منظمة حقوقية تدعو بريطانيا إلى التراجع عن خطتها لإيواء المهاجرين قسرًا على متن بارجة
تاريخ النشر: 15th, August 2023 GMT
قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان: إن نقل المملكة المتحدة طالبي لجوء، بمن في ذلك ذوو إعاقة وضحايا تعذيب، قسرًا إلى بارجة "بيبي ستوكهولهم" الشبيهة بالسجن، تصرف قاسٍ ويأتي ضمن حملتها غير المشروعة لإيجاد أماكن بديلة لإيواء المهاجرين وطالبي اللجوء.
وأكّد المرصد الأورومتوسطي في بيان صحفي له اليوم الثلاثاء، أرسل نسخة منه لـ "عربي21"، على ضرورة التزام الحكومة البريطانية باحترام حقوق الإنسان وضمان السكن الملائم والآمن والكرامة الإنسانية للمهاجرين وطالبي اللجوء بدلًا من احتجازهم في بارجة وُصفت بأنها "فخ قاتل".
وأوضح أنّ إجلاء السلطات لطالبي اللجوء من البارجة بعد اكتشاف بكتيريا "الليجيونيلا" في نظام المياه بالسفينة يؤكد المخاوف بشأن العواقب الإنسانية الخطيرة التي قد تلحق بالمهاجرين وطالبي اللجوء لدى تسكينهم في أماكن لا تتوفر فيها التدابير الصحية المناسبة، مشدّدًا على ضرورة تخلي الحكومة البريطانية بشكل كامل عن خطط إعادتهم إلى البارجة مجددًا، أو إلى أي أماكن أخرى قد تشكّل تهديدًا على صحتهم أو تمس بكرامتهم الإنسانية.
وقبل نحو أسبوع، وصلت المجموعة الأولى من طالبي اللجوء والمكونة من 15 فردًا إلى البارجة الضخمة "بيبي ستوكهولم" الراسية في مقاطعة "دورست" جنوبي إنجلترا، بناءً على طلب الحكومة البريطانية على ما يبدو لخفض تكاليف إيواء المهاجرين وطالبي اللجوء.
وتتوقع وزارة الداخلية البريطانية أن تستوعب السفينة ذات الثلاثة طوابق ما يصل إلى 506 أفراد من الرجال العازبين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و65 عامًا ـ باستثناء عدة فئات من الأشخاص المستضعفين ـ بينما ينتظرون نتيجة طلبات لجوئهم.
وقالت الباحثة في شؤون اللجوء والهجرة في المرصد الأورومتوسطي "ميكيلا بولييزي": إنّ "قرار الحكومة بنقل طالبي اللجوء إلى بارجة غير صحية ومعزولة لا ينبع من نيّة خفض تكلفة إيوائهم، بل هو جزء من مشروع قانون مكافحة الهجرة غير القانونية الذي أقرّته أخيرًا، والذي يجرّم الهجرة عبر القوارب الصغيرة، في محاولة مستميتة لصدّ هؤلاء المضطهدين وتحويل حياتهم في المملكة المتحدة إلى جحيم".
وأضافت أنّه "لا ينبغي إجبار طالبي اللجوء على العيش في بارجة ضخمة عائمة شبيهة بالسجن بعد خوضهم رحلة لجوء صادمة بين الأمواج العالية في البحار".
وأوضحت "بولييزي" أنّ "الضعف لا يكون ظاهرًا وسهل الاكتشاف في كثير من الحالات، فحتى لو لم يتعرّض المهاجرون وطالبو اللجوء للاضطهاد قبل وصولهم، من المحتمل أن يصبحوا كذلك بعد الوقت الذي يقضونه على متن السفينة وهم مهمشون ومحرومون ومُبعدون عن المجتمع وفرص العمل وخدمات الرعاية الصحية والمرافق الاجتماعية".
ووفقًا للتوجيهات الداخلية، يجب ألا تؤوي البارجة أشخاصًا من ذوي الإعاقة أو كبار السن أو ضحايا التعذيب والاغتصاب وغيرهما من أشكال العنف النفسي أو الجسدي أو الجنسي أو الأشخاص ذوي الاحتياجات الصحية المعقدة مثل المصابين بالسل والأمراض المعدية أو أي شخص يعاني من مشاكل نفسية خطيرة، فضلًا عن أي شخص معرض لخطر "إيذاء النفس" أو لديه "سجل في اضطراب السلوك".
ورغم ذلك، شملت أولى الدفعات التي نقلتها وزارة الداخلية البريطانية إلى البارجة أشخاصًا من ذوي الإعاقة وضحايا تعذيب وضحايا عبودية حديثة، فضلًا عن آخرين عانوا تجارب قاسية وصادمة في البحر، في انتهاكٍ واضحٍ لقواعد الوزارة نفسها والقانون الدولي عامةً.
وأشار المرصد الأورومتوسطي إلى صدور قرارات بنقل شخصين لديهما مشاكل في البصر، وآخرين يعانون من رهاب الماء إلى البارجة، إلاّ أن المحامين نجحوا بالطعن في القرارات، ما اضطر السلطات إلى التراجع عن قرارات صادرة بحق 20 شخصًا على الأقل حتى الآن.
وشدّد المرصد الأورومتوسطي على أنّ البارجة ليست ـ بأي حال من الأحوال ـ شكلًا من أشكال السكن الملائم أو ملجئًا آمنًا لأي شخص.
وأرسلت نقابة رجال الإطفاء في المملكة المتحدة خطابًا إلى وزيرة الداخلية البريطانية "سويلا برافرمان" للتعبير عن القلق بشأن معايير السلامة من الحرائق في بارجة "بيبي ستوكهولم"، إذ قالت إنّ مداخل وممرات البارجة ضيّقة، ولا يوجد بها مخارج طوارئ، فضلًا عن الاكتظاظ، ووصفتها النقابة بأنها "فخ قاتل".
وحذّر المدير التنفيذي لوكالة الأمن الصحي في المملكة المتحدة من خطر انتشار التهابات الجهاز التنفسي في مثل هذه المساحات المكتظة ذات الممرات والمداخل الضيقة.
وكشفت تقارير نُشرت أخيرًا عن عدم توفير الحكومة البريطانية لأي مصروفات بنقلها القسري لطالبي اللجوء من الفنادق إلى بارجة "بيبي ستوكهولم"، بل على العكس سيكون هناك تكاليف إضافية.
وأشار المرصد الأورومتوسطي إلى أنّ القرار في قضية بارجة "بيبي ستوكهولم" ليس قرارًا منعزلًا، إذ بدأت المملكة المتحدة حملة واسعة لإيجاد بدائل لإيواء المهاجرين وطالبي اللجوء داخل المملكة المتحدة أولًا، مثل القواعد العسكرية المهجورة والسجون السابقة، وخارج البلاد والقارة الأوروبية ثانيًا.
وفي إطار ذلك، أعادت وزارة الداخلية البريطانية النظر في خطط سابقة بشأن إرسال طالبي اللجوء إلى جزيرة "أسينشين" التابعة لإقليم ما وراء البحار البريطاني "سانت هيلينا" في جنوب المحيط الأطلسي، والتي تقع على بعد 6 آلاف كيلومترًا من أوروبا، في حال فشل خطة ترحيل طالبي اللجوء إلى رواندا.
وكانت وزيرة الداخلية البريطانية "برافرمان" خططت العام الماضي لبدء ترحيل المهاجرين وطالبي اللجوء إلى رواندا على متن رحلات جوية، إلا أنها أُجبرت على وقف الخطط بعد أن قضت محكمة الاستئناف في المملكة المتحدة بعدم قانونيتها بسبب أوجه القصور في نظام اللجوء الرواندي. ومن المتوقع صدور حكم نهائي من المحكمة العليا في المملكة المتحدة بشأن القضية في أواخر الخريف المقبل. ولكن في غضون ذلك، تدرس الحكومة أماكن خارجية مماثلة لإيواء المهاجرين وطالبي اللجوء، بما يشمل جزيرة "أسينشين" وقواعد عسكرية بريطانية في قبرص وغانا ونيجيريا وناميبيا والمغرب.
ولفت المرصد الأورومتوسطي إلى أن النيجر كانت ضمن القائمة أيضًا، قبل إزالتها بعد انقلاب يوليو/ تموز المنصرم، ما يشير إلى أن القائمة الكاملة لأماكن الإقامة البديلة بعيدة كل البعد عن كونها أماكن مستدامة ومدروسة جيدًا لإدارة الواصلين وطلبات اللجوء في المملكة المتحدة.
ودعا المرصد الأورومتوسطي المملكة المتحدة إلى التراجع عن خطتها لإيواء طالبي اللجوء قسرًا على متن بارجة "بيبي ستوكهولم" والعمل على استيعابهم بشكلٍ يحترم حقوقهم وكرامتهم الإنسانية، وعلى النحو المنصوص عليه في القانون الدولي وخاصةً في العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، الذي صدّقت عليه المملكة المتحدة عام 1976، وضمان حق طالبي اللجوء في السكن اللائق مع الاعتراف بضروريته للتمتع بجميع الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات بيان المهاجرون بريطانيا بيان مهاجرون سياسات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الداخلیة البریطانیة المرصد الأورومتوسطی الحکومة البریطانیة فی المملکة المتحدة لإیواء المهاجرین طالبی اللجوء إلى بیبی ستوکهولم إلى البارجة على متن
إقرأ أيضاً:
ترامب يوقع مذكرة رسمية تمهد لاحتجاز المهاجرين في غوانتانامو
وقع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مذكرة رسمية تأمر بالتحضير لتوسيع منشأة احتجاز المهاجرين في قاعدة غوانتانامو البحرية، بينما تحدثت تقارير عن نيته احتجاز 30 ألف مهاجر في هذه القاعدة المخصصة عادة لاحتجاز من تصفهم واشنطن بالإرهابيين.
وفي وقت سابق، قال ترامب "سأوقع اليوم أمرا تنفيذيا يوجه وزارتي الدفاع والأمن الداخلي لإعداد مركز لاستقبال 30 ألف مهاجر في خليج غوانتانامو"، مضيفا أنه سيستقبل "مجرمين" في وضع غير نظامي.
وافتتح معتقل غوانتانامو عام 2002، داخل قاعدة عسكرية أميركية في جزيرة كوبا، في إطار "الحرب على الإرهاب" التي أعلنها الرئيس السابق جورج دبليو بوش بعد هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001.
واحتجز في المعتقل مئات السجناء بعضهم أعضاء في تنظيم القاعدة، وقد أثار سجالا حادا في الولايات المتحدة، بسبب ظروف الاعتقال الشديدة القسوة وممارسة التعذيب داخل المعتقل.
وأبدى كل من الرئيسين الديمقراطيين السابقين جو بايدن وباراك أوباما نيّة لإغلاق المعتقل، من دون أن يتمكنا من ذلك.
وفي أيلول/ الماضي، حصلت صحيفة نيويورك تايمز على وثائق حكومية تظهر أن الولايات المتحدة تستخدم منذ عقود قاعدة غوانتانامو لسجن مهاجرين يتم اعتراضهم في البحر، ويتم إيداعهم في الحجز في مساحة منفصلة عن السجن حيث يُحتجز المعتقلون المتّهمون بالإرهاب.
ووأعلن البيت الأبيض، الجمعة، بدء تنظيم رحلات جوية مخصصة لترحيل المهاجرين غير النظاميين من الولايات المتحدة.
وأكدت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، عبر منصة "إكس"، أن الرحلات الخاصة بالترحيل قد انطلقت، مشيرة إلى أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أرسل رسالة قوية وواضحة إلى العالم بأسره.
وأضافت: "إذا دخلتم إلى الولايات المتحدة بطرق غير قانونية، فسوف تواجهون عواقب خطيرة".
وفي وقت سابق من اليوم نفسه، أعلن البيت الأبيض أن السلطات الأمريكية أوقفت في يوم واحد 538 مهاجرًا لا يحملون وثائق قانونية. ووصف البيان هذه الإجراءات بأنها "لمحة صغيرة" عن الخطوات التي ستتخذها إدارة ترامب لتأمين حدود البلاد.
من جهته، علق راس باراكا، رئيس بلدية نيوآرك في ولاية نيوجيرسي، إحدى المدن التي شهدت عمليات التوقيف، قائلاً: "نيوآرك لن تقف مكتوفة الأيدي أمام ترويع الناس بشكل غير قانوني". ووصف العملية التي جرت في المدينة بأنها "مروعة"، مشيرًا إلى أن أحد المحتجزين كان محاربًا قديمًا في الجيش الأمريكي.
وفي إطار تعزيز جهود الترحيل، منحت إدارة ترامب الوكالات الفيدرالية سلطات واسعة لتكثيف إجراءات ترحيل المهاجرين. حيث أصدر بنيامين هوفمان، القائم بأعمال وزير الأمن الداخلي، مذكرة توسع صلاحيات الوكالات الفيدرالية في اتخاذ إجراءات ضد المهاجرين غير النظاميين.
وتأتي هذه الخطوات في أعقاب إعلان ترامب حالة الطوارئ الوطنية على الحدود الجنوبية للولايات المتحدة، وإغلاق معبر مدينة إل باسو بولاية تكساس على الحدود مع المكسيك، بعد حفل تنصيبه الاثنين الماضي. كما أعلنت إدارة الجمارك وحماية الحدود الأمريكية إلغاء تطبيق "CBP One"، الذي كان يتيح للمهاجرين دخول البلاد بطرق قانونية.
وانتخب دونالد ترامب بعد حملة وعد خلالها بإنهاء ما أسماه "غزو" المهاجرين غير النظاميين، وقد اتخذ عددا من التدابير المناهضة للهجرة منذ توليه الرئاسة، وتعهدت إدارته بتسريع وتيرة عمليات الترحيل بشكل كبير، في حين يعيش حاليا نحو 11 مليون شخص في وضع غير نظامي على الأراضي الأمريكية.