أصوات شعرية عربية على منصة القصيدة في «الشارقة للكتاب»
تاريخ النشر: 10th, November 2024 GMT
الشارقة (الاتحاد)
استضاف معرض الشارقة الدولي للكتاب في دورته الـ 43 كلاً من الشاعر الإماراتي إبراهيم الهاشمي، والشاعر الكويتي الدكتور مشعل الزعبي، والشاعر التونسي آدم فتحي، والشاعرة السورية إباء الخطيب في أمسية شعرية بعنوان «صوت الشعر»، قرأ خلالها الشعراء مختارات من تجاربهم الشعرية المتباينة.
افتتح الشاعر الإماراتي إبراهيم الهاشمي الأمسية بقصيدة «هتف الشعر»، التي حملت نفحات غزلية مفعمة بالعذوبة.
وأعرب الشاعر الكويتي الدكتور مشعل الزعبي عن امتنانه للشارقة التي احتضنت تجربته الشعرية، ثم قرأ قصائد من بينها «رسالة إلى أمي»، التي عكست أجواء الحنان الأمومي. وقدم أيضاً قصيدة «لبيك فيرونا» التي كتبها إحياءً ليوم الشعر العالمي في مدينة فيرونا الإيطالية، معبراً عن الروابط الثقافية والإنسانية بين الأمم.
ومن تونس، حيا الشاعر آدم فتحي جمهور المعرض بكلمات دافئة، ثم قرأ قصيدة «العنقود والحذاء»، التي عبرت عن عمق الأبعاد الفلسفية والإنسانية.
واختتمت الشاعرة السورية إباء الخطيب الأمسية بإلقاء قصائد تفيض بالحنين واللهفة. وساهمت طريقتها في الإلقاء بقوة في استحضار مشاعر الجمهور وتفاعلهم. أخبار ذات صلة مشاركة متميزة لـ"أبوظبي للإعلام" في معرض الشارقة الدولي للكتاب إصدارات متعدّدة اللغات في «الشارقة للكتاب» تُثري الوعي البيئي
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: معرض الشارقة الدولي للكتاب الشارقة الشعر النبطي
إقرأ أيضاً:
البريكي: وقلـتُ لـهُ: يا نيلُ، مصرُ صباحُها معي قهوةٌ أخرى بشعري مزعفَرَة
في ليلةٍ من ليالي الإبداع التي يتعانق فيها الشعر مع الروح، احتضن صالون قبس للإبداع للشاعر الدكتور محمود جمعة، أمسيةً شعريةً متميزة، استضاف فيها الشاعر محمد عبد الله البريكي مدير بيت الشعر في الشارقة، ليضيء فضاء الكلمة بشذى قصائده العذبة، في حضرة محاوريه الشاعرين إيهاب البشبيشي و محمد عبد الوهاب، وسط جمهور من الشعراء والإعلاميين والمبدعين ومحبي الشعر، تفاعلوا مع كل بيت وكل صورة شعرية تشكّلت على شفتيه.افتتح الشاعر محمد البريكي أمسيته بقصيدة “همٌّ تغادره الحقيبة” وقد ارتقى بحزنه حتى السماء، فجعل الدمع طريقًا للسمو، لكنه لا يرضى بأن يكون أسيرًا لوهمٍ أو مستشارًا لمن خان، معترفا بأنه خان الهمَّ ذات يوم، فاكتشف أن في تلك الخيانة خلاصًا، فهو المسافر الذي يحمل في حقيبته تعبًا يتخفّى بين ثنايا الملابس، وكأن الأمتعة نفسها ترهقها الرحلة، موضحا ذلك في قوله:أطأُ السماءَ بدمعتيَّ فتركعُوأسيرُ عنكَ إلى الطموحِ وترجِعُما كنتَ مؤتَمَناً عليَّ فكيفَ بيأن أستشيرَكَ في الذي بيَ تصنعُيا همُّ خنتُكَ مرّةً فكرهتَنيوعلمتُ أنَّ خيانتي بكَ تنفعُفأنا المسافرُ حاملاً بحقيبتيتعباً بأفئدةِ الملابسِ يقبَعُتعِبَتْ خُطاكَ وأنتَ تلهثُ.. والمدىسرجي وأحصنةُ الخيالِ تُوَدِّعُعُدْ.. لن تطولَ غبارَ من فرشوا لهُسَجّادةً.. وأتوا إليهِ ليسمعوايستدعي الشاعر “نهر النيل” بوصفه كينونةً حيّةً تنبضُ بالرموز والمعاني، فالنهر لا يكون مجرد مجرى مائيّ، بل يتحوّل إلى فضاءٍ شعريّ يفيض بالحبّ والذاكرة والتاريخ، وشاهدا على العشق، ورمزًا للوصال الذي تُسوَّر به القصيدة كما يُسوّر الحبّ بعهوده، بل يصبح محاورًا يسأله عن إرث العشاق، عن مدينته الأولى، وعن قيسٍ الذي تكسّر قلبه على صخرة ليلى، يتجسد ذلك في قوله:وقلـــتُ لــــهُ: يا نيلُ، مصرُ صباحُهامعي قهــــوةٌ أخرى بشعري مزعفَرَة“ولمّا طلبتُ الوصلَ منها” تـزَنْبَقَـــتعلى الماءِ أشعاري فغارَت صَنَوْبَـرَةفهــــل أنــــتَ فيمـــــا مرَّ تبني بفكرةٍمدينتَـــــكَ الأولى لعبلـــــةَ عنتــــرَةْوتذكـــــرُ قيســــاً، هل تريـــــدُ خليلةًكليلــــى، وليلـــــى قـَـد غوتْهُ لِتَكْسِرَهْلكــــلِّ امْرئٍ منـّـا سمــــاءٌ وأنجـُـــــمٌوكــــــونٌ لـَــهُ، لا تبلغُ الأرضُ مخبَرَهْومن أجــــلِ هـــذا، قد أعافُ وسادتيوأوقِـــظُ ليلــــي في خيالي لأسهَـــرَهْ“أُقَسِّـــمُ جسمي في جســـــومٍ كثيرةٍ”كما فعـــلَ “ابنُ الوردِ” فعلًا وسطَّرَهْفَخُـــذْ ما ترى مني، جنوني، غوايتيشعــــوري بـــــأنَّ الماءَ يُخفي تَوَتُّرَهْوقل لي متـــى يا نيـــــلُ ألقاكَ وادعاًلأغفِــرَ ذنبَ الحبِّ، والنيلُ مغفِـــــرَةْوحين يصبح الطريق إلى الخلاص موحشًا، يمضي الإنسان بين جوعٍ لا يُشبع، وظمأٍ لا يُروى، يتكئ على الصبر، ويكتب بالحبر آخر ما تبقى من أنفاسه، تأتي قصيدة “في الطريق إلى عرفة” حاملة ًأسئلة الإنسان الباحث عن الخلاص، العابر في دروب الحياة المثقلة بالجوع والخذلان، حيث يجسد الشاعر معاناة الإنسان الذي يلوذ بالصبر، لكنه لا يساوم على كرامته، فيسير وسط الظلام متلمسًا بريق الفجر، غير أن طريقه يظل موحشًا، يحيطه الألم وتكتنفه الخيبات، ويظهر ذلك في قوله:كَمَنْ يجوعُ ولا يلقى سوى حَشَفَةْيلوذُ بالصَّخْرِ لكنْ لَمْ يَبِعْ شَرَفَهْمضى بِهِ الليلُ.. لا يدري بِهِ أحَدٌودمْعُهُ رُغْمَ طولِ الليلِ ما عَرَفَهْوكانَ بينَ صباحٍ مُظْلِمٍ غَدُهُوبينَ ليلِ الرجا مُسْتَوْطِناً أسَفَهْيُقَدِّمُ الحِبْرَ للأوراقِ منْفَعَةًلكي يَخُطَّ عليها فكرةَ الأنَفَةْوَهَيّأَ الجَوَّ والأفكارَ ثُمَّ بدايُكاشِفُ الوقْتَ لكِنْ غابَ ما كَشَفَهْوقالَ: رُبَّ ظلامٍ ينجلي بِضِياكَيْ يَتْرُكَ الجائعُ المهمومُ مُعْتَكَفَهْوقَدْ تَذَكَّرَ أنَّ الحقْلَ يَطْلُبُهُفجاءَ بالقمحِ لكِنْ لَمْ يَجِدْ كَتِفَهْأما ختام الأمسية، فقد جاء بنفَسٍ ملحمي مع قصيدته “رحلة أخرى إلى القيصر” فينسج الشاعر محمد عبدالله البريكي نسيجًا شعريًا مترعًا بالرمز والتأمل، حيث يتخذ من الصحراء مسرحًا لرحلةٍ وجودية تتداخل فيها الأسطورة مع التاريخ، وينبعث فيها الماضي ليحاور الحاضر، ويقف الشاعر على أطلال القيم المتهاوية، مستعيدًا صدى الفرسان العظام الذين خطوا مآثرهم في رمال الزمن، فالقصيدة ليست مجرد تأمل في الخراب، بل هي ارتحالٌ بين الوجع والرجاء، حيث يضيء الشعر الطريق نحو أفقٍ أكثر إشراقًا، نحو حقلٍ لا تزال جذوره تمتد في عمق الطموح، رغم ركام الحاضر وتصدعاته، مبينًا ذلك في قوله:لَـنْ تستقـِــــرَّ إذا ذَهَبْــــتَ لِقَيْصرافاعبُـــرْ خفيفــــاً في الفَـلاةِ مُبَشِّراوارجـِــعْ إلى أهْلِ الخيامِ ولُذْ بهمأو دونَـــكَ الصَّحْراءُ كي تَتَشَنْفـــراقَــــدْ آنَ للرّملِ الذي سُفِكَـت عليـــــــــــــــــــــهِ دِمــــاءُ بعضِ الخَلْقِ أن يتطهَّراما زالَ فينــــا حاتَـــمٌ.. ولضيفِــــهِذَبَـــحَ الحِصـــــانَ ولَمْ يَنَمْ مُتَكَدِّرامازالَ فينـــــا من إذا حَمِــيَ الوطيـــــــــسُ يَهُــبُّ لِلْهَيْجــا ويُصبحُ “عَنْترا”مازالَ فينـــــا الدَّمْــــعُ شفّافـــاً إذايَبْكــــي على السّجّــادِ يُصبحُ كَوْثَراأتَــــرى مَعــــي هذي المَضاربَ كلَّمااخْتَلفَت يَضِـجُّ بها الفَناءُ.. ألا تَرى؟وأنا رَفيقُــــكَ في المَدى أَخْفَيْتُ عنــــكَ الدَّمْــــعَ كي تخطــو ولا تَتَعثَّراوعَدَوْتُ في الصَّحْراءِ، صرتُ أخاً لهاومَشَيْـــتُ فَـــوْقَ رمالِهـــا مُتَبَخْتِراوحفلت الأمسية بنقاشات عميقة قادها الشاعرين إيهاب البشبيشي ومحمد عبد الوهاب، حيث استكشفا مع البريكي مكامن الإبداع في نصوصه، وتوقفا عند جماليات اللغة والصورة الشعرية، كما ناقشا تأثير التجربة الإماراتية في الشعر العربي، وأثر بيت الشعر في الشارقة في إثراء المشهد الشعري.انتهت الأمسية، ولكن صدى القصائد ظل معلقًا في الأذهان، كأنها ضوء لا ينطفئ في دروب العاشقين للشعر، لقد كانت ليلةً تجلّى فيها الإبداع بأبهى حلله، وأثبت فيها الشاعر محمد البريكي أن الشعر ما زال قادرًا على ملامسة الروح، وأن القصيدة يمكنها أن تكون جسرًا بين الذاكرة والحلم، بين التراث والتجديد.وكما أن للنهر مجراه، فإن للشعر مجراه الذي لا يعرف التوقف، يتجدد مع كل إلقاء، ويبعث الحياة في القلوب الظامئة إلى الجمال.صحيفة عمون إنضم لقناة النيلين على واتساب