عدنان ناصر الشامي

لقد أثبت الشعب اليمني، بكل فخر وشموخ، أن موقفه هو الحارس الأمين للإسلام في هذا الزمان.

موقفٌ يعكس عزة الإسلام وهيبته في وقت تتوالى فيه الأمواج العاتية من الخذلان والضعف، وتزداد الهزائم في مختلف أرجاء الأرض الإسلامية. موقف الشعب اليمني اليوم هو الموقف الذي يحفظ للإسلام كرامته ويعيد إليه بريقه، في زمن تحاول فيه القوى الظالمة أن تشوّه الصورة الحقيقية لهذا الدين العظيم.

الناس، بطبيعتهم، مجبولون على التعلق بالكمال والسعي نحو العزة، فما من إنسان يقبل أن يكون رهينًا للذل، ولا يرضى لنفسه حياةَ الاستكانة والخنوع. لكن، كيف يمكن للناس أن يجدوا في الإسلام مصدرًا للقوة والعزة إذَا رأوا إخوانهم المسلمين يغرقون في الذل والصمت؟ فمنذ بداية الحروب المدمّـرة، كانت أنظارُ العالم تتجه نحو غزة، حَيثُ الدماء تسيل والأرواح الطاهرة تنتهي تحت قصف المحتلّين.

ولعل الجميع يتساءل: لماذا لا يتحَرّك المسلمون جميعًا لنصرة إخوتهم؟ لماذا هذا الصمت المدوي؟ كيف يعقل أن يظل مليار وسبعمِئة مليون مسلم عاجزين عن نصرة إخوانهم في الدين؟ كيف يرَون في هذا الدين قيمةً إنسانية إذَا كانت الأُمَّــة العظيمة، ذات المليار وسبعمِئة مليون مسلم، عاجزةً عن رفع الظلم عن إخوانها؟

لو كان الأمر مختلفًا، لو كان الضحايا بوذيين أَو هندوسًا، لتحَرّكت أقدامُ أتباع هذه الأديان لمساندتهم، ولأظهروا انسجامَهم مع نداء الإنسانية. ولكن عندما يتعلق الأمر بالمسلمين، نجد المواقف متأخرة، والقلوب مرتجفة، وكأنهم يعيشون في حالة من الخِذلان المروع. فهل بعد هذا يظل الإسلام جذابًا في أعين العالم؟

في هذا التيه، يظهر موقف الشعب اليمني كالسيف البتار، يعيد للأُمَّـة يقينها وعزتها، ويمنح الإسلام مكانته وهيبته في قلوب البشر.

موقفٌ صُلبٌ، لا يعرف التردّد ولا الخنوع، صيغ في زوايا القلب اليمني الذي عاش عزة الإيمان، وورث من السيد عبد الملك الحوثي موقفًا لا يلين ولا ينكسر. موقفٌ أضاء لليمنيين وللمسلمين طريق العزة، وأعاد للإسلام روحه الخالدة، وجعل اليمن حارسًا لهذا الدين، ودرعًا لا يُخترق أمام الظلم. ويُجدِّدُ في نفوسهم الإيمان بأن الإسلام مجد وعزة، لا ذلة ولا خنوع.

لقد أدرك السيد القائد عبدالملك الحوثي، بوعيه العميق، أن الموقف اليوم لا يتعلق بالسياسة فحسب، بل هو موقف ديني وعقائدي، مواقف تستند إلى الثبات على الحق، مهما كانت التحديات.

موقف ليس مُجَـرّد شعارات تُرفع، بل هو تجسيد حقيقي لإرادَة الأُمَّــة في التصدي للظلم والهيمنة. وليس أدل على ذلك من الجماهير اليمنية التي تجتمع أسبوعًا بعد أسبوع، في مظاهرات لا تعرف الفتور، رافعةً شعارات العزة والمقاومة، مؤكّـدة للعالم أن اليمن هو الحارس الأمين للإسلام في هذا الزمان.

لقد أصبح هذا الموقف طريقًا مُضاءً لمن حولنا، مثالًا حيًّا للكرامة والشجاعة، وحجر الزاوية في بناء مجد الأُمَّــة الإسلامية. وها نحن اليوم نرى مظاهر الجماهير المليونية التي تحتشد كُـلّ أسبوع، في تظاهرات تقف ثابتة أمام التحديات، وكأنها تؤكّـد للعالم أن اليمن سيتكفل بحفظ الإسلام، وأنه سيبقى الحارس الأمين لأمته في وجه الطغاة والمستعمرين.

فهل أدركت أيها اليمني عظمةَ موقفك؟ وهل عرفت قيمة مظاهرتك الأسبوعية التي تحمل أسمى رسائل النصر والمجد؟ إنك تقف شامخًا كالجبل، يهابك الطغاة، وترتعد تحت خطواتك أقدام المتخاذلين. مظاهراتك ليست مُجَـرّد تجمّع، إنها رسالةٌ عميقة، رسالة عالمية تبعثها إلى كُـلّ شعوب الأرض بأن الإسلام لا يموت، ولن يُهان، والإيمان لا يخبو، وأن العزة لن تفارق من يقفون على ثرى اليمن، مستعدين للدفاع عنه.

فلنكن جميعًا على يقين أن اليمن اليوم، بمواقفه الصامدة، هو من يحفظُ للإسلام عزته وهيبته، بل يُعيدُ الإسلام إلى العالم كما كان نورًا وهداية.

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: الحارس الأمین موقف ا فی هذا

إقرأ أيضاً:

في ذكرى الشهيد الصدر

 

وأنا أتابع الضجة الكبيرة التي أحدثتها قرارات الرئيس الأمريكي “ترامب” استغربت كثيراً ممن يسمون أنفسهم محللين سياسيين واقتصاديين، فقد اعتبروها من أعمال ترامب نفسه أو زلاته الجنونية، غير مُدركين أن الأمر يخضع للسياسة الأمريكية الشاملة، عندها فقط تذكرت الشهيد العلامة محمد باقر الصدر “طيب الله ثراه” فلقد حذر من هذه الأعمال التي ستقدم عليها أمريكا قبل حوالي نصف قرن من الزمان، وقال إن أمريكا تسير في اتجاهين، الاتجاه الأول الزيادة في امتلاك القوة العسكرية، والثاني محاولة السيطرة على حركة النقد العالمية والهيمنة الكُلية على العملات من خلال فرض الدولار على كل العملات.

هكذا قال الشهيد الصدر الرجل الحجة الذي استطاع أن يقتحم عقبة كأدا، ظلت كذلك على مدى قرون من الزمن وكان العلماء المسلمون يعتبرون حتى مجرد الحديث عنها مروقاً عن الدين، ألا وهي الاقتصاد والفلسفة، فمن كان يقتحم أو يتحدث عن هاتين القضيتين كان يُتهم بالردة، إلى أن جاء الشهيد الصدر وكانت الظروف المحيطة صعبة، فالاتحاد السوفييتي في أوج عظمته، والشيوعية تحاول فرض منهجها الوجودي الإلحادي وتعتبره هو المنهج الصالح للحياة، وأمريكا ودول الغرب تحاول أن تجعل من الرأسمالية خياراً وحيداً لا بديل عنه، واتهام الإسلام بالجهل وعدم الإلمام بهذه القضايا، فتصدى للأمر بقوة ودراية ومعرفة كاملة بأحكام الدين، قال عنها في ذلك الوقت شيخ الأزهر علي جاد الحق بأنها أفضل رؤية أكسبت الإسلام القدرة على التحدي والصمود أمام المناهج الأخرى، فكتاب “فلسفتنا” مثلاً وضح الصورة الحقيقية لمعنى الفلسفة في الإسلام وارتباطها بسياسة الحكم وبناء الدولة، وكتاب “اقتصادنا” أيضاً قدم رؤية حقيقية عن الاقتصاد في الإسلام وأسقط تماماً الرؤيتين المقابلتين الممثلة في الشيوعية والرأسمالية، باعتبارهما رؤى بشرية غير قابلة للاستمرار، كما هو حال المنهج الإسلامي الصالح لكل زمان ومكان، وتحدث طويلاً في هذا الجانب عن الأشياء التي لا يزال المسلمون عالقين في فهم أبعادها واتباع طريقة التعامل معها، مثل الربا وما يرتبط به وحدد صيغة المعاملات التي يمكن أن تنافس ما يجري في الغرب والشرق برؤية إسلامية حقيقية بعيدة عن التزمت والتطرف أو التعصب لأفكار ضيقة، كما هو حال بعض علماء الإسلام للأسف الذين يتعاطون مع آيات القرآن الكريم بنقص في الفهم وعدم إدراك لما تحتويه النصوص من معانٍ ومفاهيم أزلية تؤكد الصلاحية الزمانية والمكانية، وكل ذلك لأن الشهيد الصدر كان على دراية كاملة بأحكام الشرع ولديه أسلوباً جيداً في استنباط الأحكام بعيداً عن التأويل أو الأفكار الضالة من منطلق رؤيته الحقيقية لما ذهب إليه المفسرون، فلقد جزم منذ بداية الأمر أن مشكلة الإسلام والمسلمين تكمن في كون التفاسير التي تولت تفسير الإسلام تمت برؤية الحُكام والدول، لا على ما تشتمل عليه النصوص والمنهج الرسالي.

وهنا اتضحت المشكلة الأساسية لأن الحُكام كانوا يحاولون توظيف النصوص لخدمة بقائهم واستمرارهم في الحكم كيفما كان الأمر ومهما كانت النتائج مخلة ومجحفة بالعقيدة والمنهج، ومن هذا المنطلق عالج أهم مشكلتين، كما قُلنا، الفلسفة التي كان يحرم مجرد الحديث عنها في نظر العُلماء المنغلقون على ذاتهم غير القادرين على فهم شمولية الدين وقوة أحكامه وقدرتها على معالجة شؤون البشر حتى قيام الساعة .

وهكذا الأمر بالنسبة للاقتصاد فقد حدد ما هو الربا وكيف يمكن التعاطي معه برؤية حديثة تعكس حضارة الإسلام واتساع نطاق فهمه لجوانب الحياة المختلفة، وكما قال في إحدى محاضراته فإن من المسلمين من أساء إلى الدين وإلى العقيدة من خلال ضيق أفقه ومحدودية فهمه للنصوص .

أخيراً وهو الأهم، حذر الصدر من استمرار الانصياع للإرادة الأمريكية والغربية معاً، وقال إن الغرب المخدوع سيصبح ضحية الرؤية الأمريكية الشمولية التي تحاول من خلال الهيمنة المادية أن تُسيطر على العالم وعلى عملاته وتجارته ويصبح كل شيء بيدها، وهُنا أطلب ممن تعاملوا بسذاجة وفهم قاصر مع قرارات ترامب أن يعودوا إلى ما كتبه الشهيد الصدر وسيعرفون أن الأمر ليس ابن اللحظة وإنما تمت دراسته ووضعه في رفوف خاصة إلى اللحظة المناسبة التي تمكنهم من إخراجه إلى الوجود .

الموضوع يطول ولكن نقول رحم الله الشهيد الصدر، وكم أتمنى لو أن أطروحاته تلك أخذت حقها من الاهتمام، وتحولت إلى مناهج تُدرس في الجامعات الإسلامية بشكل عام، وإن شاء الله لنا عودة إلى الموضوع لتوضيح رؤية هذا العالم الجليل، نسأل الله له الرحمة والمغفرة، والله من وراء القصد ..

 

مقالات مشابهة

  • موقف الإيمان والتحدي: اليمن وقضية فلسطين في خطاب السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي
  • «الحارث».. محمود ياسين يكشف عن أحدث أعماله الفنية
  • موقف الإيمان والتحدي.. اليمن وقضية فلسطين في خطاب السيد القائد
  • محمود ياسين يكشف عن مشاركته في فيلم «الحارس» بهذه الطريقة | صور
  • في ذكرى الشهيد الصدر
  • الموقف اليمني .. موقف قانوني بنص القانون الدولي والمعاهدات الدولية
  • سيمبا يطيح المصري من «الكونفيدرالية»
  • ماتيتش: أونانا «الحارس الأسوأ» في مانشستر يونايتد
  • الريال اليمني يحقق تحسنا جديدا أمام العملات الأجنبية اليوم.. تغير مفاجئ
  • وفاة الحارس الأسطوري في البرازيل