الانتخاباتُ الأمريكية وأثرُها على القضايا العربية والإسلامية
تاريخ النشر: 10th, November 2024 GMT
د. فؤاد عبدالوهَّـاب الشامي
تقامُ الانتخاباتُ الرئاسيةُ الأمريكية كُـلَّ أربع سنوات لتأتيَ برئيس أمريكي جديد، وما تزالُ القضايا العربية والإسلامية تراوحُ مكانها دون حَـلّ، ومنها قضية كشمير في الهند وقضية قبرص التركية وقضية الجولان ولبنان واليمن وغيرها الكثير لم تجد لها الإدارات الأمريكية حلولًا برغم ادعائها بأن أمريكا زعيمة العالم، وأما قضية العرب والمسلمين الأولى قضية فلسطين فهي تحصلُ على حيز لا بأس به في الحملات الانتخابية تُقدَّمُ خلالها الوعود بإيجاد حَـلّ لهذه القضية، إلَّا أنها في الواقع ما زالت تنزف، ومع مرور الزمن يفقد أهل فلسطين الأمل في إقامة دولة خَاصَّة بهم على أراضيهم؛ بسَببِ تسابق الرؤساء الأمريكيين في استرضاء اليهود الصهاينة عن طريق التراجع عن الوعود التي كانت تُقدَّم أثناء الانتخابات، وقد وصل الأمر إلى التراجع عن تطبيق القرارات الدولية دونَ مراعاة للحقوق الفلسطينية والعربية والإسلامية.
وخلال الانتخابات الأخيرة التي أقيمت الأسبوع الماضي في أمريكا حازت القضيةُ الفلسطينية على مساحة واسعة في الحملات الانتخابية للمرشحين كاميلا هارس وترامب؛ بسَببِ الحرب على غزة ولبنان، وقدَّم المرشحان الوعود الكثيرة لإنهاء الحرب، والتقى ترمب بعدد من قادة الجالية العربية والإسلامية في أمريكا ووعدهم بالعمل على وقفِ الحرب الدائرة في الشرق الأوسط، وبعد فوزه الجميع ينتظر منه الوفاء بوعوده، برغم أن الأمل ضئيل؛ بسبب التزام أمريكا بأمن “إسرائيل” ورعايتها للمشروع الصهيوني في العالم.
ولكن الذي تم رصدُه في هذه الانتخابات أن العرب والمسلمين تمكّنوا من اختراق حاجز الخوف ورفعوا أصواتهم للمطالبة بحقوقهم الخَاصَّة في أمريكا وبإعادة النظر في القضايا التي تهمهم في بلدانهم الأصلية وخَاصَّة قضية فلسطين، وما تم تحقيقه في الواقع أن الصوت العربي والإسلامي أصبح له ثمن، واتضح ذلك عندما تجاهل الحزب الديمقراطي مطالبهم، وبرغم أنه كان قريباً منهم إلَّا أنه سقط في الولايات التي كان العرب والمسلمون يشكِّلون فيها أعداداً كبيرةً ومنها ولاية متشجن التي صوَّتت لصالح ترامب بفارق لا بأس به، وكذلك صوَّتت معظم الولايات المتأرجحة لصالح ترامب؛ بسَببِ موقف الحزب الديمقراطي من حرب غزة، والمشكلة أن الخيارات في الانتخابات الأمريكية محدودة إما مع الجزب الجمهوري أَو الديمقراطي.
والمهم أن العرب والمسلمين الأمريكيين سوف يستفيدون من الإنجاز الذي تم تحقيقُه خلال الانتخابات في الحصول على بعض الحقوق داخل أمريكا، وخلال هذه المرحلة لن يتمكّنوا من التأثير على السياسة الخارجية الأمريكية، ولكن في المستقبل يمكن لهم تحقيقُ ذلك، خَاصَّة إذَا تعاونت معهم الدولُ العربية والإسلامية المعنية.
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: العربیة والإسلامیة
إقرأ أيضاً:
المستقبل الاقتصادى للعلاقات العربية الأمريكية بعد صعود ترامب (٩- ١٠)
تناولنا فى المقالات السابقة أن عودة ترامب تعلن عن تبعثر أوراق الاقتصاد العالمى خاصة فى الدول العربية، بسبب السياسات الخاصة المرتبطة بالولايات المتحدة الأمريكية. والتى انخرطت فى صراعات مدتها 231 عاماً من أصل 248 عاماً من وجودها، واستناداً إلى شعار ترامب «أمريكا أولاً»، فإن توجهاته تعكس هذا الشعار، وابتزازه كثيراً من الدول العربية وعلى رأسها السعودية التى طلب أن تستثمر حالياً بتريليون دولار، وفى هذه السلسلة من المقالات سوف نتناول تأثير ذلك على الدول العربية بصورة منفردة، وفى هذا المقال سوف نتناول الأثر الاقتصادى على دولتى الصومال واليمن، فخطاب التنصيب لترامب يؤكد أننا سنشهد تركيزاً على تعزيز المصالح الأمريكية، وهذا النهج قد يحمل مخاطر تصعيد التوترات مع خصوم الولايات المتحدة خاصة الصين، ويجعل مستقبل السياسة العالمية أكثر تعقيداً. ولكن يبدو أن السياسة الأمريكية ربما ستشهد تحولاً حيال الإقليم الانفصالى من أرض الصومال الذى أعلن استقلاله بشكل منفرد عام 1991، وتشير تقارير بشأن قيام الرئيس ترامب بالاعتراف باستقلال أرض الصومال، تلك الأرض التى تقع فى منطقة القرن الأفريقى، وتعد من أهم المناطق الاستراتيجية فى العالم، حيث تشرف على خليج عدن ومضيق باب المندب، والذى يمر جزء كبير من نفط العالم عبره، لذا تلعب أرض الصومال دوراً مهماً فى الأمن العالمى والاقتصادى، وقد عملت أرض الصومال على تحديث ميناء بريرة وافتتاح مطار دولى، لذا تسعى أمريكا إلى تعزيز مصالحها فى منطقة القرن الأفريقى ومواجهة النفوذ الصينى المتصاعد، الذى يرتكز على القيام بمشاريع تنموية، وضخ استثمارات فى إطار مبادرة «الحزام والطريق». ولذلك ترى أمريكا أن التعاون مع حكومة أرض الصومال سيمكنها من الوصول إلى مطار وميناء بربرة، الذى من شأنه حماية المصالح الاقتصادية والأمنية الأمريكية، وموازنة الاستثمارات الصينية فى المنطقة، ولكن ربما تشهد السياسة الأمريكية الحالية تحولات فى منطقة القرن الأفريقى، وهو ما يتطلب محاولة اختبار هل سيتم الإبقاء على سياسة صومال واحد، والتى ستؤثر بشكل سلبى فى استقرار المنطقة، عبر تشجيع الحركات الانفصالية فى القارة الإفريقية.
وفى المقابل من باب المندب يقبع اليمن التعيس، ويتمثل الوضع المثالى لليمن السعيد بدولة تنعم بالسلام وتتقدم نحو التنمية الاقتصادية، دون أن تشكل تهديداً للمنطقة. وقد حافظت الدبلوماسية الأمريكية على الهدنة، ووضعت حداً لجميع هجمات الحوثيين ضد دول الخليج خلال الفترة الماضية، بعد أن سقط 400 ألف قتيل بسبب النزاع. ما يجعل من الضرورى السعى إلى تسوية سياسية شاملة نحو التنمية والسلام. ومعالجة أزمة البحر الأحمر. فوفق الإحصائيات أكثر من 20 ألف سفينة تمر عبر البحر الأحمر سنوياً، بما يعادل 14%من حجم الشحن العالمى. ومن هنا، تشكل هذه الأزمة تحدياً خطيراً للأمن البحرى الدولى. لذلك من الضرورى اعتماد نهج واقعى وحذر للتعافى الاقتصادى، ويتطلب تحقيق ذلك إرادة سياسية من كل الأطراف، وفى ظل سعى الولايات المتحدة الأمريكية إلى تعزيز سيطرتها على الممرات البحرية، التى تعد أولوية لاستراتيجيتها فى الشرق الأوسط، مع عدم إغفال المنافسة مع الصين. وما نود أن نشير إليه أن العالم اليوم مختلف عن العالم الذى تركه ترامب فى يناير عام 2021، لأنه يواجه مشهداً عالمياً يتميز بعدد من النقاط المشتعلة بكثافة، والتى أكدها ترامب خلال خطاب التنصيب. وللحديث بقية إن شاء الله.
رئيس المنتدى الإستراتيجى للتنمية والسلام