تفسير الآية 217 من سورة البقرة: دروس في حياة الصحابة والأشهر الحرم
تاريخ النشر: 10th, November 2024 GMT
تعتبر سورة البقرة من أطول سور القرآن الكريم وأغنى السور من حيث المعاني والدروس التربوية والشرعية، وتُعد الآية 217 من هذه السورة من الآيات التي تناولت موضوعًا بالغ الأهمية يتعلق بالجهاد في الشهر الحرام، وهي نقطة محورية في تفسير معاني الصبر والتحمل والالتزام بالأحكام الإلهية.
دروس من حياة الصحابة وأهمية الأشهر الحرمفي محاضرة سابقة للأستاذ الدكتور علي جمعة، تناول في تفسيره لهذه الآية بعض الجوانب التي تبرز العلاقة بين الإنسان ومبادئ الإسلام، مُستعرضًا أسئلة الصحابة الكرام لسيدنا رسول الله ﷺ وبعض الأحكام المتعلقة بالأشهر الحرم التي ذكرها القرآن الكريم.
من الأمور التي أشار إليها الدكتور علي جمعة في تفسيره للآية، هو الحديث عن قلة الأسئلة التي طرحها الصحابة على رسول الله ﷺ. وقد أورد أن الصحابة، رغم كثرة الأحداث والمواقف التي كانوا يمرون بها، كانوا يتحرون الدقة والتواضع في طرح أسئلتهم. لم تتجاوز الأسئلة التي وجهها الصحابة للنبي ﷺ عن 13 سؤالًا فقط في أغلب الأحيان. وهذا الرقم ليس تقليلاً من اهتمامهم، بل دليلًا على رغبتهم في أخذ العلم بطريقة فطرية وواقعية دون التوسع في الاستفهامات غير الضرورية.
هذه القلة في الأسئلة تُظهر لنا فهم الصحابة العميق للرسالة النبوية وتقديرهم الكبير للمقام النبوي، حيث كانوا يثقون في أفعال النبي ﷺ وسيرته العملية بقدر كبير، فكانت الأسئلة التي يطرحونها نابعة من ضرورة أو أمر ملح يحتاج إلى توضيح.
الأشهر الحرم: أحكامها وأسرارهامن أهم الدروس التي تناولها الدكتور علي جمعة في تفسير الآية 217، هو الإشارة إلى الأشهر الحرم التي حرّم الله فيها القتال إلا في حالات الدفاع المشروع. وذكر أن الله تعالى قد حرم أربعة أشهر من السنة هي: ذو القعدة، ذو الحجة، المحرم، ورجب الفرد. هذه الأشهر التي تحمل طابعًا خاصًا في الشريعة الإسلامية، إذ يُحرّم فيها القتال والاعتداء على النفس والمال، وقد خصّ الله تعالى شهر رجب بالتسمية "الفرد"؛ لأنه منفصل عن الأشهر الثلاثة التي تليه، ولا يُعد من الأشهر الحرم المتعاقبة، بل هو شهر مستقل.
وفي هذا السياق، أكد الدكتور علي جمعة على أهمية هذه الأشهر في تاريخ المسلمين، حيث كانت تمثل فرصة للتأمل والعبادة والتقوى، وللتأكيد على ضرورة تجنب التعدي على الغير في هذه الفترة، مما يعكس روح السلم والتآخي بين الناس.
الدروس المستفادة من الآية 217 والأشهر الحرمالآية 217 من سورة البقرة تلقي الضوء على مفهوم الجهاد في الإسلام، وأنه لا يتم إلا في ظل احترام الحرمات، بما في ذلك الأشهر الحرم. وهي دعوة للتأمل في معاني الصبر والثبات في مواجهة التحديات، وكذلك التذكير بأهمية التزام المسلم بالقيم الأخلاقية التي وضعها الله في كل زمان ومكان.
كما أن الأشهر الحرم تذكرنا بضرورة تجنب العنف والظلم في فترات معينة من السنة، فهي دعوة للاحتكام إلى مبادئ السلام والعدالة، والتأكيد على أن الحرب يجب أن تكون في سياق الدفاع عن النفس أو الذود عن الدين، وليس لتوسيع النفوذ أو فرض السيطرة.
تظل سورة البقرة وآياتها مصدرًا غنيًا بالمعرفة والعبر للمسلمين، حيث تتيح لنا فهم عميق لدور الصحابة الكرام في نقل الرسالة النبوية، وتوفر لنا أفقًا واسعًا من القيم الروحية والأخلاقية التي يجب أن نتبناها في حياتنا اليومية. من خلال تفسير الآية 217 والأشهر الحرم، نجد دعوة للتوازن بين القيم الدينية والإنسانية، وهي دعوة تستحق التأمل والالتزام في كل زمان ومكان.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: البقرة الصحابة رسول الله سورة البقرة الدکتور علی جمعة الأشهر الحرم سورة البقرة فی تفسیر
إقرأ أيضاً:
فضل صلاة الضحى وأهميتها في حياة المسلم
صلاة الضحى هي من السنن المؤكدة التي اهتم بها الرسول صلى الله عليه وسلم، إذ تُصلى في وقت النهار بعد ارتفاع الشمس، وتعد من الصلوات التي تميزها فضائل عظيمة تساهم في شكر الله على نعمه وتعبر عن قرب المسلم من الله.
فضل صلاة الضحى كما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلمأوضحت دار الإفتاء المصرية أن صلاة الضحى تُعَدُّ صدقة عن كل مفصل في جسد الإنسان، كما ورد في حديث النبي صلى الله عليه وسلم: "يصبح على كل سُلَامَى من أحدكم صدقة، فكل تسبيحة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهي عن المنكر صدقة، ويجزئ من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى"، مما يشير إلى مكانتها العالية في شكر النعم.
وصية النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه بصلاة الضحىكان النبي صلى الله عليه وسلم يوصي أصحابه بصلاة الضحى. فقد روى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أوصاني خليلي بثلاثٍ، لا أدعُهنَّ حتى أموتَ: صومِ ثلاثةِ أيامٍ من كلِّ شهرٍ، وركعتي الضحى، وأن أوتر قبل أن أنام".
وهذا الحديث يؤكد على أهمية هذه الصلاة وضرورة المواظبة عليها كجزء من سنن النبي.
عدد ركعات صلاة الضحىأكدت دار الإفتاء أن صلاة الضحى تبدأ بركعتين كحد أدنى، بناءً على حديث أبي هريرة رضي الله عنه: "أوصاني النبي بركعتي الضحى".
أما عدد الركعات المثالي فليس محددًا بعدد معين؛ فقد صلى النبي صلى الله عليه وسلم في بعض الأحيان ركعتين، وفي أحيان أخرى أربع أو ست أو حتى ثماني ركعات.
وقت صلاة الضحىتُصلى الضحى من بعد شروق الشمس وارتفاعها إلى قبيل أذان الظهر. ويُفضل تأخيرها حتى تشتد حرارة الشمس، استنادًا إلى حديث النبي صلى الله عليه وسلم: "صلاة الأوابين حين ترمض الفصال"، حيث تكون الشمس في أشد أوقاتها.