محمد سيد عبد الرحيم مدير أيام القاهرة للصناعة بمهرجان القاهرة السينمائي الدولي: هدفنا الانفتاح وتعزيز الشراكات ودعم المواهب
تاريخ النشر: 10th, November 2024 GMT
القاهرة - الوكالات
سوق القاهرة للصناعة يجب أن يستمر، واستعدناه في لحظة تتطلب دعم صناعة السينما المصرية نعمل على ثلاث محاور: نقل خبرات الأجيال وإبراز النماذج الملهمة ودعم المواهب الجديدة من خلال ورش احترافية ولقاءات مفتوحة استعدنا ثقة الرعاة ووسعنا نطاق دعم مشاريع الأفلام من العالم العربي ومصر انفتحنا على عمقنا الأفريقي والآسيوي، وهناك تعاون كبير من شركائنا في المنطقة وتمثيل بارز لكل كيانات صناعة السينما المصرية.ما التحديات التي واجهت تنظيم أيام القاهرة للصناعة خاصة كونك جزء من إدارة جديدة للمهرجان في دورة مؤجلة؟
أبرز التحديات التي يفرضها كوننا جزء من إدارة جديدة لمهرجان عريق في دورة مؤجلة هو ضرورة إعادة ترتيب الأوراق. فهناك التزامات فرضها التأجيل وهناك متغيرات أيضًا. مثلًا بعض مشاريع الأفلام التي تم قبولها في السابق طرأ عليها تغيرات إنتاجية تم تنفيذ بعضها بالفعل والبعض الآخر انتقل من مرحلة التطوير إلى ما بعد الإنتاج.
كان علينا أيضًا استعادة ثقة الرعاة، خاصة في ظل المتغيرات الاقتصادية كالتعويم وأزمة الدولار التي أثرت على قيمة المبالغ المالية المطلوبة. فضلًا عن أن تجربة بعض الرعاة مع المهرجان في السنوات الأخيرة لم تكن بمستوى توقعاتهم، مما استدعى العمل على استعادة ثقتهم، خصوصًا وأن بعضهم من الداعمين الأساسيين للسينما المصرية والعربية في المنطقة.
بالإضافة إلى ذلك، كانت هناك اتفاقات سابقة مع بعض المشاركين في الفعاليات المختلفة لم يكن من الممكن إتمامها لانشغالهم بمشاريع أخرى، مما استدعى استحداث فعاليات بديلة. ورغم أن بعض هذه التحديات لم تكن سهلة، تمكنا من تجاوز معظمها.
ما أبرز ملامح الدورة الجديدة من أيام القاهرة للصناعة؟
عملنا في أيام القاهرة للصناعة على ثلاث محاور، الأول هو الاستفادة من خبرات سينمائيين لديهم منجز مهم في الصناعة في مصر والمنطقة العربية وفي العالم مرتكزين على رؤية جوهرها هو التواصل مع الأجيال الجديدة ونقل هذه الخبرات إلى كوادر سينمائية واعدة من خلال اللقاءات والورش. المحور الثاني إلقاء الضوء على النماذج الملهمة من صناع السينما الذين تمكنوا في وقت قليل من إنجاز أعمال معاصرة حاضرة في الأذهان تتسم بقفزات كبيرة متتالية وأمامهم مستقبل كبير وهناك أهمية للتفاعل بينهم وبين الجمهور. أما المستوى الثالث فينصب على دعم المواهب من صناع السينما الواعدين أو الذين لا يزالون على أول الطريق سواء من خلال سلسلة من الورش الإحترافية مثل ورشة تطوير السيناريو، وورشة الصوت وهي ورشة متخصصة ومهمة جدًا لأن عنصر الصوت عادة ما يتم إهماله في فعاليات بناء قدرات صناع الأفلام، وكذلك ورشة التمثيل وهي ورشة متخصصة واحترافية موجهة لممثلين قاموا بأدوار بالفعل. على الجانب الأخر هناك أيضًا ملتقى القاهرة للصناعة وهو المنصة المتخصصة في دعم مشاريع الأفلام الروائية والتسجيلية في مراحل التطوير وما بعد الإنتاج. خطتنا الأساسية كانت أن تغطى المشاريع مساحات أوسع في العالم العربي فمن الشرق هناك تمثيل لدول الشام من فلسطين لبنان ومن الغرب هناك مشاريع من المغرب العربي، وهناك أيضًا مشاريع لصناع أفلام من السودان ودول الخليج. كان هدفنا أيضًا أن يكون هناك تمثيل أوسع لصناع الأفلام المصريين فهناك ٨ مشاريع أفلام مصرية من أصل ١٨ فيلم تم اختيارهم في هذه الدورة.
ما الذي بنيتم عليه من القائم بالفعل في أيام القاهرة للصناعة وما الذي تغير؟
هناك الكثير من العناصر المميزة في أيام القاهرة للصناعة، أبرزها الإنفتاح على عالم السينما المتقدم في أوروبا وأمريكا وما تضمنه ذلك من فعاليات تتضمن نقل الخبرات، لكننا في هذا الدورة حاولنا التوسع أكثر مع صناعة السينما في عمقنا الأفريقي، والصين والخليج عمقنا الآسيوي، بالإضافة إلى أوروبا وأمريكا. قمنا ايضًا بتوسيع الدائرة قليلا بحيث لا تكون أيام القاهرة للصناعة حكر على مجموعة معينة فقط، فاستعنا بخبرات مختلفة دون استبعاد، وصار هناك تعاون مع غرفة صناعة السينما المصرية التي تضم تحتها كل شركات الإنتاج والتوزيع المصرية التي لها في هذه الدورة حضور قوي من خلال النقاشات المفتوحة وجلسات العمل الفردية والجماعية بمشاركة ممثلين من كل الشركات والمؤسسات وضيوف المهرجان من المنطقة والعالم.
ما أهم الخطوات الجديدة التي تمت بالنسبة لأيام القاهرة للصناعة هذا العام؟
بالتأكيد إستعادة سوق القاهرة للصناعة، وهو ليس عنصرًا جديدًا في المهرجان لكنه توقف لسنوات وكانت هناك ضرورة لاستعادته وهو أمر مهم جدًا في لحظة مواتية خاصة في ظل الإحساس بضرورة دعم الصناعة المصرية في وقت يسود فيه الإحساس بأن البساط ينسحب من صناعة السينما المصرية لصالح دول أخرى في المنطقة خلال السنوات القليلة الماضية،. فالسوق هو رد فعل لهذا الوضع، لكن علينا التأكيد على أن هناك تعاون كبير جدًا من هذه الدول وبالتحديد من السعودية مع مهرجان القاهرة من خلال مشاركة وفد سعودي كبير يأتي إلى المهرجان لعمل شراكات مع شركات مصرية، من خلال الإنتاج المشترك، وصنع أفلام مصرية سعودية، وتصوير الأفلام في مصر، والتبادل السينمائي بين مصر والخليج.
ما هي الطموحات نحو المستقبل، وما الذي تحقق منها في ظل الإمكانيات المتاحة ؟
بالتأكيد إستعادة سوق القاهرة للصناعة من أهم الأمور التي تتحقق في هذه الدورة وهو تحدي كبير أيضًا. فالسوق يعد أهم عناصر المهرجانات الكبرى في العالم حاليًا لأنه مساحة الالتقاء والتبادل بين صناع السينما وهو القبلة التي يفدها زوار أي مهرجان سينمائي سواء للإطلاع على أحدث المنتجات أو لعقد شراكات مستقبلية سواء إنتاج مشترك أو توزيع أو للتعرف على الخدمات الإنتاجية المختلفة. هذا ما نحاول تحقيقه في هذه الدورة، ونتمنى أن يتحقق بالشكل والصورة التي نأملها. سوق القاهرة للصناعة يجب أن يستمر في السنوات القادمة في كل الأحوال فلم يعد هناك مهرجان سينمائي في العالم حاليًا بدون سوق قادر على أن يجمع الشركات والمؤسسات المختلفة ويكون مساحة للتبادل الحقيقي للخدمات والمنتجات.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
الشراكات الاقتصادية والإنجاز الدبلوماسي
شهدت بلادنا سلطنة عمان أحداثا وطنية مهمة خلال هذا الأسبوع على الصعيد الدبلوماسي والشراكات الاقتصادية حيث كان الحدث الأول هو زيارة (دولة) التي قام بها جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ إلى مملكة هولندا الصديقة والتي تنتهي اليوم، والحدث الآخر هو نجاح الدبلوماسية العمانية في تحقيق اختراق سياسي مهم من خلال عقد الجولة الأولى من المفاوضات التاريخية بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والولايات المتحدة الأمريكية وسط ترحيب إقليمي ودولي كبير، وأيضا من خلال أصداء إعلامية وصحفية عالمية حيث تصدرت من خلالها تلك المفاوضات في عاصمة الوطن مسقط المشهد الإعلامي، وكانت الخبر الأبرز في الشبكات الإخبارية ووكالات الأنباء والصحف عالميا، حيث يعد ذلك مكسبًا كبيرًا للقوة الناعمة العمانية.
فيما يخص الحدث الأول فقد جاءت الزيارة السلطانية انطلاقا من الجهود المتواصلة لجلالة السلطان هيثم بن طارق ـ حفظه الله ورعاه ـ في تنويع الشراكات الاقتصادية، وفي مجال الطاقة المتجددة والأمن الغذائي والتجارة مع دول العالم في الشرق والغرب، حيث قام جلالته منذ تسلّمه مقاليد الحكم في الحادي عشر من يناير ٢٠٢٠ بعدد من الزيارات الرسمية للدول العربية الشقيقة وأيضا عدد من الدول في آسيا وأوروبا بهدف تعزيز مجالات التعاون بين سلطنة عمان ودول العالم المختلفة خاصة على الصعيد الاقتصادي والاستثماري بهدف إيجاد شراكات حقيقية تجعل الاقتصاد الوطني متنوعا ويتمتع بالاستدامة المالية والخروج من الاعتماد على مصدر وحيد كالنفط علي سبيل المثال.
وخلال السنوات الخمس من حكم جلالته تعززت المؤشرات الاقتصادية والتصنيف الدولي وانخفاض ملحوظ للدين الخارجي وارتفعت مساهمة عدد من القطاعات غير النفطية وتصاعد الناتج المحلي الإجمالي.
كما أن الزيارة السلطانية لمملكة هولندا تعزز من تلك الشراكات خاصة في مجال الطاقة المتجددة وتنشيط الجوانب الاستثمارية والتجارية وقضايا التعليم والتقنية والأمن الغذائي خاصة مع توقيع عدد من البرامج التنفيذية ومذكرات التفاهم بين مسؤولي البلدين الصديقين، خاصة وأن زيارة الدولة تأتي وسط اهتمام إعلامي هولندي وعماني حيث العلاقات التاريخية بين سلطنة عمان ومملكة هولندا والتي تعود إلى ٤٠٠ عام تقريبا حيث التواصل البحري والتجاري. وعلى ضوء ذلك تتواصل الزيارات السلطانية والتي تهدف إلى تحقيق الأهداف الوطنية وتنوع الشراكات الاقتصادية، خاصة وأن بلادنا سلطنة عمان تتميز بموقع فريد على البحار المفتوحة وتتميز بالمصداقية ولغة الحوار في علاقاتها الإقليمية والدولية. كما أن جملة من التشريعات والقوانين التي صدرت مؤخرا بمراسيم سلطانية سوف تعزز مناخ جذب الاستثمارات الخارجية، خاصة على صعيد المناطق الاقتصادية الخاصة والمناطق الحرة وهو أمر حيوي لخلق المزيد من فرص العمل للشباب العماني. كما أن جودة التعليم تعد على جانب كبير من الأهمية في تعزيز القدرة التنافسية علاوة على توطين التقنية الصناعية والاقتصاد الرقمي، كما أن القطاع السياحي يعد من القطاعات الحيوية في مجال التنويع الاقتصادي وجذب المزيد من السياح من أوروبا مثل مملكة هولندا وغيرها من الدول الغربية.
الحدث الآخر الذي شهدته الساحة الوطنية هو عقد الجولة الأولى من المفاوضات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية وسط تفاؤل عالمي وتقدير كبير لجهود سلطنة عمان المخلصة في ضرورة إيجاد حل سياسي بين واشنطن وطهران حول جملة من القضايا المعقدة والتي من أهمها البرنامج النووي الإيراني ورفع العقوبات الاقتصادية عن إيران. وقد شهد العالم لحظة فارقة خفضت من لغة التصعيد والتوتر وعدم الاستقرار التي سادت الساحة الدولية خاصة التصريحات التي صدرت من واشنطن، ومن هنا تنفس العالم الصعداء من خلال تلك الفرصة التي كان للدبلوماسية العمانية دور كبير في إيجاد مقاربة سياسية واقعية وعادلة من خلال اتفاق موضوعي يجنّب المنطقة والعالم المزيد من التوتر والذي قد يقود إلى صراع كارثي سوف تكون منطقة الخليج العربي ومقدراتها أكبر المتضررين.
ومن هنا جاءت ردود الفعل التي رحبت بالجهد الدبلوماسي العماني المقدر من خلال صدور بيانات الإشادة والترحيب والتفاؤل من عواصم صنع القرار في العالم ومن أهمها بيان البيت الأبيض وعدد من الدول الغربية والعربية ومن المجتمع الدولي، كما تصدرت سلطنة عمان المشهد السياسي والإعلامي من خلال الأخبار والتحليلات السياسية حول جولة المفاوضات الأولى بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية في مسقط خاصة وأنها جولة انتهت بشكل إيجابي وهناك الجولة الثانية المقرر لها السبت القادم وسوف تحدد إطار التوافق حول البرنامج النووي الإيراني وجملة من القضايا ذات العلاقة والتي من شأنها التوصل إلى مقاربة موضوعية وتوافق سياسي كما حدث عام ٢٠١٥ عندما تم التوقيع على الاتفاق النووي الإيراني في فيينا بعد جهود دبلوماسية عمانية ومفاوضات سرية وعلنية تواصلت على مدى سنوات وكانت الجولة قبل الأخيرة قد عقدت في مسقط.
وما أشبه الليلة بالبارحة! كما يقال وها هي الدبلوماسية العمانية تظهر من جديد في وقت حاسم ودقيق، خاصة وأن المنطقة تشهد صراعات وحروبًا حيث تواصل العدوان الإسرائيلي الغاشم على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة وعموم فلسطين وهناك الأوضاع في اليمن والسودان وسوريا، وعلى ضوء ذلك فإن التوصل إلى اتفاق حول البرنامج النووي الإيراني قد يقود إلى حزمة من الحلول السياسية تؤدي إلى السلام والاستقرار في المنطقة والعالم.
إن الدبلوماسية العمانية تسجل إنجازًا كبيرًا في سلسلة إنجازات سلطنة عمان الخارجية منذ أكثر من نصف قرن حيث المصداقية وسياسة الحوار التي تؤدي إلى نبذ الحروب والصراعات التي أضرت بمقدرات الشعوب على مدى عقود، كما أن اختيار مسقط لعودة المفاوضات الإيرانية الأمريكية استند إلى تراكم الخبرة الدبلوماسية العمانية وأيضا صدق نواياها والحياد الإيجابي الذي يميزها عند وجودها كطرف يساعد الفرقاء للوصول إلى حلول واقعية بهدف خفض التصعيد والتوتر وإيجاد الحلول ونسج أواصر التعاون بين الدول والشعوب، وهذه فلسفة سلطنة عمان في الممارسة الفعلية حول العلاقات الدولية وتبادل المصالح والمنافع وإقرار السلام الشامل والعادل لكل القضايا الإقليمية والدولية.