أزمة الثقة في السياسة الأمريكية
تاريخ النشر: 10th, November 2024 GMT
ناصر بن حمد العبري
تتجه الأنظار نحو البيت الأبيض الأمريكي؛ حيث باتت نتائج الانتخابات تعكس توجهات جديدة في السياسة الأمريكية تجاه قضايا المسلمين، وعلى رأسها القضية الفلسطينية.
هذه القضية، التي تُعد جوهر القضايا العربية، لا تزال تعاني من عدم وجود حلول فعالة، مما يؤدي إلى تفاقم الأوضاع المأساوية في غزة والأراضي الفلسطينية.
لقد فقدت أمريكا مصداقيتها في نظر العديد من الدول والشعوب، حيث أصبحت تُعتبر طرفًا غير محايد في الصراع الفلسطيني. هذا التوجه الأمريكي لا يقتصر على فقدان الثقة من قبل الفلسطينيين فحسب؛ بل يمتد ليشمل حلفاءها التقليديين في المنطقة، الذين بدأوا يشعرون بخيبة أمل تجاه السياسات الأمريكية التي لا تعكس القيم الإنسانية التي تدعي الولايات المتحدة الدفاع عنها.
في خضم هذه الأزمات، تتجه أنظار العالم العربي والإسلامي نحو جمهورية الصين، التي أصبحت تحتل مكانة خاصة من الاحترام والتقدير في قلوب الشعوب العربية. الصين، التي تتبنى سياسة عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، تقدم نموذجًا بديلًا للسياسة الدولية، مما يجعلها خيارًا محتملًا للعديد من الدول التي تبحث عن شراكات جديدة.
إن فقدان أمريكا لمصداقيتها في المنطقة ليس مجرد أزمة سياسية؛ بل هو تحول جذري في موازين القوى العالمية. ومع تزايد الاستياء من السياسات الأمريكية، قد نشهد تغيرات كبيرة في التحالفات الدولية، حيث تسعى الدول العربية والإسلامية إلى بناء علاقات استراتيجية مع قوى جديدة، مثل الصين، التي تقدم بديلًا جذابًا عن الهيمنة الغربية.
في الختام.. يبدو أن الأحداث الجارية في غزة والأراضي الفلسطينية قد تكون نقطة تحول في العلاقات الدولية؛ حيث تتجه الأنظار نحو قوى جديدة تسعى لتحقيق الاستقرار والعدالة في المنطقة، وهذه الديناميكيات الجديدة قد تؤدي إلى إعادة تشكيل النظام الدولي؛ مما يفتح آفاقًا جديدة للتعاون والشراكة بين الدول العربية والإسلامية والدول الكبرى التي تسعى لتحقيق مصالحها بعيدًا عن الهيمنة الأمريكية.
رابط مختصر
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
الخيارات العربية فى غزة ولبنان!
ما بين قمم جماعية وأخرى ثنائية، وما بين نداءات بوقف النار ومفاوضات متواصلة لا تنتهى تبدو الدول العربية فى حالة تثير التساؤل بشأن قدرتها على التأثير على مجريات الحرب الدائرة على غزة ومن بعدها لبنان منذ أكثر من عام. طبعا المسألة ليست بالبساطة التى قد يتصورها البعض ولكن الكثيرين كانوا ينتظرون أن يكون للثقل العربى دوره على الأقل فى التخفيف من حجم البربرية الإسرائيلية مقابل ما اعتبرته بعض الدول العربية بربرية فلسطينية عبرت عنها وفق هذه الدول عملية طوفان الأقصى.
غير أنه فى مواجهة حالة جلد الذات بشأن ما يجب أن يتم عربيا لوقف الحرب الإسرائيلية على غزة، وما بين الشعور بغياب ضرورة القيام بأى فعل انطلاقا من منظور البعض بأن العرب لا ناقة لهم ولا جمل فى هذه الحرب، وبين التصور الأقرب للرسمى بالعجز عن الفعل يقرر الواقع أن هناك ما يمكن القيام به ولو من منطلق أضعف الإيمان.
فى هذا المجال يجب التمييز بين شقين هما: القدرة على الفعل، وإرادة الفعل. فغير صحيح أن الدول العربية لا تملك ما يمكن أن تقوم به للتأثير على مجريات الأوضاع فى غزة، ولكن من الصحيح أنها لا تود أن تستخدم ما تملكه على خلفية رؤية خاصة بكل دولة ما يعنى فى النهاية أن الأزمة ناتجة عن غياب إرادة الفعل وليس القدرة عليه.
والحقيقة دون تهور أو إغراق فى خيالات لا صلة لها بالواقع، فإن خيار المساندة العسكرية ربما يجب استبعاده تماما ليس لأنه الخيار الخاطئ وإنما لأنه الخيار غير المطروح على طاولة الجانب العربى.. وحين نتحدث عن الجانب العربى فإننا لا نفترض أنه كتلة واحدة وإنما دول متعددة ولكن كل دولة على حدة تكاد تكون استقرت على هذا الأمر لأسبابها الخاصة.
ربما يطفو على السطح هنا خيار آخر له وجاهته ومنطقة وهو تسليح المقاومة الفلسطينية باعتبارها تقاوم إحتلال وهى مقاومة مشروعة بمقتضى القانون الدولى، وهو أمر يجد نظيرا له فى السياسة الدولية الحالية ممثلة فى حالة مساندة الغرب لأوكرانيا بالسلاح فى مواجهة ما يراه الغرب من اعتداء روسى على سيادة أوكرانيا والعمل على احتلال أراضيها.
لكن هذا الخيار قد يدخل فى دائرة المحظورات أو يمكن اعتباره المحظور الثانى بعد المواجهة العسكرية فى ضوء تعقد المواقف من حركات المقاومة ودمغها دوليا بأنها إرهابية رغم زيف هذا الاتهام، على نحو قد يضع الدول العربية فى عداد مساندة الإرهاب فى منظور الغرب بشكل أساسى وبشكل قد يتم معه تكتيل موقف دولى مناهض يستدعى مشكلات لا ترغب الدول العربية فى الدخول فيها.
كل هذا بعيداً عن السبب الذى يلوح به البعض دون أن نجزم به أو نؤيده وإن كنا نعتبر أنه سبب قائم ألا وهو الموقف السلبى لبعض الأنظمة العربية من حركات المقاومة والتى تتخذ طابعا إسلاميا وهو أمر يبعد عن تناولنا فى هذه السطور.
يبدو فى حدود الرؤية العامة أن الخيارات تضيق بشكل قد تصبح معه ليس هناك خيارات، وهو أمر غير صحيح، حيث يبرز ما نسميه الخيارات السلمية التى لا تأخذ شكلا صداميا ويمكن أن تؤتى أكلها. وعلى ذلك قد تكون العودة بالعلاقات العربية مع إسرائيل إلى المربع صفر نقطة بداية لمجموعة من الإجراءات التى قد تجبر إسرائيل على وقف الحرب. ويشمل ذلك إحياء المقاطعة واتخاذ إجراءات نحو وقف مسيرة دمج أو إدماج إسرائيل فى المنطقة. مجرد أفكار لكن ينقصها الرغبة فى التنفيذ ليس إلا!
[email protected]