قانون الإعلام.. لحظة تستحق أن نحتفي بها
تاريخ النشر: 10th, November 2024 GMT
لم يتوقف الجدل فـي العالم أجمع عبر العقود الطويلة حول الإعلام وأهميته ودوره فـي بناء الوعي المجتمعي، وأيضا، حول تنظيمه وتقنينه مع ظهور شكل جديد من أشكال وسائل الإعلام، وحول دلالة «حرية الرأي» و«حرية التعبير» وحدودهما وتأثيراتهما السياسية والاجتماعية ليس فقط على استقرار المجتمعات والدول ولكن حتى على الاستقرار النفسي والعاطفـي للفرد نفسه.
ولم يخلُ مجتمع من المجتمعات البشرية من هذا الجدل الذي بدا صحيا ومهما ومبدئيا.. ورغم كثرة الأطروحات التي كانت نتاجا معرفـيا لهذا الجدل فـي سياقه الجديد أو التاريخي إلا أنه فـي المجمل كان يتفق على أهمية تنظيم وسائل الإعلام بما يضمن حفظ الحقوق: حقوق الأفراد والمجتمعات عبر بناء حدود مهنية وأخلاقية.
وهذا الجدل كان يدور فـي سلطنة عمان أيضا، بنفس الأطروحات والتوجهات وكان الجميع ينادي بأهمية تحديث قانون المطبوعات والنشر والقوانين الأخرى المنظمة للعمل الإعلامي.
وقد تفضل وأصدر حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- مرسوما سلطانيا صدر بموجبه قانون الإعلام الجديد الذي يمكن أن نقرأه فـي إطار ذلك الجدل المعرفـي والسياسي والاجتماعي وباعتباره تطورا طبيعيا للقوانين السابقة؛ حيث حلّ القانون الجديد محل ثلاثة قوانين: هي قانون المطبوعات والنشر وقانون الرقابة على المصنفات الفنية وقانون المنشآت الخاصة للإذاعة والتلفزيون لتحقيق الهدف الذي كان يحرك جل الجدل التاريخي حول وسائل الإعلام وقوانينها وهو تحديث الإطار التنظيمي للقطاع الإعلامي، فـي سلطنة عمان هنا، فـي ظل التطورات التي يشهدها قطاع الإعلام وثورة الإعلام والتكنولوجيا فـي العالم من أجل أن يضمن حماية حقوق الأفراد والمجتمعات، وتعزيز الشفافـية والمساءلة داخل المؤسسات الإعلامية وليواكب المتغيرات التكنولوجية فـي مجال الإعلام التي أحدثها الذكاء الاصطناعي والتي ستعيد تعريف شكل ودلالات «وسائل الإعلام» خلال فترة زمنية وجيزة جدا.
ورغم أهمية الجدل الذي تحدثنا عنه فـي سياقه العالمي أو فـي سياقه المحلي، قديما وحديثا، لا بدّ من التأكيد أن قانون الإعلام الجديد فـي سلطنة عُمان بُني على ركائز أساسية منها النظام الأساسي للدولة الذي يضمن حرية التعبير، وعلى رؤية عمان 2040 التي تسعى إلى تحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية متوازنة.. كما بني القانون، وهذا مهم جدا، على تقييم موضوعي للتشريعات السابقة المنظمة للأنشطة الإعلامية، وبما يتيح المرونة للقانون الجديد فـي تنظيم الأنشطة الإعلامية الحالية والمستقبلية بكفاءة وفعالية.
يحدد القانون الجديد الحقوق والحريات المستمدة فـي المقام الأول من النظام الأساسي للدولة، ويحدد المحظورات والضوابط بوضوح تام، ما يضمن ممارسة الإعلام بطريقة مسؤولة وأخلاقية من شأنها أن تحد من استخدام وسائل الإعلام بشكل يضلل الأفراد والمجتمعات وينشر خطابات الكراهية ويساهم فـي تفكيك المجتمعات وإضعافها.
وإذا كانت الأوقات السابقة فـي حاجة ماسة لوجود قانون إعلامي جديد قادر على مواكبة التطورات الإعلامي فإن هذه اللحظة التي نعيشها هي أهم لحظة لصدور قانون الإعلام الجديد لمواجهة تحديات العصر الرقمي والذكاء الاصطناعي وضمان استدامة الإعلام بوصفه أداة لبناء المجتمعات وتعزيز الحريات.
وهذه المناسبة فـي غاية الأهمية للإعلاميين تستحق منهم الاحتفاء بالقانون وبما يحققه من مرونة لممارسة الأنشطة الإعلامية وبما يحفظه من حقوق للصحفـيين وحماية المجتمع.
أما الجدل المهني والمعرفـي فلن يتوقف، وليس مطلوبا أن يتوقف أبدا، بسبب طبيعة الناس وارتباط الإعلام بحياتهم بشكل مباشر وهو مؤثر فـي بناء وعيهم المعرفـي والنفسي وتشكيل مسارات مستقبلهم على كل المستويات.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: وسائل الإعلام قانون الإعلام الجدل الذی
إقرأ أيضاً:
رئيس فريق الأحرار: التصويت على مشروع الإضراب لحظة دستورية وسياسية في عمر جميع الحكومات المتعاقبة
زنقة 20 ا الرباط
أكد محمد شوكي رئيس فريق حزب التجمع الوطني للأحرار بمجلس النواب، أن “التصويت اليوم على قانون الإضراب يعد لحظة دستورية سياسية وحقوقية مهمة في عمر هذه الولاية بل في كل عمر كل الحكومات لما لهذا المشروع من تأثير مهم ومصيري على النسيج المجتمعي والاقتصادي وعلى استقراره وسلامته وعلى مصير الدولة الاجتماعية التي يصبو إليها جلالة الملك”.
وأضاف شكوي في كلمة له في إطار تفسير الفريق التجمعي التصويت لصالح مشروع القانون، اليوم الأربعاء، في جلسة تشريعية خصصت للتوصيت على قانون الإضراب، إننا “في حزب التجمع الوطني للأحرار نحس بروح المسؤولية التاريخية وبضرورة التحلي بالواقعية التي تفرض علينا الدراسة والتوصيت لصالح مشروع قانون الإضراب كما صادقت عليه لجنة القطاعات الاجتماعية بمجلس النواب في قراءة ثانية بعد أن أحيل من مجلس المستشارين بنفس من التوافق الإيجابي لكوننا أمام وثيقة قانونية انتظرها المغاربة لأزيد من 62 سنة مما يجعله نصا قانونيا ذات بعد اجتماعي يتأسس على منظومة حقوق الإنسان ويسعى إلى تكريس دولة القانون مما يجعله نصا قانونيا يستشرف استكمال الضمانات الدستورية للحقوق والحريات كما تصورها دستور 2011”.
ومضى قائلا: “وهو ما يجعل تصويت النواب والنائبات في فيرق التجمع الوطني للأحرار لصالح مشروع قانون الإضراب أصواتا غالية وواقعية تعبر عن مسؤوليتنا السياسية والأخلاقية والمجتمعية وتجسد اعتزازنا بإخراجه في عمر هذه الولاية التشريعية الحادية عشر، وهو ما يحعل التصويت اليوم في إطار القراءة الثانية لمجلس النواب توصيتا يتوافق مع تنفيذ التعليمات الملكية السامية لجلالة الملك في خطابه السامي بمناسبة افتتاح الدورة البرلمانية سنة 2015”.
وقال شوكي إن “تصويت فريق الأحرار ينخرط في تنزيل مقتضيات الوثيقة الدستورية في الوقت الذي لم تتوفق فيه حكومات سابقة في خلق التوافق السياسي والاجتماعي والمجتمعي حول مضامينه بما يجعلنا اليوم نساهم في استكمال الوثيقة الدستورية كما أسساها دستور 2011
وشدد شوكي على أن “تصويت الأحرار لصالح القانون ينسجم مع مخرجات الحوار الإجتماعي الذي ميز هذه الولاية الحكومية، والذي توجته الحكومة بالتوقيع على ميثاق وطني للحوار الاجتماعي واتفاقين تاريخ بتاريخ أبريل 2022 و29 أبريل 2024″، ميشرا إلى أن تصويت الأحرار يتوافق مع مخرجات الآراء الاستشارية للمؤسسات الدستورية وما ورد في راي المجلس الاقتصادي والاجتماعي ورأي المجلس الوطني لحقوق الإنسان”.
وقال رئيس الفريق التجمعي ، إن تصويت الأحرار يتفاعل مع آراء واقترحات مختلف الفعاليات الوطنية والقوى الحية التي ساهمت في إناء النقاش حول قانون الإضراب”.
واعتبر شوكي في تفسيره لتصويت الفريق التجمعي لصالح القانون أن “الاعتماد المفرط على منع الإضراب أو ممارسته اللامسؤولة أثبت بالملموس أنه قد يكون له عواقب وخيمة على الاستقرار الاجتماعي ومناخ الأعمال واستمرارية الخدمة العمومية ولو في حدها الأدنى”، مشددا على أن “كلفة عدم وجود قانون الإضراب هي الأغلى من كلفة وجود القانون”.