ملخص
أثقل الإسلاميون بتاريخهم المنكور هذا على الحرب التي دخلوها إلى جانب القوات المسلحة من جانبين، فالجانب الأول هو اصطفاف خصومهم ضد هذه القوات بذريعة أنها مجرد ميليشيات كيزانية. أما الجانب الثاني فهو أنهم، لإسلاميتهم وتاريخهم في دولتهم الإسلامية، ذريعة سائغة لدمغ الجيش الذي وقفوا معه، بـ"الإرهاب" كما تواتر أخيراً.


حل بالسودان قادماً من مهجره في تركيا منذ أسبوعين أو نحوه رئيس حزب "المؤتمر الوطني" الحاكم خلال ثلاثة عقود من "نظام الإنقاذ" (1989-2018) إبراهيم محمود حامد، وتطير المعارضون للحزب في تنسيقية القوى الديمقراطية والمدنية "تقدم" وآخرون من تلك العودة، إثر نجاحات مختلفة أحرزتها القوات المسلحة في ميادين مختلفة بعد طول هزائم. وصدق عند المتطيرين قولهم إن "الكيزان" عماد "المؤتمر الوطني" أشعلوا الحرب للعودة للحكم، وها هم ما شموا رائحة النصر حتى جاؤوا براجمتهم، رئيسهم، ليرعى تلك العودة.
ومهما كان من أمر عودة رئيس "المؤتمر الوطني" فلا يبدو من تصريحه الأول أنه استوعب الحرج الذي يثقل به حزبه على القوات المسلحة، وممن في صفها من المدنيين قبل خصومه في "تقدم" وغيرها. فبدأ بالقول إن حزبه غير راغب في الحكم ليطمئن أولئك الذين اتهموه بشن الحرب للعودة إلى دسته، وزاد بأنهم "حزب مشروع وطني رائد محكوم بمؤسسية تنشرح لاختلاف الرأي". وأضاف، وهذا مربط الفرس، أنهم بصدد إجراء "مراجعات شاملة للتجربة الماضية وتقديم رؤية استراتيجية متكاملة للمرحلة القادمة". وبدا أنه ربما وضع العصي في عجلات استراتيجيته الموعودة بسبقه القول إنهم "حزب مؤسسي ذو مشروع وطني رائد". فلم تصح هذه المعاني في "المؤتمر الوطني" قديماً قبل سقوط دولته خلال عام 2019 لتصح اليوم، وربما انطبقت مفارقة هذه المعاني لـ"المؤتمر الوطني" مفارقتها لـ"الاتحاد الاشتراكي" على عهد دولة الرئيس نميري (1969-1985). فقال ناظر شعب المسيرية الشيخ بابو نمر إن قولنا بـ"الاتحاد الاشتراكي" مثل قولنا في البادية بـ"شجرة المرفعين (الضبع)" التي لم يقيل مرفعين في ظلها يوماً ولا نام ليلة.
ربما من السابق لأوانه التنبؤ بالاستراتيجية التي وعدنا بها رئيس حزب "المؤتمر الوطني"، غير أنهم جماعة تأنف التصالح بنفس لوامة مع تاريخها، فهي لا تزال تنكر في صحة الثورة عليهم أو جدواها. ووجدوا في سوء إدارة قيادتها للحكومة الانتقالية ذريعة على أنهم من كانوا على المحجة البيضاء في الحكم. وقصراً للحديث عن بؤس شفافيتهم، يكفي أن هؤلاء الإسلاميين وجدوا أنفسهم بعد الثورة عليهم خلال عام 2018 للمرة الثانية في الجانب الخطأ من التاريخ. وكانت الأولى خلال عام 1985 وخدموا منذ 1977 مع الرئيس نميري في سكرات نظامه الديكتاتوري، وتخلص منهم هم أنفسهم قبيل سقوطه في ثورة 1985، ثم سقط نظامهم الديكتاتوري بالأصالة بالثورة عام 2019 وشيعهم خصومهم باللعنات. فهم خلال عام 1985 "سدنة" نظام نميري وهم "الفلول" بعد 2019. وتستغرب لهم بل وترثى لأن نجمهم بزغ أول مرة بثورة عام 1964. والخروج من "السدانة" ليس مثل الخروج من "الفلول". فالسادن ديدبان الظالم، والفلول نفايات الظالم تذروها رياح الثورة التي لا يعرف من طلبها بإساءة الحكم مثلهم على أنها عليهم.

تاريخ ثقيل
أثقل الإسلاميون بتاريخهم المنكور هذا على الحرب التي دخلوها إلى جانب القوات المسلحة من جانبين، فالجانب الأول هو اصطفاف خصومهم ضد هذه القوات بذريعة أنها مجرد ميليشيات كيزانية. أما الجانب الثاني فهو أنهم لإسلاميتهم وتاريخهم في دولتهم الإسلامية ذريعة سائغة لدمغ الجيش الذي وقفوا معه، بـ"الإرهاب" كما تواتر أخيراً.
وكان هناك من حذر الإسلاميين أول عهدهم في الحكم بالانقلاب، من أن ينتجوا من فرط استبدادهم بالحكم معارضة كئيبة تلعنهم شيطاناً رجيماً لا خصماً سياسياً ذا مشروع، مهما توسل له بغير استحقاق أو نباهة، وحدث. فما اصطفوا ليومنا مع الجيش حتى تبخر الجيش في حساب خصومهم وصار "ميليشيات كيزانية" محض. فقالت الصحافية رشا عوض إنه ما من "حزب سياسي في السودان يمتلك جيشاً سوى الكيزان" ليتهم بإشعال الحرب، وحذر الحزب الشيوعي من عودة "نظام الإخوان المسلمين برماح قيادة القوات المسلحة".
ويبعد خصوم الإسلاميين النجعة في أبلستهم. فرأى الصحافي فائز الشيخ السليك فيهم "شيطاناً ذا شر مستطير". فقال إنهم من افتعل مأساة ولاية الجزيرة لجعل أهلها "حقل تجارب" في الاستثمار في ضحايا الحرب. فهم من سلم ولاية الجزيرة "تسليم مفتاح" لـ"الدعم السريع" بأمرهم للفرقة الأولى مشاة بالولاية بالانسحاب ليحتلها "الدعم" بقيادة أبو عاقلة كيكل، الذي هو في الأصل دسيسة من استخبارات الجيش العسكرية فيه. وعاث كيكل في الجزيرة قتلاً ونهباً، وكانت خطة الكيزان من وراء تسليم الجزيرة أن يسحب "الدعم السريع" بعض قواته من الخرطوم لاستكمال السيطرة على الولاية، وهو الانسحاب الذي أضعف وجود "الدعم السريع" بالخرطوم. وذلك ما انتظره الكيزان لاستعادة بعض الخرطوم من "الدعم" ونجحوا ما وسعهم. ثم لما انتهت مهمة كيكل طلبوا منه الخروج على "الدعم السريع" كما حدث فعلاً، وترك الجيش الجزيرة نهباً لـ"الدعم السريع" كما رأينا. وتساءل السليك قائلاً "أي شيطان يا ترى صمم هذه السيناريوهات؟ وكيف سولت له وضع 5 ملايين مواطن عرضة للأذى بهرب الجيش في المرة الأولى وتفرجه على ما جرى لهم خلال المرة الثانية". وتضرجت الجزيرة في قوله بينما "رقص الكيزان في الحالين على مارشات العسكر ومشوا فوق جماجم الأبرياء". وهي نفس الجماجم التي جاءت على لسان المتخصص الحوكمي الوليد مادبو بقوله "كيف برر الإسلاميون لأنفسهم استثمار الحرب والقفز فوق جماجم المواطنين وصولاً إلى سلطة زائلة ونعيمها زائل". وهو نفس الاستثمار الذي انزعج له بيان الحزب الجمهوري. فقال إن الكيزان أشعلوا الحرب ومصرون على مواصلتها "للمتاجرة بإفرازاتها من انتهاكات وفظائع وهم فرحون بها سراً ويصرخون منا جهراً".

ونواصل

 

ibrahima@missouri.edu  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: القوات المسلحة المؤتمر الوطنی الدعم السریع خلال عام

إقرأ أيضاً:

الجيش السوداني يوجه ضربة حاسمة ضد ميليشيا الدعم شمال الفاشر

 أكدت الفرقة الـ6 مشاة التابعة للجيش السوداني في الفاشر تنفيذ ضربة نوعية ناجحة شمال الفاشر، أسفرت عن تدمير منصة مدافع تابعة لـ"الميليشيا المتمردة" كانت تستهدف المدنيين داخل أحياء المدينة.

ووفق التصريحات التي نقلتها وسائل إعلام سودانية فتن القصف أسفر عن  سقوط 47 ضحية وإصابة العشرات من المدنيين جراء قصف مدفعي مكثف من "الميليشيا" على المدينة.

ويشار إلي أن حدة المعارك بين الجيش السوداني وعناصر ميليشيا الدعم السريع المتمردة في الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور غرب السودان اشتدت، مما أدى لاستمرار عمليات النزوح من معسكري زمزم وأبوشوك للنازحين إلى مناطق الكورما و"طويلة" التي تحولت إلى أكبر مخيم يضم مئات الآلاف من النازحين، وذلك بحسب شبكة العربية.

وتقع مدينة طويلة على بعد نحو 65 كيلومتراً غربي مدينة الفاشر.

وقالت منسقة النازحين واللاجئين في دارفور  اليوم الأحد إن ما يقارب 300 ألف نازح وصلوا إلى منطقة طويلة منذ بداية الشهر الحالي، فضلاً عن عمليات نزوح سابقة لم يتم حصرها، حيث يتجاوز العدد خمس مئة ألف نازح من المعسكرات حول الفاشر وحدها خلال الأسابيع الماضية.

كما أشار المتحدث باسم المنسقية آدم رُجال إلى أن هناك حالات نزوح أخرى من الفاشر ومعسكراتها نحو عدة مناطق من بينها فنقا وجبل مرة ونيرتتي.

ولفت إلى انعدام مقومات الحياة من المياه والطعام والخدمات الصحية، إضافة إلى انعدام المساعدات الإنسانية وتوقفها إلى شمال دارفور مع وجود نقص كبير في المساعدات التي تصل إلى المخيمات بولايتي وسط وجنوب دارفور حيث لا تكفي حاجة النازحين هناك.

وكانت الأمم المتحدة أعربت عن "مخاوفها بعد مقتل أكثر من 100 شخص، بينهم 20 طفلاً، في هجمات لقوات الدعم السريع على مدينة الفاشر "، وفق ما ورد من تقارير لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية.

وقال مكتب الأمم المتحدة (أوتشا) إن ميليشيا الدعم السريع شنّت "هجمات برية وجوية منسّقة" في وقت سابق من الشهر الجاري على الفاشر ومخيمي زمزم وأبو شوك للنازحين.
 

السودان يعلن تسهيلات لعودة مواطنيه من مصررئيس الأساقفة مُصليًا: نُصلّي أن يمنح الله سلامًا وبركات لفلسطين والسودان |صورمصطفى بكري: ميليشيا الدعم السريع تسعى لفرض مسلسل الفوضى من جديد في السودانشاهد.. النيران تلتهم مخبزًا في شارع مصر والسودان بالقاهرةخلال عامين من أزمة السودان: الهلال الأحمر يقدم خدمات إنسانية لـ50 ألف متضررالقاهرة الإخبارية: الوضع الإنسانى في المدن الآمنة بالسودان ما زال كارثيًا

مقالات مشابهة

  • الجيش السوداني يكذب الدعم السريع ويحذر ويكشف حقيقة فيديوهات ويعلن مقتل وإصابة 33 مواطنًا
  • بالأرقام .. أوكرانيا تكشف خسائر الجيش الروسي منذ بداية الحرب
  • شاهد.. الجزيرة نت ترافق امرأة غزية في مهمة إعداد وجبة طعام
  • انتهاكات أمنية.. الجيش الروسي يعلن عن انفجارات وحريق في مستودع ذخيرة رئيسي
  • الجيش السوداني يوجه ضربة حاسمة ضد ميليشيا الدعم شمال الفاشر
  • ابراهيم جابر: الجيش السوداني يمتلك أسلحة تمكنه من الوصول لأي منطقة داخل البلاد
  • القوات الروسية تنفذ هجوما واسع النطاق بـ54 طائرة
  • القيادي بالمؤتمر الوطني أمين حسن عمر يعتذر ..اعتقال المفتش العام للجيش
  • والي الجزيرة يشارك في تكريم قائد اللواء الثالث مشاة بالمناقل
  • الجيش الروسي يواصل تقدمه في شرق أوكرانيا ويسيطر على 3 بلدات