قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء ومفتي الجمهورية السابق، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد بيّن في حديثه الشريف قيمة قلب المؤمن وأثره في علاقة الإنسان بربه، حيث قال: «إن لله تعالى آنيةً من أهل الأرض، وآنيةُ ربكم قلوب عباده الصالحين، وأحبُّها إليه ألينها وأرَقُّها» (رواه الطبراني). وأكد فضيلة المفتي السابق أن الله سبحانه وتعالى خلق قلب الإنسان ليكون إناءً للطاعة والإيمان، وأوصى بأن يكون هذا القلب نقيًا خاليًا من الصفات الذميمة.

 

أنوار الله إلى القلوب 

وأوضح جمعة أن الله عز وجل قد منع أنواره عن القلوب التي تحمل حب الدنيا وأهوائها، مستدلًا بآية من كتاب الله عز وجل: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ المُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ المُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللهُ عِندَهُ حُسْنُ المَآبِ}، مشيرًا إلى أن الله سبحانه وتعالى قد أمرنا أن نطهر قلوبنا من تعلقها بهذه الدنيا الفانية، وأن نوجه قلوبنا إلى الله، الذي هو مصدر الأمان والراحة.

وأكد فضيلته أن الطريق إلى ذلك يبدأ باليقظة، ويجب على المسلم أن يعي حقيقة الدنيا وأنها إلى زوال، وأن يبدأ بتصحيح مسيرته مع الله.

تخلي القلب عن الدنيا

 وأوضح فضيلة المفتي السابق أن «تخلي القلب عن الدنيا» لا يعني الانكفاء عن الدنيا تمامًا أو تدميرها، بل يعني عدم تعلق القلب بها، مشيرًا إلى قول السلف الصالح: "اللهم اجعل الدنيا في أيدينا ولا تجعلها في قلوبنا". فهذا الدعاء يعكس التوازن المطلوب بين الاستفادة من الدنيا في حدود ما يرضي الله، وبين عدم جعلها همًّا أولًا وأخيرًا.

وتابع جمعة أن على المسلم أن يسعى لملء قلبه بالمحبة والطاعة لله، حتى يكون قلبه بيتًا لله يتنزل عليه نور الله ورحمته، ويتحلى بمكارم الأخلاق. 

تربية النفس

وأكد أن هذا يحتاج إلى تربية مستمرة للنفس وتدريبها على ترك الشهوات والاهتمامات الدنيوية، وذكر الله عز وجل بالليل والنهار. مستشهدًا بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عبد الله بن بُسر رضي الله عنه، حيث قال: "إن شرائعَ الإِسْلاَمِ قَدْ كَثُرَتْ عَلَيَّ، فَأَنْبِئْنِي مِنْهَا بِشَيْءٍ أَتَشَبَّثُ به، قال: «لاَ يَزَالُ لِسَانُكَ رَطْبًا مِنْ ذِكْرِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ» [رواه الترمذي].

في ختام حديثه، شدد الدكتور علي جمعة على أهمية الذكر المستمر لله، حيث يعد من أهم الوسائل التي تساعد المسلم في تطهير قلبه وجعله مستعدًا لاستقبال أنوار الله وبركاته.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: جمعة رسول الله صلى الله عليه وسلم القلوب الله المسلم صلى الله عليه وسلم الله ع ر الله

إقرأ أيضاً:

علي جمعة: الطاعة أن تعبد الله كما يريد بعيدا عن العقل والهوى

قال الدكتور علي جمعة، مفتى الجمهورية السابق، وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن الطاعة أن تعبد الله كما يريد لا كما تريد، وهذه الحقيقة الواضحة يلتف عليها كثير من الناس، في حين أنها هي الأصل في عصيان إبليس الذي قص الله علينا حاله، وأكد لنا الإنكار عليه وعلى ما فعله في كثير من آيات القرآن الكريم.

ونوه عبر صفحته الرسمية على فيس بوك، أن إبليس لم يعترض على عبادة الله في ذاتها، ولم يكفر بوجوده، ولم يُشرك به غيره، بل إنه أراد أن يعبده سبحانه وحده وامتنع عن السجود لآدم، والذي منعه هو الكبر وليس الإنكار.

هل يجوز الكذب خوفا من الحسد .. علي جمعة يوضح الموقف الشرعيعلي جمعة: كيف نبقي أثر شهر رمضان حيًا في حياتنا ؟كيف تكون مسرورا؟.. علي جمعة يصحح مفاهيم خاطئة عن السعادةعلي جمعة يعدد مواطن النفحات الإلهية المخفية خارج شهر رمضان

واشار  الى ان الكبر أحد مكونات الهوى الرئيسية، والهوى يتحول إلى إله مطاعٍ في النفس البشرية، وهنا نصل إلى مرحلة الشرك بالله، فالله أغنى الأغنياء عن الشرك. قال تعالى في هذا الحوار : (قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِى مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ * قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَن تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ * قَالَ أَنظِرْنِى إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ * قَالَ إِنَّكَ مِنَ المُنظَرِينَ * قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِى لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ المُسْتَقِيمَ * ثُمَّ لآتِيَنَّهُم مِّنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَائِلِهِمْ وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ * قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَّدْحُورًا لَّمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكُمْ أَجْمَعِينَ ) .

ضل فريقان فى مسألة الطاعة

ولفت الى انه في مسألة الطاعة ضل فريقان : فريق أراد الالتزام فزاد على أمر الله وحرّف، وفريق أنكر وفرّط وانحرف.

فالأول أراد أن يعبد الله كما يريد هو؛ فاختزل المعاني وتشدّد وأكمل من هواه ما يريد، وقال: هذا معقول المعنى عندي.

والثاني أراد أن يتفلّت وأن يسير تبع هواه؛ وقال: إن هذا هو المعقول عندي، في حين أنه يريد الشهوات.

وذكر أن ربنا يحدثنا عن كل من الفريقين، وهما يحتجان بالعقل، ولا ندري أي عقل هذا؟ وما هو العقل المرجوع إليه والحاكم في هذا؟ وهما معًا يؤمنان ببعض الكتاب ويكفران ببعض آخر، والقرآن كله كالكلمة الواحدة. قال تعالى : (أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَن يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِى الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ القِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ العَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ)، وقال سبحانه : (أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا) وقال سبحانه : (وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَ لَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلاَ يَهْتَدُونَ).

أما الذين يدّعون العقل ويتبعون من حولهم من أصحاب الأهواء، ويغترون بكثرتهم، فهم يتبعونهم في الضلال، ولا ينبغي أن يغتر هؤلاء بالكثر؛ فدور العقل هو الفهم وإدراك الواقع ومحاولة الوصل بين أوامر الوحي وبين الحياة، واستنباط المعاني بالعلم ومنهجه، وليس دور العقل إنشاء الأحكام واختراعها؛ فإن هذا من شأن الله سبحانه وحده. قال تعالى : (إِنِ الحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ القَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ).

مقالات مشابهة

  • حكم من سها في الصلاة ونسي سجود السهو .. علي جمعة يوضح
  • طاعات بعد رمضان.. عبادات احرص عليها في هذه الأيام
  • ماذا يفعل المسلم إن أصابه هم أو بلاء؟.. اعرف أهم الأدعية والنصائح
  • تعميم لكل خطباء وأئمة المساجد والدعاة في اليمن .. وزارة الأوقاف والإرشاد دعو إلى إحياء سنة القنوت والدعاء لأهل غزة
  • سنن الأذان الخمسة والدعاء المستجاب قبل الإقامة.. تعرف عليه
  • أنوار الصلاة على رسول الله عليه الصلاة والسلام
  • علي جمعة: الطاعة أن تعبد الله كما يريد بعيدا عن العقل والهوى
  • علي جمعة: كيف نبقي أثر شهر رمضان حيًا في حياتنا ؟
  • دعاء الفرج العاجل مجرب ومستجاب..احرص عليه عند ضيق الحال
  • 3 دعوات مستجابة لا يردها الله أبدا.. علي جمعة: اغتنمها