يمانيون:
2025-01-30@17:01:45 GMT

كم ستنبت الأرض منك!

تاريخ النشر: 10th, November 2024 GMT

كم ستنبت الأرض منك!

منهال الأمين

أظن أننا قطعنا في الأحداث الجسام التي عايشناها في أواخر ايلول المنصرم، مرحلة بلوغ القلوب الحناجر. ما سمعه المرء منا طيلة سني عمره عاشه الآن حقاً. ماذا أكثر من أن نفقد في أيام قليلة جزءًا وازنًا من قيادة المقاومة، وعلى رأسهم القائد نفسه. وقد سبق هذه الأحداث الجليلة مجزرتا البايجر والأجهزة اللاسكلية.

لا شك أن تقبل ما جرى وما زال يجري يحتاج إلى جسارة غير عادية، إلى شحذ كل أدوات الصبر والتحدي والصمود. ولكن أبناء مدرسة المقاومة ليسوا بحاجة إلا لأن يقفوا وجهًا لوجه أمام حقيقة تراثهم، وهذا التراث يجب أن يتجلى اليوم حقيقة واقعة لا مجرد شعائر وشعارات. من البديهي أن يستحضر الواحد منا في هذه اللحظات العصيبة مشهد الإمام الحسين (ع) في كربلاء. كان عداد جيش الإمام عليه السلام سبعين رجلاً أو ينوف قليلاً. أكتب الآن وقد بلغ عدد السعداء في بلدتي شقراء نحو سبعين، معظمهم واسوا شهداء كربلاء حيث إنهم إما تحت الردم أو في العراء، من دون غسل أو كفن أو تأبين أو صلاة أو عزاء، فأهلهم في أربع جهات الأرض نازحين قسراً. هناك في شقرا وبرعشيت ومجدل سلم وعيترون وميس الجبل وعيتا الشعب وكفر كلا وبليدا وعيترون وعيناثا وبنت جبيل والجميجمة والصوانة والضهيرة ورامية، وباقي شقائق النعمان العاملية، قضى الأب وابنه و الأب وابناه، والأخ وأخوه أو أخواه، والصهر وعمه والصهران والعديلان والصديقان والأصدقاء…

باتت البيوت التي تخلو من شهيدين أو ثلاثة قليلة. نموذج ٥ شهداء: عائلة الحاج جعفر قصير الذي بدأ بابنه أحمد أمير الاستشهاديين في العام ١٩٨٢، وظل قطار الشهادة يمر في منزله حتى هذه الحرب حيث قدم ابنيه في غضون بضعة أيام، وأحدهما هو صهر سماحة الأمين العام الشهيد. ومن الفتى ذي الـ ١٦ ربيعاً (مرتضى تميم مثالاً) إلى الشيخ الذي شارف على السبعين(السيد سهيل الحسيني/السيد أحمد).

بات كل منا يسأل نفسه: إلى أين سنعود وما حالنا والكل قد رحلوا؟!

عند كل مأساة وكل وجع وكل آه هناك من يأخذ بأيدينا، يهدئ من روعنا، يتلو علينا من كتاب الصبر والتحمل والثبات، فنركن إليه هادئين مطمئنين. فأينه اليوم؟!

قبل غروب ذلك اليوم العظيم، ٢٧ أيلول ٢٠٢٤، صمّت آذاننا تلك الانفجارات التي لن ننساها، وغطت أعيننا تلك السحب التي اتصلت بين الأرض والسماء. لم ندرك لبرهة ما حصل. ولكن تلك الأصوات وتلك السحب كانت تنبئ بعروج هذا السيد الجليل الذي سكن وعينا وقلوبنا وعقولنا طيلة عقود. إنه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله. هل حقاً استشهد السيد؟ ومَن مثل السيد كيف لا يستشهد؟! قولوا غير هذا الكلام يا جماعة! سيدنا وعدنا بأن يصلي في القدس، وهو وعدنا بأمور كثيرة، وهو صاحب الوعد الصادق…

نعم، وصاحب الوعد الصادق لا يخلف موعداً مع الشهادة. أكاد أجزم – ولا معلومات أملكها عن الأمر ولكنه اليقين بشخصه – أن سيدنا افتدانا بنفسه. هو علم أن الأرض تضيق بما رحبت، كما يعبر السيد ذو الفقار عن توقعه للحرب المقبلة، ومع هذا، فالسيد لم يغادر الضاحية. كثيرون يتلهون وينشغلون بأسئلة يظنون أنها بلا إجابة: لمَ لمْ ينتقل سيد شهداء الأمة إلى مكان آمن؟ يفترضون أنه خارج لبنان أو على الأقل خارج الضاحية. ربما داخل مدينة بيروت أو في أي منطقة من لبنان تعد أقل خطرًا، بسبب بعدها عن المناطق التي تنشط فيها المقاومة! ولكن، هل كنا نتوقع أن يتخذ سماحته (قده) مثل هذه الخطوة؟ وما الهدف؟ أينجو بنفسه؟ أيعرض أهلنا في تلك المناطق لخطر الاستهداف؟ أيبقى ونقتل؟ حاشا وكلا لهذا القائد المضحي أن يهرب أو يتهرب. لقد ساوى نفسه بآخر مجاهد في أبعد نقطة على جبهة الجنوب أو في البقاع أو في الضاحية أو حتى في أي منطقة من لبنان، حيث كان العدو يلاحق أي مجاهد، وكل مجاهد أصبح استشهادياً، فما بالكم بسيد المجاهدين، سيد المقاومة الذي قال في تأبين الأمين العام الرمز الأول، السيد عباس الموسوي (قده): هذا الطريق سنكمله ولو قتلنا جميعاً. وإن أمة يستشهد أمينها العام ستنتصر لا محالة. وحزب الله أمة المستضعفين، والأمة لا تموت. هكذا بدأ مسيرته ببضعة شبان لا يملكون من العتاد إلا القليل، فقاومت عيونهم كل المخارز التي زرعت في طريقهم. وشهادة سيدهم الرمز الأول السيد عباس الموسوي أطلقت فيهم طاقة وشعلة وهاجة تسنّم سيدهم الرمز الثاني، السيد حسن نصر الله، مسؤوليتها بكل همة وشجاعة وحكمة، فعبر بنا إلى شاطئ النصر والتحرير، واستحال الحزب قوة إقليمية. وهذا بفعل تضحيات كبيرة وقاسية، بدءاً من أبي حسن سلامة والقائد الجهادي الكبير، الحاج عماد مغنية، والسيد ذو الفقار وأبي محمد الإقليم وأبي محمد سلمان، وصولاً إلى الحاج أبي طالب والحاج أبي نعمة والسيد فؤاد شكر والحاج عبد القادر، وبين كل هذه الحقب وحتى اليوم قدمت المقاومة العشرات من القادة والشهداء من قوات النخبة وقوات التعبئة ومختلف التشكيلات. وكان درة تاج التضحيات، درة لبنان الساطعة، السيد حسن نصر الله(قده).

إلا أن كل هذا لم يفت من عضد المقاومة، وكل فرد فيها بدءاً من أمينها العام قد وطن نفسه على المضي لنيل إحدى الحسنيين، إما النصر وإما الشهادة. وطوبى لحزب يجمع الحسنيين والمجد من كل أطرافه. طوبى لحزب لم يقبل أن تباد غزة وشعبها الأبي المعطاء من دون أن يبذل الغالي والنفيس في سبيل دعمه والتضامن معه. مع كل ما قدمه أطراف المحور الذهبي من اليمن إلى العراق إلى سورية إلى الجمهورية الإسلامية، من دعم بكل ما أوتوا من قوة.

دم كدم السيد حسن نصر الله لا يذهب هدراً. هو من صنف الدماء التي تملك من المواصفات الروحية والعرفانية والطهارة ما يجعلها وقوداً يحيي كل الأمة من أقصاها إلى أقصاها.
أمس أحضر مواطن أحدهم ولده المولود حديثاً إلى المشفى حيث كنت أنتظر دوري عند الطبيب، وحين سمعت بكاء الطفل توجهت إلى الوالد بالتهنئة فقال لي: لقد ولد يوم تلقينا نبأ استشهاد السيد حسن نصر الله، فأسميته حسنًا. فكم من حسن سيولد في الأمة ينشد نصر الله إلى يوم كان وعده مفعولاً.

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: السید حسن نصر الله

إقرأ أيضاً:

بيان الأعضاء التي يجب السجود عليها في الصلاة

قالت دار الإفتاء المصرية إن من رحمة الله تعالى بعباده المؤمنين أنه يسَّر لهم طريق العبادة، ورفع عنهم كل حرجٍ فيه؛ فما كلفهم إلا بما هو في طاقتهم ووسعهم؛ قال تعالى: ﴿يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾ [البقرة: 185]، وقال تعالى: ﴿يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا﴾ [النساء: 28]، وقال تعالى: ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾ [الحج: 78].

الأعضاء التي يجب السجود عليها في الصلاة

قال الإمام البغوي في "معالم التنزيل" (1/ 601، ط. دار إحياء التراث العربي): [﴿يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ﴾: يُسَهِلَ عليكم أحكام الشرع، وقد سَهَّلَ؛ كما قال جَلَّ ذِكْرُهُ: ﴿وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ﴾ [الأعراف: 157]، وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «بُعِثْتُ بِالْحَنِيفِيَّةِ السَّمْحَةِ السَّهْلَةِ»] اهـ.

ومن المقرر شرعًا أنه ينبغي للمصلِّي عند سجوده أن يباشر الأرض بسبعة أعضاء مخصوصة؛ منها: اليدان؛ فعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «أُمِرْتُ أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ: عَلَى الْجَبْهَةِ -وَأَشَارَ بِيَدِهِ عَلَى أَنْفِهِ-، وَالْيَدَيْنِ، وَالرُّكْبَتَيْنِ، وَأَطْرَافِ الْقَدَمَيْنِ، وَلَا نَكْفِتَ الثِّيَابَ وَالشَّعَرَ» متفق عليه.

قال الإمام النووي في "المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج" (4/ 208، ط. دار إحياء التراث العربي): [هذه الأحاديث فيها فوائد؛ منها: أن أعضاء السجود سبعة، وأنه ينبغي للساجد أن يسجد عليها كلها] اهـ.

المقصود باليدين في الحديث باطن الكفين
والمقصود باليدين في الحديث باطن الكفين؛ لما أخرجه الإمام ابن خزيمة في "صحيحه" عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: "أُمِرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةٍ: عَلَى وَجْهِهِ، وَكَفَّيْهِ، وَرُكْبَتَيْهِ، وَقَدَمَيْهِ، وَنُهِيَ أَنْ يَكُفَّ شَعَرًا أَوْ ثَوْبًا".

قال الإمام الرافعي في "العزيز شرح الوجيز" (1/ 521، ط. دار الكتب العلمية): [والاعتبار في اليدين بباطن الكف] اهـ.

وقال العلامة العدوي في "حاشيته على كفاية الطالب الرباني" (1/ 269، ط. دار الفكر) عقب استدلاله بهذا الحديث: [المراد باليدين: الكفان] اهـ.

حكم صلاة من يصلي بالقفازين "الجوانتي" لشدة البرد

أوضحت الإفتاء أنه إذا شق على المصلي أن يباشر الأرض بكفَّيه وهما مكشوفتان عند سجوده من شدة البرد، فله أن يسجد عليهما مع وجود حائلٍ بينهما وبين الأرض؛ كأن يلبس القفاز الساتر لكفَّيه ونحوه، ولا يمنع ذلك من صحة الصلاة؛ قياسًا على ما جاء عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه كان يتقي -عند سجوده- حرَّ الأرض وبرودتها بفضول ثوبه، وكذلك ما جاء عن الصحابة رضوان الله عليهم أنهم كانوا يصلون وأيديهم داخل أكمامهم دون أن يخرجوها؛ فعن ابن عباس رضي الله عنهما "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ صَلَّى فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ يَتَّقِي بِفُضُولِهِ حَرَّ الْأَرْضِ وَبَرْدَهَا" أخرجه الإمامان: أحمد في "مسنده"، وابن أبي شيبة في "مصنفه".

وقد بوَّب الإمام البخاري في "صحيحه" بابًا أسماه: (باب السجود على الثوب في شدة الحر)، وقال: قال الحسن: "كَانَ الْقَوْمُ يَسْجُدُونَ عَلَى الْعِمَامَةِ وَالْقُلُنْسُوَةِ، وَيَدَاهُ فِي كُمِّهِ".

وأخرج فيه عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال: "كُنَّا نُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، فَيَضَعُ أَحَدُنَا طَرَفَ الثَّوْبِ مِنْ شِدَّةِ الْحَرِّ فِي مَكَانِ السُّجُودِ".

وبوَّب الإمام ابن خزيمة في "صحيحه" بابًا أسماه: (باب إباحة السجود على الثياب اتقاء الحر والبرد).

وبوَّب الإمام ابن ماجه في "سننه" أيضًا بابًا أسماه: (باب السجود على الثياب في الحر والبرد)، وأخرج فيها عن ثابت بن الصامت رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم "صَلَّى فِي بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ وَعَلَيْهِ كِسَاءٌ مُتَلَفِّفٌ بِهِ، يَضَعُ يَدَيْهِ عَلَيْهِ، يَقِيهِ بَرْدَ الْحَصَى".

وكذلك بوَّب الإمام الترمذي في "سننه" أيضًا بابًا أسماه: (باب ما ذكر من الرخصة في السجود على الثوب في الحر والبرد).

وعن إبراهيم النخعي أنه قال: "كَانُوا يُصَلُّونَ فِي مَسَاتِقِهِمْ وَبَرَانِسِهِمْ وَطَيَالِسِهِمْ؛ مَا يُخْرِجُونَ أَيْدِيَهُمْ مِنْهَا"، قلنا له: ما الْمِسْتَقَةُ؟ قال: "هِيَ جُبَّةٌ يَعْمَلُهَا أَهْلُ الشَّامِ، وَلَهَا كُمَّانِ طَوِيلَانِ، وَلَبِنُهَا عَلَى الصَّدْرِ، يَلْبَسُونَهَا، وَيَعْقِدُونَ كُمَّيْهَا إِذَا لَبِسُوهَا" أخرجه الإمامان: عبد الرزاق في "مصنفه" واللفظ له، والبيهقي في "السنن الكبرى".

مقالات مشابهة

  • رافعة صور السيد عبدالملك الحوثي.. المقاومة الفلسطينية تسلّم 3 أسرى إسرائيليين أمام منزل السنوار (تفاصيل + صور)
  • رئيس حماس في غزة: المعركة لم تنتهِ بعد وسنواصل الطريق حتى تحرير الأرض والمقدسات
  • بيان الأعضاء التي يجب السجود عليها في الصلاة
  • ذكر وابتهالات.. مشاهد من ختام مولد السيد زينب
  • قراءة فكرية في التغيرات الكبرى التي صنعها السيدُ حسين بدرالدين الحوثي
  • بالصور | افتتاح المعرض المركزي لشهيد القرآن السيد حسين بدرالدين الحوثي (رضوان الله عليه) في الحديدة
  • السيد الخامنئي: أمريكا تجسيد للاستعمار والغطرسة
  • اليوم، كلّ الجهات جنوب..
  • زيارة تهنئة من حركة التوحيد الإسلامي والجماعة الإسلامية: انتصار كبير للبنان وفلسطين
  • الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم: المقاومة لها الحق بأن تتصرف بما تراه مناسباً حول شكل وطبيعة المواجهة وتوقيتها