الحوض منذ ثمانينيات القرن الماضي، وما زال يواصل الإنتاج برخصة امتياز مسقالة.
ووفق المكتب الوطني للهيدروكاربورات، فإن الغاز المنتج فيه يباع إلى المركز المنجمي للمجمع الشريف للفوسفات، فيما يتم بيع الغاز المكثف إلى المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب.
ووفق المصدر نفسه بلغ حجم إنتاج الغاز الطبيعي في هذا الحوض في السنوات الخمس الأخيرة 132.5 مليون متر مكعب.
حوض العرائشوأظهرت الدراسات الجيولوجية والجيوفيزيائية وجود الغاز في حقل أنشوا في سواحل العرائش، ويقع هذا الحقل ضمن منطقة ترخيص ليكسوس البحرية.
وتتوفر شركة (إنرجيان) على حصة 45% في تراخيص اكتشاف الغاز المغربي بهذه المنطقة، وكانت الشركة أعلنت أن حقل أنشوا أحد أكبر الاكتشافات الغازية غير المطورة، وأنه يحتوي على احتياطيات مهمة تتجاوز 18 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي.
أما شركة شاريوت إنيرجي فأعلنت أن أنشطة الاستكشاف والحفر في حقل أنشوا مكنت من رصد موارد غازية تبلغ 1.4 تريليون قدم مكعبة.
حوض تندرارةوشهدت منطقة تندرارة في الشرق حفر 10 آبار، قبل أن يتبين أن اثنين فقط بهما كمية من الغاز وفق ما صرحت به وزيرة الانتقال الطاقي في البرلمان.
وبناء على هذه النتائج تم منح امتياز استغلال تندرارة في أغسطس/آب 2018 لتطوير مكامن الغاز، بغرض تزويد محطة توليد الكهرباء بعين بني مطهر بالغاز، ثم ربطه بالأنبوب المغاربي الأوروبي.
المغرب يسعى إلى خفض الاعتماد على استيراد مصادر الطاقة من الخارج (شترستوك) 6- مؤشرات واعدةيقول الخبير المغربي في الطاقة عبد الصمد ملاوي إن المغرب بذل جهودا كبيرة في مجال التنقيب عن الغاز الطبيعي، وهي الجهود التي تميزت باستقطاب استثمارات مهمة في عدد من مناطق المملكة وخاصة الغرب وتندرارة وبعض السواحل الأطلسية.
وأوضح ملاوي في حديث مع الجزيرة نت أن مسار التنقيب عن الغاز والنفط يعد جزءا من الإستراتيجية الوطنية التي تهدف إلى تحقيق التوازن بين متطلبات التنمية المحلية والطاقات الأقل تلوثا والانتقال إلى الطاقات الخضراء التي يستثمر فيها المغرب بشكل كبير.
من جهته، قال الخبير في الطاقة أمين بنونة إن عمليات التنقيب في المغرب أظهرت وجود احتياطات مهمة في أعالي البحار، خاصة سواحل العرائش وأيضًا في الغرب وتندرارة وجرسيف.
وأوضح بنونة في حديث مع الجزيرة نت، أن الإنتاج الحالي من الغاز الطبيعي يذهب في الغالب لتلبية احتياجات المحطة الحرارية تهدارت على بعد 10 كيلومترات شمال مدينة أصيلة، ومحطة توليد الكهرباء بعين بني مطهر في أقصى الشرق المغربي (67 كلم جنوب مدينة وجدة).
وعلى الرغم من الاستثمارات الكبيرة والجهود المبذولة، يشير ملاوي إلى أن الكميات المكتشفة من الغاز ما زالت متواضعة، ولم تصل إلى المستوى التجاري.
وفي نظره فإن العملية معقدة وتتطلب مراحل كثيرة، ووقتا ما بين عمليات المسح الفيزيائي وعملية الاستخراج التجاري قد يصل إلى حوالي 10 سنوات.
مع ذلك، يرى أن المؤشرات واعدة بوجود احتياطات مهمة خاصة في حقل تندرارة الذي اكتشف سنة 2023 ويحتوي على احتياطي يفوق 1.5 مليار متر مكعب، وكذلك في منطقة سيدي موسى في مدينة سَلا، والتي اكتشف بها احتياطي يصل إلى 320 مليون متر مكعب.
ويؤكد بنونة أن الشركات الأجنبية، وخاصة البريطانية، استثمرت ملايين الدولارات في عمليات التنقيب مستعينة بأحدث التقنيات والمعدات مما يعني وجود آفاق واعدة، لكنه مع ذلك يدعو إلى التعامل بحذر مع الأرقام التي تعلنها شركات التنقيب لكون عملياتها محكومة بهواجس اقتصادية مرتبطة بالأسواق العالمية.
لماذا هذه الاستثمارات؟يواصل المغرب الاستثمار في التنقيب عن الغاز الطبيعي، على الرغم من كونه خطا خطوات مهمة في طريق التحول نحو الاعتماد على الطاقات المتجددة.
ويفسر عبد الصمد ملاوي ذلك بكون المغرب يسعى إلى التخفيف من فاتورة الطاقة عبر مصادر محلية، وكذلك تعزيز فرص العمل وتطوير البنية التحتية.
من جهة أخرى، يسعى المغرب، وفق ملاوي، إلى تحقيق الأمن والتكامل في مجال الطاقة عن طريق تنويع مصادرها ما بين أحفورية ومتجددة، بهدف التقليل من التبعية للأسواق الخارجية وضمان استمرار الإمداد الطاقي.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات إنتاج الغاز الطبیعی من الغاز الطبیعی التنقیب عن الغاز ملیون متر مکعب متر مکعب سنویا ملیار متر مکعب فی المغرب فی مجال ما بین
إقرأ أيضاً:
فوز ترمب ومشهد الطاقة العالمي.. ما مصير الغاز المسال الأميركي؟ (مقال)
مقالات مشابهة“Finest Online Casinos Down Under Top Aussie Betting Sites 202
ساعة واحدة مضت
مبادرات كفاءة الطاقة في الإمارات تقدم 5 دروس لتحقيق الاستدامة (تقرير)ساعتين مضت
The Selling Price Is Right Plinko Pegs Instantly Enjoy The Price Will Be Right Plinko Pegs Online For Freeساعتين مضت
Рейтинг верных Онлайн Казино те Топ Клубы россиساعتين مضت
الوزيرة ليلى بنعلي تكتب لـ”الطاقة”: المغرب نموذج ريادي للتحول الطاقي المستدام (مقال)3 ساعات مضت
Neue Online Casinos Im November 2024 Für Deutsch3 ساعات مضت
اقرأ في هذا المقال
• الولايات المتحدة برزت مزودًا رئيسًا للغاز المسال في أوروبا بعد اندلاع حرب أوكرانيا• ارتفاع إنتاج النفط والغاز في الولايات المتحدة قد يخلّف تأثيرات اقتصادية وسوقية بعيدة المدى• من المتوقع أن تؤدي زيادة الإنتاج في الولايات المتحدة إلى خفض تكاليف الوقود• التزام أوروبا بتنويع الطاقة على المدى الطويل قد يدعم الطلب على الغاز المسال الأميركيتترقب أوساط الطاقة العالمية سياسة الإدارة الأميركية بعد فوز دونالد ترمب بالانتخابات الرئاسية الأخيرة، خصوصًا ما يتعلق بصادرات الغاز المسال الأميركي إلى أوروبا.
فقد أثار فوز المرشح الجمهوري في الانتخابات الرئاسية الأميركية لعام 2024 وتعهُّده بوقف الحرب في أوكرانيا نقاشًا متجددًا حول موقفه من السياسة الخارجية.
يأتي ذلك بعد أن أكد ترمب عمق علاقاته بالرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، والرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، خلال حملته، زاعمًا أن بوسعه إنهاء الحرب في أوكرانيا في غضون 24 ساعة من تولّيه منصبه.
بدورها، أثارت هذه الإستراتيجية المخاوف والآمال، إذ يخشى الحلفاء أن يتخذ الرئيس الجديد نهجًا أكثر استيعابًا تجاه روسيا، ما قد يضغط على أوكرانيا للتخلّي عن الأرض أو الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي.
أسواق الطاقة العالميةقد يكون لتعامل ترمب مع حرب أوكرانيا تأثير كبير في أسواق الطاقة العالمية، التي كانت غير مستقرة منذ غزو روسيا في عام 2022.
ومنذ ذلك الحين، برزت الولايات المتحدة مزودًا رئيسًا للغاز المسال في أوروبا، ما أدى إلى تعويض انخفاض عمليات الإمدادات الروسية.
وقد تتغير ديناميكيات التجارة الراسخة بشكل كبير، ما قد يؤدي إلى انخفاض أسعار الطاقة في جميع أنحاء العالم، عند استئناف تدفقات الطاقة الروسية إلى أوروبا، خصوصًا بالنظر إلى الطلب الأوروبي على انخفاض تكاليف الطاقة.
وقد يؤدي تعهّد ترمب بزيادة حفر آبار النفط في الولايات المتحدة وتخفيف العقبات التنظيمية إلى زيادة إمدادات الطاقة الأميركية، ما قد يكون له تأثير كبير في أسعار الغاز والنفط على مستوى العالم.
عامل منجم فحم يصافح الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترمب – الصورة من رويترزالتأثيرات الاقتصادية والسوقيةقد يخلّف ارتفاع إنتاج النفط والغاز في أميركا بعض التأثيرات الاقتصادية والسوقية بعيدة المدى، سواء على المستوى المحلي أو العالمي.
ومن المتوقع أن تؤدي زيادة الإنتاج، في الولايات المتحدة إلى خفض تكاليف الوقود، ما يوفر الراحة للمستهلكين من خلال خفض النفقات على البنزين والتدفئة.
وقد يؤدي هذا إلى تعزيز الدخل المتاح للأسر، ما قد يعزز الإنفاق الاستهلاكي ويدعم النمو الاقتصادي.
تجدر الإشارة إلى أن قطاع النفط والغاز يؤدي دورًا رئيسًا في الاقتصاد الأميركي، إذ يدعم ملايين الوظائف، ويولّد إيرادات ضريبية كبيرة.
ويفيد معهد النفط الأميركي بأن القطاع يدعم ما يقرب من 11 مليون وظيفة، وتسهم بنحو 1.8 تريليون دولار في الناتج المحلي الإجمالي الأميركي.
بالإضافة إلى ذلك، فإن انخفاض أسعار الطاقة من شأنه أن يفيد الصناعات كثيفة استهلاك الوقود، مثل النقل والتصنيع، من خلال خفض تكاليف التشغيل وتحسين القدرة التنافسية.
وعلى الصعيد الدولي، قد يؤدي توسيع إنتاج الطاقة في الولايات المتحدة إلى دفع أسعار النفط العالمية للانخفاض، ما يفرض تحديات على الاقتصادات التي تعتمد بشكل كبير على إيرادات النفط، مثل المملكة العربية السعودية.
ويتوقع المحللون لدى مصرف سيتي بنك الأميركي Citibank أن تؤدي زيادة الإنتاج الأميركي إلى خفض أسعار النفط إلى نحو 60 دولارًا للبرميل، وهو ما يفرض ضغوطًا على موازنات الدول المصدرة للنفط التي تعتمد على ارتفاع الأسعار لتحقيق الأهداف المالية.
وفي حالة رفع ترمب العقوبات المفروضة على الطاقة الروسية، فقد يجعل ذلك الغاز الروسي أكثر قدرة على المنافسة في أوروبا، وهو ما قد يقلل الطلب على الغاز المسال الأميركي مع عودة الإمدادات الروسية إلى السوق.
ومن شأن هذا السيناريو أن يخلق مشهدًا جيوسياسيًا معقدًا، حيث يواجه المنتجون الأميركيون منافسة متزايدة في الخارج، حتى مع استفادة المستهلكين المحليين من انخفاض الأسعار.
وسوف تتطلب إدارة هذه الديناميكيات تدخلات سياسية إستراتيجية لمساعدة أسواق الطاقة الأميركية على البقاء مرنة وقادرة على المنافسة في ظل التحولات العالمية المتطورة في العرض والطلب.
تحول الطاقة الجاري في أوروباقد يؤثّر انتهاء حرب أوكرانيا بتحول الطاقة الجاري في أوروبا؛ بعد أن أسفرت الحرب عن تسريع الجهود الرامية إلى الحدّ من الاعتماد على الوقود الأحفوري الروسي، ما أدى إلى استثمارات كبيرة في مصادر الطاقة المتجددة والبديلة.
وعلى الرغم من أن اتفاق السلام قد يؤدي إلى إبطاء وتيرة هذا التحول، فقد تنوعت مصادر الطاقة في أوروبا بشكل كبير.
في عام 2023، شكّلت الولايات المتحدة ما يقرب من نصف واردات أوروبا من الغاز المسال، ما ساعد بشكل كبير في تحول الطاقة بأوروبا وزيادة الصادرات الأميركية.
على صعيد آخر، عند تخفيف العقوبات المفروضة على الغاز الروسي، فإن عودته إلى الأسواق العالمية قد تتحدى هيمنة الغاز المسال الأميركي في أوروبا، ما يضغط على الأسعار نحو الانخفاض.
إلى جانب ذلك، فإن التوسع المرتقب في سعة استيراد الغاز المسال في أوروبا -للوصول إلى 29.3 مليار قدم مكعبة يوميًا بحلول عام 2024- يشير إلى الالتزام بتنويع الطاقة على المدى الطويل، ما قد يدعم الطلب على الغاز المسال الأميركي.
ورغم أن أوروبا قد تظل حذرة بشأن الإفراط في الاعتماد على الغاز الروسي، فإن جهود التنويع هذه توفر فرصًا مستمرة لصادرات الغاز المسال الأميركية.
وقد يؤدي وعد ترمب بتسريع الموافقات على محطات تصدير الغاز المسال الأميركية الجديدة إلى زيادة القدرة على العرض، ولكن هذا قد يؤدي إلى انخفاض الأسعار إذا تضاءل الطلب الأوروبي.
وللحفاظ على موقف تنافسي في سوق الطاقة الأوروبية، فإن التنسيق الوثيق بين قادة الصناعة الأميركية ونظرائهم الأوروبيين سيكون ضروريًا.
التأثيرات الاقتصادية المحليةقد يخلّف إنهاء الحرب في أوكرانيا عددًا من التأثيرات الاقتصادية المحلية واسعة النطاق في الولايات المتحدة.
ومن المرجّح أن يؤدي انخفاض أسعار الطاقة العالمية إلى تقليل التكاليف عبر الصناعات، ما يعود بالنفع على المستهلكين الأميركيين ويحفّز النمو الاقتصادي.
في هذا الإطار، أشار بنك الاحتياطي الفيدرالي بمدينة دالاس إلى أن ارتفاع أسعار الغذاء والطاقة والمواد الخام بسبب الحرب قد قيّد الاقتصاد الأميركي، ومن الممكن أن يخفف اتفاق السلام من هذه الضغوط، ما قد يؤدي إلى خفض التضخم وتعزيز النمو.
من جهة أخرى، قد تشهد شركات النفط والغاز الأميركية، التي استفادت من زيادة الطلب الأوروبي، انخفاضًا في الأرباح.
وقد تشهد شركات كبرى مثل بي بي، وشل، وشيفرون، وإكسون موبيل، وتوتال إنرجي، التي حققت مجتمعة 281 مليار دولار من الأرباح منذ بدء الحرب، انخفاض هذه الأرباح بعد الحرب.
بدوره، قد يواجه قطاع الدفاع انخفاضًا في الطلب على الصادرات العسكرية الأميركية، على الرغم من أن التزام ترمب بالحفاظ على الإنفاق العسكري قد يعوض بعض هذا الانخفاض.
وما يزال ما يقرب من 90% من المساعدات الأميركية لأوكرانيا في الولايات المتحدة، يدعم مقاول الدفاع الذين وسّعوا عملياتهم عبر 38 ولاية، ويوفر الآلاف من فرص العمل.
ناقلة غاز مسال في ميناء مقاطعة كاميرون بولاية لويزيانا الأميركية – الصورة من رويترزلذلك، فإن النهاية المفاجئة للحرب قد تعرّض هذه الاستثمارات والوظائف للخطر.
وقد تستجيب الأسواق المالية إيجابيًا لتراجُع حالة الغموض الجيوسياسي، ما قد يؤدي إلى تعزيز أسعار الأسهم.
في المقابل، إذا بدا اتفاق السلام مواتيًا لروسيا، فقد يؤدي هذا إلى إحباط تفاؤل المستثمرين وإضعاف العلاقات الأميركية الأوروبية.
وقد يؤدي خفض المساعدات الأميركية لأوكرانيا إلى تحرير الأموال الفيدرالية، ما يثير المناقشات حول إعادة التخصيص للأولويات المحلية أو خفض العجز.
وفي ظل التوقعات بأن يتعافى الناتج المحلي الإجمالي الأميركي من صدمات الأسعار الأخيرة، فإن النمو الطويل الأجل قد يكون أبطأ قليلًا في ظل مشهد تسعير الطاقة الجديد، وفقًا لمكتب الموازنة بالكونغرس.
وقد يغيّر إنهاء الحرب من موقف قطاع الطاقة الأميركي العالمي، فمنذ عام 2022، برزت الولايات المتحدة موردًا رئيسًا للغاز المسال إلى أوروبا.
ورغم أن السلام المرتقب قد يقلل من الطلب الأوروبي على الغاز المسال الأميركي إذا عاد الغاز الروسي، فإن التزام أوروبا بالتنويع والبنية التحتية الموسعة للغاز المسال يشير إلى أنه ما تزال هناك فرص لصادرات الغاز المسال الأميركية.
وسيكون التعاون الوثيق مع أصحاب المصلحة الأوروبيين أمرًا حيويًا للولايات المتحدة لتظل شريكًا موثوقًا به في مجال الطاقة، مع تطور ديناميكيات الطاقة في أوروبا.
الأولويات الإستراتيجية والجيوسياسية في أوروباقد يغيّر اتفاق السلام في أوكرانيا بوساطة من ترمب بشكل كبير الأولويات الإستراتيجية والجيوسياسية في أوروبا، خاصة لحلف شمال الأطلسي وموقفه العسكري داخل القارة.
ومع احتمال تخفيف التهديد الروسي المباشر، قد يحوّل حلفاء الناتو التركيز نحو مخاوف أمنية حرجة أخرى، مثل الأمن السيبراني، ومكافحة الإرهاب، واستقرار منطقة المحيطين الهندي والهادئ، ومخاطر الأمن المتعلقة بالمناخ.
إلى جانب ذلك، في حين قد يدعو بعض أعضاء الحلف إلى خطة أوسع، فمن المرجّح أن تحث دول أوروبا الشرقية على اليقظة المستمرة ضد روسيا لمنع تجدد العدوان.
وقد تتكيف الإستراتيجية العسكرية لحلف شمال الأطلسي لتعكس هذه الديناميكيات المتغيرة.
ومن المرجّح أن تدعم الدروس المستفادة من الحرب في أوكرانيا موقفًا قويًا للردع، على الرغم من أن حلف شمال الأطلسي قد يعيد النظر في مدى انتشاره المتقدم على طول جانبه الشرقي.
وعلى الرغم من أن الزيادات في موازنة الدفاع بين الدول الأوروبية قد تتباطأ، فقد تظل هذه البلدان تعطي الأولوية للاستثمارات المستهدفة لمعالجة نقاط الضعف التي برزت في أثناء الحرب، وضمان الاستعداد العملياتي الطويل الأجل.
محطة الغاز المسال في ميناء روتردام بهولندا – الصورة من وكالة الطاقة الفرنسيةوفي الوقت نفسه، قد يؤثّر اتفاق السلام في إستراتيجية التوسع لحلف شمال الأطلسي، خصوصًا فيما يتعلق بعضوية أوكرانيا المحتملة.
وقد يكون من الأولويات أيضا تعزيز الشراكات مع دول “المنطقة الرمادية” مثل مولدوفا وجورجيا ــالواقعة بين روسيا وحلف شمال الأطلسيــ لتعزيز الاستقرار الإقليمي.
الخلاصةالخلاصة من ذلك أن اتفاق السلام الذي تقوده رئاسة ترمب الثانية قد يعيد تشكيل أسواق الطاقة العالمية، ما يخلق تقلبات فورية وعواقب طويلة الأجل على صادرات الغاز المسال الأميركية إلى أوروبا.
وقد تشكّل إعادة دخول الطاقة الروسية المحتملة تحديًا لموطئ قدم الغاز المسال الأميركي في أوروبا.
رغم ذلك، فإن التركيز المستمر من جانب أوروبا على أمن الطاقة وتنويعها قد يدعم دورًا للصادرات الأميركية.
في مشهد ما بعد الحرب، من المرجّح أن تعكس ديناميكيات الطاقة التوازن بين المخاوف الجيوسياسية والمصالح الاقتصادية والتحول الجاري نحو مصادر الطاقة المتجددة.
وعلى الرغم من أن النهاية السريعة للحرب تُعدّ موضع ترحيب، فإن التحولات الناتجة في أسواق الطاقة والعلاقات الدولية سوف تتكشف تدريجيًا، ما يتطلب توجيهًا سياسيًا حذرًا.
وسوف تكون المرونة والقدرة على التكيف أمرَين أساسيين لأصحاب المصلحة في قطاع الطاقة العالمي، وسط تكيّفهم مع الحقائق الجديدة لأوروبا ما بعد الحرب.
الدكتور أومود شوكري، الخبير الإستراتيجي في مجال الطاقة، الزميل الزائر الأول في جامعة جورج ميسون الأميركية، مؤلف كتاب “دبلوماسية الطاقة الأميركية في حوض بحر قزوين: الاتجاهات المتغيرة منذ عام 2001”.
* هذا المقال يمثّل رأي الكاتب، ولا يعبّر بالضرورة عن رأي منصة الطاقة.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.Source link ذات صلة