مستقبل التنظيمات الإرهابية في الشرق الأوسط بعد فوز ترامب
تاريخ النشر: 10th, November 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
هل تقود الإدارة الأمريكية حرب جديدة على الإرهاب؟!
على الرغم من أن الرؤساء الأمريكيين ووثائق استراتيجية إداراتهم المتعاقبة من بوش الابن الذي أعلن الحرب على الإرهاب في أفغانستان عام 2001، ثم العراق 2003، حتى دونالد ترامب الذي أعلن وفاة تنظيم «داعش» في العراق 2018، قد اعترفوا بأن "هزيمة" المنظمات الإرهابية العابرة للحدود الوطنية عسكريًا أمر غير مرجح في أحسن الأحوال، إلا أن خطاباتهم كثيرًا ما تتضمن ضرورة القضاء نهائيًا على التنظيمات الإرهابية وجعلها خارج حدود الولايات المتحدة الأمريكية، وأحيانًا التصريح بمحوهم من "على وش الأرض" مثلما صرح ترامب عام 2017، وهو ما يدفع للتساؤل حول مستقبل الإرهاب والتنظيمات الإرهابية في منطقة الشرق الأوسط وهل سيشن ترامب من جديد حرب على الإرهاب، في ظل تهديدات عودة تنظيم داعش مرة أخرى تدريجيًا إلى معاقله الأولى في العراق وسوريا.
أمريكا أولًا..
يكشف البرنامج الانتخابي لترامب والذي يرفع شعار "أمريكا أولًا" طريقة تعاطيه مع كافة الملفات بما في ذلك ملف مكافحة أو دعم التنظيمات الإرهابية، بحيث يعتمد هذا أو ذاك على ما تتحقق به مصلحة الولايات المتحدة، ففي الوقت الذي يعلن فيه دعمه الكامل للكيان الإسرائيلي لتحقيق هدفه الاستراتيجي في القضاء على حركة حماس، تجده يصرح بمواجهة ومجابهة التنظيمات الإرهابية في منطقة الشرق الأوسط بعد ما ضمن مصالح بلاده والتي تتمثل في تأمين الحصول على الثروات مثل النفط والغاز، وتأمين حركة الملاحة العالمية، وضمان أمن إسرائيل، واستمرار الشرق الأوسط كسوق استراتيجي مهم للسلع والخدمات الأمريكية.
وبشكل عام فإن أي إدارة أمريكية سيكون هدفها تحقيق مخطط الشرق الأوسط الجديد، وإعادة تشكيله وفق مصالح الولايات المتحدة، ولكن في ظل تنامي نفوذ روسيا والصين عالميًا اضطرت أمريكا للتوجه للشرق الأقصى والدخول في معارك عسكرية بالتحالف مع الغرب، للحد من نفوذ الدولتين، وهو ما ظهر جليًا في أوكرانيا بشكل كبير، وتايلاند من جانب آخر.
شرق أوسط جديد مرة أخرى
وهذا التوجه سيكون له انعكاساته على التنظيمات الإرهابية التي واجهتها أمريكا في الشرق الأوسط قبل ذلك، مثل تنظيم داعش الإرهابي، الذي وجد في انشغال الولايات المتحدة بحربها ضد روسيا فرصة سانحة للعودة مرة أخرى ولو بشكل تدريجي إلى معاقل التنظيم الأولى في سوريا والعراق، وهو تحد ربما يواجه إدارة ترامب الثانية.
سينعكس موقف ترامب من القارة الإفريقية التي لم يسبق له زيارتها خلال ولايته الأولى، بل وصف بعض دولها بـ"القذرة"، على استراتيجيته في التعامل مع التنظيمات الإرهابية الآخذة في التنامي والتنافس فيما بينها هناك، ففي الوقت الذي تسعى فيه روسيا وأوروبا إلى خلق موطئ قدم لهم في القارة الإفريقية اتخذت إدارة ترامب الأولى موقفًا انعزاليًا اقتصر فقط على الأنشطة التنموية فحسب، دون تعزيز التواجد العسكري.
وعلى الرغم من أن البرنامج الانتخابي لترامب قد اعترف بالأهمية الاستراتيجية لإفريقيا، إلا أنها ستبقى أهمية اقتصادية تسعى الولايات المتحدة لتأمينها بشتى الطرق غير العسكرية، ما قد يؤدي إلى صعود التنظيمات الإرهابية داخل القارة، لا سيما بعد أن أصبحت ملاذًا آمنًا لتلك التي فقدت مراكز سيطرتها ونفوذها، مثل "داعش" الذي فقد أرض خلافته المزعومة في سوريا والعراق، فارًا إلى قلب إفريقيا.
هل يحظر ترامب جماعة الإخوان؟
ربما يحدد فوز الرئيس ترامب شكل تعامله مع جماعة الإخوان المسلمين خلال ولايته الثانية، إذ يشكل هذا الفوز تراجع دور وتأثير جماعة الإخوان على الجالية العربية المسلمة التي كان لها دور في السابق في توجيه الكتلة التصويتية العربية لصالح الديمقراطيين.
ويعد موقف الرئيس الأمريكي الجديد من الإخوان امتدادًا لموقفه القديم في ولايته الأولى، حيث صرح أكثر من مرة برغبته في حظر الجماعة، إلا أن الكونجرس لم يوافق على مثل هذا القرار، وبغض النظر عن موقف البرلمان الذي يشكل تحديًا قانونيًا وتشريعيًا، فإن قرار الحظر صعب للغاية من الناحية الواقعية، بسبب عدم وجود تنظيم واضح أو منظمة محددة داخل الولايات المتحدة تحمل اسم تنظيم جماعة الإخوان المسلمين.
كما أن هناك العديد من المؤسسات الحقوقية والخيرية والدعوية والتعليمية والبحثية المرخصة وفق القانون الأمريكي، والتي يصعب حصرها، وتسيطر عليها عناصر الإخوان دون أن تحمل أسمائهم، حتى لا تقع تحت طائلة القانون، مع الأخذ في الاعتبار صعوبة إثبات إخوانية هذه المؤسسات، بسبب تسترها بستار قانوني، وهو ما يصعب قرار الحظر إذا ما أقدمت عليه إدارة الرئيس ترامب.
طائرات مسيرة وحروب بالوكالة!
من المرجح أن تعتمد إدارة ترامب على الاستراتيجية ذاتها التي اعتمدتها في السابق لمكافحة الإرهاب "عن بُعد" والتي تركز على الطائرات المقاتلة بدون طيار وقوات العمليات الخاصة والقوات المحلية، ودعم الوكلاء المحليين، وهو ما بات يعرف بالحرب بالوكالة، عن طريق استغلال وتوظيف الفاعلين من غير الدول، مثل الشركات متعددة الجنسيات والميليشيات المسلحة وشبه المسلحة والمنظمات غير الحكومية، بالإضافة إلى استراتيجية قطف الرؤوس أو قطع الرؤوس، باستهداف قادة الصف الأول والثاني والثالث لهذه التنظيمات بضربات خاطفة، باستخدام المسيرات وغيرها، مما يحد من قدرة هذه التنظيمات على شن هجمات جديدة ضد الأهداف الأمريكية، بسببها انشغالها بسد الفراغ التنظيمي في صفوف قادتها، واحتمالية حدوث صراع على القيادة، أو انقسام في صفوف هذه التنظيمات.
ويرى هشام النجار، الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية أن هناك اختلافًا ملحوظًا بين حال وواقع ونشاط التنظيمات الإرهابية عند الجمهوريين والديمقراطيين، مؤكدًا أن هذا الاختلاف يتعلق بملفين رئيسيين؛ الأول اختلاف اسلوب التعاطي مع إيران وهي الطرف الأبرز في دعم الاسلام السياسي بعمومه حاليًا بشقيه السني والشيعي.
تضييق محتمل
أما الملف الثاني وفقًا للنجار فهو تعامل الإدارة الديمقراطية مع التنظيم الدولي للإخوان ورعايتها لهذه الجماعة أو على الأقل في المرحلة الأخيرة غض الطرف عن أنشطتها والإحجام عن تصنيفها كمنظمة إرهابية بالنظر لإرث عهد باراك أوباما، وبدون شك كانت جماعة الإخوان تتمنى فوز هاريس لمواصلة هذا التعاون الذي يخدم حضورها ومصالحها في الخارج، إلا أن فوز ترامب يجعل الوضع مختلفًا كثيرًا سواء فيما يتعلق بالخشونة والتضييق وكبح جماح إيران وأذرعها بشكل مضاعف، أو في عدم منح الإخوان الحرية في التحرك والاتصال وتنفيذ برامجها التحريضية والإرهابية بالتنسيق مع حلفائها التكفيريين من الخارج.
وفيما يتعلق بتعامل إدارة ترامب مع التنظيمات الإرهابية المسلحة مثل داعش والقاعدة فيؤكد النجار أنها لن تختلف كثيرًا، بسبب أن هناك تركيزًا على المركز في العراق وسوريا وتراجع كبير عن المواجهة في الافرع في أفريقيا، حتى أصبحت تلك الافرع الإفريقية هي الأقوى من المركز والاكثر تمددًا ونفوذًا.
وأشار إلى أن ترامب معروف بتفضيله عدم الانخراط في ساحات صراع بعيدة والتركيز على الملفات الداخلية، بدلًا منها.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: فوز ترامب التنظيمات الإرهابية الشرق الأوسط الجديد الحرب على الإرهاب دونالد ترامب مصطفى حمزة التنظیمات الإرهابیة الولایات المتحدة جماعة الإخوان الشرق الأوسط إدارة ترامب وهو ما إلا أن
إقرأ أيضاً:
الشرق الأوسط يتجه نحو واقع جيوسياسي مختلف عن السابق.. البراغماتية هي الحل
نشرت مجلة "ناشيونال إنترست" تقريرًا يناقش التحولات الجيوسياسية في الشرق الأوسط، مؤكدة أن قادة المنطقة بدأوا باعتماد سياسات أكثر براغماتية، لكن الطريق مازال طويلا لتحقيق الاستقرار.
وقالت المجلة في هذا التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن الكثير من الدماء سالت خلال المحاولات العديدة الفاشلة لإنشاء "شرق أوسط جديد"، لكن المؤشرات الحالية تدل على أن المنطقة قد تتجه نحو واقع جيوسياسي مختلف عن السابق.
وأضافت أن قادة المنطقة أصبحوا بعد الحرب الأخيرة بين الخصمين اللدودين إيران و"إسرائيل" أكثر تقبلا لفكرة أن الشرق الأوسط المليء بالصراعات لا يتناسب مع استراتيجياتهم الكبرى أو مصالحهم الوطنية، وهذه القناعة بدأت تشكل ببطء شرق أوسط جديد.
واعتبرت المجلة أن هذا المخاض ليس سهلا على الإطلاق، فالصراع في السودان يعد المثال الأبرز على أن المنافسة الإقليمية ما زالت تتحول إلى صراعات دموية في بعض في دول العالم العربي. وقد كان هذا هو الحال في الآونة الأخيرة في لبنان وسوريا والعراق وفلسطين واليمن وليبيا وتونس.
وترى المجلة أن تل أبيب وطهران أثبتتا براعتهما في خلق ساحات للتنافس على بسط النفوذ، تمامًا مثلما تواصل دول الخليج، على غرار الإمارات العربية المتحدة، محاربة أي مظهر من مظاهر الديمقراطية خوفًا من وصول الإسلاميين للحكم.
وأشارت المجلة إلى أن هذه الديناميكيات لن تتغير بين عشية وضحاها، لكن بعض الأحداث تثبت أن هناك تحولات جوهرية، ومنها انتهاء حصار قطر، وجهود دول الخليج للتطبيع مع نظام الأسد السابق، ووقف إطلاق النار في اليمن بين التحالف الذي تقوده السعودية والحوثيين، واتفاق التطبيع بين السعودية وإيران.
"براغماتية قاسية"
وحسب المجلة، تعكس كل هذه الأحداث رغبة براغماتية في التركيز على التنمية الاقتصادية من خلال التعاون، وتمثل نقاط تحول رئيسية بعيدًا عن الصراعات وفترة الربيع العربي المضطربة التي حارب فيها المستبدون مطالب التغيير.
وتابعت المجلة بأن هجمات حماس في 7 تشرين الأول/ أكتوبر عززت التحول نحو "البراغماتية القاسية". ورغم تخوف العديد من الخبراء والمسؤولين من أن تؤدي حرب غزة إلى صراع إقليمي كبير، إلا أن حجم التوتر لم يرقَ إلى مستوى أسوأ التوقعات، ويرجع ذلك جزئيًا إلى تخلي قادة الشرق الأوسط عن السياسات الصفرية، حسب المجلة.
وانعكاسًا لهذه الديناميكية، جرى نوع من التقارب بين السعودية وإيران، وقد شدّدا على أهمية استقرار الوضع ومنع توسع النزاع.
وأوضحت المجلة أن التعاون يتجاوز المصلحة المشتركة في منع نشوب حرب إقليمية تضر بالجميع، حيث تشهد المنطقة أيضا توسعا ملحوظا في التعاون الدبلوماسي والاقتصادي. ويتجلى ذلك بشكل خاص على الساحة السورية، حيث تهتم دول المنطقة بشكل كبير بنجاح حكومة تصريف الأعمال السورية الجديدة، وتعمل دول الخليج بشكل منسق على دعم العملية الانتقالية من خلال الاستثمار في إعادة إعمار البلاد، والدعوة إلى رفع العقوبات.
وحتى الخصوم التقليديون، أي تركيا وقطر من جهة، والسعودية من جهة أخرى، يبدو أنهم عازمون على ضمان حصول دمشق على الدعم الاقتصادي والدبلوماسي والعسكري الذي تحتاجه في الفترة الحالية، وفقا للمجلة.
التعاون العسكري
أضافت المجلة أن التعاون العسكري يحمل أيضًا مؤشرات واعدة على البراغماتية والتعاون الإقليمي الضروريين لدفع عجلة التنمية والاستقرار. فقد عملت تركيا مع السعودية والإمارات على إبرام صفقات عسكرية واقتصادية في السنوات الأخيرة؛ وقد حصلت أنقرة على استثمارات من دول الخليج الغنية لدعم اقتصادها المتعثر، بينما حصلت الدول الخليجية على التكنولوجيا والمعدات العسكرية من قطاع الصناعات الدفاعية المتنامي في تركيا وسط القيود الأمريكية في ظل إدارة بايدن.
جاء ذلك في أعقاب سنوات من التوتر -حسب المجلة-، حيث كانت تركيا وقطر تدعمان حركات الإسلام السياسي، ما شكّل مصدر إزعاج لعدة دول، وقد ردت السعودية وحلفاؤها بحصار قطر، لكن كل هذه الدول تنسق فيما بينها حاليا لتحقيق المصالح المشتركة.
هل تستقر المنطقة؟
ترى المجلة رغم كل هذا التقارب أن المنطقة بعيدة كل البعد عن الاستقرار الكامل، حيث لا توجد دولتان في الشرق الأوسط متوافقتان تمامًا في كل القضايا، فالرياض وأبوظبي تتنافسان بحدة على مستوى الاقتصاد والاستثمارات، كما أن التنافس السعودي الإيراني لم ينتهِ بعد رغم المصافحات الودية وإحياء الكتلة المؤيدة لفلسطين، ولا تزال تركيا تُتهم بـ"العثمانية الجديدة"، خاصة مع نفوذها في سوريا ما بعد الأسد.
وختمت المجلة بأن التغيير الإيجابي يستغرق وقتًا طويلًا، لكن من الواضح أن قادة المنطقة يأملون ببداية عصر جديد في الشرق الأوسط، عصر يقوم على التنمية الاقتصادية والتعاون التجاري والاستقرار، وهي طموحات في متناول أيديهم إذا اختاروا المضي قدما في هذا المسار.