منذ اندلاع الحرب بين القوات المسلحة والدعم السريع في 15 ابريل 2023 توقفت 25 صحيفة ورقية، وأكثر من 7 محطات تلفزيونية، إلى جانب 12 محطة إذاعية تعمل على نطاق بث "الأف أم ، وأصبحت وسائل الإعلام المستقلة، خاصة تلك التي تنطلق من خارج البلاد، هي المصدر الرئيس للمعلومات، بجانب وسائل الإعلام الأجنبية ووسائل التواصل الاجتماعي.



منتدي الاعلام السوداني : غرفة التحرير المشتركة
اعداد وتحرير/ راديو دبنقا

امستردام : 10 نوفمبر 2024 - منذ اندلاع الحرب بين القوات المسلحة والدعم السريع في 15 ابريل 2023 توقفت 25 صحيفة ورقية، وأكثر من 7 محطات تلفزيونية، إلى جانب 12 محطة إذاعية تعمل على نطاق بث "الأف أم ، وأصبحت وسائل الإعلام المستقلة، خاصة تلك التي تنطلق من خارج البلاد، هي المصدر الرئيس للمعلومات، بجانب وسائل الإعلام الأجنبية ووسائل التواصل الاجتماعي.

ومع تطور أساليب وسائل الإعلام في كشف الحقيقة وعكسها مجردة، ومواجهة ركام التضليل الإعلامي الكثيف، تتطور طرائق ملاحقة أطراف الحرب للإعلام الحر المستقل بهدف كتم الصوت الإعلامي وصولاً إلى حالة الإظلام الإعلامي التام.

ويتعرض الصحفيون للاستهداف الممنهج خلال الحرب الدائرة، ووفقاً لتقرير نقابة الصحفيين فإن 445 صحفيًا وصحفية تعرضوا للقتل، الاعتقال، التعذيب، أو تدمير المنشآت الإعلامية. حيث قُتل 11 صحفيًا، بينهم صحفيتان، وأُطلق النار بشكل مباشر على 28 صحفيًا وصحفية، كما تم تسجيل 11 حالة اعتداء جسدي مباشر، شملت 4 صحفيات، في حين تعرض 54 صحفيًا، من بينهم 7 صحفيات، للإخفاء القسري أو الاعتقال.



كما تشن أطراف الصراع حربا من نوع آخر على وسائل الإعلام المستقلة التي لم يستطيعوا استهدافها المباشر وذلك عبر الهجمات الإلكترونية، حيث أعلنت صحيفة سودانايل الإلكتروني في أكتوبر الماضي أنها احبطت عملية تهكير خطيرة أدت إلى توقف موقعها لمدة أسبوع.

وقال طارق الجزولي رئيس تحرير صحيفة سودانايل، لراديو دبنقا، إن عملية التهكير هدفت إلى مسح كل محتويات موقعها الإلكتروني لأربع وعشرين عاما مبينا إن الصحيفة تمكنت من استرداد المحتويات، وأضاف” استطعنا استرداد الموقع مع خسارة محتويات الثلاثة أشهر الماضية". وقال إن الصحيفة ظلت تتعرض لحملة شرسة ومحاولات تهكير متكررة خاصة بعد اندلاع الحرب.

حرب من نوع آخر

ويقول منتصر عبد الواحد، رئيس تحرير صحفة مداميك، لراديو دبنقا إن وسائل الإعلام المستقلة تواجه حرباً من نوع آخر من أجل تعتيم الحقيقة في ظل الحرب العبثية التي تدور في البلاد.

ويضيف أن الحقيقة هي الضحية الأولى في أي حرب مشيراً إلى أن أطراف الصراع تحاول تغطية جرائمها واستهداف الصحف المستقلة حتى لا تفضح ممارساتها.

وحول تجربة صحيفة مداميك الإلكترونية، يقول منتصر عبدالماجد "تعرضنا لمحاولات تهكير عديدة نجح بعضها ولكننا تمكنا من استعادة الموقع) وتابع قائلاً تعرضنا لمحاولات حجب الموقع وتهكير حسابات الصحفيين"، مبيناً أن حساباته الشخصية على تطبيقي فيسبوك وواتساب تعرضت للانتحال خلال الأيام الماضية.

ويوضح منتصر عبدالماجد أن طرفي الصراع يوظفون غرف إعلامية لاستهداف وسائل الإعلام المستقلة باعتبارها خط الدفاع الأول لصالح المواطنين خلال الحرب الدائرة، ويبذلون مجهودات جبارة من أجل تضليل الرأي العام.

ونبه إلى وجود آلاف الحسابات والغرف الالكترونية والمجموعات التي تقوم بالقرصنة على المواقع وتهكير النشطاء السودانيين بجانب حملات دعائية منظمة لمساندة الحرب والتعتيم الانتهاكات. وأكد ضرورة تضافر من أجل لحماية المعلومة الصادقة وضمان انسيابها.

وشدد على أن الحرب الدائرة حالية هي حرب إعلامية في المقام الأول وتعتمد على التضليل ونشر المعلومات المزيفة، وإخفاء الجرائم المرتكبة، وأضاف (يحاولون قتل الحقيقة بعد قتل المواطنين عبر إعاقة تمليك المعلومات المروعة).

وأشار إلى أن 22 ألف موقع الكتروني وقناة إعلامية سودانية تنشط في الفضاء الرقمي، وتحاول تضليل الرأي العام، ونشر معلومات، وعبر تحليل محتواها وقراءة اتجاهات الرأي العام نجدها قائمة على تدليس الحقائق وحشد الطاقات للحرب.

شراكات أمنية

من جانبه، يقول مصعب بابا وهو مستشار اعلامي ومدرب في مجال الحماية الرقمية لراديو دبنقا إن الفضاء الرقمي، خلال العشرين عاما الماضية، أصبح المصدر الأساسي لتبادل المعلومات مبينا إن الكثير من الصحفيين باتوا يستخدمون وسائل التواصل والإعلام الإلكتروني كمنصات للنشر.

وأوضح أن نظام البشير كان يحاول تكميم أفواه الصحفيين وحرية الرأي، حيث استعان جهاز الأمن بشركات أجنبية لتولي مهمة تكميم الأفواه والتهكير والمراقبة والهجوم على الصفحات والمواقع الإلكترونية، مشيرا إلى بذل أموال طائلة مقابل الاستهداف.

ويضيف قائلاً إنه بعد سقوط نظام البشير تم توريث هذا الأمر للاستخبارات العسكرية واستخبارات الدعم السريع، حيث ترددت أنباء عن استجلاب قوات الدعم السريع تكنولوجيا مراقبة من إسرائيل، وتابع (القوات المسلحة والدعم السريع لديهم شركاء أمنيون، حيث يعتمد الجيش على الاستخبارات المصرية للمراقبة والاختراق، بينما تعتمد قوات الدعم السريع يعتمد على الإمارات في مسائل الاختراق).

وقال مصعب بابا إن السلطات تستخدم قوانين جرائم المعلوماتية لاستهداف الصحفيين الذين يعملون على تغطية قضايا الحرب والنزاعات فضلا عن استخدام سلاح التهكير والقرصنة الإلكترونية لافتا إلى أن الجهات الأمنية استدعت صحفيين وعرضت عليهم رسائل أرسلوها عبر الواتساب أو وسائل التواصل الاجتماعي، مما يشير لتمكن تلك الجهات من اختراق حساباتهم واعتبر ذلك مؤشراً لعدم احترام السلطات للخصوصية وحرية الصحافة.

بلاغات وزيارات

من جهته، يشير مسئول وسائل التواصل الاجتماعي لراديو دبنقا إلى أن صفحة راديو دبنقا على فيسبوك تتعرض بانتظام لبلاغات منظمة مما يؤدي في بعض الأحيان إلى قلة الوصول العادي إلى المتابعين وضعف التفاعل، وأشار إلى أن البلاغات تؤدي إلى حجب وصول المواد الإعلامية لآلاف المتابعين. كما تنشط الغرف الإلكترونية في نشر تعليقات منتظمة للتشويش على الرسالة الإعلامية للراديو.
من جانبه، قال محمد ناجي، رئيس تحرير موقع سودان تريبيون أن الهدف من عمليات التهكير هو توجيه رسالة محددة للجهة المستهدفة ويمكن أن يصل الأمر إلى حد التهديد. وقال إن موقع سودان تريبيون قد تعرض لعدد من الهجمات السيبرانية آخرها قبل عدة أشهر.

وأوضح الأستاذ محمد ناجي أن موقعهم تعرض للهجوم عن طريق إغراقه باصطناع زيارات تفوق طاقة الموقع المصمم من أجلها بما يوقفه عن العمل. وقال إن طرفي الحرب عملوا على تجييش وحدات إعلامية مهمتها محاربة كل من يخرج عن الخط الذي يدعو لها أحد الجانبين وهي حرب عنيفة وتستخدم فيها كل الوسائل. وربط محمد ناجي تنامي ظاهرة الهجمات السيبرانية على المنصات الإعلامية المستقلة مع الهجمات التي يتعرض لها الإعلاميين منذ بداية الحرب.

تصيد احتيالي

وحول طرق التهكير والقرصنة للمواقع الإعلامية، يقول خطاب حمد، الباحث في الحقوق الرقمية، في حديث لراديو دبنقا إن الهجمات الإلكترونية يمكن أن تتم عبر التصيد الاحتيالي باستخدام الهندسة الاجتماعية، وذلك عن طريق استهداف أحد مديري أو مشرفي الموقع والعثور على ثغرة في تأمينه.

وأضاف الباحث في الحقوق الرقمية أنه عن طريق هذه الثغرة يتم ارسال ملف أو رابط ملغوم الأمر الذي يسهل اختراق الموقع. وأكد أن هذا المنهج استخدام في الاعتداء على حساب حزب المؤتمر السوداني وحساب رئيسه، عمر الدقير، على منصة الفيسبوك. وقال إن التأمين الرقمي يحتاج إلى إمكانيات مادية وتقنية أكبر من الجهة المقرصنة لسد الثغرات.

طرائق التصدي

وحول طرائق التصدي للهجمات السيبرانية، يقول منتصر عبدالماجد رئيس تحرير صحيفة مداميك إنهم نفذوا احترازات تتعلق باستخدام حائط امان Firewall للموقع الإلكتروني وكل القنوات الالكترونية، فضلاً عن تنظيم ورش إلكترونية حول الأمن الإلكتروني للصحفيين والإداريين، وتمليكهم بعض الأدوات والبرامج لحماية الخصوصية.

وحول خطوات المعالجة، أكد منتصر عبد الماجد ضرورة الالتزام ببروتوكول الحماية الإلكترونية باستخدام برامج وحوائط حماية ورصد على مدار الساعة، مبينا إن أولى علامات القراصنة عدم القدرة على فتح الموقع الإلكتروني بسهولة، وبين إن بروتوكول الأمن الإلكتروني متوفر على نطاق واسع ويمكن شراءه أو الحصول عليه مجانا. ودعا نقابة الصحفيين ومنتدى الاعلام السوداني لإصدار نشرات للأمن الإلكتروني للصحفيين عبر خبراء في الأمان الرقمي وتبني ورش تدريبية لاستعمال الأمان الصحفي.

ويقول محمد ناجي رئيس تحرير سودان تريبيون لراديو دبنقا إنهم عملوا على فصل الموقعين العربي والإنجليزي عن بعضهما تفادياً للهجمات الإلكترونية عبر الإغراق بالزيارات. مشيراً إلى استضافة الموقعين المنفصلين في مخدمات ضخمة ذات طاقة استيعابية هائلة بما يمنح الشركة الموفرة للاستضافة الوقت للتعامل مع التزايد المفاجئ في أعداد الزائرين ورصد الهجمات بشكل مبكر وتفعيل أدوات الحماية لمواجهتها.

من جانبه أكد مصعب بابا المستشار الإعلامي والمدرب في مجال الحماية الرقمية لراديو دبنقا ضرورة أن يحمي الصحفيون أنفسهم ومصادرهم باستخدام أدوات محددة. ودعا لتشفير (الوايف اي) عبر استخدام البرامج وتطبيقات في بي إن، وذلك لتشفير الاتصالات من أجل تقليل خطر المراقبة. كما دعا لاستخدام مضادات الفيروسات لتفادي الفيروسات عبر الايميل والأقراص الإلكترونية مبيناً إن معظم الفيروسات تستخدم للمراقبة.
ودعا إلى تفصيل التحقق عبر الخطوتين في وسائل التواصل الاجتماعي واستخدام كلمات سر قوية
ومعقدة.


ينشر هذا التقرير بالتزامن في منصات المؤسسات والمنظمات الإعلامية والصحفية الأعضاء بمنتدى الإعلام السوداني

#SilenceKills
#الصمت_يقتل
#NoTimeToWasteForSudan
#الوضع_في_السودان_لا_يحتمل_التأجيل
#StandWithSudan
#ساندوا_السودان
#SudanMediaForum
#منتدى_الإعلام_السوداني

   

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: وسائل التواصل الاجتماعی رئیس تحریر محمد ناجی وقال إن صحفی ا إلى أن من أجل

إقرأ أيضاً:

التفاوض الجماعي.. طوق نجاة للصحافة العربية

لا أعرف على وجه اليقين ما إذا كان علينا المهمومين بحاضر الصحافة ومستقبلها أن نفرح أم نحزن ونحن نطالع تقرير معهد رويترز لدراسات الصحافة لعام 2025 الذي صدر منذ أيام قليلة، ويحمل من الآمال والبشريات بقدر ما يحمل من القلق والإحباط حول مستقبل الصحافة.

التقرير الذي استند إلى «استطلاع واسع النطاق شمل 326 من قادة الأخبار في51 دولة، ويستكشف أحدث التطورات في الصحافة وأولويات العام المقبل، خلص إلى استمرار التحديات الاقتصادية التي تواجهها صناعة الصحافة في العالم، والتي ضاعفت من حدتها منصات الذكاء الاصطناعي التي وصفها التقرير بـ «الجشعة».

الأمر المؤكد الذي يجب أن يعيه الصحفيون في كل أنحاء العالم أن كل المنصات الصحفية سواء التقليدية منها أو الجديدة ما زالت تنزف من الجراح الكثيرة التي أصيبت بها من كل تطور تقني ظهر خلال السنوات الماضية، وآخرها تقنيات الذكاء الاصطناعي، وقد تحتاج إلى غرف إنعاش عالمية في كل دولة يتم وضعها فيها على أجهزة تنفس صناعي لإطالة عمرها بضع سنوات أخرى، خاصة بعد التغيرات التي أحدثتها هذه التقنيات والشركات العملاقة التي تقف وراءها، والتي حرمت أو كادت المنصات الصحفية والإعلامية حتى من مرور أعداد كبيرة من المستخدمين على مواقعها والاستفادة من ذلك إعلانيا.

لا أريد أن أكون في صف المتشائمين، خاصة وأنا أنتمي إلى هذه المهنة العظيمة التي تعلمنا أنها رسالة في المقام الأول وليست مجرد عمل تقليدي روتيني. ومع ذلك فمن الأمانة أن أعترف أن الثقة في مستقبل الصحافة كما عرفناها تتآكل بشكل كبير عاما بعد عام، مثلما تتآكل الثقة الجماهيرية في الصحافة نفسها لحساب وسائط جديدة تتغذى وتكبر وتتضخم على ما ينتجه الصحفيون من أخبار، ومعلومات، ومعارف.

المؤشرات التي تضمنها تقرير رويترز تشير إلى التراجع ليس فقط على صعيد الواردات والدعم المالي وخسارة الجمهور ولكن أيضا على صعيد التأثير الذي كانت تتمتع به الصحف والمواقع الإخبارية والمحطات التلفزيونية والإذاعية، بعد أن سحبت منصات التواصل الاجتماعي البساط من تحت أقدامها، والدليل على ذلك أن المرشحين في الانتخابات في مختلف دول العالم استبدلوا استخدام هذه المنصات باستخدام وسائل الإعلام لتمرير رسائلهم وإدارة حملاتهم الانتخابية، مثلما حدث في الانتخابات الأمريكية الأخيرة والتي أكد نجاح «ترامب» فيها أن تأثير وسائل الإعلام، التي كانت الغالبية العظمى منها ضد إعادة انتخابه، أصبح محدودا للغاية، وكان السبب الرئيس في فقد شبكة «سي إن إن» نحو ثلث جمهورها منذ هذه الانتخابات.

يبدو الأمر محسوما لغير صالح الصحافة الورقية والإلكترونية والمنصات الاجتماعية التي تستخدمها للوصول إلى الجمهور، في ظل تزايد لجوء الجمهور إلى مواقع الذكاء الاصطناعي للحصول على الملخصات الإخبارية دون المرور بمواقع الصحف وحساباتها، وهو ما ينعكس سلبا على دخل وسائل الإعلام من الإعلانات التقليدية والإلكترونية، ويبدو الأمر محسوما أيضا فيما يتصل بالخفض المستمر للوظائف الإعلامية في كل الوسائل والمنصات تقريبا، وتكفي هنا الإشارة إلى أن الصحفيين فقدوا نحو 2500 وظيفة في الأسواق الإعلامية الرئيسية خلال عام 2024 وشمل هذا الفقد مؤسسات صحفية وتلفزيونية كبيرة وراسخة، مثل «وول ستريت جورنال» و«فوكس» في الولايات المتحدة، و«الجارديان»، و«ديلي ميل» في المملكة المتحدة.

وتواجه الأخبار التلفزيونية عامًا من تقليص حجمها حول العالم مع تحول اهتمام الجمهور إلى منصات البث التلفزيوني المدفوعة.

في ظل التشاؤم بمستقبل الصحافة يبقى هناك ضوء في نهاية النفق المظلم. فوفقا للتقرير، ما زال نحو41% من الناشرين يثقون بقدرة مؤسساتهم الإعلامية على البقاء والاستمرار. ولعل ما يبعث على التفاؤل توجه الشركات الكبرى التي تقدم خدمات الذكاء الاصطناعي التوليدي على عقد اتفاقيات مع وسائل الإعلام المهمة لاستخدام محتواها في عمليات البحث وتقديم الإجابات عن أسئلة المستخدمين. ففي العام الماضي وقعت شركة «اوبن آي» المالكة لـ «شات جي بي تي» اتفاقية ترخيص بقيمة ربع مليار دولار مع «نيوز كوربريشين» المالكة لصحف «وول ستريت جورنال»، و«نيويورك بوست»، و«التايمز»، و«ذا صن» لاستخدام منتجاتها الصحفية في تقديم ملخصات إخبارية موثقة للمستخدمين. وقد سارت على النهج نفسه صحف أخرى مثل «فايننشال تايمز»، و«لوموند»، ووكالة أنباء «رويترز» ووكالة أنباء «اسوشيتد برس» الأمريكية. وتحاول شركات أخرى مثل «أبل»، و«أمازون» إبرام صفقات مماثلة مع ناشري الصحف لنفس الغرض.

إن السؤال الذي يفرض نفسه هنا هو: أين صحافتنا العربية من هذه التطورات الدراماتيكية في المشهد الإعلامي الدولي؟ وهل تستطيع أن تفرض على شركات الذكاء الاصطناعي أن تعاملها كما تعامل المؤسسات الإعلامية الغربية؟

لقد أصبح تغيير النموذج الاقتصادي للصحافة العربية الذي يعتمد على المصادر التقليدية للدخل مثل البيع المباشر، والاشتراكات، والإعلان بالإضافة إلى الدعم الحكومي، أمرا حتميا إذا أرادت أن تبقى في المستقبل.

لقد نجحت صحف كثيرة بإجبار شركات التكنولوجيا العملاقة خاصة شركات محركات البحث والذكاء الاصطناعي على مشاركتها في الأرباح الطائلة التي تجنيها بفضل ما تجمعه هذه الصحف من أخبار ومعلومات. وعلى المنوال نفسه تستطيع وسائل الإعلام العربية إن أرادت أن تتفاوض بشكل جماعي مع هذه الشركات لمنحها نسبة من عائدات استخدام المحتوى العربي الذي يظهر ضمن محركات البحث أو في محركات برامج الذكاء الاصطناعي.

على وسائل الإعلام العربية الإخبارية وغير الإخبارية أن تنضم إلى الجهود العالمية التي تسعى للضغط على هذه الشركات للحصول على نصيب عادل من الأموال الضخمة التي تجنيها من وراء استخدام محتواها. لا نطالب بأن تكون هذه التعويضات مماثلة للتعويضات التي تمنحها لوسائل الإعلام الغربية، لكن المبدأ نفسه يجب أن يتم تبنيه وتفعيله خاصة بالنسبة لوسائل الإعلام، ليس في العالم العربي فقط، ولكن في العالم الثالث بوجه عام. إن الوصول إلى اتفاقات ترخيص مع الشركات العملاقة يحقق العدالة للطرفين ويؤدى إلى انتعاش العمل الإعلامي ويحافظ على المهنة الصحفية.

كل ما نحتاجه أن نبادر دون تأخير إلى مخاطبة تلك الشركات وبشكل جماعي، وأن نخيرها بين التفاوض للوصول إلى اتفاق أو منعها من استخدام محتوى وسائل الإعلام العربية سواء في محركات البحث أو في برامج الذكاء الاصطناعي. وإذا كان أمر المخاطبة الجماعية صعبا فإن بعض وسائل الإعلام الكبيرة في الدول العربية يمكن أن تأخذ زمام المبادرة في هذا الطريق الذي قد يكون طوق نجاة حقيقي للصحافة العربية. يكفي أن نذكر هنا أن مثل هذه الاتفاقات، التي جاءت بعد ضغوط كثيرة متبادلة، وفرت للصحف الأسترالية 200 مليون دولار سنويا من منصات التواصل الاجتماعي، لو توافر نصفها فقط للصحف ووسائل الإعلام العربية لشهدت نقلة نوعية كبيرة على جميع المستويات، وفتحت مئات الوظائف للصحفيين.

مقالات مشابهة

  • كمين مُحكم.. حدث أمني صعب للجيش الإسرائيلي في قطاع غزة.. تفاصيل
  • حادث أمني صعب لجيش الاحتلال في غزة.. تفاصيل
  • كمين مُحكم.. حدث أمني صعب للجيش الإسرائيلي في قطاع غزة
  • لجنة حماية الصحفيين بإثيوبيا تبدي قلقها لاقتحام مقر أديس ستاندارد
  • وحدة مكافحة الجرائم الإلكترونية في الأردن تحذر من الترويج للجمعيات المحظورة على وسائل التواصل الاجتماعي
  • “الجرائم الإلكترونية” تحذر من النشر للجمعيات المحظورة ومنها ما يسمى بجماعة الإخوان المسلمين
  • سراب التحليل الطبقي في الحرب السودانية وشياطين أخري
  • سمير عمر: "الإعلام المصري بحاجة إلى السرعة والدقة"
  • التفاوض الجماعي.. طوق نجاة للصحافة العربية
  • مسئول سعودي: حريصون على نشر الوعي الإلكتروني وتعزيز مفهوم الأمن السيبراني