رغم إستراتيجية قطع الرؤوس.. «حماس» باقية وتتمدد لهذه الأسباب
تاريخ النشر: 10th, November 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
في 17 أكتوبر 2024 أعلن الاحتلال الإسرائيلي مقتل يحيى السنوار، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، في غارة شنها جيش الاحتلال مساء الأربعاء 16 أكتوبر، بعد 45 يومًا من اغتيال إسماعيل هنية، الرئيس السابق للمكتب السياسي، في إطار استراتيجية "قطع الرؤوس" التي تتبعها إسرائيل مع عدد من الفاعلين من غير الدول في منطقة الشرق الأوسط، وعلى رأسها حزب الله وحركة حماس، ليبقى السؤال حول مصير تلك التنظيمات، هل تنجح هذه الاستراتيجية في القضاء على حركات المقاومة وفي القلب منها حماس، أم ستصمد أمام الاحتلال حتى وإن مرت بفترات ضعف وهزائم عسكرية.
وتهدف استراتيجية قطع الرؤوس لتعطيل الإدارة التنظيمية للحركة وصنع القرار داخلها، بما يؤثر على رأس المال البشري للحركة، مع ما قد يترتب على ذلك من تدهور قدرة الحركة على العمل والهجوم. لم تكن هذه المرة الأولى التي تلجأ فيها إسرائيل لهذه الاستراتيجية، فعلى مدار تاريخ حركة حماس كان مصير جميع قادتها معروف سلفًا، بدءً من الشيخ أحمد ياسين، مؤسس الحركة، مرورًا بالرنتيسي، انتهاءً بمشعل والسنوار، والقوس مفتوح ليضم الأمين العام القادم، والذي يليه.
والمتتبع لهذه الاستراتيجية ونتائجها يدرك أن إسرائيل لم تنجح في السابق من القضاء على حماس كحركة مقاومة، إلا أن المتغير الجديد هو إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو أن الهدف الاستراتيجي لدولته بعد 7 أكتوبر 2023 هو القضاء على حماس بشكل كامل، وقد بدأ تحقيقه بعدد من الاغتيالات، وهو ما يطرح تساؤل حول سر بقاء هذه الحركة أمام جيش احتلال يدعمه دول أمريكا والغرب، بما يمتلكونه من تقدم في التسليح والتدريب واللوجيستيات، مقارنة بأسلحة محلية الصنع وأخرى أقل كفاءة بكثير من التي في يد جيش الاحتلال، فما هو السر وراء صمود هذه الحركة رغم كل التحديات؟
الهيكل التنظيمي لحركات المقاومة
حركات المقاومة تتكيف بشكل روتيني مع عمليات القتل والاغتيال المتكررة، ولا تبقى بلا قيادة، بل تستمر في إدارة الصراع وشن الهجمات وتظل تهديدًا قادرًا على خوض المعارك، مع محدودية تأثير مقتل القيادات على مستقبل هذه الحركات.
هناك عدد من العوامل الرئيسية التي تؤثر على قدرة حركات المقاومة على الاستمرارية رغم مقتل قادتها وزعمائها، من بينها التماسك التنظيمي المتمثل في وجود الهياكل التنظيمية الهرمية (الرأسية والأفقية) التي تحمي الحركة من خلو منصب القيادة بوجود قادة بديلين يتقدمون الصفوف عند اللزوم بحيث لا يحدث فراغ قيادي في قمة هرم الحركة، بالإضافة لحماية الحركة من حدوث صراع على القيادة قد يؤدي لانقسامها ومن ثم ضعفها، وهذا واضح بشكل كبير في حركة حماس التي لا تتأثر بمقتل قادتها.
بالإضافة إلى ذلك فإن هناك 4 خصائص مهمة لحركات المقاومة تساعدها على البقاء؛ هي: العمر والحجم والإيديولوجية والشبكة، ويمكن التطرق لكل عنصر من هذه العناصر التي تتضمن خصائص حركة حماس، لمعرفة مستقبل هذه الحركة في مواجهة استراتيجية قطع الرؤوس.
فإن حجم حركة حماس وعمرها وأيديولوجيتها وشبكة اتصالاتها بغيرها من حركات المقاومة مثل حزب الله وغيره تؤثر جميعها على قدرة الحركة على الاستمرار بعد مقتل قادتها، وهذه العلاقات وشبكات الاتصالات تخلق طبقات كبيرة من التعقيد والعواقب غير المعروفة في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
عدد أعضاء "حماس"
إن المجموعات الأكبر حجمًا هي الأكثر قدرة على التحمل والاستمرارية، بعد عمليات القتل والاغتيال وضربات قطع الرؤوس مقارنة بالمجموعات الأصغر حجمًا. وينبغي لنا أن نفكر في حجم المجموعة من حيث عدد الأفراد والموارد المادية. فكلما كان مخزون الموارد (البشرية أو المادية) الذي يمكن استغلاله في أعقاب الضربات أكبر، كلما كانت الحركة أكثر قدرة على استبدال قادة جدد وتجنيد أو تعبئة مقاتلين إضافيين.
كما أن الحركات الكبيرة أكثر قدرة على تطوير مجموعات من المقاتلين ذوي المهارات المتخصصة وبالتالي يمكنها تعويض الخسائر بشكل أسرع وأكثر كفاءة، ويعمل هذا المخزون كاحتياطي للتغلب على الصدمة الفورية للاغتيال وتلافي آثار التداعيات التنظيمية الناجمة عن الضربة الموجهة للحركة.
حسب الإحصائيات المعلنة من قبل الحركة فإن حماس لديها ما يزيد على 20 ألف عضو، من بينهم 50 عضوًا تقريبًا يمثلون المكتب السياسي، ويمثلون الحركة في الداخل الفلسطيني والخارج أيضًا، بالإضافة إلى الجناح العسكري للحركة والذي يتمثل في كتائب عز الدين القسام، التي يتراوح عدد عناصرها ما بين 15 – 40 ألف عنصر.
وهذه الأعداد وإن كانت تقريبية، إلا أنها تزداد في أوقات الأزمات، إذ إن العلاقة بين التجنيد والأزمة علاقة طردية، فكلما تعرضت حركات المقاومة لأزمات في مواجهة الاحتلال كلما ارتفع معدل تجنيد عناصر جديدة داخلها، ما يعني أن حركة حماس تتمتع برصيد كبير من رأس المال البشري الذي يجعلها في وضع أفضل، حتى إذا أخذنا في الاعتبار الخسائر الأخيرة التي لحقت بها منذ 7 أكتوبر حتى الآن. وبالتالي من المرجح أن تنجو من ضربات قطع الرؤوس.
نصف قرن ويزيد!
إن حركات المقاومة الأكبر سنًا أكثر قدرة على تجاوز أزماتها خاصة أزمات فقد القيادات العليا، ولكن الأمر لا يتعلق بالعمر فقط، وإنما لما يرتبط به من هياكل تنظيمية، فالحركات الأكبر سنًا تميل إلى أن يكون لديها هياكل مؤسسية أكثر تعقيدًا وبالتالي لديها القدرة التنظيمية والقدرة على تحمل الضربات الموجهة إليها، ولديها هياكل بيروقراطية تجعلها بمعزل عن الصدمات.
تأسست حركة حماس رسميًا عام 1973 على يد أحمد ياسين كمؤسسة خيرية في قطاع غزة، تحت مسمى "المركز الإسلامي"، إلا أن وجودها كامتداد لجماعة الإخوان المسلمين سابق لهذا التاريخ بسنوات، ما يعني أن الحركة تضرب بجذورها لأكثر من نصف قرن من الزمان، عاشت خلالها تحديات عديدة، واكتسبت خبرات مختلفة، واشتد عودها في مواجهة الاحتلال على مدار العقود، مما يجعلها أكثر قدرة على الاستمرارية والبقاء.
أيديولوجية الحركة والإخوان المسلمين
إن الحركات ذات المرجعية الدينية أكثر احتمالًا للبقاء على قيد الحياة بعد اغتيال قادتها من تلك التي لا تمتلك أيديولوجية دينية، حيث تستطيع الحركات الدينية الاعتماد على الروابط الاجتماعية القوية المعتمدة على الدين الواحد للبقاء على قيد الحياة بعد الضربات التي تتلقاها، كما تستفيد هذه الحركات الدينية من التزام أنصارها وأعضائها بمعتقداتها وقيمها العليا في أوقات الأزمات، مثل قيمة الجهاد ضد المحتل.
وتصنف حركة حماس نفسها بأنها حركة مقاومة وجماعة إسلامية، تهدف لتحرير وطنها غبر مسار المقاومة المسلحة والسياسية في آن واحد، ويعتبر تاريخ الحركة في التكيف مع الفرص والتحديات والتهديدات ميزة وقيمة مضافة في مواجهة مقتل قادتها.
شبكة العلاقات والمصالح.. إيران وأذرعها
إن حركات المقاومة تتواصل وتتعاون وتنظم صفوفها مع بعضها البعض، ومن الممكن أن تحمي العلاقات الخارجية هذه الحركات من الانهيار في أعقاب اغتيال أحد قادتها، وتعتبر "جودة" الدول والحركات الصديقة والداعمة لحماس أكثر أهمية من عدد هذه الدول والحركات، لا سيما حينما تكون دولة إقليمية ذات وزن وثقل سياسي في الإقليم ولها أذرع ممتدة بالقرب من إسرائيل، مثلما الحال مع إيران التي تقدم كل الدعم لحركة حماس من خلال حزب الله في لبنان والحوثيين في اليمن.
وهذه العلاقة التكافلية ذات جودة عالية قادرة على تزويد الحركة بالمعرفة والخبرة في التغلب على استراتيجية قطع الرؤوس، كما يمكنهم توفير الأسلحة المختلفة، وكذلك المقاتلين المدربين تدريبًا جيدًا؛ للرد أو استعادة النظام والمعنويات بين مقاتلي الحركة وأنصارها. ويستطيع أي زعيم جديد للحركة استثمار شبكة العلاقات، لتدريب عناصره وزيادة تماسك الحركة، وجعلها باقية وتتمدد رغم "قطع الرؤوس".
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: حماس حركة حماس اغتيال السنوار مصطفى حمزة حرکات المقاومة أکثر قدرة على مقتل قادتها قطع الرؤوس فی مواجهة حرکة حماس
إقرأ أيضاً:
عاجل | "تثبيت الفائدة".. ما هي الأسباب التي دفعت البنك المركزي لهذا القرار ؟
قررت لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري، خلال اجتماعها يوم الخميس 21 نوفمبر 2024، تثبيت أسعار الفائدة الرئيسية. وتم الإبقاء على سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة عند 27.25% و28.25%، وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي عند 27.75%، كما تم تثبيت سعر الائتمان والخصم عند 27.75%.
عاجل.. قرار مفاجئ من البنك المركزي بشأن أسعار الفائدة اجتماع البنك المركزي المصري السابع خلال 2024: هل يتم تغيير سعر الفائدة؟
ويأتي هذا القرار استنادًا إلى أحدث التطورات والتوقعات الاقتصادية على الصعيدين المحلي والدولي منذ الاجتماع السابق للجنة.
الوضع العالمي:
ساهمت السياسات النقدية التقييدية التي تبنتها الاقتصادات الكبرى والناشئة في تراجع معدلات التضخم عالميًا، ما دفع بعض البنوك المركزية إلى خفض أسعار الفائدة تدريجيًا مع استمرار جهودها لخفض التضخم إلى المستويات المستهدفة. ورغم استقرار معدلات النمو الاقتصادي بشكل عام، لا تزال آفاق النمو معرضة لعدة مخاطر، مثل تأثير السياسات التقييدية على النشاط الاقتصادي، التوترات الجيوسياسية، واحتمال عودة السياسات التجارية الحمائية.
ورغم التوقعات بتراجع أسعار السلع الأساسية عالميًا، خاصة الطاقة، لا تزال المخاطر التضخمية قائمة بسبب احتمالية حدوث صدمات عرض نتيجة الاضطرابات الجيوسياسية أو سوء الأحوال الجوية.
الوضع المحلي:
على الصعيد المحلي، أظهرت المؤشرات الأولية للربع الثالث من عام 2024 نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بوتيرة أسرع من 2.4% المسجلة في الربع الثاني، مع توقعات باستمرار التحسن خلال الربع الرابع، وإن كان دون تحقيق طاقته الكاملة. يُتوقع أن يدعم هذا المسار تراجع التضخم على المدى القصير، مع تعافي النشاط الاقتصادي بحلول العام المالي 2024/2025.
في المقابل، ارتفع معدل البطالة إلى 6.7% في الربع الثالث من عام 2024، مقارنة بـ6.5% في الربع الثاني، نتيجة عدم توافق وتيرة خلق فرص العمل مع زيادة الداخلين إلى سوق العمل.
التضخم:
استقر معدل التضخم السنوي العام عند 26.5% في أكتوبر 2024 للشهر الثالث على التوالي، مدفوعًا بارتفاع أسعار السلع غير الغذائية المحددة إداريًا مثل أسطوانات البوتاجاز والأدوية. كما انخفض التضخم الأساسي السنوي بشكل طفيف إلى 24.4% في أكتوبر، مقارنة بـ25% في سبتمبر. وبلغ التضخم السنوي للسلع الغذائية 27.3% في أكتوبر، وهو أدنى مستوى له خلال عامين. هذه التطورات، إلى جانب تباطؤ وتيرة التضخم الشهري، تشير إلى تحسن توقعات التضخم واستمراره في الانخفاض، رغم تأثره بإجراءات ضبط المالية العامة.
يتوقع استقرار التضخم عند مستوياته الحالية حتى نهاية عام 2024، مع احتمالات لبعض المخاطر مثل التوترات الجيوسياسية وعودة السياسات الحمائية. ومع ذلك، يُتوقع انخفاض كبير في معدل التضخم بدءًا من الربع الأول من 2025 بفضل تأثير التشديد النقدي وتغير فترة الأساس.
قرار اللجنة:
أكدت اللجنة أن الإبقاء على أسعار الفائدة الحالية يعد مناسبًا لضمان تحقيق انخفاض مستدام في معدلات التضخم. وستستمر اللجنة في اتباع نهج يعتمد على البيانات لتحديد مدة التشديد النقدي الملائمة بناءً على توقعات التضخم وتطوراته الشهرية. كما ستواصل مراقبة التطورات الاقتصادية والمالية عن كثب، مع التأكيد على استعدادها لاستخدام جميع الأدوات المتاحة لمواجهة التضخم والحفاظ على الاستقرار المالي.