يمانيون:
2025-04-16@23:29:32 GMT

هل ما يقوم به العدو الإسرائيلي “جريمة إبادة”؟

تاريخ النشر: 10th, November 2024 GMT

هل ما يقوم به العدو الإسرائيلي “جريمة إبادة”؟

يمانيون – متابعات
تختلف التعريفات القانونية لمصطلح الإبادة الجماعية وفقاً لاعتبارات متنوعة، لكنها في مضامينها تتفق على أن ما يحصل في غزة إبادة جماعية، وإن جادل البعض عن طريق محاولة صرف الجرائم في غزة عن محتوى التعريف، أو حرف سياق التعريف عن مشهد الجرائم في غزة، لكن الإبادة في تعريفاتها المختلفة توصل في محصلتها القانونية وخلاصة مضمونها إلى أن ما قام ويقوم به كيان العدو الإسرائيلي بحق الفلسطينيين في غزة منذ عام لا يمكن صرفه بأي شكل من الأشكال، أو حجةٍ من الأسباب، عن كونه إبادة جماعية يتم تنفيذها عن سبق إصرار وتعمد، مع الأخذ بعين الاعتبار تصريحات قادة العدو الإسرائيلي التي رافقت تنفيذ الجريمة وسبقتها.

اليوم يعود الجدل بقوة حول هذا الموضوع القانوني, مع بدء نقاشات حادة صاحبت تصنيف موسوعة ويكيبيديا لجرائم العدو الإسرائيلي في غزة بأنها إبادة جماعية

بعد أشهر من النقاش، لتحسم ويكيبيديا قرارها، وتعيدُ تسمية صفحة الموسوعة العالمية التي كانت معنونة في البداية باسم “ادعاءات الإبادة الجماعية في الهجوم الإسرائيلي على غزة في عام 2023″ لتصبح بعنوان “‎الإبادة الجماعية لغزة‎“، وبذلك تكون الموسوعة الرقمية التي ينشئ ويشارك في تدوين صفحاتها ويحررها متطوعون دوليون –وبلغات متعددة– قد أقرت حكمها الخاص بعد تصويت مساهميها، وبعد أشهر من الأخذ و الرد.
ويشار إلى أن هذا الجدل أثير ابتداءً مع تقدم جنوب أفريقيا في 11 يناير 2024، بدعوى قضائية أمام محكمة العدل الدولية– الهيئة القضائية الرئيسة للأمم المتحدة- للحكم على تصرفات العدو الإسرائيلي في غزة بأنها إبادة جماعية، واتخاذ تدابير تجبرها على وقف الحرب.

لا يستبعد أن تمارس الصهيونية ضغوطاً جديدة بهدف ثني الموسوعة وإجبارها على التراجع عن قرارها الذي صنّف انتصاراً للقضية الفلسطينية، بالرغم من أنه يستند وينسجم مع خلاصات قدمتها منظمات حقوقية مثل العفو الدولية وغيرها, مع أنه لا يحمل أي ثقل قانوني, ولكنه يتوقع أن يكون له تأثير ثقافي وسياسي في تشكيل الرأي العام العالمي.

واستشهدت صفحة ويكيبيديا “الإبادة الجماعية لغزة‎” كذلك بقرابة 800 مصدر, شملت تقارير إخبارية وصحفية وحقوقية وميدانية، من بينها مصادر عربية عاملة في غزة، والأهم إشارتها إلى حديث وتصريحات قادة سياسيين صهاينة, بينهم مجرم الحرب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو, الذين أشاروا إلى تدمير “العماليق” كما ورد في (سفري الخروج والتثنية بالعهد القديم).

ونشير هنا إلى اتفاقية الإبادة الجماعية لعام 1948 والتي تُعرِّف الإبادة الجماعية على أنها أيٌّ من “الأفعال الخمسة المرتكبة بقصد التدمير الكلي أو الجزئي لجماعة وطنية أو إثنية أو عنصرية أو دينية“. وتشمل الأفعال المعنية قتل أعضاء الجماعة، وإلحاق أذى جسدي أو عقلي خطير بهم، وفرض ظروف معيشية تهدف إلى تدمير الجماعة، ومنع المواليد، ونقل الأطفال قسراً خارج الجماعة.

جريمة الإبادة بين النفي والإثبات :
بعيداً عن هذا اللغط والجدل القائم في أكثر من محفل دولي حقوقي وقانوني, نورد أرقام حصيلة جريمة الإبادة الجماعية في غزة, والتي صدرت مفصّلة في تقرير وزارة الصحة الفلسطينية في غزة, وتتضمن ما يمكن اعتبارها أدلة قطعية يمكن لمحكمة العدل الدولية الاستناد إليها وعليها لإثبات وقوع جريمة الإبادة الجماعية, وإدانة العدو الإسرائيلي بها.

بيان رقم (673) صادر عن المكتب الإعلامي الحكومي:

‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‏المكتب الإعلامي الحكومي ينشر تحديثاً لأهم إحصائيات حرب الإبادة الجماعية التي يشنها العدو الإسرائيلي على قطاع غزة لليوم 400 – السبت 9 نوفمبر 2024م:

◻️ (400) يوماً على حرب الإبادة الجماعية.

◻️ (3,798) مجزرة ارتكبها جيش العدو الإسرائيلي.

◻️ (53,552) شهيداً ومفقوداً.

◻️ (10,000) مفقودٍ.

◻️ (43,552) شهيداً ممن وصلوا إلى المستشفيات (وزارة الصحة).

◻️ (17,385) شهيداً من الأطفال.

◻️ (209) أطفال رُضّع وُلِدوا واستشهدوا في حرب الإبادة الجماعية.

◻️ (825) أطفالٍ استشهدوا خلال الحرب وعمرهم أقل من عام.

◻️ (1367) عائلة فلسطينية قتل العدو الإسرائيلي جميع أفرادها ومسحها من السجل المدني.

◻️ (38) استشهدوا نتيجة المجاعة.

◻️ (11,891) شهيدة من النساء.

◻️ (1054) شهيداً من الطواقم الطبية (وزارة الصحة).

◻️ (85) شهيداً من الدفاع المدني.

◻️ (184) شهيداً من الصحفيين.

◻️ (7) مقابر جماعية أقامها العدو الإسرائيلي داخل المستشفيات.

◻️ (520) شهيداً تم انتشالهم من 7 مقابر جماعية داخل المستشفيات.

◻️ (102,765) جريحاً ومُصاباً وصلوا إلى المستشفيات. (وزارة الصحة).

◻️ (398) جريحاً ومُصاباً من الصحفيين والإعلاميين.

◻️ (70%) من الضَّحايا هم من الأطفال والنساء.

◻️ (202) مركزاً للإيواء استهدفها العدو الإسرائيلي.

◻️ (35,055) طفلاً يعيشون بدون والديهم أو بدون أحدهما.

◻️ (3,500) طفل معرّضون للموت بسبب سوء التغذية ونقص الغذاء.

جرائم الابادة الجماعية للعدو الإسرائيلي في غزة خلال 400 يوم
جرائم الابادة الجماعية للعدو الإسرائيلي في غزة خلال 400 يوم
◻️ (186) يوماً على إغلاق جميع معابر قطاع غزة.

◻️ (12,000) جريح بحاجة للسفر للعلاج في الخارج.

◻️ (12,500) مريض سرطان يواجهون الموت وبحاجة للعلاج.

◻️ (3,000) مريض بأمراض مختلفة يحتاجون للعلاج في الخارج.

◻️ (1,737,524) مصاباً بأمراض معدية نتيجة النزوح.

◻️ (71,338) حالة عدوى التهابات كبد وبائي بسبب النزوح.

◻️ (60,000) سيدة حامل تقريباً مُعرَّضة للخطر لانعدام الرعاية الصحية.

◻️ (350,000) مريض مزمن في خطر بسبب منع العدو الإسرائيلي إدخال الأدوية.

◻️ (5,300) معتقل من قطاع غزة خلال حرب الإبادة الجماعية.

◻️ (310) حالات اعتقال من الكوادر الصحية (تم اغتيال 3 أطباء منهم).

◻️ (38) حالة اعتقال صحفيين ممن عُرفت أسماؤهم.

◻️ (2) مليون نازح في قطاع غزة.

◻️ (100,000) خيمة اهترأت وأصبحت غير صالحة للنازحين.

◻️ (206) مقرات حكوميةٍ دمرها العدو الإسرائيلي.

◻️ (129) مدرسة وجامعة دمرها العدو الإسرائيلي بشكل كلي.

◻️ (344) مدرسة وجامعة دمرها العدو الإسرائيلي بشكل جزئي.

◻️ (12,700) طالب وطالبة قتلهم العدو الإسرائيلي خلال الحرب.

◻️ (785,000) طالب وطالبة حرمهم العدو الإسرائيلي من التعليم.

◻️ (750) معلماً وموظفاً تربوياً في سلك التعليم قتلهم العدو الإسرائيلي خلال الحرب.

◻️ (138) عالماً وأكاديمياً وأستاذاً جامعياً وباحثاً أعدمهم العدو الإسرائيلي.

◻️ (815) مسجداً دمرها العدو الإسرائيلي بشكل كلي.

◻️ (151) مسجداً دمرها العدو الإسرائيلي بشكل بليغ بحاجة إلى إعادة ترميم.

◻️ (3) كنائس استهدفها ودمرها العدو الإسرائيلي.

◻️ (19) مقبرة دمرها العدو الإسرائيلي بشكل كلي وجزئي من أصل (60) مقبرة.

◻️ (2,300) جثمان سرقها العدو الإسرائيلي من العديد من مقابر قطاع غزة.

◻️ (159,000) وحدة سكنية دمرها العدو الإسرائيلي بشكل كلي.

◻️ (83,000) وحدة سكنية دمرها العدو الإسرائيلي غير صالحة للسكن.

◻️ (193,000) وحدة سكنية دمرها العدو الإسرائيلي جزئياً.

◻️ (86,400) طن متفجرات ألقاها العدو الإسرائيلي على قطاع غزة.

◻️ (34) مستشفى أخرجها العدو الإسرائيلي عن الخدمة.

◻️ (80) مركزاً صحياً أخرجه العدو الإسرائيلي عن الخدمة.

◻️ (162) مؤسسة صحية استهدفها العدو الإسرائيلي.

◻️ (134) سيارة إسعاف استهدفها العدو الإسرائيلي.

◻️ (206) مواقع أثرية وتراثية دمرها العدو الإسرائيلي.

جرائم الابادة الجماعية للعدو الإسرائيلي في غزة خلال 400 يوم
جرائم الابادة الجماعية للعدو الإسرائيلي في غزة خلال 400 يوم
◻️ (3,130) كيلو متر أطوال شبكات الكهرباء دمرها العدو الإسرائيلي.

◻️ (125) عدد محولات توزيع الكهرباء الأرضية المدمرة.

◻️ (330,000) متر طولي شبكات مياه دمرها العدو الإسرائيلي.

◻️ (655,000) متر طولي شبكات صرف صحي دمرها العدو الإسرائيلي.

◻️ (2,835,000) متر طولي شبكات طُرق وشوارع دمرها العدو الإسرائيلي.

◻️ (39) منشأة وملعباً وصالة رياضية دمرها العدو الإسرائيلي.

◻️ (717) بئر مياه دمرها العدو الإسرائيلي وأخرجها عن الخدمة.

◻️ (86%) نسبة الدمار في قطاع غزة.

◻️ (37) مليار دولار الخسائر الأولية المباشرة لحرب الإبادة الجماعية.

كما أنّ الأرقام الواردة في تقارير الصحة في غزة مثبتة بالوقائع اليومية, والمقابر الجماعية, والمشاهد الموثقة بعدسات وسائل الإعلام المتبقية في غزة, التي تشير دائماً إلى أن ما يتم توثيقه أقل بكثير مما يقوم به العدوة الصهيوني، كما أن تقارير المؤسسات الأممية والحقوقية تتماشى تماماً معها, وعلى سبيل المثال يوم أمس الجمعة كشف تقرير للأمم المتحدة أن النساء والأطفال يشكّلون حوالي70% من الشهداء جراء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة , وهي حصيلة تشمل الضحايا في الفترة بين نوفمبر 2023 وأبريل 2024.

وجاء في التقرير الذي أصدرته المفوضية الأممية السامية لحقوق الإنسان, أنها تحققت من أن قرابة 70% من 8119 شخصاً ممن سُجّل مقتلهم في الأشهر الستة الأولى من الحرب هم من الأطفال والنساء.

وأشار التقرير إلى الواقع المروع الذي يعيشه سكان قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر 2023، لافتةً إلى عمليات قتل المدنيين, وانتهاك القانون الدولي, التي قد ترقى في كثير من الأحيان إلى جرائم حرب , وجرائم ضد الإنسانية, وحتى الإبادة الجماعية.

تقرير الأمم المتحدة عن الأوضاع في غزة 8 نوفمبر 2024م
تقرير الأمم المتحدة عن الأوضاع في غزة 8 نوفمبر 2024م
وهذه الأرقام هي حصاد المجازر اليومية, وشمل في تفاصيل لوقائع فظيعة, وجرائم شنيعة, من بينها أفعال القتل المباشر, والتجويع والتدمير المتعمد للبنية التحتية المدنية, والهجمات على مرافق الرعاية الصحية, وأفعال أخرى يمارسها العدو يومياً, مثل: الاعتقال, والاحتجاز الجماعي العشوائي, والقتل والحرق, والاغتصاب, والتعذيب واستخدام القوة المفرطة ضد المدارس والمستشفيات, والسرقة والتدنيس والتشويه للمتوفّين, وعدم التمييز بين المسلحين والمدنيين, وتدمير المواقع الثقافية والتعليمية وغيرها، أما فصول وقائع التجويع والحصار فجرائم أخرى تؤدي لا شك للهدف ذاته الذي يتوخاه العدو الاسرائيلي، وجميعها أفعال ترتكب تحت تصنيف الإبادة الجماعية, ولا يمكن تصنيفها تحت أي عنوان, أو تبريرها بأي أسباب وذرائع، ويبقى السؤال أمام هذه الأهوال المستمرة بآلة القتل الأمريكية والغربية عموماً, كيف تعامت المحاكم الدولية وتستمر في تجاهلها لكل هذه الإثباتات والأدلة الوفيرة كما لم يسبق أن حدث في حرب من الحروب؟!
—————————————–
تقرير . يحيى الشامي

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: حرب الإبادة الجماعیة إبادة جماعیة وزارة الصحة قطاع غزة

إقرأ أيضاً:

ما هو سلاح المقاومة الذي يريد الاحتلال الإسرائيلي نزعه من غزة؟

يتبين للمتابع منذ عودة حرب الإبادة الصهيونية على قطاع غزة في 18 آذار/ مارس الماضي أنها حرب فوق كل الأهداف المعلنة المزعومة لها، وعودتها خارج كل المبررات المساقة من الإسرائيليين، وجاءت بعد اختبارهم الناجح للعالم وللإدارة الأمريكية الجديدة عبر انتهاك الاتفاق عشرات وربما مئات المرات أمام ترامب، فكانت نتيجة طبيعية للشعور المفرط بقوة الدعم الأمريكي لكل ذلك. وفي الواقع كانت بقرار وأمر أمريكي يدعو بنيامين نتنياهو لذلك أو يحركه بهذا المسار لينوب عن واشنطن في إبادة أهل غزة؛ لدوافع سياسية اقتصادية كشف عنها ترامب نفسه من خلال صفقته المضخمة حول غزة مع بدء تنفيذ المرحلة الأولى من الاتفاق الذي دمرته إسرائيل، وهو ما شكل حجر الأساس الأمريكي لتدمير الاتفاق وبما يتماشى مع رغبات نتنياهو الشخصية والسياسية بمواصلة حرب ضد شعب فلسطيني أعزل، بهدف دفعه نحو التهجير القسري وتفريغ غزة وسرقتها.

وتشير المعطيات منذ استئناف الإبادة إلى أن معركة وجودية لم يعد يخوضها الاحتلال ضد المقاومة المقاتلة ككيان عسكري في قطاع غزة، بل إنها معركة وجودية بالنسبة إليه ضد كل الوجود الفلسطيني في قطاع غزة، وانتقل الحديث المعلن المكشوف لدى كثير من قادته ووسائل إعلامه باعتبار المدنيين أضرارا

جانبية إلى جعلهم هدفا معلنا، وهو أوقح أنماط الإصرار على الإبادة، فما يحدث في غزة الآن حرفيا هو إبادة فقط وإبادة للسكان الأصليين بدون الحد الأدنى من المقاومة المعتادة المعهودة، أو على الأقل الظاهرة بتكتيك المعارك الثابتة والتصدي المباشر.

إنها حرب يشنها جيش منظم على عظام المدنيين وخيام النازحين دون مقدمات أو مبررات، فحتى مبرر هجوم السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023 قد بطل كليا من النواحي السياسية والعسكرية والشعبية التي تحركها دوافع الانتقام نفسها والرغبة بالتدمير العسكري للمقاومة الفلسطينية نفسها وتحرير الأسرى، هذا إن افترضنا بشكل حيادي للحظات أنها معركة لفعل ذلك، فكل ذلك لم يعد مبررا بالمرة ولم يعد أحد يمكنه تصديق كل ذلك، حتى من كثير من الجنود وضباط الجيش والمخابرات في دولة الاحتلال وكثير من حلفاء إسرائيل والمؤيدين لإبادة غزة، فانتقلت إسرائيل بكل وقاحة لمرحلة الإفصاح عن الهدف المباشر، وهو القتل الجماعي بهدف القتل الجماعي الذي يؤدي لتهجير السكان أو دفعهم للهجرة بعد قتل نسبة كبيرة منهم. حتى الجولة الأولى من الإبادة قبل الاستئناف الأخير في 18 آذار/ مارس الماضي لم يكن شكلها بهذا الشكل.

وهذا الكلام ليس للوم المقاومين، فهم بذلوا كل ما يملكون وما يمكنهم سواء أكانوا يحاولون الحفاظ على بعض مقدراتهم المحلية أو ضرب العدو بذكاء وبشكل نوعي محقق ليظهر بمظهر الإرهابي أكثر وأن يسوؤوا وجهه أكثر سياسيا وحقوقيا وعسكريا من خلال عدم الرد أو التعامل معه عسكريا بنفس الطريقة السابقة قبل استئناف الإبادة، أو ربما بسبب أنه لم يعد لديهم مقدرات كافية لفعل ذات الأمر. وأتحدث هنا بتجرد تام وحيادية مؤقتة.

وفي سياق المقترح المقدم لاتفاق جديد مؤخرا فهناك نقطتان خطيرتان في المقترح الجديد الذي مررته مصر لحركة حماس من الاحتلال والذي قالت حركة حماس إنها تدرسه، وهما: تضمنه شرطا ابتزازيا بالتفاوض على نزع سلاح المقاومة بغزة كشرط أساسي لأي اتفاق لوقف إطلاق النار وفقا لما تم نشره وتداوله، وهو أمر رفضته حماس كليا وقطعيا، وثانيا فكرة الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين ضمن دفعتين فقط مقابل أسرى فلسطينيين، والتزامات تترتب على الاحتلال وضمن فترات زمنية. وهذا يسهل على إسرائيل التنصل لاحقا والعودة للإبادة التي ترغب بها، فهي فعلت شيئا مشابها وتنصلت من التزاماتها في الاتفاق الأخير ومنعت الانتقال للمرحلة الثانية رغم أن الإفراج كان يتم على دفعات صغيرة، فإن تم تعجيل الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين ضمن دفعتين فهذا يعني تعجيل تمكن الاحتلال من التنصل منه في حال لم تكن هناك ضمانات أقوى ضد إسرائيل؛ من خلال ابتزازها بأوراق من المقاومة داخليا أو بقوة ردع من المجتمع الدولي.

وبالعودة لمسألة حرب الإبادة وقدرات المقاومة، فربما يرجح أن المقاومة تركت الجيش الإسرائيلي يقاتل دون إشعارها له بوجود عمليات مقاومة ثابتة متكررة الضربات ومتوقعة التكتيكات، وهو ما يربك الاحتلال ويعزز عنصر المفاجأة لدى المقاومة والخوف لدى الجنود الإسرائيليين المتوغلين، كما يعزز من استراتيجية اقتصاد القدرات لديها، ومن ناحية أخرى يثبت أو يتقارب مع نظريات عسكرية تحدث عنها جنرالات أمريكيون متقاعدون من أن المقاومة (بشكل عام وليست الفلسطينية فقط، بل من حيث المبدأ لدى المقاومات) تعمل أحيانا بتكتيكات تحاول إبراز الجانب الإجرامي والدموي الوحشي غير المبرر للاحتلال ضد السكان، من خلال كشف معركته الحقيقية التي هي ضد كل السكان الأصليين وليس ضد حَمَلة السلاح والمقاتلين، وهذا بحد ذاته يضعفه ويضعف روايته ويربكه أمام مجتمعه وأمام العالم وأمام المقاومين أنفسهم.

والمحتل في كل الأحوال يرتكب الجرائم وسيتم الرد عليه مهما اختلف التكتيك في القتال، لكن هذه الأساليب ترفع من أسهم المقاومة والرأي العام الداعم لها وللشعب الفلسطيني، وتحسن الحالة النفسية للمقاومين وتحسن الاستثمار الوطني والنتائج الممكنة بالتضحيات الكبيرة وفقا لوجهات نظر، كما تُشعر الجندي الإسرائيلي بأنه يقاتل بشكل عبثي ودون وجهة أو هدف واضحين، كما ينزع هذا الأسلوب وفقا لمقالة للمحلل في قناة الجزيرة سعيد زياد؛ الشرعية عن حرب الاحتلال داخليا أمام جمهور الإسرائيليين ويظهرها بمظهر الحرب العبثية التي تشن لأهداف شخصية لدى نتنياهو واليمين الإسرائيلي.

وعلى الرغم من كل ذلك تبقى حقيقة أن المقاومة هي بإمكانيات محدودة عسكريا من الناحية العملية، وموضوعيا إن أردنا مناقشة الأمر المتعلق بالشرط الإسرائيلي بنزع سلاح المقاومة بواقعية عسكرية وسياسية، فهدف إضعاف المقاومة عسكريا قد تحقق إسرائيليا وإن نسبيا، فيستحيل أن تكون المقاومة لم تفقد كثيرا من قوتها مقارنة بما قبل هذه الحرب الوحشية، وهذا لا يعني أنها غير قادرة على الردع والصمود والثبات.

وفكرة نزع سلاح المقاومة هي فكرة غير قابلة للتنفيذ بتاتا؛ ليس لأنه أمر غير قابل للمساومة والنقاش أو لأنه من ثوابت الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة للدفاع عن بقائه على قيد الحياة ومواجهة الاحتلال دون شطب كامل له ولهويته، فالفلسطينيون صنعوا سلاحهم محليا ويمكنهم صناعة مثله من أبسط الإمكانيات دائما، ولكن لأنه لا يوجد سلاح للنزع أصلا، بل هي محاولات فلسطينية لإيجاد سلاح وردع والحفاظ على البقاء، وليس سلاحا بالمعنى الحقيقي للسلاح الذي يمكن نزعه.

وفكرة استمرار القصف الإسرائيلي على غزة والتدمير والقتل حتى اللحظة دون مواجهة عسكرية شاملة في كل زقاق وشارع وحي كالسابق؛ من منظور عسكري غير مبررة عند الإسرائيليين، فالمقاومة حاليا شبه منزوعة السلاح وإن نظريا وصوريا أو إن كانت تفعل ذلك كخدعة، لكن هذا ما يظهر واستنفدت كثيرا من إمكانياتها في مراحل مضت من محاولة التصدي لجرائم الإبادة، بل إن أسلحتها من الأساس دفاعية خفيفة يمكنها إن استخدمت بذكاء واقتصاد ومرونة كما أن تحدث إصابات مؤكدة لكنها ليست حاسمة، ولا يمكن غالبا من تكرار طوفان الأقصى كل عدة سنوات مثلا، فعن أي نزع سلاح يتحدث الإسرائيليون إذا؟!

أنا لا أتحدث هنا عن رؤية كل منا للطريقة الأفضل التي يمكن أن تدار بها معركة أو نهج قتالي من مقاومة شعبية ضد احتلال، فهذه معركة طويلة ولها رؤى عديدة كلها تحمل في طياتها الإيجابي والسلبي، وليس الحديث أيضا عن خلافات أيديولوجية أو خصومات سياسية أو توافق مع حركة المقاومة الأبرز حاليا، أو حول سؤال كيف نفكر باليوم التالي، فالأمر تجاوز ذلك منذ وقت طويل من عمر هذه المجزرة المتواصلة، وكل تلك القضايا نوقشت وقيل فيها كل شيء، بل إن اليوم التالي الفلسطيني نوقش مرارا وتكرارا بين الفلسطينيين بمن فيهم الفرقاء وتم التوصل لحالة يمكن تطبيقها كتشكيل حكومة وحدة وطنية أو لجان إسناد تدير القطاع مثلا. حتى مسألة إن كانت المقاومة قد فكرت مليا بنتائج الطوفان أم لا نوقشت، ولم تعد هذه المسألة هي الفكرة الرئيسية اليوم ولم يعد النقد الداخلي هو أساس الحل أو المشكلة، رغم أهميته، وذلك بصرف النظر عن كل الرؤى؛ من أكثرها تمسكا بالمقاومة المسلحة إلى الأبعد عنها أو حتى من يجاهر بالعداء معها. تجاوزت الأمور مسألة كيف يمكن للشعوب العربية والإسلامية وأحرار العالم دعم غزة وفلسطين في ظل حرب الإبادة المستمرة، كما تجاوز الأمر كل مراحل خذلان المدنيين والمقاتلين في قطاع غزة الذين خفت ذخيرتهم وجفف عنهم الطعام والدواء والماء وكل شيء، هذا عدا عن القتل الجماعي الذي لا يتوقف للحظة.

 لكن بالفعل، ماذا يعني طلب نزع سلاح المقاومة في ضوء كل ذلك؟ وماذا تعني فكرة نزع سلاح كان بالأصل سلاحا دفاعيا مصنعا محليا خفيفا لم يعد موجودا منه الكثير، وحتى إن كان بالأصل موجودا فهو لا يعادل سلاح كتيبة شرطية في أصغر دولة في العالم؟ ماذا يعني نزعه كشرط لوقف المقتلة؟ وهل هذا يعني شيئا سوى تأكيد أن إسرائيل خائفة من أبسط أداة يمكن أن يقاتل بها الفلسطينيون للبقاء وتأكيد على استمرار المقتلة والإبادة أطول وقت ممكن؟

ما يعنيه ذلك باختصار هو أن السلاح الذي تتحدث إسرائيل عن ضرورة نزعه من غزة هو الشعب، نعم الشعب الفلسطيني، فإما نزع الشعب وتهجيره واقتلاعه أو الإبادة، أو ربما كلاهما معا، لأن السلاح العسكري الحقيقي بالأساس هو سلاح مقاومة قدراتها محدودة مصدرها الشعب نفسه، والتسليح كنظرية فعلية بسيط جدا وسطحي ومحدود في كل من تخشاهم إسرائيل عسكريا مقارنة بها، وهذا ما أثبتته الوقائع منذ نشوئها إلى اليوم وليس فقط خلال حرب الإبادة الأخيرة، ولا ترقى الأمور لفكرة النزع فهو سلاح متواضع خفيف بسيط محلي الصنع.

الشعب الفلسطيني في غزة ككتلة بشرية كبيرة هو السلاح المراد نزعه هذه المرة -على الأقل في غزة- لأنه سيقاوم دائما بمجرد بقائه في أرضه، وهو من يقاوم، وهو السلاح حتى لو امتلك حجرا أو قلما أو رصاصة. لو كان هناك سلاح عسكري حقيقي لدى الفلسطينيين لما استمر الشيء المدعو "إسرائيل" حتى اللحظة أصلا، باعتبار المعركة بين الإسرائيليين والفلسطينيين هي المعركة الوجودية الصفرية الأشد بين الكيان والسكان الأصليين، ورفض نزع سلاح الفلسطينيين يعني رفض انتزاعهم من أرضهم بكل بساطة.

مقالات مشابهة

  • المجاعة في غزة.. عمرو خليل: إسرائيل تواصل الإبادة الجماعية |فيديو
  • حزب الله يدين بشدة جريمة تدنيس الصهاينة ‏لحرمة المسجد الأقصى المبارك
  • ما هو سلاح المقاومة الذي يريد الاحتلال الإسرائيلي نزعه من غزة؟
  • حماس: العدو الصهيوني يواصل الإبادة الجماعية في غزة وسط صمت دولي مريب
  • التعاون الإسلامي” تدين قصف العدو الإسرائيلي مستشفى المعمداني في غزة وتعتبره جريمة حرب
  • بمشاركة الجالية اليمنية.. مظاهرة نصرة لأطفال غزة في هامبورغ بألمانيا
  • الكويت تدين جريمة الاحتلال الإسرائيلي بحق مستشفى المعمداني في غـزة
  • العدو الصهيوني يفرج عن تسعة أسرى فلسطينيين من غزة
  • مظاهرات حاشدة تجتاح مدنا أوروبية وأمريكية تطالب بوقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة
  • الاحتلال يواصل جرائم الإبادة في غزة والمقاومة تطلق صاروخا على “ريعيم” وتسقط طائرتين مسيرتين