د.عبيدات يكتب .. هل ما نشهده تقويمًا للكتب المدرسية؟
تاريخ النشر: 10th, November 2024 GMT
#سواليف
هل ما نشهده تقويمًا للكتب المدرسية؟
بقلم: د. ذوقان عبيدات
بشكل عام، يمكنك تقويم أي كتاب مدرسي وتحليله وفق أي معيار، لكن لا تُصدِر حكمًا عليه، بالجودة وغيرها! فالتحليل وصفي؛ بمعنى أن تصف ما في الكتاب وفق المعيار الذي حللت بموجبه. حتى تقويم الكتاب يجب أن يكون وصفيّا لا حكميّا! فالكتاب ومؤلفوه يحتاجون تغذية راجعة وصفية مستقبلية، لا مجرد وصف سطحي لما هو موجود.
-احتوى الكتاب على كذا وكذا ،وهذا قد يكون سلبًا أو إيجابًا.
أو:
-لم يحتوِ الكتاب على كذا…، وهذا قد يكون سلبًا أو إيجابًا.
هذا يعتمد على غرض الباحث.
لكن التحليل الموضوعي لكتاب ما ،يظهر في مدى انسجامه مع المنهاج، ومدى قبول المعلمين له، وفي مدى ارتباطه بحاجات الطلبة، ومستقبلهم!
(01)
تعسُّف المعايير
أراد باحث أن يحذر من شرب الحليب، فعمل الإحصاءات والاستبانات اللازمة، وحصل على النتائج الآتية:
-جميع المجرمين شربوا الحليب، وهم أطفال.
-جميع الموتى شربوا الحليب قبل موتهم.
-جميع المعلمين الفاسدين تناولوا مأكولات مصنّعة من بعض منتجات الحليب.
-كل الحلويات الضارّة يدخل الحليب في محتوياتها.
طبعًا! هذه نتائج صحيحة شكلًا. ولا يمكن التشكيك في مضمونها.
فالنتيجة: الحليب يقود إلى الجريمة والأمراض، وفساد المعلمين، ومهما شئت من مآسٍ. ولذلك توصي الدراسة بعدم التعامل مع الحليب، ومنتجاته لجميع المعلمين!
هذا ما تفعله دراسات تناولت المناهج، وغير المناهج.
(02)
تقويم الكتب بما ليس فيها!
تُجرى بعض الدراسات لتحليل الكتب وتقويمها؛ من أجل الكشف عما ليس فيها، فقد تحلل الكتب بحثًا عن مفاهيم ليس فيها مثل: نشر الأمراض، أو إسهامها في تحسين أداء العلماء، وغير ذلك؛ لنحصل على نتائج:
-الكتب المدرسية لا تنقل الأمراض.
-الكتب المدرسية لم تقدم نصائح محددة لعلماء الفيزياء!
وهذه نتائج صحيحة إذا كان من أهداف الكتب تقديم نصائح لعلماء الفيزياء، ولم تفعل!
أما إذا لم يكن ذلك من أهدافها، فلا يجوز التقليل من أهمية الكتاب.
ولذلك تُقوَّم الكتب وفق أهداف المنهاج، لا وفق أغراض الباحث.
(03)
تقويم الكتب بما فيها!
وهنا تحلل الكتب للكشف عما فيها، وليس “عما ليس فيها”، فنقول: احتوت الكتب على المفاهيم والقيم الآتية،مثل:
توجد قصيدتان عن فلسطين، وثلاث عن الأردن! أما أن أقول: لم أجد قصيدة لبنانية فهذا أمر آخر، ويمكن قوله إذا كان المنهاج يطالب مؤلفي الكتاب بوضع قصائد لبنانية، ولم يفعلوا!!!
أما الادعاء بغياب القصائد اللبنانية، فهو أمر آخر، يتعلق بفلسفة التربية، وفلسفة الدولة، وإطار عام المناهج! فالعيب ليس في الكتاب، ولذلك لا يجوز إطلاقًا تقويم الكتاب بما ليس فيه! فالكتاب كائن تابع، وليس مستقلّا.
(04)
المقارنات
قد يكون من المفيد إجراء مقارنات بين ما كان، وبين ما هو كائن الآن! لكن علينا اختيار معيار، أو معايير المقارنة؛ فقد تكون الكتب القديمة مليئة بمفاهيم غير ضرورية، واختفت من الكتب الجديدة! هذا يعدّ تطويرًا وتحسينا! وقد تكون الكتب القديمة مليئة بقيم عظيمة اختفت من الكتب الجديدة، وهذا يكون تراجعًا!!
لكن من يحدّد قيمة ما اختفى وقيمة ما حلّ مكانه؟ هل هم الباحثون؟ أم فلسفة التغيير التي تم التأليف بموجبها!! التعميمات ظالمة! والتقويمات ظالمة! والأصل هو الاتفاق على واقع المجتمع وتطلعاته! فإذا كنتُ سأعدّ الأجيال للقتال وفتح العالم، فإن المناهج يجب أن تقول ذلك من دون لفٍّ، أو دوران! وإذا كنتُ سأعدّهم لغير ذلك، فإن المناهج يجب أن تفعل ذلك من دون مواربة!
فأيّ القيَم نريد!!!
المناهج تحتاج إجماعًا وطنيّا مفقودًا!!
فهمت عليَّ جنابك؟!
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: سواليف لیس فیها تقویم ا لیس فی
إقرأ أيضاً:
ماهر أبو طير يكتب: هل سيتخلى الرئيس عن التهجير؟
لا يبدو أن الخطة العربية التي تبنتها قمة القاهرة ستكون في طريقها إلى التنفيذ بهذه السهولة التي يتصورها البعض، لاعتبارات كثيرة، بعضها ظهر مبكرا جدا.
الأزمة ستكمن في التنفيذ حيث كثير من التفاصيل، التي من أبرزها ملف تمويل إعادة الإعمار، ومن سيدفع، وما هي قيمة الدفعات، وهل ستكفي أم لا، ومدى تأثر الممولين بالذي تريده واشنطن من حيث إبقاء القطاع مدمرا لفرض سيناريو التهجير، وإذا كانت مصر سوف تستضيف مؤتمرا لإعادة الإعمار لاحقا، فإن اعتراضات واشنطن السرية ستؤدي إلى إحجام كثيرين عن دفع المال لقطاع غزة، وقد يغيب كثيرون أصلا، عن هكذا مؤتمر، لا تريده واشنطن أصلا.
بعد أن تم الإعلان عن الخطة العربية خرج المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي براين هيوز وقال إن الخطة العربية لإعمار القطاع تتجاهل واقع قطاع غزة المدمر، ولا تعالج حقيقة مفادها أن غزة غير صالحة للسكن حاليا، كما أن الخطة العربية لا تعالج حقيقة أنه لا يمكن لسكان غزة العيش بشكل إنساني في منطقة مغطاة بالحطام والذخائر غير المنفجرة، وهذه الإشارات الأميركية الأولى ضد الخطة ستتبعها اشارات ثانية في سياق إفشال أي حل عربي، من أجل الوصول إلى المستهدف التالي، أي احتلال القطاع، وإخراج الفلسطينيين منه بكل الوسائل.
إسرائيل من جهتها تريد إنهاء كل الأنظمة الحاكمة في غزة والضفة الغربية، أي حماس والسلطة الوطنية الفلسطينية ولذلك وصفت وزارة الخارجية الإسرائيلية الخطة العربية بكونها مغرقة في وجهات نظر عفا عليها الزمن، ورفضت الاعتماد على السلطة الفلسطينية وبقاء حماس في السلطة، لأن تل أبيب تريد إنهاء حماس كليا وتسليم سلاحها، واستسلام قادتها، وتريد أيضا تفكيك سلطة أوسلو، في الضفة الغربية تمهيدا للمرحلة المقبلة وهذا يستوجب أصلا منع السلطة من ممارسة اي دور داخل قطاع غزة في سياقات تفكيك مشروع الدولة الفلسطينية القائمة على جناحي غزة والضفة الغربية، وتوطئة لمخطط أكبر يرتبط فعليا بالتهجير.
حماس كانت ذكية حين أشادت بالخطة العربية وقالت إنها لا تريد أن تكون طرفا في الإدارة للقطاع، أما ملف السلاح، فأعلنت أنها لن تسلمه، كما أنها أيضا غير مضطرة لتسليمه في ظل هكذا معادلات تقوم على احتمالات عودة الحرب ومحاولة ذبح الفلسطينيين مجددا، وفي الحد الأدنى فإن ملف السلاح لأي مكن اتخاذ موقف علني بشأنه ما دامت الاتصالات السرية لم تصل إلى نتيجة حوله، في سياقات تتحدث عن سيناريو استراحة المحاربين بدلا من تسليم السلاح، إذا قبلت واشنطن وتل أبيب هكذا صيغة، وهو أمر مشكوك به لأنه يتعارض مع مخطط التهجير.
العرب يخططون لحمل الخطة والذهاب بها إلى واشنطن، والمؤشرات السلبية منذ الآن تقول إن هكذا زيارة قد لا تتم، وإذا تمت فستكون معرضة لأخطار كبيرة، خصوصا، أن الخطة العربية أغلقت كل نقاط الضعف التي كانت تتذرع بها إسرائيل، لكن الاحتلال ذاته لا يريد فعليا إعادة الإعمار، ولا يريد هيئة مدنية لحكم القطاع بعيدا عن الهياكل التقليدية، أي حماس والسلطة، ولديه مخطط محدد يتعلق بالأرض، وبوضع الفلسطينيين، وسيجد أي ذريعة للالتفاف على الخطة العربية.
مع وقف إسرائيل للمساعدات وتدفقها إلى القطاع قبل القمة بأيام، والمشاكل القائمة حول تمديد المرحلة الأولى للمفاوضات، أو بدء مرحلة ثانية، فإن ما سنراه خلال المرحلة المقبلة سيقوم على عدة محاور، أولها محاولة استعادة كل الأسرى الإسرائيليين، وثانيها إفشال خطة إعادة إعمار غزة ومنع نشوء هيئة مستدامة للحكم في القطاع بدلا عن الحكم الحالي، وثالثها توسع المخطط الإسرائيلي داخل الضفة الغربية، ورابعها تصعيد أعلى على جبهتي سورية ولبنان، وخامسها الدخول في مرحلة تحول على صعيد ملف التهجير بما يهدد مصر، والأردن في مرحلة متأخرة.
كل هذا يقول إننا عالقون في المنطقة الرمادية هذه الأيام، وسوف تثبت الأيام أن تل أبيب وواشنطن لديهما مخطط مختلف، ولن تقفا عند كل الحلول العربية البديلة.
الرئيس الأميركي يقول إنه لا يريد حربا في غزة، وفي الوقت ذاته لا يبدو أن واشنطن ستقبل خطة العرب لغزة بصيغتها الحالية، فماذا سيتبقى لحظتها سوى التهجير، وهو خيار يتطابق مع مخططات الإسرائيليين تجاه القطاع ثم الضفة؟.
تابع قناتنا على يوتيوب تابع صفحتنا على فيسبوك تابع منصة ترند سرايا
طباعة المشاهدات: 630
1 - | ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه. | 06-03-2025 10:29 AM سرايا |
لا يوجد تعليقات |
الرد على تعليق
الاسم : * | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : * | |
رمز التحقق : | تحديث الرمز أكتب الرمز : |
اضافة |
الآراء والتعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها فقط
جميع حقوق النشر محفوظة لدى موقع وكالة سرايا الإخبارية © 2025
سياسة الخصوصية برمجة و استضافة يونكس هوست test الرجاء الانتظار ...