"ممكن تتصالح"هذه إحدى كلمات إعلان استمعت إليه عبر الإذاعة وهو ضمن حملة توعية للمواطنين بضرورة التقدم بطلبات التصالح على مخالفات البناء، وهو القانون الذى مر بعدة مراحل منذ أن صدر فى العام 2019 وقبل أن يصل الى محطته الأخيرة بصدور القانون رقم 187 لسنة 2023، بشأن التصالح في بعض مخالفات البناء وتقنين أوضاعها، ولائحته التنفيذية.
نقول: إن القانون هو الحكم الوحيد الذى يحكم بين الناس فى أى مشكلة يحدث فيها تعارض ما بين طرفين. فالقانون وحده هو المنصف وهو من يعطي كل ذى حق حقه اذا اغتصب منه أو تغول عليه طرف آخر. وبالتالي فإن الاحتكام للقانون هو الأساس الذى تقوم عليه الدول المتحضرة، التى تحفظ للناس حقوقهم وتعاقب المخطئ على الفور. وهو أمر لم ينطبق بهذه الفرضية فى مخالفات البناء التى حولت أحياء مصر ومدنها المهمة الى كتل خرسانية عشوائية، تفتقد لأى معايير أو ضوابط قانونية، ولا يحكمها الا "هوى المقاول". وتحول الأمر الى إعطاء المخطئ فرصة أخرى، والتصالح على مخالفته للقانون بدفع"غرامة مالية".
فى أعقاب ثورة 25 يناير 2011 استشرت فى كل المدن ظاهرة البناء المخالف، وعانت العاصمة، قبل العشوائيات والقرى من هذه الظاهرة التى تغولت وتوغلت لتقضي على البقية الباقية من التناسق المعماري والحضاري، وكلنا بالطبع شاهد فوضي البناء فى أحياء ومدن بعينها اعتمادا على فساد المحليات. فالإسكندرية التى كانت تباهي بجمال مظهرها وطابعها المعماري كل دول حوض البحر المتوسط، تحولت بين عشية وضحاها إلى نموذج صارخ لمخالفات البناء، وتم هدم الفيلات القديمة، وبناء أبراج شاهقة الارتفاع مكانها.
كل ذلك حدث قبل أن تتحرك الحكومة بشكل حاسم للقضاء على هذه الظاهرة، من خلال وقف تراخيص البناء، وهو قرار كان له أثر إيجابي في وقف حملة التشويه العمراني التى حولت أماكن سكنية بمواصفات واشتراطات بنائية الى أماكن مخالفة وشبه عشوائية.
ثلاثة أطراف تشاركوا فى استشراء ظاهرة مخالفات البناء هم: المقاول والإدارة الهندسية والمواطن الذى اشترى وحدة سكنية فى بناء مخالف طمعا فى سعر أقل ومساحة أكبر. وهؤلاء الثلاثة يجب ألا يفتلوا من العقاب المستحق، لأن التهاون فى العقاب يعطي فرصة للمخطئ لتكرار الخطأ مرة أخري.
نتساءل هنا عن حق المواطن الملتزم بالقانون، والذى احترم ضوابط البناء ودفع ثمنا لوحدته السكنية أضعاف الثمن البخس الذى دفعه المخالف، وكأننا دائما ما نخرج ألسنتنا لأصحاب الضمائر.. ونقول لهم: "موتوا بحسن ظنكم" فى حين نجا المخالف بما تجاوز به فى حق القانون ودفع رسوما للتصالح لا تناسب مع ماحصل عليه من مكاسب.
قانون التصالح فى مخالفات البناء تم تعديله أكثر من مرة منذ صدور نسخته الاولى فى 2019ولكنه لم يحقق الهدف المنشود من حيث الاقبال، ويبدو أن المخالفين اعتادوا التعدى على غير حقوقهم وهم مطمئنون الى أن أمد تنفيذ العقوبة طويل، كما أن العقوبة نفسها ستخفف مع الوقت.
أقول: إن مخالفات البناء ميراث قديم ويصعب التخلص منه، اذ إن هناك طرفا ثالثا بجانب المالك والمشتري للوحدة المخالفة ويجب أن تتم محاسبته وهم مهندسو الأحياء، الذين كانوا يمرون على العقارات المخالفة ويأخذون الرشاوي مقابل غض الطرف عن المخالفات. وهؤلاء بالطبع معروفون، وأسماؤهم مكتوبة على تراخيص البناء. فإذا أردنا إصلاح منظومة البناء فى مصر، فإن أعيننا يجب أن تركز على هؤلاء فى المقام الأول لأنهم أصل كل "فساد"ومخالفة بناء.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: مخالفات البناء
إقرأ أيضاً:
احذر مخالفة مرورية.. هل يعاقب القانون مرتكب جريمة القتل أثناء استخراج الرخصة؟
أقر قانون المرور الحالي مجموعة من العقوبات على المخالفين أثناء السير بالطرق وحارب الخارجين عن القانون ممن يريدون الحصول على رخصة للسير بالطرق وتصدى لمرتكب جريمة قتل، ووضعت عراقيل ضده لعدم التحصل على تراخيص من الوحدات وحدد مجموعة من الاشتراطات التي يجب توافرها .
وعاقب قانون المرور في المادة رقم 81 مرتكب جريمة قتل ضمن الأفعال المشينة للسائقين لعدم الحصول على رخصة حيث نصت المادة من القانون على أنه " إذا إتهم قائد أى سيارة بإرتكاب جريمة قتل أو إصابة خطأ بالسيارة فيجوز للنيابة العامة أن تأمر بإيقاف سريان رخصة القيادة المنصرفة إليه لمدة لا تتجاوز شهرا ولها إذا رأت مد إيقافه أن تعرض الأمر على القاضى الجزئى ليأمر بإلغائه أو إمتداده المدة التى يحددها".
كما نصت المادة ( 81) مكرراً بأنه تنقضى الدعوى الجنائية فى المخالفات المنصوص عليها فى هذا القانون بمضى ثلاث سنوات من تاريخ وقوع العمل كما تسقط العقوبة بمرور ثلاث سنوات على صيرورة الحكم بها نهائيا.
ووضعت في المادة ( 81) مكررا (1) تفسير بأنه مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد فى أى قانون آخر ، يعاقب قائدو المركبات التى تتسبب دون مقتضى فى تعطيل حركة المرور أو تعويقها ، بغرامة لا تقل عن خمسمائة جنية ولا تزيد على ألفى جنية .
ولضباط المرور المختصين والأمناء والمساعدين إزالة أسباب المخالفة على نفقة المتسبب بالطريق الإدارى .
مشاركة