صدى البلد:
2024-12-22@01:45:07 GMT

عبد السلام فاروق يكتب: حفيد امرؤ القيس في القاهرة

تاريخ النشر: 10th, November 2024 GMT

شاعر سعودي هو. لكنه مزيج فريد من إرث فكري واجتماعي مصري سعودي..
جذوره تمتد لشاعر قبيلة كندة: "امرؤ لقيس"، وهو ابن الشيخ : محمد صالح باشراحيل صاحب المنتدى الثقافي الذي استضاف كبار المفكرين ورجال الدين والثقافة والفكر والأدب. وقد استكمل مسيرته الثقافية ابنه الشاعر: عبد الله باشراحيل بطل هذه المقالة..
أخواله من مصر؛ فهو إذن ابن مكة والزقازيق معاً، لهذا نشأ عاشقاً للبلدين، وإن كان يفتخر ولا شك أن منبته ومسقط رأسه جاء في البلد الحرام.

لقد حصل عبد الله باشراحيل على ليسانس الحقوق من جامعة القاهرة، ونال الماجستير في الدراسات الدولية، ثم انتقل للفلبين حيث حصل على الدكتوراه من جامعة الشرق في الفلسفة التعليمية.
شارك الدكتور عبد الله في مهرجانات الجنادرية، وله مؤلفات شعرية ونثرية غزيرة ثرية بالمتعة والإبداع؛ لهذا شارك بإحياء أمسية شعرية ضمت 84 شاعراً عالمياً في مهرجان الشعر العالمي  بكولومبيا. كما شارك في أمسيات مهرجان المتنبي بسويسرا، وفى مهرجان جرش. بخلاف الأمسيات الكثيرة في مصر والسعودية. 
والحق أنه حريص على تلك المشاركات الثقافية المتعددة، وعلى التأليف والإبداع رغم أنه مستشار قانوني ورجل أعمال ورجل خير بارز. فطالما ساهم مع والده في العديد من المشاريع الوطنية والتجارية والخيرية والثقافية. لكن هذا لم يمنعه من ممارسة متعته في الكتابة ونَظْم الشعر. ولأنه ابن مثقف وحفيد أسطورة الشعر، لهذا وجد أن من واجبه أن يؤسس لمنظومة ثقافية تشجع أصحاب المواهب والمبدعين في السعودية؛ ولهذا أسس جائزة الشيخ محمد صالح باشراحيل للإبداع الثقافي بالسعودية تخليداً لذكري أبيه .
الآن، قرر الدكتور عبد الله تكرار تجربته الثرية ونقلها للقاهرة عاصمة الثقافة العربية. كما قرر أن يبدأ نشاطه الثقافي في مصر بإقامة حفل توقيع مؤلف يجمع أعماله الكاملة؛ وقد جاءت في سبعة مجلدات تضم 35 كتاباً تنوعت بين الشعر الفصيح والشعر النبطي والنثر عن دار نشر "منازل"؛ إذ كان الدكتور الشاعر من أصحاب القلم والأعمدة الصحفية المنتظمة، ومَن سواه يزين أعمدة الصحف إذا لم يكن مثله في مقدمة الكتاب البارزين؟!
والحق أننا في مصر قصَّرنا في حق الثقافة السعودية؛ الرواية والشعر والمسرح والمقال الصحفي وغيرها من أنواع الإبداع الأدبي . وهناك أسماء وشخصيات عظيمة، إلى جانب الدكتور عبد الله باشراحيل، في الأدب السعودي ذات بصمة غائرة، لكنها ظلت لفترة طويلة بصمة محلية، أو أنها تنتقل شرقاً إلى دول الخليج، لكننا في مصر لم نقرأ كثيراً روايات أو دواوين شعر سعودية، ومثل هذا الأمر لا بد له أن يتغير ويتطور. لابد من امتزاج ثقافتنا بالثقافة الخليجية التي أسست لنفسها تاريخاً ووضعت لنفسها أسلوباً خاصاً وذائقة تختلف عما عهدناه في مصر. ولا شك أن امتزاج الذائقتين المصرية والسعودية سوف يثمر إبداعاً ثالثاً يجمع أفضل ما فيهما معاً.
لهذا أشجع وأثمِّن تلك الخطوة التي اتخذها الدكتور عبد الله، وهي خطوة مزدوجة: يطبع فيها أعماله الكاملة في مصر، ويؤسس في نفس الوقت لجائزة ثقافية سنوية تشجع المبدعين في مصر للتنافس من أجل إبداع كل ما هو أصيل ومميز بعيداً عن الانتماءات السياسية والتحزب.
الدكتور عبد الله باشراحيل ليس مثقفاً عادياً، كما أن جائزته ومؤلفاته التي ينشرها في مصر ذات الجمهور الممتد، ليست مجرد خطوة عادية. بل هي خطوة هائلة، وهي حدث ثقافي مهم، ينبغي أن نشجعه كمثقفين وكجمهور في مصر والسعودية وكل منطقة الخليج. أولاً: لأننا بالفعل نتمنى خلق هذا الجسر الثقافي بشكل فاعل ونعمقه ونضع له حجر أساس نبني عليه في المستقبل. ثانياً: لأننا نريد ألف مثقف كالدكتور عبد الله يفعل المثل، لأن الفعل الثقافي أوسع نطاقاً من مجرد جائزة سنوية هنا أو هناك، لكنها بداية مطلوبة ورائعة. ثالثاً: لأننا نريد توحيد الجهود الثقافية وبسطها وتوسيع دائرتها. لأن هذا من شأنه أن يرقَي بالمنتج الثقافي ويضعنا على مسار الأدب العالمي بشكل أسرع وأقوي. وإذا كنا قد فشلنا كعرب أن نجتمع معاً سياسياً أو اقتصادياً أو اجتماعياً فلنجتمع ثقافياً وفكرياً.
إنني إذ أقدم لأعمال ولشخصية الدكتور عبد الله باشراحيل فأنا أقدم علَماً من أعلام الثقافة، لا أقول في السعودية، بل في المنطقة العربية بأسرها. رجل حصل على تكريم من رؤساء عرب كثيرين، من بوتفليقة في الجزائر إلى البشير في السودان، وحصل على عدة أوسمة ودروع وشهادات تقدير وزمالات فخرية في دول عربية وأوروبية عديدة، وكتب عن مؤلفاته عدد كبير من المتخصصين في السعودية وغيرها. أي أنه يُعدّ من نخبة النخبة في السعودية ومنطقة الخليج بأسرها. وهو حينما يقرر أن ينقل تجربته الثقافية أو جزء منها إلى مصر، فهو إذن يؤسس لتيار أدبي وثقافي، ويفجر ينبوعاً من العمل الثقافي والنشاط الفكري يظل جارياً في مصر لسنوات، وربما يتحول في وقت ما لمؤسسة ثقافية تضع بصمتها في تاريخ الحركة الثقافية المشتركة بين مصر والسعودية البلدين الذَين يقتسمان أجمل بحار العالم، ويقتسمان شعبين من أعرق شعوب العالم.
يقول الدكتور عبد الله في أحد قصائده فخراً واعتزازاً:
سيذكرني الأكارمُ بعد موتي         بأني الصادقُ الشهم ُالنبيلُ 
وأحمدُ خالقي كم ذا حباني            بفضلٍ ما يُناظرهُ مثيلُ 
وأعلم أن لي عمراً قصيراً          وتدركني المنايا والرحيلُ 
سأرحل راضياً عنِّي لأنِّي          صدقتُ وبالوفاء أنا الجميلُ 
ذلك هو موطن فخره، أنه ذو عملٍ نبيل وقولٍ صادق. إذن فإن مشروعاته الثقافية والتجارية والخيرية كلها يمكن وضعها في سلة واحدة، هي سلة الخير والنية الصادقة في نفع الناس. ولهذا يقع في يقيني أن مشروعاته الثقافية في مصر سوف تنبت وتزهر وتثمر بأفضل مما يتمني. وأنها بداية لجسر ثقافي سيمتد بين مصر والسعودية ومن ورائها الخليج. بأعمال ثقافية مشتركة تمزج الثقافتين لتصل بالفعل الثقافي العربي إلى العالمية كما ينبغي لها أن تصل.
هذا شاعر وأديب من الجيل الراسخ، جيل الوسط، فهو من مواليد عام 1951م. قال عنه علي أحمد باكثير وعبد الله عمر بلخير: (الشاعر باشراحيل مرآة نفسه، ومنارة عصره، وشعره حافل بالجمال والخيال، ومجمع الوزن والموسيقي). وقال له أدونيس في رسالة إليه: (إنني رأيت فيك ما يؤكد شاعريتك المتوثبة، وشواغلك الإبداعية، إضافةً إلى تحقيق قفزات تعبيرية وجمالية).
نحن نفتقد الشاعر والأديب الذي يستثمر الإبداع في الآخرين، فيؤسس لجوائز، ويمارس فعاليات محفزة على الحراك الثقافي. نفتقده داخل الحدود وخارجها. ومثل الشاعر الدكتور عبد الله باشراحيل هو نموذج ينبغي ألا يكون وحده في هذا المضمار. وأن يحذو حذوه المثقفون ممن أسسوا لأنفسهم كياناً، وحان الوقت ليدفعوا أجيالاً بعدهم ويشجعونهم على الإبداع والفعل الثقافي المثمر والمنتِج والمؤسِّس لروافد تبقي لأجيال تالية بعد جيلنا هذا.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: مصر والسعودیة فی السعودیة فی مصر

إقرأ أيضاً:

هي الزهراءُ ساميةُ المعاني

منذ وقت مبكر كانت المرأة المطمع الأول والمَنفذ الذي حاول أعداء الأمة الإسلامية الدخول منه لتنفيذ أغراضهم الدنيئة، مستغلين حالة الجهالة التي فُرضت على المرأة المسلمة من جهة وحالة الانبهار بالغرب والتي أصيبت بها بعض النساء من جهة أخرى.
فقد أصبحت المرأة المسلمة تتعرض للاستهداف الممنهج لأن تكون متأثرة بالمرأة الغربية إلى حد كبير، فهذا الاستهداف هدفه الأسمى أن تكون المرأة الغربية النموذج المنسجم للمرأة المسلمة المعروفة بتعاليم دينها وعفتها وطهارتها وزكاء نفسها، من خلال دور الدول الغربية والمنظمات الإفسادية التي تسعى جاهدةً لتدميرها وإغراقها في وحل الضلال والغي.
بيد أن هناك نساء وقفن أمام هذا العدوان الذي يستهدفهن بكل ثبات وقوة، وكان لهن الدور العظيم في مسيرة الفطرة الراشدة، وبناء المجتمعات القوية والملتزمة، التي تنطلق من مفاهيم القرآن الكريم الذي عرض نماذج للكمال البشري الأنثوي من خلال العديد من النساء، ومن ضمنهن سيدة نساء العالمين، والتي حرص المعتدون والغربيون وأدواتهم على تغييب هذه السيدة العظيمة، وحرموا الشعوب الإسلامية من التطلع إلى الكمالات البشرية من خلال هذه القدوات القرآنية الرائدة.
كانت وماتزال فاطمة الزهراء عليها السلام، هي النموذج الأرقى، والقدوة الكاملة في إيمانها ووعيها، من تُجسِد الأخلاق والقيم والمبادئ الإسلامية، وتُشكل حصانة للمرأة المسلمة التي تتعرض اليوم لكافة أنواع الاستحداث والغزو من قبل المفسدين في الأرض، ومن قبل أعداء الله وأعداء الإسلام، من يحاولون أن يُحرِفوا المرأة المسلمة عن هويتها الإيمانية، من يحاولون أن يُنزِلوا قدرها العظيم، حيث جعل الله سبحانه وتعالى تمثيل خطواته الأولى لمشروعه الإلهيّ تتمثل في أدوار تقوم بها المرأة، فكان ثباتها في وقت الأهوال والحروب والشدائد يدل على واقع إيماني، على محبة لله والخوف منه ورجاء فيما وعد الله، واقعاً إيمانيا عظيماً جعلهن على درجة عالية من الثبات والصبر.
هو ذلك الإيمان الذي بُعث في فاطمة الزهراء وهي لا تزال صغيرة لتقف مدافعة عن أبيها، هو ذلك الإيمان الذي جعلها تقف في خطبتها العظيمة لتدافع عن مبادئ ومقومات الإسلام، هو ذلك الإيمان الذي جعلها تقف مع زوجها في حادثة السقيفة، وهو ذلك الإيمان الذي يدفعنا اليوم لمواجهة أكبر عدوان على مر الأزمان والعصور والتاريخ، لتطبيق تلك المواقف المشرفة كقدوة لنا نحن المسلمات، هو ذلك الإيمان الذي سيحمينا ويحمي مجتمعنا من عدو يتربص بنا ويستهدفنا ويدمر عفتنا ويشوه هويتنا الإيمانية.
كل هذا الدور المهم للمرأة لا يكون إلا من موقع مصون من موقع محفوظ، وليس من واقع الفوضى والابتذال،
ودور المرأة المسلمة يجب أن يكون أساسه بداية بالاقتداء بالنموذج الكمال البشري الأنثوي المتمثل في فاطمة الزهراء عليها السلام، وتتبع مسيرتها والأخذ بأقوالها وأفعالها، والنهج بنهجها، التي بلغت بين كل المسلمات والمؤمنات أسمى وأرفع مرتبة للكمال الديني، وذلك من خلال المقام الحقيقي الذي بلغته ووصلت إليه من إيمانها وروحيتها وأخلاقها وعملها، واستكانتها، ووعيها وبصيرتها ، مقام يمتد إلى الجنة، وصولاً إلى الصديقات الطاهرات عليهن السلام و من أولياء الله سبحانه ومن إمائه الصالحات ، فلا يتأثرن بالدعايات ولا يتأثرن بالإرجاف ولا بالتضليل الذي يستهدفهن، وكذلك لا يتأثرن بكل ما يسعى به الأعداء من إفساد وكيد.
ولهذا لقد أكرمنا الله بقدوة عظيمة، بامرأة عظيمة أكرمها الله بالطهر والنقاء، كيف لا وقد نشأت في بيت النبوة، على يد رسول الله أطهر خلقه، فكانت هي الأكمل لتكون قدوة نساء الأرض، وسيدة نساء الدنيا والآخرة، فسلام الله عليها ثالثة أهل الكساء وصلوات الله وسلامه على أبيها، وسلام ورضوان الله على زوجها عليه السلام، وعلى ابنيهما سيدا شباب أهل الجنة، وعلى الآل الكرام الأطهار، وسلام الله على من تبعهم ومن نهج نهجهم إلى يوم الدين.

مقالات مشابهة

  • ما حكم إلقاء السلام على قارئ القرآن؟.. الإفتاء تجيب
  • محمود الجارحي يكتب: من وقائع جلسات محاكمة سفاح التجمع.. ماذا قال المتهم؟
  • إبراهيم شعبان يكتب: نظرية العصر الإسرائيلي
  • وزير الثقافة ينعي الدكتور محسن التوني
  • نقابة المهن السينمائية تنعي الدكتور محسن التوني العميد السابق لمعهد السينما
  • هي الزهراءُ ساميةُ المعاني
  • الدكتور منجي علي بدر يكتب: قمة مجموعة الـ«D8» بالقاهرة
  • وزارة الثقافة تُطلق برنامج المنح الثقافية البحثية والأولويات البحثية للقطاع الثقافي
  • حفيد الشيخ الجيلاني يكشف تفاصيل وفاته.. ظل في العناية المركزة 4 أيام
  • الأوبرا تكشف عن سهرات الكريسماس