أفغانستان بعد عامين من حكم طالبان: "أسوأ مما كان يُخشى"!
تاريخ النشر: 15th, August 2023 GMT
فرضت طالبان الكثير من القيود على النساء والفتيات في أفغانستان خلال العامين الماضيين
بنبرة يعتصرها الأسى والعفوية، تسرد الشابة الأفغانية مريم أروين واقع بلادها بعد مرور عامين على حكم طالبان، قائلة في مقابلة مع DW عبر الهاتف: "بصراحة، أشعر أنني أعيش كابوسا. من الصعب فهم ما مررنا به خلال العامين الماضيين".
أسست مريم في كابول منظمة غير حكومية تُعنى بدعم الأطفال والنساء، لكن طالبان استولت عليها قبل عامين في أعقاب سيطرة عناصرها على العاصمة كابول والإطاحة بحكومة الرئيس أشرف غني.
ورغم وعود طالبان عقب عودتها مجددا إلى حكم أفغانستان باحترام حقوق المرأة بموجب الشريعة الإسلامية، إلا أن الحركة الأصولية فرضت قيودا صارمة على النساء والفتيات مع منعهن ضمنيا من الحياة العامة والتعليم وسوق العمل وحتى وصل الأمر إلى حظر استخدام النساء وسائل النقل دون مرافقة أحد أقربائهن الذكور.
تحذيرات قبل سيطرة طالبان
وإزاء ذلك، تساءلت مريم عن الأسباب التي استند عليها البعض قبل عامين في الزعم بأن الحركة قد تغيرت، مضيفة "لا أفهم حقا مصدر ذلك الأمل بأن طالبان قد تغيرت أو حتى أصبحت أفضل. كنا ندرك دائما أنه في حالة عودتها إلى السلطة، فستفقد الأفغانيات كل شيء".
وأشارت إلى أنه "قبل عشرين يوما من وصول طالبان إلى السلطة، نظمنا نحن الناشطات وممثلات المجتمع المدني في كابول مؤتمرا صحفيا لتوعية المجتمع الدولي مرة أخرى بوضعنا". وأضافت مريم: "قلنا بصوت عال انظروا إلى المناطق التي كانت تسيطر عليها طالبان بالفعل في ذلك الوقت وانظروا كيف تحتقر الحركة حقوق المرأة، لكن لم يستمع إلينا أحد ".
يشار إلى أنه قبل استيلاء طالبان على كابول، كانت الحركة تسيطر على أجزاء كبيرة من المناطق الريفية في أفغانستان حيث كانت تفرض على النساء البقاء في منازلهن على خلاف واقع الحياة في كابول آنذاك إذ كان يُسمح للنساء بالذهاب إلى العمل والمدارس والمشاركة في الحياة العامة.
وفي مقابلة مع DW، قالت عليمة عليمة (Alema Alema)، نائبة وزير السلام الأفغاني السابق، إن "طالبان اليوم لا تختلف كثيرا عن طالبان في التسعينيات، لكنها هذه المرة كانت أكثر حذرا أكثر مما كانت عليه خلال فترتها الأولى في السلطة. فمنذ استيلائها على السلطة، أصدرت طالبان 51 حظرا على النساء بمعدل حظر كل شهر".
تقول عليمة عليمة (Alema Alema)، نائبة وزير السلام الأفغاني السابق، إن "طالبان اليوم لا تختلف كثيرا عن طالبان في التسعينيات.
وأضافت "لم تعلن الحركة عن كافة القيود مرة واحدة لأن قادتها لم يرغبوا في تخويف المجتمع الدولي، لذا كان يتعين عليهم بحذر في البداية حتى لا يثيروا استعداء المجتمع الأفغاني قبل أن يحكموا زمام الأمور".
الجدير بالذكر أنه في الخامس عشر من أغسطس / آب قبل عامين كان العالم على موعد مع مفاجأة مدوية تمثلت في استيلاء حركة طالبان على العاصمة الأفغانية كابول واسقاطها حكومة الرئيس السابق أشرف غني من دون مقاومة تُذكر من قبل الجيش الأفغاني الذي كان مدعوما من الولايات المتحدة.
وعلى إثر ذلك، كتبت حركة طالبان المتشددة فصلا جديدا في حكم أفغانستان وعادت إلى السلطة مرة ثانية، حيث حكمت البلاد في السابق قبل سقوطها عام 2001 عقب الغزو الأمريكي لأفغانستان.
الانسحاب الأمريكي المفاجئ
ويرى خبراء أن سقوط حكومة الرئيس أشرف غني كان أمرا حتميا مع بدء انسحاب قوات حلف شمال الأطلسي (الناتو) في مايو / أيار عام 2021 بموجب اتفاق الدوحة بين واشنطن وطالبان المبرم في فبراير/ شباط قبل ذلك بعام إذ بدأت الحكومة الأمريكية في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب محادثات مباشرة مع طالبان في عام 2018.
بدورها، تعتقد عليمة، التي تعيش الآن في ألمانيا، أن النتيجة كانت ستختلف لو أقدمت الإدارة الأمريكية خلال حقبة ترامب على إشراك الحكومة الأفغانية وخبراء محليين في المباحثات مع طالبان.
بيد أن الولايات المتحدة والدول الغربية رغبت في تسريع المحادثات مع طالبان في قطر لتمهيد الطريق أمام خروج قواتها من أفغانستان فيما أسفرت المحادثات عن اتفاق توصل إليه في 29 من فبراير/ شباط عام 2020 يحدد جدولا زمنيا لانسحاب القوات الأمريكية وقوات الناتو.
تراجعت أفغانستان إلى الوراء في معظم مناحي الحياة منذ سيطرة طالبان على الحكم قبل عامين
وفي ذلك، قالت عليمة إن الاتفاق "دعا إلى إجراء محادثات سلام وتفاوض مباشر بين طالبان والحكومة الأفغانية. كنا نستعد لذلك حيث قمت في وزارة السلام بتشكيل مجموعات عمل مختلفة وجرى وضع مبادئ توجيهية وتدابير لدعم المنظمات غير الحكومية في جميع محافظات البلاد البالغ عددها 34".
وأضافت "لم تعر طالبان أي اهتمام أو رغبة للحديث إلينا. كان قادة الحركة يدركون أن الولايات المتحدة سوف تنسحب من أفغانستان فيما لم يكن لديهم أي استعداد لتقديم تنازلات مع منحهم (من قبل الولايات المتحدة) بعض القبول على وقع القول بأن الحركة قد تغيرت."
ويرى خبراء أن المفاوضات المباشرة مع الولايات المتحدة أعطت طالبان اعترافا دوليا حيث جرى توقيع اتفاق عام 2020 مع واشنطن في مكتب الحركة بالدوحة بهدف إحلال السلام في بلد مزقته الحروب والصراعات.
بيد أن الاتفاق أضعف الروح المعنوية للجيش الأفغاني وقلل بشكل كبير من أي مقاومة قد تندلع ضد أي استيلاء للسلطة من قبل طالبان.
وفي ذلك، قال نائب الرئيس التنفيذي لشبكة راديو وتلفزيون أريانا الأفغانية الخاصة، خوشحال آصفي، إن ما وقع "في أفغانستان في أغسطس / آب 2021 لم يكن انتصارا عسكريا حققته طالبان، بل كان نتاج قرار سياسي. ومع غياب المعلومات عن مسار التفاوض مع طالبان، يبدو أن الدول الغربية كانت قد قررت سحب دعمها للحكومة الأفغانية في ذلك الوقت".
إغلاق المدارس الثانوية، أمام الفتيات، منذ سيطرة طالبان على السلطة عام 2021.
وعقب سيطرة طالبان على السلطة، اضطر آصفي إلى مغادرة البلاد، قائلا: "التطورات التي حدثت في العامين الماضيين عززت الشعور بأن أفغانستان قد تركت فريسة سهلة لطالبان.".
وينتقد آصفي حالة عدم الاهتمام الدولي بما آلت إليه أفغانستان بعد عامين من سيطرة طالبان، مضيفا "تُصدر في أحسن الأحوال، بيانات تنتقد سياسات طالبان، لكن المجتمع الأفغاني محبط ومنهك. الاقتصاد متدهور ويعيش أكثر من 20 مليون شخص تحت خط الفقر. الأفغان يكافحون ليل نهار من أجل البقاء على قيد الحياة".
وتتفق في هذا الرأي الناشطة المدافعة عن حقوق المرأة الأفغانية مريم، قائلة "أشعر بخيبة أمل لأن المجتمع الدولي استسلم سريعا، لكن المجتمع المدني الأفغاني لديه العزم ويرفض الاستسلام ولا ينبغي الاستهانة بذلك". وأضافت مريم "إن الجميع في أفغانستان يبحث عن طريقة للفرار من البلاد."
شابنام فون هاين / م. ع
المصدر: DW عربية
كلمات دلالية: أفغانستان حركة طالبان حركة طالبان الأفغانية أفغانستان حركة طالبان حركة طالبان الأفغانية الولایات المتحدة فی أفغانستان على النساء طالبان على مع طالبان قبل عامین طالبان فی فی ذلک
إقرأ أيضاً:
أرقام جديدة لخسائر جيش العدو .. ما خفي أكبر وما ينتظرهم أسوأ
يمانيون../
يعودُ ملف خسائر جيش العدو الإسرائيلي إلى الواجهة مثيراً التساؤلات عن حجم الخسائر الحقيقية التي يرفض كيان العدو الاعتراف بها.
كشفٌ جديدٌ لخسائر “جيش” العدو الإسرائيلي يميط اللثام عنه القائد الجديد لما يُسمى هيئة الأركان. يبدو أن تداعيات الطوفان تمتد إلى أبعد مما رصدناه حتى اليوم ومما توقعناه للغد.
فقد أعلن “رئيس هيئةِ أركان جيش” العدو الإسرائيلي المعيّن، اللواء احتياط “إيال زامير”، عن إحصاءات جديدة بشأن خسائر “جيش” العدو منذ بدء عملية طوفان الأقصى، حتى نهاية عام 2024م. وفقًا لتقرير بثته القناة 12 العبرية، فقد انضم 5942 عائلة “إسرائيلية” إلى قائمة “الأسر الثكلى”، وهي العائلات التي فقدت أحد أفرادها من الجنود في الحرب، بينما تم استيعاب أكثر من 15 ألف جريح في نظام إعادة التأهيل التابع لـ”وزارة الدفاع” في كيان العدو.
وقد جاءت تصريحات “زامير” في سياق توجيهه للاهتمام بأسر الجرحى والقتلى في “جيش” العدو، حين أكد على ضرورة توفير الدعم والمساعدة المناسبين لهم. وهي معركة استنزافية جديدة سيواصل كيان العدو دفع كُلفها الباهظة إلى أجلٍ غير مسمى، كما أنها من جهةٍ أخرى تُعيق بشكل كبير العمليةَ التنموية في الكيان المصنّف بأنه ضمن المتقدّمين صناعياً، وذلك بالنظر إلى أن قطعان المغتصبين في الاحتياط هم من العمال في المجال التكنولوجي الصناعي، وكان انخراطهم في القتال أصلاً قد تسبب في تعثر عجلةَ القطاعات الصناعية، وخاصة الصناعة التكنولوجية الدقيقة والتي تمثل عماد الاقتصاد في كيان العدو المؤقت.
يُشار إلى أن مصطلح “الأسر الثكلى” يستخدم بشكل رسمي في أدبيات “جيش” العدو للإشارة إلى عائلات الجنود الذين قُتلوا خلال الحرب، وليس المدنيين. ولا يستبعد خبراء أن الكشف عن هذه الخسائر الجديدة قد يكون محاولة من المسؤول العسكري الجديد للسيطرة على تسريبات معلوماتية إلى الصحافة، خاصة في ظل وجود سوابق لمثل هذه التسريبات في الماضي، وهو ما يشير إلى حقائق أكبر بكثير مما أعلنه حتى اليوم “جيش” العدو، الذي يعمد حالياً للكشف عنها بالتدريج، تفادياً للارتدادات الكبيرة المتوقعة إثر الكشف عن هذه الخسائر.
ورغم التكتم الشديد من جانب “جيش” العدو الإسرائيلي على حجم خسائره، فقد نشرت بعض المصادر العبرية الإعلامية خاصةً على وسائل التواصل الاجتماعي أن عدد قتلى “جيش” العدو الإسرائيلي نتيجة الحرب في غزة ولبنان والضفة الغربية وصل إلى 13 ألف قتيل. كما ذكر المحلل العسكري “يوسي يهوشع” أن “الجيش” فقد المئات من القادة والجنود في العام الماضي، بالإضافة إلى نحو 12 ألف جريح ومعاق. وفي يناير 2024، كان العدو أعلن أن لواء “غفعاتي”، الذي انسحب من قطاع غزة، خسر 86 مقاتلاً وقائداً خلال الحرب.
وكشف تقرير نشرته صحيفة “هآرتس” عن إصابة 12 ألف جندي “إسرائيلي” ونقلهم إلى قسم إعادة التأهيل التابع لـ”وزارة الجيش”. وأشار التقرير إلى أن 51% من الجرحى تتراوح أعمارهم بين 18 و30 عامًا، و66% منهم من جنود الاحتياط.
بحلول عام 2030، يُتوقع أن يكون هناك نحو 100 ألف معاق في “جيش” العدو الإسرائيلي، نصفهم من المرضى النفسيين. كما اعترف “جيش” العدو رسمياً في بيان صدر في يناير 2024 بأن قسم إعادة التأهيل بـ”الوزارة” تولى رعاية أكثر من 15 ألف جندي مصاب منذ اندلاع الحرب، وهي أرقام ظلت موضع تشكيك لدى المراقبين والأوساط الإعلامية العبرية في ظل ما يعرف بقانون الحظر المفروض على التناول الإعلامي لمجريات المعركة ووقائعها.
يرى المحللون العسكريون أن الكشف عن هذه الأرقام يأتي في إطار رؤية “زامير” التي تدعو إلى بناء “جيش” كبير وقوي، بدلاً من الاعتماد على جيش صغير يتمتع بتقنيات متقدمة. وقد أشارت تقارير صحفية إلى أن “جيش” العدو يعيشُ سباقًا مع الزمن لإعادة بناء قواته البرية، بما في ذلك زيادة عدد المدرعات وإعادة ترميم الدبابات التي تعرضت لأضرار كبيرة خلال الحرب. كما أجبرت الخسائر الكبيرة “جيش” العدو على إقامة مقرين لترميم مئات من الدبابات والمدرعات التي إما أصيبت أو تضررت بسبب فرط استخدامها أثناء الحرب.
في سياق آخر، تشير التصريحات الأخيرة إلى ضرورة تجنيد اليهود المتشددين (الحريديم) في صفوف “الجيش”، وهي قضية أثارت جدلاً واسعًا داخل كيان العدو. ويرى المراقبون أن القائد الجديد يحاول عبر تعميم هذه القضية إلى الدفع صوب تمرير قوانين تجنيد “الحريديم”، خاصة في ظل الحاجة الملحة لتعويض الخسائر البشرية في صفوف “جيش” العدو، ما يشير تعقيدات كبيرة تنتظر دورها في قادم الأيام وتمثل تحدّياً بالغاً أمام المسؤولين من مجرمي قادة الكيان
بشكل عام. يتوقع المحللون العسكريون أن “جيش” العدو الإسرائيلي سيحتاج إلى 8 سنوات لإعادة وضعه كما كان قبل الحرب، بما في ذلك استبدال القيادات العسكرية وزيادة فترة الخدمة الإلزامية. ويركز زامير في رؤيته الجديدة على ضرورة وجود “جيش قوي” يعتمد على قوات المشاة، ما يشير إلى تحول في استراتيجية “جيش” العدو، وأنها تبتعدُ عن الاعتماد المفرط على التكنولوجيا، التي أثبتت أحداث الطوفان وعمليات الإسناد المرافقة أنها غير كفؤة كما كان يظُن صناع القرار داخل المؤسسة العسكرية والأمنية لكيان العدو.
موقع أنصار الله يحيى الشامي