جاء الفوز الكبير الذي حققه المرشح الجمهوري ترامب على المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس، ليشكل مفاجأة في دوائر كثيرة ويكشف زيف استطلاعات متعددة ظلت حتى الساعات الأخيرة، تروج لفوز كامالا هاريس وتقدمها بفارق عدة نقاط عن ترامب.

لكن صناديق الاقتراع الأمريكية كان لها رأي آخر باختيار ترامب وتحقيق نصرًا سياسيًا كبيرا على الديمقراطيين وتجاوز الأصوات المطلوبة لحسم المجمع الانتخابي بكثير.

والحاصل، أن كنت أعتبر فرص هاريس رغم الضجة الإعلامية حولها قليلة للغاية في الفوز بالمنصب، وقلت هذا في مداخلة مع احدى الفضائيات العربية قبيل انطلاق الانتخابات بساعات، وأنه لا يمكن ان نبني احكاما على استطلاعات الرأي، كما كتبت من قبل أن الأمريكان لا يصوتون لإمرأة في منصب الرئيس مهما كانت قدراتها وكامل الاحترام لها، فهم يعرفون جميعهم ثقل المنصب ودور الولايات المتحدة كقوة عظمى، وهذا ربما كان واضحا للغاية أمام هيلاري كلينتون والتي هزمها ترامب في ولايته الأولى.

إضافة الى ذلك، فإن آداء الديمقراطيين الكارثي في الحروب التي اشتعلت في العالم خلال العام الأخير، وبالتحديد الإبادة في غزة وحرب لبنان والفشل الذريع في الظهور بمظهر قوي أو تقديم مقترح جاد أو فرض ضغوط قوية على مختلف الأطراف لوقفها، أظهر ضعفا هائلا لدى بايدن ونائبته كامالا هاريس والتي بدورها افتقدت تقديم أي رؤية أو وعد بإنهاء الحروب المشتعلة في الشرق الأوسط.

وعلى الجهة الأخرى، فإن ترامب كان واضحا للغاية وأقنع الشعب الأمريكي بحملته، فقد وعد بإنهاء حرب أوكرانيا، وقال انه قادر على انهاء الحروب دون أن يشير صراحة لذلك فيما يخص غزة ولبنان، كما كان واضحا للغاية في رؤيته تجاه المهاجرين غير الشرعيين في الولايات المتحدة ويقدرون بـ11 مليون شخص، وكان واضحا بخصوص الاقتصاد وفرض رسوم حمائية لصالح المنتجات الأمريكية حتى لو أدى ذلك لمعركة كبرى قادمة مع الصين.

ترامب فاز بأصوات الأمريكيين، حتى وان كان هناك تخوفات هائلة ومرعبة من قدومه، بينما خسرت هاريس بضبابية موقفها وضعف إدارة بايدن التي كانت جزءا منها.

وبخصوص الحرب في غزة والنار المشتعلة في لبنان، فلا أحد يستطيع أن يجزم بما سيفعله ترامب، تجاه هذين الملفين. صحيح أن هناك فرحة كبيرة داخل إسرائيل بنجاح ترامب حتى أن 66% من الإسرائيليين عبروا في استطلاع عن فرحتهم بعودته، فيما سمى نتنياهو فوزه بالانتصار الأعظم في الانتخابات الأمريكية، وسبق الجميع الوزير المتطرف بن غفير الذي كتب قبل شهور من انطلاق الانتخابات الأمريكية فليبارك الله ترامب داعيا لفوزه، وهو ما تحقق.

 لكن مع هذا فالاستقبال الإسرائيلي الحافل بترامب، لايدفعنا أيضا للحكم على سياساته المقبلة خصوصا وأنه لم يختار بعد أعضاء إدارته ولم تتضح هوياتهم وتوجهاتهم السياسية.

وقد يقول قائل إن ولايته الأولى قبل الخروج من البيت الأبيض كانت كارثية، بخصوص فلسطين ونقل السفارة الأمريكية للقدس والاعتراف بسيادة اسرائيل على الجولان وغيرها من قرارات مثيرة، فإن السياسة هى فن المصلحة وإذا كانت هذه القرارات مناسبة له ولإدارته قبل 4 سنوات فإنها لم تعد كذلك اليوم.

لا أقلل من سياسات ترامب ومواقفه الكثيرة المعلنة، لكن علينا الصبر تجاهه خصوصا وأنه رئيس أمريكي سواء اختلفت أو اتفقت معه له رؤية وقرار حاسم في كثير من القضايا، ولا يهمه الاصطدام بالصين أو إغضاب فرنسا أو وروسيا أو حتى الضرب في حلف الناتو، لكن سيحسب له في رأيي إن استطاع إيقاف الحرب واستطاع ايضا تحجيم ايران والمجموعات المسلحة التي لا تخفي ولاءها لها ولا التحرك بأوامرها، فالمنطقة على برميل بارود وتنتظر عود ثقاب، ولا ينفع ولا يصح أن تكون مستباحة لكل من المخططات.

ترامب في مهمة صعبة، والخوف من قدومه كبير لا شك في ذلك، لكن المؤكد أن ولايته ستشهد أحداثا هائلة على مختلف المستويات الدولية وليتذكر الجميع ذلك وفي كافة الملفات.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: کان واضحا

إقرأ أيضاً:

د. علي عبدالحكيم الطحاوي يكتب: تصريحات ترامب غير ملزمة لمصر ودول العالم

ما يقوله ترامب ليس بالضرورة ما تفعله مصر ودول العالم لان كل دولة لا تعتمد على تصريحات ترامب في سياساتها وقراراتها، ومصر تتمتع بعلاقات قوية مع العديد من الدول حول العالم. 

لقد أصبح في العصر الحديث من الصعب التمييز بين التصريحات السياسية والقرارات الفعلية التي تؤثر على العالم مثل تصريحات ترامب، بينما رئيس الولايات المتحدة معروف بتصريحاته المثيرة للجدل والمتقلبة، التي غالبًا ما تسبب تقلبات في الأسواق المالية والسياسية العالمية. 

لذلك أرى من تصريحات ترامب أنه قد يعلن سياسات معينة، ولكنها قد لا تتحقق على أرض الواقع بسبب المعارضة السياسية أو القيود القانونية. لأن العالم لا يعتمد على تصريحات ترامب فقط، بل يعتمد على مجموعة من العوامل السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تؤثر على القرارات الدولية. وأوضح على سبيل المثال قرار ترامب بسحب الولايات المتحدة من اتفاقية باريس للمناخ لم يؤثر على استمرار العمل على تحقيق أهداف الاتفاقية من قبل العديد من الدول الأخرى. لقد أعددت المقال لكي اطمن شعب بلدي مصر أنها دولة قوية بقيادة حكيمة بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي وعلي الشعب المصري بالكامل دعم الدولة والرئيس في هذه الفترة لكى لا تؤثر علينا الضغوط الخارجية سواء أقتصادياً أو سياسيًا. 

وبالنسبة لتصريحات ترامب حول تهجير الفلسطينيين التي تثير قلقًا ليست إلزامية أو حتمية لمصر أو للدول العربية لأن هذه التصريحات تظهر عدم فهم ترامب للقضية الفلسطينية وتاريخها، وتؤكد على دعمه للسياسات الإسرائيلية التي تهدف إلى التوسع في الأراضي الفلسطينية. وهذه التصريحات لها تأثير سلبي يزيد من التوترات في المنطقة وتؤدي إلى تصاعد الأعمال العسكرية بين الفلسطينيين والإسرائيليين، كما تؤدي إلى تدهور العلاقات بين الولايات المتحدة والدول العربية ومصر، وتؤكد على عدم ثقة في الولايات المتحدة كوسيط محايد في مفاوضات القضية الفلسطينية. وأرى الفائدة الوحيدة من تصريحات ترامب توحيد الدول العربية لذلك نجد مؤتمر القمة العربية قريباً لتوحيد الرأي ومواجهة الهيمنة الأمريكية على الشرق الأوسط. 

ومن الأمثلة الذي تظهر أن العالم لا يتبع تصريحات ترامب منها على سبيل المثال بعد أن أعلن قراره بسحب الولايات المتحدة من الاتفاقية النووية مع إيران، رفضت العديد من الدول الأخرى هذا القرار وواصلت العمل على الحفاظ على الاتفاقية. لذلك أرى العالم يتصرف بناءً على مصالحه الخاصة وليس بناءً على تصريحات ترامب فقط ومن أمثلة ذلك بعد أن أعلن قراره بفرض رسوم جمركية على الصين، ردت الصين بفرض رسوم جمركية على الولايات المتحدة، مما أدى إلى تقليل تأثير القرار على الاقتصاد العالمي. لذا أكررها أن ما يقوله ترامب ليس بالضرورة ما يفعله العالم، ويجب أن ننظر إلى تصريحات ترامب بعين الشك ونتوقع أن العالم سوف يتصرف بناءً على مصالحه الخاصة وليس بناءً على تصريحات ترامب فقط. ويمكننا الاستفادة من ذلك الموقف أن نكون مستعدين للتعلم والتكيف مع التغييرات في العالم، بدلاً من الاعتماد على تصريحات ترامب فقط أو غيرة. وفي النهاية، تصريحات ترامب حول تهجير الفلسطينيين تؤكد على عدم اهتمامه بحل القضية الفلسطينية على أساس العدالة والمساواة والقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، ويجب على الولايات المتحدة أن تعمل على حل القضية الفلسطينية على أساس العدالة والمساواة، وأن تؤكد على دعمها للقضية الفلسطينية وتحقيق حقوق الشعب الفلسطيني.

مقالات مشابهة

  • إبراهيم عثمان يكتب: واضحة شديد!
  • السعودية.. أول وجهة لـالسماء المظلمة بالشرق الأوسط.. من تريد استقطابهم؟
  • النائب علاء عابد يكتب: الرئيس السيسي.. الشعب معك وخلفك
  • الكويت.. المملكة تحصد 6 جوائز بمعرض الاختراعات الدولي بالشرق الأوسط
  • بمشاركة قوات خفر السواحل اليمنية.. واشنطن تنفذ تدريبا بحريا متعدد الجنسيات بالشرق الأوسط
  • الابتكار الإماراتي يفوز بخمس ميداليات في المعرض الدولي الـ 15 للاختراعات بالشرق الأوسط
  • د. علي عبدالحكيم الطحاوي يكتب: تصريحات ترامب غير ملزمة لمصر ودول العالم
  • عاجل: حدث ليلا.. انفجارات تهز تل أبيب وإسرائيل تتسلم جثة مجهولة الهوية من حماس وقاذفات أمريكية تحلق فوق 6 دول بالشرق الأوسط
  • مدير غرفة التجارة الأمريكية للشرق الأوسط تشيد بالتطور الذي يشهده الاقتصاد المصري
  • لماذا أعلن الجيش المصري الثالث الاستنفار؟ .. خلط الديمغرافيا في سيناء خطيرٌ للغاية وقبائل سيناء حاضنة تُؤيّد المقاومة الفلسطينية