بوابة الوفد:
2025-04-29@14:26:40 GMT

لماذا نحن فقراء ؟

تاريخ النشر: 10th, November 2024 GMT

الفقر عدو كريه، لكنه مُقيم معنا منذ أزمنة، حتى صار معلما من المعالم، معتادا، ومألوفا، وأمرا طبيعيا. فى يوم ما سأل رئيس باكستان، الكاتب المصرى محمد حسنين هيكل ـ حسبما روى ـ لماذا نحن فقراء؟ لماذا يقيم الفقر فى بلاد الشرق؟ ولماذا يتمركز أكثر فى بلاد المسلمين؟. حار الأستاذ هيكل قليلا، ثم أرجع الأمر لعوامل جغرافية، ومناخية، وتاريخية، لكن الإجابات لم تكن مقنعة.

دارت الأيام وتبدلت الأفكار ومنحت الأكاديمية السويدية جائزة نوبل فى الاقتصاد لعام 2024 لثلاثة علماء كان من بينهم اثنان عرفناهما من قبل لأنهما كتبا كتابا مهما عن الفقر عنوانه «لماذا تفشل الأمم؟». صدر الكتاب عام 2012 وترجم إلى العربية لاحقا، وكان محل اهتمام عدد قليل من أساتذة الاقتصاد والاجتماع العرب، لكن حجم الاهتمام تزايد واشتعل بعد حصول مؤلفيه على نوبل.

دارون اسيم أوغلو، وجيمس روبنسون لهما نظرية جديدة تقول إن الأمم الفقيرة ليست فقيرة بحكم الجغرافيا، والمناخ والطبيعة، وإنما بحكم المؤسسات المقامة على أسس متآكلة وبنيان ضعيف.

فيما مضى كان البعض يردد بأن الدول ذات المناخ الحار هى بالضرورة فقيرة، لكن سنغافورة وماليزيا وبتسوانا شطبوا بنموهم وازدهارهم الاقتصادى هذه الفرية. وفيما مضى أيضا تصور البعض أن الدول ذات الموقع الجغرافى المهمش يجب أن تبقى فقيرة، لكن اتضخ خلاف ذلك بأمثلة ازدهرت ازدهارا لافتا.

السر فى تخطى الفقر هو وجود مؤسسات صحيحة وقوية وفاعلة، وهو ما يتحقق فى ظل تعددية سياسية. يقول الكتاب: إن المؤسسات القوية تقام نتيجة منافسات سياسية واستعداد المجتمع لتقبل زعمماء سياسيين جدد. الأمثلة عديدة من التاريخ، لكن فيما يخص البلدان العربية يشير المؤلفان بوضوح فى الفصل التاسع إلى حركة الاستعمار الأوروبى للشرق وكيف أفقرت البلدان التى احتلتها بتعمد بناء مؤسسات وهنة. المؤسف أنه كانت هناك فرص عظيمة جدا بعد الاستقلال، لكن النظم الحاكمة أقامت مؤسسات طيعة للهيمنة على أى فرص منافسة سياسية محتملة.

ثمة حكاية كاشفة فى هذا الكتاب، تتحدث عن كوريا التى كانت مستعمرة لليابان حتى نهاية الحرب العالمية الثانية. بعد انتصار الحلفاء قسمت كوريا بين أمريكا وروسيا، فصار النصف الجنوبى خاضعا لواشنطن، وصار الشمالى خاضعا لموسكو. كان هناك شقيقان، عاش الأول فى النصف الشمالي، والثانى فى الجنوبي، وظلا مفترقين طوال عقود المقاطعة حتى التقيا مؤخرا بعد اتفاق لم الشمل بين الدولتين. سأل الجنوبى شقيقه الشمالى عن رقم هاتفه، فأجاب بأنه ليس لديه هاتف. سأله عن سيارته فقال إنه ليس لديه سيارة. عرض عليه نقودا كمساعدة فقال له إننى سأضطر عند عودتى إلى تقديمها للحكومة. كان الفارق فى المعيشة بين نصفى البلد كبيرا لدرجة مثيرة، لكن التفسير كان سهلا، ففى كوريا الجنوبية كانت هناك مؤسسات قوية قائمة على احترام سيادة القانون، وتعددية سياسية بينما كانت الشمالية خاضعة لنظام ديكتاتورى عتيد.

مثال آخر فى نهايات القرن التاسع عشر ومطلع العشرين فى أمريكا والمكسيك. ففى ذلك الوقت كان أصحاب الأفكار والمبتكرين كثر. وبالفعل تبدلت حياة كثيرين ظهروا فى أمريكا مثل آديسون بسبب وجود نظام مصرفى قوى يمول شراء براءات الابتكار بيسر، ذلك لأن هذا النظام كان قائما على منافسة حقيقة وقوانين شاملة وقوية، لكن فى المكسيك كان النظام المصرفى  نتيجة الفساد السياسى  فى حوزة أقلية مسيطرة.

الخلاصة : التعددية هى سلم مفارقة الفقر، لأنها كفيلة ببناء مؤسسات راسخة. والله أعلم.

 

[email protected]

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: مصطفى عبيد الكاتب المصري محمد حسنين هيكل بلاد المسلمين

إقرأ أيضاً:

مؤسسات دولية تتوقع ارتفاع نمو الاقتصاد المصري رغم التوترات التجارية

صدر مؤخرا عن صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي، عدة تقارير بشأن مستوى الاقتصاد المصري، وأهم 5 قطاعات ستشهد أكبر عملية نمو وجذب للوظائف على المستوى المحلي خلال الفترة القادمة.

وقالت رانيا المشاط، وزيرة التعاون الدولي، خلال مؤتمر الحكومة الأسبوعي، إن أكبر المؤسسات المالية العالمية أشادت بمستقبل مصر الاقتصادي في ظل التوترات التجارية، نتيجة بعض الإجراءات الاقتصادية التي أثرت على أغلب الأسواق العالمية، لاسيما مصر، ودول الاقتصادات الناشئة على وجه التحديد.

وأشارت الوزيرة، إلى أنه على الرغم من تراجع التوقعات لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي لمستوى الاقتصاد ببعض دول العالم، لكنها لم تتضمن مصر، بحسب التقارير الأخيرة.

توقعات صندوق النقد الدولي و البنك الدولي بنمو الاقتصاد المصري

ولفتت الوزيرة إلى تحسن الناتج المحلي الإجمالي لمصر، ومشاركة القطاع الخاص وانخراطه بشكل كبير مقارنة بالأوضاع المادية، وتراجع مستوى التضخم بشكل غير مسبوق، رغم التحديات التي تواجهها مصر إقليميا وعالميا، والتي تنعكس على عجلة الاقتصاد المحلي.

ارتفاع توقعات البنك الدولي لـ 5 قطاعات في مصر في مستقبل النمو والتوظيف

وأظهر تقرير صادر عن البنك الدولي حديثا عن أهم 5 قطاعات في مصر ستشهد ارتفاعا في حجم النمو والتوظيف والتشغيل خلال الفترة القادمة.

وتضمنت القطاعات «قطاع البنية التحتية المادية والرقمية، قطاع الزراعة ورفع كفاءة المزارعين، قطاع الرعاية الصحية الأولية، قطاع السياحة المصرية، قطاع التصنيع المحلي ذو القيمة المضافة».

سيناريوهات النمو العالمي في حالة التصعيد الاقتصادي الراهن

أوضح تقرير البنك الدولي الأخير، أن النمو الاقتصادي للعالم سيشهد تراجعا في الحالة العادية بدون مزيد من التصعيد الاقتصادي بنسبة 0.5% خلال عام 2025، وبنسبة تراجع تصل لـ 3.5% خلال عام 2026.

ولكن في حالة التصعيد الاقتصادي العالمي، فمن المتوقع أن يشهد النمو العالمي تراجع بنسبة 1.5% خلال العام الجاري، و 6% خلال عام 2026.

يذكر أنه قبل حالات التصعيد في الحرب التجارية بين أكبر الاقتصادات العالمية، وصلت توقعات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي لنمو الاقتصاد العالمي خلال العام الجاري بنسبة تتخطى الـ 3%.

اقرأ أيضاًوزير المالية يُشارك في اجتماعات صندوق النقد والبنك الدولي ومجموعة العشرين بواشنطن

البنك الدولي يشيد ببرنامج التنمية المحلية في صعيد مصر

التنمية المحلية والبنك الدولي يتابعان ملفات التعاون لتنمية الصعيد وتطوير الإدارة المحلية

مقالات مشابهة

  • مؤسسات دولية تتوقع ارتفاع نمو الاقتصاد المصري رغم التوترات التجارية
  • الدائرة الأولى إرهاب تنظر تجديد حبس أحد قيادات الجماعة الإرهابية
  • بعد قليل.. تجديد حبس متهم شكل خلايا إرهابية لتوسيع الهجمات الإلكترونية
  • تركيا.. خط الفقر يتجاوز 26 ألف ليرة
  • لماذا يجب ألا يمر تصريح ترامب عن حق أمريكا في عبور قناة السويس مجانا مرور الكرام؟
  • احذر يمين الخراب.. يجلب الفقر ويقطع النسل ويأتي بكل أمر عسير
  • دعاء زوال الفقر وقلة الرزق.. احفظه وداوم عليه يوميا
  • مصدر أمنى: عناصر الإخوان تبث فيديوهات قديمة للإسقاط على الدولة
  • مصريون يشكون الفقر ويعربون عن مخاوفهم من انتشار البلطجة والمدمنين بالشوارع
  • "القهوة اليمنية هي الأفضل".. لماذا المقاهي اليمنية تجد نجاحًا في أمريكا؟ (ترجمة خاصة)