يقول الله سبحانه وتعالى (وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خير لكم).. لم أجد سوى هذه الآية لكي أبحث عن الجانب الخير في صعود رئيس معادٍ للعرب والمسلمين لقمة هرم العالم، وزعامة الإمبراطورية الكونية، التي تمددت، وطغت كما لم يحدث في تاريخ الإمبراطوريات من قبل.
وفوز الرئيس الأمريكي دونالد ترامب برئاسة أمريكا، وسيطرته على الأغلبية في الكونجرس، جعل الجميع يصاب بالرعب من الآتي على يد هذا الرجل سواء كان للمهاجرين العرب والمسلمين في الولايات المتحدة الأمريكية، أو لبلادنا العربية التي يتطلع للسيطرة الكاملة عليها وعلى ثرواتها، بواسطة وكلاء الشر والشيطان في تل أبيب.
وبالبحث، وجدت أن هناك في الجانب الآخر للصورة عشر فوائد لهذا العجوز القادم للعالم:
1. عودة ترامب يمكن أن تعيد للعرب وعيهم، والاقتناع أن الوحدة هي الطريق الإجباري لاحترام العالم لهم، والحفاظ على ما تبقى من شعوبهم، وثرواتهم، وسيادة بلادهم.
2. أن أمريكا لم تعد ذلك المخادع الذي يقنعنا بأنه صديق أو حليف، بينما يدمر بلادنا من الداخل، ويسلم كل مقدراتها لعصابة إسرائيل، ووحوش الرأس مالية العالمية، فالرجل يمتاز بالصراحة، ويطالب علانية بالسيطرة على أموالنا، وعلى كل مقدراتنا السياسية والاقتصادية وحتى الدينية.
3. أن الوصول لحافة الهاوية بالنسبة لأي دولة أو منطقة، أو حتى حضارة في التاريخ، هو لحظة الاستيقاظ من الغفلة، وربما الغباء، حفاظًا وحبًّا للبقاء، والمعروف أن ترامب هو رجل حافة الهاوية في كل صراعاته، ولا يؤمن بالحلول الوسط، وعندما يدفعنا إلى هذه الحافة حتمًا يمكن أن نستيقظ؟
4. تعلمنا من ترامب السابق أنه ملك الصفقات، فالرجل يدير السياسة والمواقف بالصفقة، ويمكن لعقول العرب أن تستيقظ وتعد مجموعة من الصفقات الرابحة التي نضعها على طاولة ترامب بدلاً من التسليم المذل.
5. أن الرجل سوف يعيد تنشيط منصات التواصل الاجتماعي، ووسائل الاتصال الحديثة مرة أخرى، ويجعل صناع القرار عندنا، وعقول الأمة تستفيق في كل صباح مع منشور ترامب المفاجئ، وهو ما يعني أن شعبنا وصناع القرار عندنا يمكن أن يستفيقوا من نومهم العميق.
6. أن ترامب سوف يخفف عنا شرور أوروبا التي تحالفت مع بايدن، وإسرائيل في الحرب على غزة، ولبنان، وجميع منطقتنا العربية، لأن الرجل لا يحب وجود دول أوروبا إلى جواره دائمًا، لأنه يبحث عن عظمة أمريكا وحدها.
7. أن الحرب المدمرة مع رسيا سوف تتوقف، ويعود لنا رغيف الخبز سالمًا.
8. أن وهم جنة أمريكا عند شبابنا الطامع في الهجرة سينتهي.
9. أن جميع مخططات أمريكا وإسرائيل ستكون علانية على لسان ترامب مع كل صباح.
10. أن أغنياء العرب يمكن أن يتعطفوا على فقرائهم بقليل من المال لدعم الحفاظ على كراسيهم في مواجهة أطماع ترامب التي لا تنتهي.
وهكذا يبدو أن على العرب أن يبحثوا في تلك الفوائد لعل عجوز أمريكا يأتي منه الخير.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: یمکن أن
إقرأ أيضاً:
لا تفرحوا بالولاية الثانية لترامب!
د. عبدالله باحجاج
لماذا لا تفرحوا بالولاية الثانية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب؟ ليس لأنه مزاجي ومُتقلِّب الآراء، وليس لأنه شخصية تُزاوِج بين مصالح بلادها ومنافعها الشخصية، وليس لأنه يُهدد بسحب قوات ومعدات بلاده من الخليج، وجعل عواصم خليجية حليفة تخترقها صواريخ مسيرة، ولكن لشغفه الذي لن يُقاوم البقاء في رئاسة الولايات المتحدة لأكثر من دورتين، والدستور الأمريكي يسمح له بذلك، خاصة وأن هناك سوابق تخطى فيها غيره حاجز الدورتين مثل الرئيس فرانكلين روزفليت الذي استمر أربعة دورات، وحتى لو لم يكن هناك إمكانية دستورية، فستُصنَع له وبقوة تشريعية وتنفيذية تضمن له تمرير كل ما يُريده، وكذلك لسبب آخر استراتيجي، وهو رهانات المحافظين الأمريكيين في إحداث إصلاحات بنيوية سياسية واجتماعية ودينية شاملة عندما يعود ترامب للبيت الأبيض رسميًا.
لذلك، سيكون شغله الشاغل تطبيق شعار حملته "أمريكا أولًا"، من على خلفية ضمانة بقائه في البيت الأبيض لفترات عديدة وخلوده في التاريخ السياسي الأمريكي، وهذه الطموحات الكبرى يمكن أن تتحقق له من خلال "مشروع 2025"، وهو كتاب بحثي أعده محافظون من أنحاء الولايات المتحدة الأمريكية؛ إذ كتبه أكثر من 400 باحث وخبير سياسي مُحافِظ، ويقع في مجلد يتألف من 920 صفحة؛ ليكون خارطة طريق ترامب بعد فوزه، وقد أثار حين الكشف عنه قبل الانتخابات الرئاسية الأخيرة ضجة كبيرة داخلية، ولدواعٍ انتخابية اضطر ترامب إلى القول إنَّ لديه بعض التحفظات على بنوده.
وأطلقت فكرة مشروع 2025 مؤسسة "هيرتيج فاونديشن" البحثية اليمينية؛ وهي مؤسسة فكرية مُحافِظة تأسست عام 1973، تُعرف بأنها من بين المنظمات اليمينية الأكثر نفوذًا في الولايات المتحدة. وقد تداخلت مع رد ترامب في حينه قائلةً- من جانبها- إن المشروع لا يُمثِّل خطة ترامب، لكنها خطة وُضِعَت من أجل رئاسته في حال فوزه في الانتخابات. وحتى نقترب من بصمات ترامب على هذا المشروع، فقد استعانت المؤسسة بسياسيين وباحثين محافظين بينهم 140 عضوًا من إدارة ترامب السابقة، منهم كريستوفر ميلر القائم بأعمال وزير الدفاع السابق، وكين كوتشينيلي نائب وزير الأمن الداخلي السابق، وبيتر نافارو، كبير المستشارين التجاريين السابق لترام.
وتقول المصادر إن المؤسسة قد استخدمت مواردها ونفوذها لدفع أجندتها المحافظة في كل جانب من جوانب الحياة الأمريكية، وعلى رأسها معارضة الجهاد، وسياسات المناخ، والدعوة المناهِضة للمثليين، والدعوات لتضخيم الميزانية العسكرية ودور واشنطن العسكري حول العالم. وبرزت هذه المؤسسة في صُنع السياسة العامة الأمريكية منذ فترة رئاسة رونالد ريجان الذي اعتمد في سياساته على الدراسة السياسية للمؤسسة بعنوان "انتداب القيادة"، وأصبحت المؤسسة أحد مراكز البحث المحافظة الأكثر تأثيرا في الولايات المتحدة.
ويُدغدغ "مشروع 2025" اليميني مشاعر وطموحات ترامب كرئيس حاكم لكل السلطات، ولأجل طويل، من خلال إعادة هيكلة الحكم بتوسيع السلطات الرئاسية وإصلاح القوى العاملة الفيدرالية، بحيث يمكن استبدالها بالموالين الحزبيين.
الأخطر في المشروع كما تقول الصحيفة اليهودية "ذا جويش نيوز أوف نورثرن كاليفورنيا"، أنه يكمن في كونه يُسوِّق ضمنيًا لفكرة أن الولايات المتحدة الأمريكية مسيحية، وقد انحرفت عن القيم المسيحية، وأن إجراءات معينة يجب أن تُتَخذ لجعل هذه القيم السمة المميزة للحكومة والحياة العامة. وبعبارة أخرى- والقول للصحيفة- يأمل القوميون المسيحيون استخدام القوة السياسية لكسر الفصل بين الكنيسة والدولة، ومواءمة القوانين المتعلقة بالقضايا الاجتماعية مع العقيدة الدينية الإنجيلية. وفي المشروع تفاصيل شاملة للسلطة التنفيذية، ومن بينها تجريم المواد الإباحية، وفرض حظر شامل عليها وحل وزارتي التجارة والتعليم، ووقف مبيعات حبوب الإجهاض.
وحسب دراسة لمؤسسة "جالوب" فإن المسيحية في الولايات المتحدة هي الديانة الأكثر انتشارًا بنحو 73.7% من الأمريكيين، وأظهر استطلاع أجراه معهد أبحاث الدين العام "بي آر آر آي" (PRRI) بالتعاون مع معهد بروكينجز، ونشره موقع "الجزيرة نت"، نسب دعم القومية المسيحية بين الأمريكيين من خلال طرح 5 أسئلة واستفسارات تتطلب الإجابة عليها بنعم أم لا، وهي:
- هل دعا الله المسيحيين لمُمارسة السيادة على جميع مجالات المجتمع الأمريكي؟
-هل يجب على حكومة الولايات المتحدة أن تعلن أمريكا أمة مسيحية؟
- هل أن تكون مسيحياً هو جزء مهم من كونك أمريكيا؟
- هل إذا ابتعدت الولايات المتحدة عن الأسس المسيحية، فلن يكون لدينا بلد بعد الآن؟
-هل يجب أن تستند قوانين الولايات المتحدة إلى القيم المسيحية؟
وقد وجد الاستطلاع، وهو الأكبر على الإطلاق الذي تم إجراؤه حول هذا الموضوع، أن نحو 30% من كل الأمريكيين يمكن تصنيفهم على أنهم أتباع أو متعاطفون مع القومية المسيحية، وهم أولئك الذين يتفقون تمامًا أو في الغالب مع تلكم العبارات الخمسة السابقة، في حين يعارض ما يقرب من ثلثي الأمريكيين هذه النظرة المسيحية القومية للولايات المتحدة.
ويتعمق الاستطلاع أيضًا في تمسُّك الأمريكيين بالآيديولوجية القومية المسيحية البيضاء، ووفقًا لـ33% من الأمريكيين، فقد أعطى الرب أمريكا للمسيحيين الأوروبيين كأرض موعودة؛ حيث يمكنهم إنشاء مجتمع مثالي، كما إن أكثر من نصف البروتستانت الإنجيليين البيض يوافقون على هذه العبارة، و77% من الأمريكيين يعتقدون أن الآباء المؤسسين كانوا يقصدون إنشاء "أُمَّة مسيحية". ويرى هؤلاء القوميون المسيحيون أن شعار دونالد ترامب الانتخابي "لنجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى" يعني بالأساس إعادة السلطة إلى أمريكا المسيحية البيضاء.
لا يعنينا في هذا المقال تداعيات هذه التوجهات الحاكمة لفترة ترامب، وموقف اليسار الراديكالي منها، ولا عداوته المقبلة لأوروبا، ولا دوره في استنهاض المحافظين واليمين الشعبوي في القارة العجوز، وإنما يعنينا كيف ينبغي على دول مجلس التعاون الخليجي التعامل مع حقبة ترامب والمحافظين، مع التذكير دائمًا بمواقفه السياسية والأمنية منها إبّان فترته الأولى، ونختصرها في النقاط التالية:
- المضي قدما في تنويع الحلفاء والشركاء، والاعتماد على الذاتية في اطار التنسيق والتماهي الخليجي الخليجي.
- الحفاظ وتعزيز المناعة الاجتماعية لكل دولة، فاذا هي ضمنت عدم تسييس حقوق الانسان وحرياته في عهد ترامب الجمهوري، فلن تضمن إكراهات المحافظين الأمريكان في الدفاع عن حقوق المسيحيين في الخارج، كما إن الإكراهات الأوروبية في قضايا المِثلية والنسوية والإلحاد ستزداد أكثر من السابق، وإلغاء عقوبة الإعدام كشرط أساسي لتأشيرة شنجن نموذجًا.
- تصحيح الاختلالات البنيوية لتحولاتها الحديثة، فهي تُجدِّد الأفكار السياسية القديمة في المنطقة، وتنتج أفكاراً جديدة بقاطعات دولية بقوى أنظمة وأحزاب وجماعات.
رابط مختصر