لجريدة عمان:
2025-03-10@08:01:20 GMT

الكوفية الفلسطينية أكثر من رمز

تاريخ النشر: 10th, November 2024 GMT

أصبحت الكوفية الفلسطينية رمزًا لكفاح ونضال الشعب الفلسطيني من أجل الحرية، قبل أن تصبح رمزًا للتضامن العالمي مع القضية الفلسطينية حول العالم؛ فبعد مرور أكثر من عام على طوفان الأقصى تجاوزت تلك الكوفيةُ حدود فلسطين إلى كلّ دعاة التحرّر في العالم، فارتداها المتظاهرون في الاحتجاجات التي خرجت في جميع أنحاء العالم للمطالبة بإنهاء الحرب الإسرائيلية على غزة؛ وهي التي حرص الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات على الظهور بها، وارتداها الفدائيون والمتظاهرون داخل فلسطين وخارجها.

وكانت صورة المناضلة الفلسطينية ليلى خالد متوشحة بالكوفية وتحمل بندقية، من أشهر الصور التي انتشرت في الصحافة العالمية، بعد مشاركتها عام 1969، في تنفيذ عملية خطف طائرة ركاب تابعة لشركة «تي دبليو إيه» الأمريكية وتحويل مسارها إلى سوريا بهدف إطلاق سراح المعتقلين الفلسطينيين ولفتِ أنظار العالم إلى القضية الفلسطينية، كما كان الزعيم الجنوب إفريقي الراحل نيلسون مانديلا أبرز من ظهر بها في مناسبات كثيرة، ويرتديها حاليَّا بعض زعماء أمريكا الجنوبية، والغريب أنّ يثير هذا الشعار الفلسطيني ذعر أنصار الكيان الإسرائيلي، فزعموا أنه «علامة على دعم التطرف»؛ وبسبب ذلك حدثت مواقف كثيرة، حتى وصل الأمر بالبعض أن يفقدوا وظائفهم بسبب ارتدائها.وأحدث موقف في هذا الشأن، أنّ متحف «نوجوتشي» في مدينة نيويورك الأمريكية، فصل ثلاثة موظفين في نهاية شهر سبتمبر الماضي، بحجة أنهم «انتهكوا قواعد الزي من خلال وضع الكوفية»، في إشارة واضحة إلى عدم السماح بالتعاطف مع الفلسطينيين الذين يتعرضون لأبشع إبادة في التاريخ من قِبل الصهاينة، وهو ما عبّرت عنه ناتالي كابيليني -وهي من الموظفين الثلاثة الذين فُصلوا- بأنّ «قيادة المتحف تستخدم مصطلح «سياسي» سلاحًا ضد القضية الفلسطينية».

لم يمر هذا الموقف مرور الكرام على جومبا لاهيري الكاتبة والأستاذة الجامعية الأمريكية من أصل هندي، الحائزة على جائزة «بوليتز»؛ فقد رفضت جائزة متحف «نوجوتشي» للفن للعام الحالي، وهي الجائزة التي تُمنح سنويًّا منذ عام 2014 «للأفراد الذين يشاركون مؤسس المتحف، روح الابتكار والوعي العالمي والتبادل بين الشرق والغرب».

لا يمكن أن يُنظر للكوفية الفلسطينية -أو أيِّ زيِّ آخر يرتديه شعبٌ ما- أنه مجرد موروث؛ فهو يمثل تاريخ وأصالة وثقافة ذلك الشعب. ومن هنا يمكن أن نعرف لماذا يحاول الكيان نهب تلك الكوفية وكلِّ ما هو تراث وموروث فلسطيني وتسويقه عالميًّا على أنه «إسرائيلي»؛ فالكيان نهب كلَّ ما هو فلسطيني وحاول أن يقدّمه للعالم على أنه جزء من «الهوية الإسرائيلية». ومن صور سرقة التراث الفلسطيني، ما نشرته صحيفة «جويش كرونيكل» اليهودية الصادرة في لندن في عام 2006، عن صورة لفتاة إسرائيلية ترتدي كوفية لمصمم إسرائيلي، قام بتقليد الكوفية الفلسطينية بعدما غيّر لونها للأزرق والأبيض (حسب ألوان علم الكيان)، وصمم تطريزها على شكل نجمة داود، في محاولة جديدة ضمن محاولات عديدة ومتكررة لنهب التراث الفلسطيني. كذلك فإنّ من ضمن محاولات السرقة أنه أقيم في عام 2015، عرض أزياء في تل أبيب تحت اسم «أسبوع تل أبيب للموضة»، ظهرت فيه العارضات يرتدين فساتين مصنوعة من الكوفية الفلسطينية بلونيها الأسود والأبيض والأحمر والأبيض، وزعم مصمم تلك الأزياء أنه أحضر الكوفيات من مدينة الخليل بغرض تصميم أوشحة وفساتين لاستخدامها ضمن مجموعة من تصاميم صيف عام 2016، زاعمًا أنّ الهدف من ذلك هو «خلق رمز للتعايش بين الإسرائيليين والفلسطينيين»، غير أنّ هذه الخطوة أثارت غضبًا شعبيًا عارمًا، بحيث رآها بعض الفلسطينيين فصلًا جديدًا من فصول النهب الإسرائيلي الذي لا ينتهي، خاصة أنّ المصمم الإسرائيلي وضع «نجمة داود» على الكوفية؛ فيما بلغت عملية السطو على التصاميم الفلسطينية ذروتها عندما ظهرت ميري ريغف وزيرة الثقافة الإسرائيلية خلال مشاركتها في افتتاح مهرجان «كان» السينمائي عام 2017 بفستان يحمل صورة للمسجد الأقصى وقبة الصخرة وحائط البراق، في إشارة واضحة إلى الرغبة في سرقة وطمس الهُوية الفلسطينية وتزييف التراث الفلسطيني، لأنّ ما أقلق الكيان الصهيوني هو أنّ فلسطينيي الشتات والمنافي البعيدة اعتمدوا أزياءهم، وخاصة الكوفية، بمثابة هويتهم أمام الآخر وطريقة رمزية لربطهم بوطنهم الذي لا يستطيعون العودة إليه، فكانت تحمل رمزية وطنية كبيرة أكثر من كونها مجرد قطعة ثوب.

من القرارات الجميلة في سبيل الحفاظ على الهُوية الفلسطينية، ما اتخذته وزارة التربية والتعليم الفلسطينية عام 2015، بجعل يوم السادس عشر من نوفمبر من كلِّ عام، يومًا للكوفية الفلسطينية، يحيي فيه الشعب الفلسطيني ومؤسساته التربوية في الوطن والشتات هذا اليوم باعتباره يومًا وطنيًّا يتوشح فيه الطلبة كافة، ومديرو المدارس والمعلمون والموظفون، بالكوفية، ويرفعون الأعلام الفلسطينية وينشدون الأغاني الوطنية والشعبية، وتنظم فيه أنشطة كشفية ورياضية؛ «كي تبقى الأجيال الناشئة أينما وُجدت متصلة برموز الهُوية الوطنية الفلسطينية؛ ليكون يومًا للشعور بالحرية ولربط الطلبة بالماضي والحاضر والمستقبل ولتعزيز وعيهم الوطني الأصيل»، حسب وكالة الأنباء الفلسطينية «وفا».

هل يمكن لأيِّ كان أن يطمس هوية شعب يتمسك بتاريخه وتراثه وثقافته؟ لا يمكن ذلك؛ والدليل أنه رغم كلِّ المحاولات الإسرائيلية لتحقيق ذلك الهدف، فإنّ المشهد العالمي الحاصل منذ عملية «طوفان الأقصى» يؤكد أنّ عملية السطو على التراث الفلسطيني على مدار 76 عامًا باءت بالفشل، لسبب بسيط هو أنّ أصحاب التراث تمسكوا بتراثهم الذي أصبح رمزًا للنضال الفلسطيني، وبتنا نشاهد المتضامنين مع أهالي قطاع غزة والقضية الفلسطينية يتخذون من ارتداء الكوفية الفلسطينية خلال الاحتجاجات في أنحاء العالم كافة، رمزًا للتضامن مع الفلسطينيين؛ لذا فإنّ الكوفية نالت مكانة «الأيقونة» في ذاكرة الشعب الفلسطيني، كنوع من تكريس فكرة الثورة ضد المحتل، وضمان توارثها من جيل إلى جيل، وهو ما يؤرق الكيان الإسرائيلي ومناصريه بمجرد رؤيتها؛ تمامًا كما أرّقت قبعة المناضل تشي جيفارا الإمبرياليين، بعد أن تحولت إلى أيقونة يرتديها شباب العالم الذين رأوا فيه معبِّرًا عن أحلامهم.

من الصعب هزيمة ومحو شعب يتمسك بموروثاته الثقافية ولغته وعاداته وتقاليده، وهذا ما يفعله الفلسطينيون، وربما كانت الفنانة شادية منصور مغنية الراب البريطانية فلسطينية الأصل خير من عبّر عن ذلك في أغنيتها التي ظهرت بها وهي مرتدية ثوبًا فلسطينيًّا تقليديًّا وتعلن في أغنيتها: «هذه هي الطريقة التي نرتدي بها الكوفية.. الكوفية العربية (..) أنا مثل الكوفية.. لكنك صخرة لي.. أينما تركتني أبقى وفية لأصول بلدي الفلسطينية (..) يمكنك أن تأخذ فلافل وحمص بلدي ولكن، اللعنة، لا تلمس كوفية بلدي».

إنّ كلّ ما تحدثنا عنه عن الكوفية الفلسطينية سيبقى جانبًا، أمام الرمزية الكبيرة التي ظهر بها الشهيد يحيى السنوار في لحظاته الأخيرة، وقد غطى وجهه كاملا بالكوفية الفلسطينية، حتى لا يعطي الفرصة للصهاينة أن يتعرّفوا عليه ويأخذوه أسيرًا ذليلًا، مفضلًا الشهادة بشجاعة وشهامة، مما أعطى قيمة كبرى وإضافة جديدة لتلك الرمزية الفلسطينية، بعد أن انتشرت صوره في الأرض قاطبة.

زاهر المحروقي كاتب عُماني مهتم بالشأن العربي ومؤلف كتاب «الطريق إلى القدس»

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الکوفیة الفلسطینیة التراث الفلسطینی

إقرأ أيضاً:

الشرطة البريطانية تعتقل رجل بيغ بن نصير الحق الفلسطيني

سارعت الشرطة البريطانية إلى اعتقال الرجل الذي تسلق برج إليزابيث، الذي يضم البرلمان وساعة "بيغ بن" الشهيرة في العاصمة البريطانية لندن، ولوّح بالعلم الفلسطيني، فور هبوطه بعد 16 ساعة أمضاها فوق البرج.

وقالت شرطة "وستمنستر" إنها ألقت القبض على الرجل الذي أطلق عليه لقب "رجل بيغ بن" بعد وصوله إلى الأرض.

وفي بيان صدر بعد الواحدة صباحا بتوقيت غرينتش، قالت شرطة وستمنستر، من دون أن تذكر اسم الرجل، إنه "تم القبض عليه الآن.. قد كان هذا حادثا مطولا بسبب تفاصيل مكان وجود الرجل والحاجة إلى ضمان سلامة ضباطنا والفرد والجمهور على نطاق أوسع".

وأضاف البيان "لقد عملنا مع وكالات أخرى بما في ذلك لواء إطفاء لندن ونشرنا ضباطا متخصصين لإنهاء هذا الحادث في أسرع وقت ممكن مع تقليل المخاطر على الحياة. وكنا على اتصال وثيق مع مجلس النواب طوال الوقت وأعيد فتح جميع الطرق".

العشرات من رجال الشرطة تجمعوا في موقع الحدث (وكالة الأناضول) استنفار أمني

وحضرت طواقم الطوارئ في مكان الحادث مع عشرات من ضباط الشرطة الذين يرتدون الزي الرسمي يحرسون الطوق الذي يمتد من شارع "بريدج" المؤدي إلى جسر وستمنستر.

كما كانت هناك منصتان للسلالم المتنقلة وسيارة إسعاف تابعة لوحدة الاستجابة للحوادث وسيارات إسعاف عادية وسيارتا إطفاء في وقت متأخر من يوم السبت.

ونقلت وكالة أسوشيتد برس عن مقطع فيديو نُشر على إنستغرام مساء السبت، أخبر الرجل المفاوضين من الحافة التي كان يجلس عليها أنه سينزل "بشروطه الخاصة".

وحسب الوكالة يبدو في اللقطات أن المفاوضين على منصة السلم المتحرك أثاروا مخاوف بشأن إصابة الرجل في قدميه، قائلين إن هناك "كمية كبيرة من الدم" وإن ملابسه لم تكن دافئة بما يكفي مع انخفاض درجات الحرارة بعد غروب الشمس.

صيحات "فلسطين حرة" و"أنت بطل" انطلقت في المكان (الفرنسية) فلسطين حرة

لكن الرجل أصر على أنه آمن، قائلاً "سأنزل بشروطي الخاصة، لقد قلت هذا. لكن الآن أقول إنني آمن. إذا اقتربت مني فإنك تعرضني للخطر وسأصعد إلى أعلى".

إعلان

وفي فترة ما بعد الظهر، سمعت صيحات "فلسطين حرة" و"أنت بطل" من مجموعة من المؤيدين خلف الطوق الذي فرضته الشرطة عند جسر فيكتوريا.

ورد الناشط الذي تم إنزاله من البرج باستخدام سلم سيارة إطفاء، على هتافات عدد من الداعمين لفلسطين، بالتلويح بعلم فلسطين الذي كان معه.

وأضاف "نشطاء فلسطين، الذين يفعلون ما يجب على الحكومة القيام به مثل إيقاف بيع الأسلحة إلى دولة الإرهاب إسرائيل، يتم سجنهم".

وقال الناشط عبر إنستغرام، حسب وكالة الأناضول، "إن الديمقراطية ماتت، وتم حبسها والمحتجون السلميون، وناشطو المناخ يحصلون على أحكام بالسجن تصل إلى 45 عامًا".

وفي مقاطع فيديو نشرت على وسائل التواصل الاجتماعي في وقت سابق من يوم أمس السبت، ظهر الرجل وهو يتسلق سياجًا يحيط بمباني البرلمان دون أن يقترب منه أي حراس أمن.

وجود مكثف لمندوبي وسائل الإعلام الذين تناوبوا على متابعة الحدث (الفرنسية) بانتظار تفسير

وقال النائب المحافظ بن أوبيسي جيكتي على قناة "إكس" إنه يجب أن يكون هناك تفسير لكيفية دخول الرجل إلى المجمع البرلماني.

وأضاف "كل يوم في البرلمان أرى العشرات من ضباط الشرطة المسلحين يقومون بدوريات في مبنى بورتكوليس والمجمع البرلماني. فأين كانوا اليوم؟".

كما طالب الشرطة بـ"تقديم تفسير كامل للنواب والموظفين غدا الاثنين حول كيفية تمكن هذا المتظاهر من التهرب من الأمن بسهولة".

وتم إلغاء الجلسات البرلمانية، التي تتم أيام السبت عندما يكون البرلمان منعقدا وفي أيام الأسبوع خلال العطلة الصيفية.

وقال متحدث باسم البرلمان "نحن على علم بحادثة وقعت في المبنى البرلماني، والتي تتعامل معها شرطة العاصمة، بمساعدة لواء إطفاء لندن وخدمة الإسعاف فيها".

وأضاف أن البرلمان "يأخذ الأمن على محمل الجد للغاية، ومع ذلك فإننا لا نعلق على تفاصيل تدابيرنا الأمنية أو التخفيف منها".

إعلان ليس وحده

يذكر أن الحادث ليس الأول من نوعه ففي 18 أكتوبر/تشرين الأول 2019، تم القبض على ناشط في حركة "التمرد ضد الانقراض" يدعى بن أتكينسون تسلق السقالة المحيطة بساعة "بيغ بن" مرتديا زي رئيس الوزراء السابق بوريس جونسون -بشعر أشقر مستعار- ومكث فوق برج إليزابيث لمدة 3 ساعات ونصف الساعة تقريبًا، قبل أن تتمكن الشرطة من إجباره على النزول.

وأفادت وكالة أسوشيتد برس بأن منتجع دونالد ترامب للغولف في تيرنبيري في أسكتلندا "تعرض للتخريب من قبل نشطاء مؤيدين لفلسطين ردا على تصريحات الرئيس الأميركي بشأن غزة".

وأوضحت أنه "تم استهداف ملعب الغولف في ساوث أيرشاير، المملوك لترامب، حيث قام النشطاء بكتابة عبارة "غزة ليست للبيع" بأحرف يبلغ ارتفاعها 3 أمتار على العشب، وألحقوا أضرارا بالمساحات الخضراء".

وصفت منظمة "فلسطين أكشن" ذلك بأنه "رد مباشر على نية الإدارة الأميركية المعلنة لتطهير غزة عرقيا".

مقالات مشابهة

  • تظاهرة في ستوكهولم احتجاجا على دعوات التهجير القسري للشعب الفلسطيني في قطاع غزة
  • إليك أغرب أشكال الاحتجاج التي شهدها العالم على مر التاريخ (صور)
  • الشرطة البريطانية تعتقل رجل بيغ بن نصير الحق الفلسطيني
  • أكثر الأدوية المزورة التي يتناولها الملايين
  • شيخ الأزهر: التاريخ سيقف طويلًا وهو يحني الرأس للمرأة الفلسطينية التي تشبثت بوطنها
  • مخاوف حول تنظيم كأس العالم 2026.. ما الصعوبات التي ستواجهها أمريكا؟
  • هكذا تجعل الحرب التجارية مع كندا والمكسيك مونديال 2026 أكثر إثارة
  • العربية لحقوق الإنسان: كل عام والمرأة أكثر قوة والعالم أكثر عدلا
  • كيف تعمل شبكة الإنترنت؟ رحلة إلى قلب الشبكة التي تربط العالم
  • زكي القاضي: مصر أكثر دراية بالواقع الفلسطيني من أي طرف آخر في العالم