جريدة الرؤية العمانية:
2024-11-21@11:57:49 GMT

الثقوب في الجدار

تاريخ النشر: 10th, November 2024 GMT

الثقوب في الجدار

 

 

سالي علي

 

هدفي من كتابة هذه المدونة هو استكشاف الأهمية التاريخية والثقافية لجدار غزة وجدار برلين كمعالم تاريخية تحمل كل منهما أحداثًا ومعاني عميقة لذا سأقوم بتسليطِ الضوء على الأثر الذي تركه كُل جدار في التاريخ المعاصر وكيف أثّر في السياسة الدولية والحياة الثقافية للشعوب المتأثرة بهما و سأقوم بتحليل العوامل التاريخية والاجتماعية والسياسية التي أدت إلى بناء هذه الجدران والتأثير الذي خلّفته على المجتمعات المحيطة بهما وكيف تشكّلت الثقافة والهوية بسبب هذه التجارب التاريخية.

.

تحتفظُ الجدران بأسرار توارثتها الأجيال؛ حيث تحفر بصمات تاريخية تروي قصصًا مؤلمة وتجارب مأساوية، إنها رموز للانقسام والحصار، ورموز أيضًا للصراع والأمل.

تاريخ جدار غزة الذي يجسد قضية فلسطينية معقدة قد أنشئ في عام 1994 وتم تعزيزه في عام 2000 في إطار الصراع الإسرائيلي الفلسطيني ولم يتم هدمه كليًا حتى يومنا هذا.

يحيط الجدار بقطاع غزة مما أدى إلى حصار اقتصادي واجتماعي وسياسي أثّر على حياة المدنيين بشكل كبير. ومن ناحية أخرى، جدار برلين الشهير الذي كان يفصل بين الشرق والغرب في ألمانيا، وكان رمزًا لانقسام العالم خلال الحرب الباردة قد تأسس في عام 1961 وتم هدمه في عام 1989 بعد انهيار الاتحاد السوفيتي وانتهاء الحرب الباردة.

التأثيرات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لكل من جدار غزة وجدار برلين تظل مسألة حيوية فالحصار الإسرائيلي لغزة أثر سلبًا بشكل كبير على حياة السكان، مما يؤثر على التعليم والصحة والاقتصاد والثقافة بالمقابل أدى انهيار جدار برلين إلى إعادة توحيد ألمانيا وتحول سياسي واقتصادي واجتماعي هائل.

إن الجدار الحدودي بين إسرائيل وقطاع غزة يُعد جزءًا من الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، فقد أحدث تأثيرًا سلبيًا على الحياة اليومية لسكان غزة؛ مما أثر على القطاع الاقتصادي والاجتماعي والثقافي كما يعتبر الجدار سببًا رئيسيًا في قلة الوصول إلى الخدمات الأساسية مثل المياه النظيفة والكهرباء والرعاية الصحية والتعليم، كما ساهم في ارتفاع معدلات البطالة والفقر وتدهور الوضع الصحي والنفسي للسكان، وهم حاليًا شعب نازح لا يمتلك كفنًا ويُدفن جماعيًا يشرب الحي منهم مياهًا مالحة مصدرها البحر مباشرة منقطع عن العالم والأصح بأن العالم أراد الانقطاع عنه فلا تصله مساعدات ولا يؤخذ بحقه أي قرارات إنه شعب تلعب أطفاله لعبة تشييع الجنازة ولعبة من يكون شهيدًا بينما تمارسُ الأم فنَ النقش على أجساد أطفالها فتكتب الاسم كاملًا حتى يتم التعرف عليه بعد زوالِ ملامحَ أجسادهن.

من ناحية أخرى، نجد جدار برلين الذي كان رمزًا للانقسام العالمي والصراع السياسي، كان الجدار يفصل بين شرق وغرب برلين وكان يمثل حدودًا تقسم بين نمطي حياة مختلفين بشكل كبير، بعد هدم الجدار والتوحيد الألماني في عام 1989، شهدت ألمانيا تحولات هائلة في مجالات السياسة والاقتصاد والثقافة. وقد تكاتف الشعب الألماني للعمل سويا من أجل إعادة توحيد البلاد وتجاوز آثار الانقسام والانفصال.

ومن المهم أيضًا التطرق إلى الجوانب الثقافية والفنية لكل جدار فقد شكل كل منهما مصدر إلهام للكثيرين، وأدّى إلى نشوء أعمال فنية وأدبية وثقافية تعكس الصراع والتحديات التي تواجهها المجتمعات المتأثرة.

يعكس الفن والثقافة تأثير الجدران على التاريخ والذاكرة الجماعية للشعوب المتأثرة.

وعلى الرغم من اختلاف السياقات والتاريخ، فإن كل من جدار غزة وجدار برلين يثبتان الضرر الذي يمكن أن تسببه الجدران الفاصلة والحواجز الحدودية في حياة الناس وعلاقاتهم.

ومن هذه القصص يمكن أن نستخلص دروسًا حول الأهمية الحاسمة لبناء جسور التواصل والتفاهم والتعاون بين الشعوب، وتحقيق السلام والعدالة الاجتماعية ولكن هذه الدروس تحديدًا قد حصلت وحققت نتائج إيجابية في أوروبا بينما ضمن حدود ما يسمى وطنٌ عربي يبدو الأمر أكثرَ تعقيدًا بالأخصِ حينَ يتطرقُ الأمر للتعبيرِ عن رغباتِ الشعوب في التعبير من خلالِ أيّ وسيلةٍ للمطالبة في حقوقها وفي حرية اختيار مصيرها كما حصل في برلين حين رسموا على الجدران وكما حصل أيضا في غزة لكن المفارقة تكمنُ هنا.

فإن الفن والرسم على الجدران قد أثر بشكل كبير على نفوس أبناء الأرض المحتلة فقد مثل وسيلة فنية للتعبير عن الهوية والصراع والأمل. وقد بدأت ظاهرة الرسم على الجدران كوسيلة للتعبير عن المقاومة والتضامن مع القضايا الاجتماعية والسياسية؛ فهو يمثل تحديًا للقمع والظلم ووسيلة لنشر الوعي وإيصال رسالة إلى العالم بشكل عام. ويتيح هذا الفن الفرصة للفنانين للتعبير عن معاناة الشعوب والصراعات والتضامن مع القضايا العادلة. وإضافة إلى ذلك، يعتبر كوسيلة لجذب الانتباه إلى الظروف الصعبة التي يواجهها الناس في أراضٍ محتلة، كما وفّر وسيلة للتعبير والتسلية لأبناء الأرض المحتلة.

وبهذه الطريقة يؤكد الفن والرسم على الجدران ويواصل على إيصال رسالة الأمل والثورة من خلال التعبير الإبداعي؛ ففي برلين امتدت رسومات الممانعة للتعبير عن ما حصل من تقسيم تفريق تجزيء جَبري بين المواطنين وطالبوا حينها بهدمِ الجدار لتعودَ حرية التنقل،حرية المرور وحرية ممارسةِ الفكر.

بينما في غزة، نشأت الرسومات على الجدران لمناهضة الاحتلال الذي يدّعي الأحقية التاريخية والدينية بالأرض والذي يمارس أيضًا أبعدَ ما يمكن عن الإنسانية من وسائلَ قمعية فيها إذلال وتشويه لصورة الشعب الفلسطيني المقاوم أمام العالم أجمع، والذي نشهدُ الآن تحولًا جذريًا في القسم الغربي منه تحديدًا، فقد بدأ الشعب هناك يستوعب حجم أكذوبة إسرائيل والحقيقة المظلمة عنها بسبب التأثير الإيجابي لوسائل التواصل الاجتماعي والشخصيات المؤثرة المشهورة ممن يمتلكون متابعين كُثرًا والذين ساهموا في نقلِ صورة فلسطين الأولى قبيلَ سرقةِ هويتها ومحوها عن الخريطة فقد نقلَ باسم يوسف المذيع المصري صوت الحق بلغة عالمية والتقط معتز عزايزة الفلسطيني معرضًا فوتوغرافيًا حيًا لمواجهة أبناء غزة أقسى جرائم الحرب ورفعت بيلا حديد الأمريكية من أصول فلسطينية الكوفية على رأسها ضمن مظاهرات لوقف الحرب على غزة,

إن ما حدث في غزة من تهجير وإبادة وقتل عشوائي ذكّر الجميع بنكبة 1948 التي غادر فيها الشعب حاملًا مفتاح منزله بينما الآن بالكاد يحملُ الفلسطيني ما بقي من جسدهِ.

وختامًا.. أرجو الانتباه للضوء الذي حاولت مقاربة ومفارقة فيه لأن تجدوا من خلفهِ البوصلة الحقيقية التي أردتُ مشاركتها وهيبأنّ الحرب على ألمانيا كانت باردة، بينما على غزة فهي ما تزال ساخنة جدًا، وبأنّ جدار برلين قد هُدم وتحولت أجزاء منه لمتاحف ومعارض، بينما جدار غزة ما يزال واقفًا عائقًا أمام شعبه، كأنه سجن دون سقف يرى الشمس، لكنّ الشمس لا تراه وأيضا أنّ جدار غزة الآن قد احتوى ثقوبًا صغيرة تشبه النجوم في ليلة داكنة لا ضوء للقمر فيها لكنه وفي يومٍ ما سيشهد على ثقبِ ولادة لجنين دمه مزيجٌ ممن رحلوا، عيناهُ بندقية، ويداهُ كوفية وقدماهُ قضية حافية ترفضُ انتعالَ حذاءِ الهزيمة.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

غزة تحب الحياة.. أطفال يلعبون على أرجوحة بينما تغيب الشمس فوق الخيام (شاهد)

عرضت وكالة “وفا” الفلسطينية، مساء الاثنين، مقطع فيديو لأطفال فلسطينيين يلعبون على أرجوحة أثناء غروب الشمس فوق خيام النازحين في مخيم خان يونس للاجئين، جنوب قطاع غزة.

وقالت كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) إن مقاتليها قنصوا 5 جنود إسرائيليين في منطقة الجواني وسط مدينة بيت لاهيا شمال قطاع غزة، فيما استشهد 46 فلسطينيا في قصف إسرائيلي منذ فجر اليوم الاثنين، 30 منهم شمالي القطاع، بالتزامن مع استمرار الاحتلال بعمليات نسف وتدمير للمباني السكنية وحصار مشدد.

نتنياهو: حماس هي العائق أمام إتمام صفقة التبادل لإعادة المحتجزين من غزة احتجاج لعائلات المحتجزين الإسرائيليين في غزة أثناء إلقاء نتنياهو كلمة أمام الكنيست

وقال مراسل الجزيرة 17 شهيدا سقطوا في غارة إسرائيلية على منزل قرب مستشفى كمال عدوان شمالي قطاع غزة، كما ارتفع إلى 29 عدد الشهداء الذين سقطوا في غارات إسرائيلية على مناطق عدة في قطاع غزة منذ فجر اليوم.

فقد أفاد مراسل الجزيرة بسقوط 7 شهداء وعدد من المصابين في قصف إسرائيلي على منزل في محيط شارع الجلاء غرب مدينة غزة.

كما أفاد جهاز الدفاع المدني الفلسطيني، في بيان، باستشهاد 4 فلسطينيين، بينهم طفلان، وإصابة آخرين، جراء استهداف طائرة إسرائيلية خيمة تؤوي نازحين في منطقة العطار بمواصي خان يونس جنوبي قطاع غزة، التي تزعم إسرائيل أنها منطقة "إنسانية آمنة".

وقال شهود عيان لوكالة الأناضول إن الطائرات الإسرائيلية قصفت خيمة في منطقة المواصي الساحلية غربي مدينة خان يونس، مما أدى إلى احتراقها وعدد من الخيام المحيطة بها.

وأفادت وسائل إعلام فلسطينية بأن مدفعية الاحتلال قصفت أيضا حي تل الهوى جنوب غربي مدينة غزة وسط القطاع، كما استهدف الاحتلال بالقصف المدفعي المكثف المناطق الشمالية والغربية لمدينة رفح جنوبي القطاع، إلى جانب استهداف وسط المدينة بالغارات الجوية.

كما أفاد مراسل الجزيرة باستشهاد 3 فلسطينيين وإصابة آخرين أغلبهم أطفال، في قصف استهدف منزلا في محيط شارع الجلاء غرب مدينة غزة.

يأتي ذلك فيما قالت زارة الصحة بغزة إن الاحتلال ارتكب 4 مجازر في القطاع وصل منها للمستشفيات 76 شهيدا و158 مصابا خلال 24 ساعة، ليرتفع عدد ضحايا العدوان الإسرائيلي إلى 43,922 شهيدا و103,898 مصابا منذ ٧ أكتوبر/ تشرين الأول عام 2023.

واستشهد أمس الأحد أكثر من 111 فلسطينيا جراء سلسلة من المجازر ارتكبها جيش الاحتلال، معظمها في شمال القطاع.

فقد ارتكب الاحتلال أمس 4 مجازر في بيت لاهيا وحدها، حيث قصف عمارات سكنية ومنازل مدنية، استشهد على إثرها أكثر من 72 شهيدا من عائلات غباين وغنيم وصافي وعيادة وعبد العاطي والتلولي، حسب المكتب الإعلامي الحكومي في غزة.

وأضاف المكتب -في بيان- أن الاحتلال "ارتكب مجزرتين في مخيمي النصيرات والبريج بقصف منازل مدنية، واستشهد على إثر المجزرتين 24 شخصا من عائلات أبو عرمانة وصيدم وعقل والمصري والحملاوي وأمُّوم".

وأكد البيان أن جيش الاحتلال "كان يعلم أن هذه المنازل والعمارات السكنية فيها عشرات من المدنيين النازحين، وأن أغلبهم من الأطفال والنساء الذين شردهم من أحيائهم المدنية السكنية، ولاحقتهم الطائرات بأطنان من الصواريخ".

 

مقالات مشابهة

  • حكم الصلاة خلف الإمام عبر التليفزيون أو من خلال الجدران.. دار الإفتاء تجيب
  • أمين الفتوى: الصلاة خلف الإمام عبر التلفزيون أو من خلال الجدران باطلة
  • خبير دولي: الأسد يتشبث بالكرسي بينما سوريا تحترق
  • وفاة شاب بطنجة تعرض لصعقة رعدية بينما كان تحت شجرة
  • شرطة برلين تحذر: أحياء في العاصمة الألمانية غير آمنة لليهود والمثليين
  • رؤية عبر الجدران.. هل يمكن لجهاز الواي فاي أن يصبح عينا سرية؟
  • حظك اليوم الثلاثاء 19 نوفمبر 2024.. «الوقت مناسب للتعبير عن المشاعر»
  • رغم تهديدات البوليساريو.. ساكنة الداخلة تحتفي بعيد الإستقلال قرب الجدار العازل
  • غزة تحب الحياة.. أطفال يلعبون على أرجوحة بينما تغيب الشمس فوق الخيام (شاهد)
  • بعد قرار بايدن.. ألمانيا تؤيد ضرب القواعد الروسية وبولندا تنتقد برلين