«لقد بلغنا أنك ترى الخضر عليه السلام»
تاريخ النشر: 10th, November 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أصبح الإمام أبو حامد الغزالي هو الضيف العزيز فى منزلى، بعد أن فزت بمؤلفاته من ضمن مكتبة كبيرة اشتريتها، وكانت زاخرة بالكتب المتميزة، في مختلف المجالات الأدبية والثقافية، وأمهات الكتب التراثية.
وبدأت فورًا بقراءة أول جزء من من موسوعة الإمام الغزالي إحياء علوم الدين، كما بدأت مع القراءة البحث والاهتمام بالإمام الغزالى نفسه، وماذا كتب عنه فعرفت جوانب من حياته من خلال كتابات كثيرة تناولت فكره وفلسفته وصوفيته خاصة وأنه قد وصف بأنه أحد أعلام عصره وأحد أشهر علماء المسلمين في القرن الخامس الهجري، وكان فقيهًا وأصوليًا وفيلسوفًا، ولُقّب بألقاب كثيرة في حياته، أشهرها لقب "حجّة الإسلام"، وله أيضًا ألقاب مثل: زين الدين، ومحجّة الدين، والعالم الأوحد، ومفتي الأمّة، وبركة الأنام، وإمام أئمة الدين، وشرف الأئمة.
لكن الغريب أن الكثير مما كتب بمجلدات إحياء علوم الدين أصابتنى بحيرة شديدة والأشد غرابة ما كتبه الكثير من الفقهاء عنها فقد وجدت الكثير منهم قد مدحها بل وبالغوا في مدحها بقولهم: من لم يقرأ الإحياء فليس من الأحياء، ومنهم من ذمها حتى أفتى بحرقها ومنعها.
وأيضا من خلال القراءة فى مجلدات إحياء علوم الدين توقفت مندهشا من بعض الحكايات الكثيرة التي لا يقبلها العقل، وتملأنى الدهشة أكثر من أن مفكر بحجم الإمام الغزالى وفكره الثاقب ينقلها كما هى دون تمحيص واليك مثال واحد من حكايات كثيرة لا يمكن أن يقبلها أى فكر أو عقل مثل قوله (قيل لأحد العارفين بلغنا أنك ترى الخضر عليه السلام؟ فتبسم وقال: ليس العجب ممن يرى الخضر، ولكن العجب ممن يريد الخضر أن يراه فيحتجب عنه)!
وأرى أن مؤلف إحياء علوم الدين به حكايات كثيرة واقوال عديدة جمعها الإمام الغزالي من عدد كبير من مشايخ الصوفية دون إنكارها أو الاعتراض عليها أو حتى إبداء رأيه الشخصى فيها وتركها دون تعليق!
لكنى قررت أن أمضى فى القراءة خاصة أن الإمام الذهبي فى كتابه سير أعلام النبلاء قال عن كتاب إحياء علوم الدين: أما "الإحياء" ففيه من الأحاديث الباطلة جملة، وفيه خير كثير.. وختم ما كتبه عن الإمام الغزالي قوله (فرحم أبا حامد، فأين مثله في علومه وفضائله ولكن لا ندعي عصمته من الغلط والخطأ، ولا تقليد في الأصول)
ثم كانت المفاجأة التى أكدت الشك فى داخلى عندما ذهبت إلى مكتبة مشهورة وسألت عن كتب تناولت الإمام الغزالي فقدم لى كتابا للدكتور عبد الرحمن بدوي وهو أحد أبرز أساتذة الفلسفة العرب في القرن العشرين وأغزرهم إنتاجا، بعنوان "مؤلفات الغزالي" وقد كتب فى أول تصدير لهذا الكتاب:
"الغزالي - كأرسطو - من أعلام الفكر الإنساني الذين بلغوا في حياتهم وبعد وفاتهم أرفع مكانة بين الناس؛ فكان طبيعيًا أن تتعاون الحقيقة والأسطورة معًا على إيجاد هذه المكانة، لما فطر عليه الناس من نسبة جلائل الأعمال إلى من يظفرون بالشهرة والمجد ولو لم يكن من أصحابها.
لهذا نسب إلى الغزالي - كما نسب إلى أرسطو - حشد هائل من المؤلفات، ما ألقي على المؤرخين والباحثين مئونة شاقة ألا وهي التمييز بين الصحيح منها والمنحول، وهو أمر تعوزه المعاير الدقيقة الحاسمة، لما في استخدام بعض المناهج التحليل الباطن لمضمون الكتاب - من مزالق خطر وما يحتاجه ذلك من مهارة قد تكون تحت رحمة أي أثر كتاب وثيق.
وصدق الدكتور الفيلسوف عبد الرحمن بدوى عندما أشار إلى تعاون الاسطورة مع الحقيقة فى كثير من مؤلفات الإمام الغزالي!
أما أجمل اللحظات بعدئذ كانت عندما وجدت رواية صدرت فى سبتمبر الماضى تتناول مسيرة حياة الإمام الغزالي بعنوان "الغواص" للروائية الدكتورة ريم بسيوني فلم اتركها حتى أنهيت السطر الأخير فيها.
الأسبوع المقبل بإذن الله نعيش سويا فى قراءة لهذه الرواية.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: الإمام الغزالي الإمام الغزالی
إقرأ أيضاً:
المفتي من جامعة الصالحية الجديدة: إحياء القيم الأخلاقية ضرورة دينية
أكد د .نظير محمد عيَّاد، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، خلال كلمته بندوة "إحياء القيم الإسلامية" التي احتضنتها جامعة الصالحية الجديدة، أن الحديث عن القيم الأخلاقية ليس ترفًا فكريًّا ولا تزيينًا للخطاب، بل هو عودة إلى أصلٍ من أصول الشرائع السماوية، ذلك الأصل الذي يقوم عليه بنيان الدين، إلى جانب العقيدة والتشريع، موضحًا أن عالمنا المعاصر، بما فيه من سرعة في الإيقاع، وحدة في الأحكام، وقسوة في النتائج، يحتاج أكثر من أي وقت مضى إلى بثّ روح القيم في جسده المرهق، وغرس منظومة الأخلاق في تربة الواقع التي جفّت من معين الرحمة والتراحم.
وأوضح فضيلة المفتي، أن الأخلاق هي الغاية النبوية والمقصد الأعظم من البعثة المحمدية، مستشهدًا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إنما بُعثتُ لأتمم مكارم الأخلاق" مشيرا إلى أن الأزمات التي نعيشها اليوم، في شتى صورها، هي في جوهرها أزمات أخلاقية قبل أن تكون سياسية أو اقتصادية، وأن غياب الوازع الداخلي أدى إلى فساد العلاقة بين الإنسان وربه، وبين الإنسان ونفسه، وبين الإنسان وبني جنسه. فالرقابة الذاتية لا تولد إلا من عقيدة صحيحة وقلب حيٍّ يأنف القبح، ويتشبث بالحق، ويرتقي بالخلق.
وأضاف فضيلة المفتي، أن سيطرة المادة وضمور الضمير وغياب القانون الأخلاقي هي أمراض العصر الكبرى، مشيرًا إلى ما يحدث في غزة بوصفه شاهدًا صارخًا على ما تؤول إليه الإنسانية حين تنفصل عن منظومة القيم.ومبينًا أن الشرائع السماوية، بل وحتى الفلسفات الوضعية، اتفقت على أصول الأخلاق، وأننا علينا أن نعيد بناء هذه المنظومة عبر القدوة الطيبة، والعلاقات الأسرية السليمة، والحوار الهادف. وختم فضيلته بتوجيه رسالته إلى الطلاب والطالبات قائلًا: "أنتم الثمرة المرتقبة، وأنتم دواء هذا الوطن، أنتم بناة الغد وروح النهضة، فكونوا بأخلاقكم رسلًا إلى العالم، فالأمم تُخاطب بأخلاق أبنائها قبل أقوالهم."
من جانبه، ثمَّن الدكتور محيي الدين مندور، رئيس جامعة الصالحية الجديدة، حضور فضيلة المفتي ومشاركته الرفيعة في هذه الندوة التي تمس جوهر رسالة الجامعة في بناء الإنسان علمًا وخُلقًا، مؤكدًا أن الجامعة وهي تسعى إلى تنشئة أجيال واعية وفاعلة، تدرك أن العلم بلا خلقٍ سيفٌ بلا غمد، وأن القيم هي الحصن الحقيقي أمام الانجراف وراء التيارات الهدامة. وأضاف أن اللقاء مع فضيلة المفتي يمثل جسراً مباركًا بين منارة العلم ومنبر الفتوى، ويجسد الشراكة الفكرية والروحية في ترسيخ الهوية وبناء الوعي.
وفي ختام اللقاء، تمَّ تكريم الفائزين في مسابقة حفظ القرآن الكريم التي نظَّمتها جامعة الصالحية الجديدة، في لفتةٍ تؤكد عناية الجامعة بالقرآن الكريم واحتفائها بأهله، إيمانًا منها بأن كتاب الله هو النبع الأصفى لتزكية النفس وتقويم السلوك وبناء الوجدان، وأن الحافظين لآياته هم الحملة الحقيقيون لميراث النبوة وراية الإصلاح، وقد أعرب فضيلة المفتي عن سعادته برؤية هذه النماذج المشرفة من الطلاب والطالبات، مؤكدًا أن اجتماع الأخلاق بالعلم، والنور بالقرآن، هو السبيل الأمثل لصناعة أجيال تعيد للأمة مجدها وكرامتها.