فرضت طالبان الكثير من القيود على النساء والفتيات في أفغانستان خلال العامين الماضيين

بنبرة يعتصرها الأسى والعفوية، تسرد الشابة الأفغانية مريم أروين واقع بلادها بعد مرور عامين على حكم طالبان، قائلة في مقابلة مع DW عبر الهاتف: "بصراحة، أشعر أنني أعيش كابوسا. من الصعب فهم ما مررنا به خلال العامين الماضيين".

مختارات وزيرات خارجية ست دول يطالبن برفع القيود عن الأفغانيات بيربوك تصف حكم طالبان بـ"ردة صوب العصر الحجري" منظمة ألمانية: لا يمكن مساعدة الأفغان دون تعاون مع طالبان هل تشعل المياه الصراع بين طالبان وإيران؟ رغم وعود طالبان.. الأفيون يزدهر في أفغانستان

أسست مريم في كابول منظمة غير حكومية تُعنى بدعم الأطفال والنساء، لكن  طالبان  استولت عليها قبل عامين في أعقاب سيطرة عناصرها على العاصمة كابول والإطاحة بحكومة الرئيس أشرف غني.

ورغم  وعود طالبان  عقب عودتها مجددا إلى حكم أفغانستان باحترام حقوق المرأة بموجب الشريعة الإسلامية، إلا أن الحركة الأصولية فرضت قيودا صارمة على النساء والفتيات مع منعهن ضمنيا من الحياة العامة والتعليم وسوق العمل وحتى وصل الأمر إلى حظر استخدام النساء وسائل النقل دون مرافقة أحد أقربائهن الذكور.

 

تحذيرات قبل سيطرة طالبان

وإزاء ذلك، تساءلت مريم عن الأسباب التي استند عليها البعض قبل عامين في الزعم بأن الحركة قد تغيرت، مضيفة "لا أفهم حقا مصدر ذلك الأمل بأن طالبان قد تغيرت أو حتى أصبحت أفضل. كنا ندرك دائما أنه في حالة عودتها إلى السلطة، فستفقد الأفغانيات كل شيء".

وأشارت إلى أنه "قبل عشرين يوما من وصول طالبان إلى السلطة، نظمنا نحن الناشطات وممثلات المجتمع المدني في كابول  مؤتمرا صحفيا لتوعية المجتمع الدولي مرة أخرى بوضعنا". وأضافت مريم: "قلنا بصوت عال انظروا إلى المناطق التي كانت تسيطر عليها طالبان بالفعل في ذلك الوقت وانظروا كيف تحتقر الحركة حقوق المرأة، لكن لم يستمع إلينا أحد ".

يشار إلى أنه قبل استيلاء طالبان على كابول، كانت الحركة تسيطر على أجزاء كبيرة من المناطق الريفية في أفغانستان حيث كانت تفرض على النساء البقاء في منازلهن على خلاف واقع الحياة في كابول آنذاك إذ كان يُسمح للنساء بالذهاب إلى العمل والمدارس والمشاركة في الحياة العامة.

وفي مقابلة مع DW، قالت عليمة عليمة (Alema Alema)، نائبة وزير السلام الأفغاني السابق، إن "طالبان اليوم لا تختلف كثيرا عن طالبان في التسعينيات، لكنها هذه المرة كانت أكثر حذرا أكثر مما كانت عليه خلال فترتها الأولى في السلطة. فمنذ استيلائها على السلطة، أصدرت طالبان 51 حظرا على النساء بمعدل حظر كل شهر".

تقول عليمة عليمة (Alema Alema)، نائبة وزير السلام الأفغاني السابق، إن "طالبان اليوم لا تختلف كثيرا عن طالبان في التسعينيات.

وأضافت "لم تعلن الحركة عن كافة القيود  مرة واحدة لأن قادتها لم يرغبوا في تخويف المجتمع الدولي، لذا كان يتعين عليهم بحذر في البداية حتى لا يثيروا استعداء المجتمع الأفغاني قبل أن يحكموا زمام الأمور".

الجدير بالذكر أنه في الخامس عشر من أغسطس / آب قبل عامين كان العالم على موعد مع مفاجأة مدوية تمثلت في استيلاء حركة طالبان على العاصمة الأفغانية كابول واسقاطها حكومة الرئيس السابق أشرف غني من دون مقاومة تُذكر من قبل الجيش الأفغاني الذي كان مدعوما من الولايات المتحدة.

وعلى إثر ذلك، كتبت حركة طالبان المتشددة فصلا جديدا في حكم أفغانستان وعادت إلى السلطة مرة ثانية، حيث حكمت البلاد في السابق قبل سقوطها عام 2001 عقب الغزو الأمريكي لأفغانستان.

الانسحاب الأمريكي المفاجئ

ويرى خبراء أن سقوط حكومة الرئيس أشرف غني كان أمرا حتميا مع بدء انسحاب قوات حلف شمال الأطلسي (الناتو) في مايو / أيار عام 2021 بموجب اتفاق الدوحة بين واشنطن وطالبان المبرم في فبراير/ شباط قبل ذلك بعام إذ بدأت  الحكومة الأمريكية  في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب محادثات مباشرة مع طالبان في عام 2018.

بدورها، تعتقد عليمة، التي تعيش الآن في ألمانيا، أن النتيجة كانت ستختلف لو أقدمت الإدارة الأمريكية خلال حقبة ترامب على إشراك  الحكومة الأفغانية  وخبراء محليين في المباحثات مع طالبان.

بيد أن الولايات المتحدة والدول الغربية رغبت في تسريع المحادثات مع طالبان في قطر لتمهيد الطريق أمام خروج قواتها من أفغانستان فيما أسفرت المحادثات عن اتفاق توصل إليه في 29 من فبراير/ شباط عام 2020 يحدد جدولا زمنيا لانسحاب القوات الأمريكية وقوات الناتو.

تراجعت أفغانستان إلى الوراء في معظم مناحي الحياة منذ سيطرة طالبان على الحكم قبل عامين

وفي ذلك، قالت عليمة إن الاتفاق "دعا إلى إجراء محادثات سلام وتفاوض مباشر بين طالبان والحكومة الأفغانية. كنا نستعد لذلك حيث قمت في وزارة السلام بتشكيل مجموعات عمل مختلفة وجرى وضع مبادئ توجيهية وتدابير لدعم المنظمات غير الحكومية في جميع محافظات البلاد البالغ عددها 34".

وأضافت "لم تعر طالبان أي اهتمام أو رغبة للحديث إلينا. كان قادة الحركة يدركون أن الولايات المتحدة سوف تنسحب من أفغانستان فيما لم يكن لديهم أي استعداد لتقديم تنازلات مع منحهم (من قبل الولايات المتحدة) بعض القبول على وقع القول بأن الحركة قد تغيرت."

ويرى خبراء أن المفاوضات المباشرة  مع الولايات المتحدة أعطت طالبان اعترافا دوليا حيث جرى توقيع اتفاق عام 2020 مع واشنطن في مكتب الحركة بالدوحة بهدف إحلال السلام في بلد مزقته الحروب والصراعات.

بيد أن الاتفاق أضعف الروح المعنوية  للجيش الأفغاني  وقلل بشكل كبير من أي مقاومة قد تندلع ضد أي استيلاء للسلطة من قبل طالبان.

وفي ذلك، قال نائب الرئيس التنفيذي لشبكة راديو وتلفزيون أريانا الأفغانية الخاصة، خوشحال آصفي، إن ما وقع "في أفغانستان في أغسطس / آب 2021 لم يكن انتصارا عسكريا حققته طالبان، بل كان نتاج قرار سياسي. ومع غياب المعلومات عن مسار التفاوض مع طالبان، يبدو أن الدول الغربية كانت قد قررت سحب دعمها للحكومة الأفغانية في ذلك الوقت".

إغلاق المدارس الثانوية، أمام الفتيات، منذ سيطرة طالبان على السلطة عام 2021.

وعقب سيطرة طالبان على السلطة، اضطر آصفي إلى مغادرة البلاد، قائلا: "التطورات التي حدثت في العامين الماضيين عززت الشعور بأن أفغانستان قد تركت فريسة سهلة لطالبان.".

وينتقد آصفي حالة عدم الاهتمام الدولي بما آلت إليه أفغانستان بعد عامين من سيطرة طالبان، مضيفا "تُصدر في أحسن الأحوال، بيانات تنتقد سياسات طالبان، لكن المجتمع الأفغاني محبط ومنهك. الاقتصاد متدهور ويعيش أكثر من 20 مليون شخص تحت خط الفقر. الأفغان يكافحون ليل نهار من أجل البقاء على قيد الحياة".

وتتفق في هذا الرأي  الناشطة المدافعة عن حقوق المرأة الأفغانية  مريم، قائلة "أشعر بخيبة أمل لأن المجتمع الدولي استسلم سريعا، لكن المجتمع المدني الأفغاني لديه العزم ويرفض الاستسلام ولا ينبغي الاستهانة بذلك". وأضافت مريم "إن الجميع في أفغانستان يبحث عن طريقة للفرار من البلاد."

 

شابنام فون هاين / م. ع

المصدر: DW عربية

كلمات دلالية: أفغانستان حركة طالبان حركة طالبان الأفغانية أفغانستان حركة طالبان حركة طالبان الأفغانية الولایات المتحدة فی أفغانستان على النساء طالبان على مع طالبان قبل عامین طالبان فی فی ذلک

إقرأ أيضاً:

حياة سرية خاصة عبر الإنترنت.. كيف تعيش النساء في زمن طالبان؟

سلطت صحيفة "واشنطن بوست" الضوء على العالم السري للفتيات الأفغانيات على الإنترنت، وذلك في ظل القيود التي تفرضها حركة طالبان عليهن بعد وصولها للحكم منذ ثلاث سنوات، ما يُحد من الخيارات المتاحة للنساء في أفغانستان.

ووفقا للصحيفة، ولاستعادة بعض ما تم أخذه منهن في عام 2021، تتلقى النساء والفتيات الأفغانيات دورات تدريبية عبر الإنترنت، ويتعلمن اللغات الأجنبية بمساعدة الذكاء الاصطناعي، ويتدربن باستخدام مقاطع فيديو للياقة البدنية ويتداولن العملات المشفرة.

تتلقى النساء الأفغانيات دورات تدريبية عبر الإنترنت ويتعلمن اللغات الأجنبية.

وذكرت الصحيفة أنه رغم منعهن من الالتحاق بالتعليم الثانوي والعالي، تحضر الفتيات دروسًا عبر الإنترنت، ويتعلمن اللغات الأجنبية بمساعدة برامج الدردشة الآلية والكتب الإلكترونية، ويتاجرن بالعملات المشفرة على أمل أن يصبحن مستقلات ماليًا. كما حاولن التعويض عن إغلاق دور السينما، وإغلاق صالات الألعاب الرياضية للنساء، وحظر الموسيقى من خلال اللجوء إلى عروض يوتيوب للعروض الكوميدية ودروس اللياقة البدنية ومقاطع الفيديو الموسيقية.

لكن أكثر من اثنتي عشرة امرأة وفتاة أجرت "واشنطن بوست" مقابلات معهن في كابول، بشرط استخدام أسمائهن الأولى فقط خوفا من أن تثير تعليقاتها غضب المسؤولين الحكوميين وقلن إنهن يشعرن بالقلق من أن هذه الملاذات قد تكون قصيرة الأجل. وتقول الكثيرات إنهن اضطررن إلى إخفاء ملفاتهن الشخصية على إنستغرام وفيسبوك عن عائلاتهن أو أنهن يفرضن رقابة ذاتية على منشوراتهن خوفًا من أن تكتشفهن حكومة طالبان.

تتلقى النساء الأفغانيات دورات تدريبية عبر الإنترنت ويتعلمن اللغات الأجنبية.

وأوضحت الصحيفة أن قضاء الكثير من الوقت على الإنترنت، يثير القلق من الإدمان، فين حين تواجه أخريات سرعات إنترنت بطيئة للغاية، أو كما يحدث في المناطق الريفية، لا يمكنهن الاتصال بالإنترنت على الإطلاق.

ونقلت الصحيفة عن فتاة قولها إن "الإنترنت هو أملنا الأخير. لكن لا شيء يمكن أن يحل محل الحرية الحقيقية".

ووفقا للصحيفة، سوف تواجه طالبان ضغوطا شديدة لحظر منصات وسائل التواصل الاجتماعي بشكل كامل، كما أن تبني ضوابط على الإنترنت على النمط الصيني سيكون مكلفا. ورغم أن النظام قد حظر تطبيق تيك توك بسبب "محتواه غير الإسلامي"، إلا أن حركة طالبان نفسها تستخدم بكثرة منصات أخرى مثل يوتيوب وإكس، ويتواصل المسؤولون الحكوميون عبر تطبيق واتساب.

تتلقى النساء الأفغانيات دورات تدريبية عبر الإنترنت ويتعلمن اللغات الأجنبية.

وقال ذبيح الله مجاهد، كبير المتحدثين باسم الحكومة، في مقابلة أجريت معه في مدينة قندهار الجنوبية: "بالطبع نريد تطبيقات خاصة بنا تعكس قيمنا الإسلامية، لكنها باهظة الثمن، والمال في الوقت الحالي شحيح". وأضاف أن "النظام يريد منع المستخدمين من إضاعة وقتهم".

وقال هداية الله هدايت، نائب وزير الإعلام: "في يوم من الأيام، سيكون لدينا منصاتنا الخاصة".

وأشارت الصحيفة إلي أن العديد من الفتيات تستخدمن الإنترنت في وقت متأخر من المساء وفي الليل، عندما يكون أصدقاؤهن متصلين بالإنترنت أيضًا. وفي حال عدم وجود أحد للدردشة معه، تلجأ البعض إلى الذكاء الاصطناعي.

وحرصًا على تعزيز مواردهن المالية لأسرهن، لجأت بعض النساء إلى تطبيقات العملات المشفرة، بحسب الصحيفة التي نقلت عن هيلا، البالغة من العمر 27 عامًا، قولها إنها أصبحت مستخدمًا يوميًا لتطبيق تعدين العملات المشفرة بعد أن شجعها زملاؤها في العمل.

وتشير الأدلة المتناقلة إلى أن هذه الممارسة منتشرة على نطاق واسع، خاصة في كابول، وفقا للصحيفة.

تتلقى النساء الأفغانيات دورات تدريبية عبر الإنترنت ويتعلمن اللغات الأجنبية.

وذكرت الصحيفة أن الحكومة في أفغانستان تتسامح إلى حد كبير مع الأعمال الرقمية مثل مبيعات الأعمال الفنية وخدمات التوصيل. ولا يزال عدد الشركات عبر الإنترنت التي تديرها النساء في البلاد محدودًا. وفي حين يقول برنامج الأمم المتحدة الإنمائي إن الجهود الرامية إلى توسيع أنظمة الدفع الرقمية تظهر علامات مبكرة واعدة، فإن استخدامها لا يزال نادرا.

وقالت معظم النساء والفتيات اللاتي أجريت الصحيفة لقاءات معهن في كابول إنهن سجلن في دورة تعليمية واحدة على الأقل عبر الإنترنت منذ استيلاء طالبان على السلطة.

وأوضحت الصحيفة أن حكومة طالبان لم تحظر صراحة الدورات التعليمية عبر الإنترنت، وقد تواجه صعوبة في فرض مثل هذا الأمر، نظرا لأن العديد من مقدمي الخدمات يقع مقرهم الرئيسي في الخارج. لكن المعلمين والطلاب يشعرون بالقلق من أنهم قد يظلون في خطر.

تتلقى النساء الأفغانيات دورات تدريبية عبر الإنترنت ويتعلمن اللغات الأجنبية.

وذكرت أنه عندما بدأت السلطات في وقت سابق من العام الجاري في احتجاز النساء بسبب فشلهن في تغطية شعرهن بشكل صحيح، انتشرت شائعات مفادها أن الشرطة كانت تتحقق من جميع الهواتف بحثًا عن أدلة على المشاركة في الفصول الدراسية عبر الإنترنت.

وأشارت الحكومة الأفغانية إلى أنها تخطط لتشديد الرقابة على استخدام الإنترنت. لم يعد بإمكان أي شخص يشتري بطاقة SIM لهاتف محمول أن يظل مجهول الهوية ويجب عليه تقديم بطاقة هوية وتفاصيل الاتصال الخاصة بخمسة من أفراد الأسرة، بحسب الصحيفة.

وقال عناية الله ألوكوزاي، المتحدث باسم وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، إن الجهود المبذولة لجمع المزيد من البيانات عن مستخدمي الإنترنت الأفغان تهدف إلى منع إساءة الاستخدام والاحتيال. لكن التغييرات التي طرأت على شراء بطاقات SIM أثارت مخاوف واسعة النطاق بشأن المراقبة الحكومية.

وفي الواقع، لا تزال قدرات طالبان على هذه الجبهة محدودة. وقال الكوزاي إن شركات التكنولوجيا في وادي السيليكون ترفض التواصل مع مسؤولي الحكومة الأفغانية. وأضاف أن وزارته حثت مرارا منصات التواصل الاجتماعي الأميركية على التعاون مع طلبات حكومة طالبان لإزالة المحتوى، مثل تلك التي تنتحل صفة حسابات أخرى، لكن دون جدوى. والأسوأ من ذلك، كما يقول مسؤولو طالبان، هو إن حسابات وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة بالحكومة لا تزال خارج المنصة.

مقالات مشابهة

  • حياة سرية خاصة عبر الإنترنت.. كيف تعيش النساء في زمن طالبان؟
  • استحواذ إريكسون بقيمة 6.2 مليار دولار على Vonage أسوأ صفقة لها على الإطلاق
  • بوتين يعتبر طالبان حليفة لروسيا في مكافحة "الإرهاب"
  • بوتين يعتبر طالبان حليفة لروسيا في مكافحة الإرهاب
  • بوتين: طالبان حليفتنا في مكافحة الإرهاب
  • القنصل العام لجمهورية أفغانستان الإسلامية يزور جامعة طيبة
  • بوتين: حركة طالبان “حليفتنا في مكافحة الإرهاب”
  • "واشنطن بوست": الولايات المتحدة وطالبان تبحثان إطلاق سراح سجينين أمريكيين في أفغانستان
  • طالبان تشيد باستبعاد الأمم المتحدة النساء عن محادثات الدوحة
  • سجن تدمر.. بناه الفرنسيون اصطبلا للخيول وتحوّل إلى واحد من أسوأ سجون العالم