قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان: إن نقل المملكة المتحدة طالبي لجوء، بمن في ذلك ذوو إعاقة وضحايا تعذيب، قسرًا إلى بارجة "بيبي ستوكهولهم" الشبيهة بالسجن، تصرف قاسٍ ويأتي ضمن حملتها غير المشروعة لإيجاد أماكن بديلة لإيواء المهاجرين وطالبي اللجوء.

وأكّد المرصد الأورومتوسطي في بيان صحفي له اليوم الثلاثاء، أرسل نسخة منه لـ "عربي21"، على ضرورة التزام الحكومة البريطانية باحترام حقوق الإنسان وضمان السكن الملائم والآمن والكرامة الإنسانية للمهاجرين وطالبي اللجوء بدلًا من احتجازهم في بارجة وُصفت بأنها "فخ قاتل".



وأوضح أنّ إجلاء السلطات لطالبي اللجوء من البارجة بعد اكتشاف بكتيريا "الليجيونيلا" في نظام المياه بالسفينة يؤكد المخاوف بشأن العواقب الإنسانية الخطيرة التي قد تلحق بالمهاجرين وطالبي اللجوء لدى تسكينهم في أماكن لا تتوفر فيها التدابير الصحية المناسبة، مشدّدًا على ضرورة تخلي الحكومة البريطانية بشكل كامل عن خطط إعادتهم إلى البارجة مجددًا، أو إلى أي أماكن أخرى قد تشكّل تهديدًا على صحتهم أو تمس بكرامتهم الإنسانية.

وقبل نحو أسبوع، وصلت المجموعة الأولى من طالبي اللجوء والمكونة من 15 فردًا إلى البارجة الضخمة "بيبي ستوكهولم" الراسية في مقاطعة "دورست" جنوبي إنجلترا، بناءً على طلب الحكومة البريطانية على ما يبدو لخفض تكاليف إيواء المهاجرين وطالبي اللجوء.

وتتوقع وزارة الداخلية البريطانية أن تستوعب السفينة ذات الثلاثة طوابق ما يصل إلى 506 أفراد من الرجال العازبين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و65 عامًا ـ باستثناء عدة فئات من الأشخاص المستضعفين ـ بينما ينتظرون نتيجة طلبات لجوئهم.

وقالت الباحثة في شؤون اللجوء والهجرة في المرصد الأورومتوسطي "ميكيلا بولييزي": إنّ "قرار الحكومة بنقل طالبي اللجوء إلى بارجة غير صحية ومعزولة لا ينبع من نيّة خفض تكلفة إيوائهم، بل هو جزء من مشروع قانون مكافحة الهجرة غير القانونية الذي أقرّته أخيرًا، والذي يجرّم الهجرة عبر القوارب الصغيرة، في محاولة مستميتة لصدّ هؤلاء المضطهدين وتحويل حياتهم في المملكة المتحدة إلى جحيم".

وأضافت أنّه "لا ينبغي إجبار طالبي اللجوء على العيش في بارجة ضخمة عائمة شبيهة بالسجن بعد خوضهم رحلة لجوء صادمة بين الأمواج العالية في البحار".

وأوضحت "بولييزي" أنّ "الضعف لا يكون ظاهرًا وسهل الاكتشاف في كثير من الحالات، فحتى لو لم يتعرّض المهاجرون وطالبو اللجوء للاضطهاد قبل وصولهم، من المحتمل أن يصبحوا كذلك بعد الوقت الذي يقضونه على متن السفينة وهم مهمشون ومحرومون ومُبعدون عن المجتمع وفرص العمل وخدمات الرعاية الصحية والمرافق الاجتماعية".

ووفقًا للتوجيهات الداخلية، يجب ألا تؤوي البارجة أشخاصًا من ذوي الإعاقة أو كبار السن أو ضحايا التعذيب والاغتصاب وغيرهما من أشكال العنف النفسي أو الجسدي أو الجنسي أو الأشخاص ذوي الاحتياجات الصحية المعقدة مثل المصابين بالسل والأمراض المعدية أو أي شخص يعاني من مشاكل نفسية خطيرة، فضلًا عن أي شخص معرض لخطر "إيذاء النفس" أو لديه "سجل في اضطراب السلوك".

ورغم ذلك، شملت أولى الدفعات التي نقلتها وزارة الداخلية البريطانية إلى البارجة أشخاصًا من ذوي الإعاقة وضحايا تعذيب وضحايا عبودية حديثة، فضلًا عن آخرين عانوا تجارب قاسية وصادمة في البحر، في انتهاكٍ واضحٍ لقواعد الوزارة نفسها والقانون الدولي عامةً.

وأشار المرصد الأورومتوسطي إلى صدور قرارات بنقل شخصين لديهما مشاكل في البصر، وآخرين يعانون من رهاب الماء إلى البارجة، إلاّ أن المحامين نجحوا بالطعن في القرارات، ما اضطر السلطات إلى التراجع عن قرارات صادرة بحق 20 شخصًا على الأقل حتى الآن.

وشدّد المرصد الأورومتوسطي على أنّ البارجة ليست ـ بأي حال من الأحوال ـ شكلًا من أشكال السكن الملائم أو ملجئًا آمنًا لأي شخص.

وأرسلت نقابة رجال الإطفاء في المملكة المتحدة خطابًا إلى وزيرة الداخلية البريطانية "سويلا برافرمان" للتعبير عن القلق بشأن معايير السلامة من الحرائق في بارجة "بيبي ستوكهولم"، إذ قالت إنّ مداخل وممرات البارجة ضيّقة، ولا يوجد بها مخارج طوارئ، فضلًا عن الاكتظاظ، ووصفتها النقابة بأنها "فخ قاتل".

وحذّر المدير التنفيذي لوكالة الأمن الصحي في المملكة المتحدة من خطر انتشار التهابات الجهاز التنفسي في مثل هذه المساحات المكتظة ذات الممرات والمداخل الضيقة.

وكشفت تقارير نُشرت أخيرًا عن عدم توفير الحكومة البريطانية لأي مصروفات بنقلها القسري لطالبي اللجوء من الفنادق إلى بارجة "بيبي ستوكهولم"، بل على العكس سيكون هناك تكاليف إضافية.

وأشار المرصد الأورومتوسطي إلى أنّ القرار في قضية بارجة "بيبي ستوكهولم" ليس قرارًا منعزلًا، إذ بدأت المملكة المتحدة حملة واسعة لإيجاد بدائل لإيواء المهاجرين وطالبي اللجوء داخل المملكة المتحدة أولًا، مثل القواعد العسكرية المهجورة والسجون السابقة، وخارج البلاد والقارة الأوروبية ثانيًا.

وفي إطار ذلك، أعادت وزارة الداخلية البريطانية النظر في خطط سابقة بشأن إرسال طالبي اللجوء إلى جزيرة "أسينشين" التابعة لإقليم ما وراء البحار البريطاني "سانت هيلينا" في جنوب المحيط الأطلسي، والتي تقع على بعد 6 آلاف كيلومترًا من أوروبا، في حال فشل خطة ترحيل طالبي اللجوء إلى رواندا.

وكانت وزيرة الداخلية البريطانية "برافرمان" خططت العام الماضي لبدء ترحيل المهاجرين وطالبي اللجوء إلى رواندا على متن رحلات جوية، إلا أنها أُجبرت على وقف الخطط بعد أن قضت محكمة الاستئناف في المملكة المتحدة بعدم قانونيتها بسبب أوجه القصور في نظام اللجوء الرواندي. ومن المتوقع صدور حكم نهائي من المحكمة العليا في المملكة المتحدة بشأن القضية في أواخر الخريف المقبل. ولكن في غضون ذلك، تدرس الحكومة أماكن خارجية مماثلة لإيواء المهاجرين وطالبي اللجوء، بما يشمل جزيرة "أسينشين" وقواعد عسكرية بريطانية في قبرص وغانا ونيجيريا وناميبيا والمغرب.

ولفت المرصد الأورومتوسطي إلى أن النيجر كانت ضمن القائمة أيضًا، قبل إزالتها بعد انقلاب يوليو/ تموز المنصرم، ما يشير إلى أن القائمة الكاملة لأماكن الإقامة البديلة بعيدة كل البعد عن كونها أماكن مستدامة ومدروسة جيدًا لإدارة الواصلين وطلبات اللجوء في المملكة المتحدة.

ودعا المرصد الأورومتوسطي المملكة المتحدة إلى التراجع عن خطتها لإيواء طالبي اللجوء قسرًا على متن بارجة "بيبي ستوكهولم" والعمل على استيعابهم بشكلٍ يحترم حقوقهم وكرامتهم الإنسانية، وعلى النحو المنصوص عليه في القانون الدولي وخاصةً في العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، الذي صدّقت عليه المملكة المتحدة عام 1976، وضمان حق طالبي اللجوء في السكن اللائق مع الاعتراف بضروريته للتمتع بجميع الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات بيان المهاجرون بريطانيا بيان مهاجرون سياسات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الداخلیة البریطانیة المرصد الأورومتوسطی الحکومة البریطانیة فی المملکة المتحدة لإیواء المهاجرین طالبی اللجوء إلى بیبی ستوکهولم إلى البارجة على متن

إقرأ أيضاً:

بريطانيا تلجأ للصين لمواجهة سياسات ترامب المعادية للمناخ

تسعى المملكة المتحدة لتشكيل محور عالمي جديد لصالح العمل المناخي إلى جانب الصين ومجموعة من البلدان النامية، للتعويض عن تأثير تخلي دونالد ترامب عن السياسات الخضراء، وخروجه من اتفاق باريس حول المناخ.

وزار إد ميليباند، وزير الطاقة وسياسة الانبعاثات الصفرية في المملكة المتحدة، العاصمة الصينية بكين يوم الجمعة لإجراء محادثات لمدة 3 أيام مع كبار المسؤولين الصينيين، شملت مناقشات حول سلاسل توريد التكنولوجيا الخضراء، والفحم، والمعادن الأساسية اللازمة للطاقة النظيفة.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2القلب النابض للنظام المناخي.. ماذا يحدث في المحيطات؟list 2 of 2الحيتان.. عمالقة المحيط وسلاحه ضد تغير المناخend of list

وقال ميليباند: "لا يمكننا حماية الأجيال القادمة من تغير المناخ إلا إذا تحركت جميع الجهات الرئيسية المسببة للانبعاثات. إن عدم إشراك الصين في كيفية أداء دورها في اتخاذ إجراءات بشأن المناخ يُعدّ إهمالا لأجيال اليوم والأجيال القادمة".

وتعد زيارة ميليباند لبكين هي الأولى لوزير طاقة بريطاني منذ 8 سنوات. وكان قد زار الهند الشهر الماضي في مهمة مماثلة، كما سافر إلى البرازيل العام الماضي، وعقد اجتماعات مع عديد من وزراء الدول النامية خلال قمة المناخ (كوب 29) في نوفمبر/تشرين الثاني 2024.

وأضاف ميليباند -في مقالٍ له بصحيفة غارديان- أن "العمل المناخي على الصعيد المحلي دون حثّ الدول الأخرى الأكبر على القيام بدورها العادل لن يحمي الأجيال الحالية والمستقبلية. لن نحمي مزارعينا ومتقاعدينا وأطفالنا إلا إذا دفعنا دول العالم الأخرى إلى القيام بدورها".

إعلان

وتواجه الصين سلسلة من الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب على صادراتها إلى الولايات المتحدة، كما تواجه احتمالا بأن يبدأ الاتحاد الأوروبي في فرض رسوم جمركية خضراء على واردات السلع الصينية عالية الكربون، مثل الصلب.

وتستفيد أكبر دولة مُصدرة للغازات الدفيئة في العالم من صادراتها القياسية من المركبات الكهربائية والألواح الشمسية وغيرها من السلع منخفضة الكربون، لكنها لا تزال تعتمد اعتمادًا كبيرًا على الفحم، ورغم أن وتيرة انبعاثاتها التصاعدية قد توقفت على ما يبدو، فإن قرار الصين بخفض إنتاجها الكربوني أو العودة إلى الوقود الأحفوري قد يعتمد إلى حد كبير على رد الحكومة على حرب ترامب التجارية.

يعتقد عديد من الخبراء أن الاحتمال الوحيد لتجنب انهيار المناخ هو أن تقوم الصين والاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة وغيرها من الاقتصادات الكبرى بتشكيل كتلة مؤيدة للمناخ إلى جانب البلدان النامية المعرضة للخطر، لمواجهة ثقل الولايات المتحدة وروسيا والمملكة العربية السعودية والدول النفطية التي تدفع في اتجاه التوسع المستمر في الوقود الأحفوري.

من جهتها، قالت مديرة المركز الدولي لسياسات المناخ كاثرين أبرو إنه "من المهم للغاية أن نرى هذا يحدث، فلا سبيل للوفاء باتفاقية باريس من دون الصين. وقد أوضحت الصين استعدادها للتحدث بشفافية أكبر بشأن هذه القضايا، وتعزيز العمل المناخي. ونرى انفتاحًا في الصين للتعاون مع أوروبا وكندا والمملكة المتحدة بشأن قضايا المناخ".

وستستضيف البرازيل قمة الأمم المتحدة للمناخ لهذا العام، "كوب 30″، في منطقة الأمازون في نوفمبر/تشرين الثاني، وسط أسوأ توترات جيوسياسية منذ عقود، وفي الوقت الذي تستعد فيه حكومات عديدة لضخ الأموال لإعادة التسلح.

لم تُقدّم حتى الآن سوى بعض الدول، بما فيها المملكة المتحدة، خططها الوطنية لخفض الانبعاثات للعقد القادم، وفقًا لما تقتضيه اتفاقية باريس لعام 2015 رغم انقضاء الموعد النهائي الشهر الماضي.

إعلان

ومن غير المرجح أن تُقدّم الصين خطتها إلا مع اقتراب موعد مؤتمر الأطراف الـ30، وستُراقَب باهتمام بالغ، إذ إن أهدافها الحالية المتعلقة بالكربون أضعف بكثير من أن تبقى ضمن حدّ 1.5 درجة مئوية.

مقالات مشابهة

  • إيران تدعو منظمة التعاون الإسلامي لدعم فلسطين بإجراءات جادة
  • الأورومتوسطي .. صمت المجتمع الدولي يمنح إسرائيل تفويضًا مطلقًا لتصعيد الإبادة الجماعية في غزة
  • المرصد الأورومتوسطي: الصمت الدولي منح إسرائيل تفويضًا لتصعيد الإبادة بغزة
  • الأورومتوسطي يحذر من تفويض دولي للاحتلال لتصعيد الإبادة الجماعية في غزة
  • اتساع الشرخ بين ضفتي الأطلسي ينذر بانتهاء زمن المظلة الأميركية
  • «السايح» يبحث مع بريطانيا سبل دعم العملية الانتخابية
  • منظمة حقوقية: النظام المصري يسكت الأصوات المعارضة بتهم فضفاضة
  • منظمة حقوقية تدخل على خط الخروقات التي يشهدها المركب التجاري الفخارة .
  • بريطانيا تلجأ للصين لمواجهة سياسات ترامب المعادية للمناخ
  • بريطانيا تدعو إسرائيل إلى إنهاء منع وصول المساعدات والكهرباء لغزة