تمثيلات العتبة فى الثقافة المصرية والأوروبية
تاريخ النشر: 10th, November 2024 GMT
إذا كنت واقفاً على عتبة بابك، هل أنت داخل منزلك أم خارجه؟
فى لقاء مع أصدقاء كنا نناقش رمزية العتبة فى الثقافتين العربية والأوروبية، متسائلين عن أوجه التشابه والاختلاف بين رؤيتهما. كنا نبحث فى تمثيلات العتبة فى كل ثقافة، فهل هى مدخل أم مخرج؟
كان رأيى هو أن العتبة ليست مجرد مدخل، بل هى مساحة رمزية تحدث فيها التحولات، حيث يلتقى المألوف بالمجهول، وتُختبر الحدود الثقافية والشخصية.
فى الثقافة المصرية، تعتبر العتبة مكاناً مقدساً. عبورها، سواء كان إلى منزل أو مسجد أو كنيسة موقع مقدس، يتطلب طقوساً معينة، مثل الدعاء أو الدخول بالقدم اليمنى أولاً، مما يعكس احتراماً عميقاً لهذا الحد الفاصل بين الداخل والخارج. العتبة فى هذا السياق ليست مجرد نقطة دخول، بل تمثل انتقالاً من العالم الخارجى إلى عالم داخلى، حيث يمكن أن يكون عبورها رمزاً للتطهير أو الاستعداد لما هو قادم. فى الأدب المصرى، مثل أعمال نجيب محفوظ، تعكس العتبة لحظات قرارات وجودية كبيرة، تمثل صراعات الشخصيات الداخلية بين الخيارين المصيريين فى حياتهم.
إضافة إلى ذلك، تعد العتبة فى الثقافة المصرية رمزاً للضيافة والحماية. فى الأحياء الريفية، يُزخرف المدخل برموز من القرآن لحماية المنزل من الأرواح الشريرة، ما يعكس التأكيد على السلام الاجتماعى والتواصل الجماعى. وفى هذا السياق، تمثل العتبة حاجزاً بين العالم الآمن والمألوف والعالم الخارجى المجهول.
أما فى الثقافة الأوروبية، فتعتبر العتبة رمزاً للتحول الشخصى، حيث تركز الأدب والأنثروبولوجيا على العتبة كمكان للانتقال من مرحلة إلى أخرى، مثل الولادة أو الزواج أو الموت. الأنثروبولوجى أرنولد فان غينيب فى دراسته Rites de Passage (طقوس العبور، 1909) يربط العتبة بالحركة الاجتماعية والتغير الشخصى الذى يعترف به المجتمع من خلال طقوسه.
فى الأدب الأوروبى، تظهر العتبة كاستعارة للتحول الشخصى. وفى «الكوميديا الإلهية» لدانتى، يمثل عبور أبواب الجحيم بداية رحلة روحية. وفى «صورة الفنان فى شبابه» لجيمس جويس، يرمز خروج ستيفن ديدالوس من المنزل إلى ولادة هويته الفنية ورفضه للقيود الاجتماعية.
على الرغم من الاختلافات الثقافية، فإن العتبة فى كل من الثقافتين تمثل موقعاً للتحول. وفى الأدب المصرى، هى رمز للترحيب والحماية، بينما فى الأدب الأوروبى، تمثل مواجهة مع المجهول أو التحدى الشخصى. ورغم هذه الفروق، تبقى العتبة فى كلا السياقين رمزاً عالمياً للتحول والتغيير، ما يعكس التجربة الإنسانية المستمرة للعبور من عالم إلى آخر، بما يتضمنه من تحديات وآمال.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: أصدقاء الثقافة المصرية فى الثقافة العتبة فى فى الأدب
إقرأ أيضاً:
«بهي الدين»: شعار «القاهرة للكتاب» يحمل دلالات تتسق مع الثقافة المصرية والعربية
قال الدكتور أحمد بهي الدين، رئيس الهيئة العامة المصرية للكتاب، إن معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ56 يفتح بابه للمعرفة وشغف القراءة والاطلاع وهذه الدورة لها شعار لافت ومهم وهو «اقرأ.. في البدء كان الكلمة»، وهو شعار يحمل في الحقيقة الكثير من الدلالات التي تتسق مع الثقافة المصرية والعربية.
معرض القاهرة الدولي للكتابوأضاف «بهي الدين»، خلال مداخلة هاتفية عبر شاشة قناة القاهرة الإخبارية، أن دور معرض القاهرة للكتاب عبر تاريخه أن يكون منفتحًا على الثقافة الإنسانية بشكل عام، مشيرًا إلى أن معرض القاهرة الدولي للكتاب يستقبل جمهوره اليوم بعد حفل الافتتاح أمس، والجمهور سيجد الكثير من دور النشر المصرية والعربية والأجنبية التي جاءت إلى مصر محملة بأحدث إصداراتها ولديها ثقة كبيرة في القارئ المصري والدولة المصرية.
وتابع: «معرض القاهرة الدولي للكتاب من أقوى معارض الكتب في العالم وهذا المعرض يعكس حراكا ثقافيا حقيقيا من خلال اللقاء مع كتاب ومفكرين ومبدعين في العديد من الندوات التي تضم مجالات المعرفة الإنسانية وليست الأدبية فقط».