ثورة شباب السودان المتجددة – من أجل حرية حقيقية وديمقراطية وطنية
تاريخ النشر: 10th, November 2024 GMT
الموجة الثانية من الثورة السودانية: بين الأصالة والحداثة
في السودان، تجددت الثورة بحيوية مفاجئة رغم محاولات القوى الإقليمية والدولية لفرض أجندات عبر "القوة اللطيفة" التي سعت للتأثير على المجتمع المدني بطرق غير مباشرة، إلا أن هذه الخطة لم تؤت ثمارها. فعوضًا عن نجاح التدخلات الأجنبية في زراعة جذور تؤثر على المشهد الوطني بعمق، أعادت الثورة السودانية تجديد ذاتها عبر موجة جديدة وقوية.
التوقيت والفرصة التاريخية
لقد جاء هذا التوقيت ليشكل محطة فارقة؛ فمع اقتراب نهاية الصراع الحالي، تتسارع وتيرة الحركة الثورية نحو التحرر الكامل من سيطرة النخبة التي خدمت الأجندات الخارجية، والتي لم تحقق سوى إعادة السودان إلى دائرة الصراع والاعتماد. الموجة الثانية من الثورة السودانية جاءت لتعبر عن استكمال المشروع الوطني السوداني، الذي انطلق من إرادة شعبية خالصة أفرزت شباباً صامداً، كوادر "لجان المقاومة"، وقيادات جديدة تحمل راية التحرر الوطني.
التلاحم بين الأصالة والحداثة
يأتي التحدي الأكبر لهذه الموجة في تحقيق التوازن بين قيم الأصالة من ناحية، وبين قيم الحداثة مثل الديمقراطية والعدالة الاجتماعية من ناحية أخرى. الإسلاميون هنا، كما تظهر الوقائع، يجدون أنفسهم في وضع غير مألوف؛ فقد تحولوا ليصبحوا المدافعين عن الحريات والديمقراطية في ظل التخبط الذي أصاب النخب الليبرالية المتحالفة مع القوى الانقلابية. وبرغم المفارقة التاريخية، فإن هذا الموقف يدعم شرعية مطالبهم لدى الكثيرين ممن يرفضون الانقلابات كوسيلة للتغيير السياسي، ويؤمنون بأن الحريات يجب أن تتحقق عبر إرادة الشعب وأصواته لا عبر القوة العسكرية.
الدماء والتضحيات كوقود للمسيرة
على مدى سنوات، قدمت الثورة السودانية تضحيات كبيرة، خاصة من شباب لجان المقاومة الذين سقطوا شهداءً، وملأوا شوارع المدن بصمودهم، وأكدوا بمواقفهم وإرادتهم الصلبة أن السودان ليس مجرد ساحة للمصالح الإقليمية والدولية. ومع اقتراب اللحظة الحاسمة، يتعاظم الأمل بأن تخرج جحافل الثوار ليعيدوا تعريف الحرية ويثأروا للشهداء الذين سقطوا خلال فترة الانقلاب وما بعدها. هذه التضحيات لا تُنسى؛ فهي شاهد حي على أن قيم الأمة الأصيلة - الكرامة والعدالة - والقيم الحديثة - الديمقراطية والحرية - ليست متعارضة، بل متكاملة.
قراءة جديدة للديمقراطية والإرادة الشعبية
إن هذه الموجة تؤكد أن الديمقراطية ليست مجرد نسخ للنماذج الغربية، بل هي تمثيل حقيقي للإرادة الشعبية وقيم الأمة. السودان، كجزء من العالم الافريقي ، يواجه ظروفاً فريدة تتطلب حلولاً محلية تتماشى مع قيمه الثقافية والتاريخية. ويبدو أن الديمقراطية الحقيقية التي تدافع عنها الثورة السودانية هي تلك التي تعبر عن الكرامة والمناعة الوطنية، وتسعى لإنهاء التبعية الخارجية، على عكس الديمقراطية المستوردة التي روجت لها بعض القوى الخارجية عبر وسائل ناعمة لضمان مصالحها.
آفاق الثورة وأمل المستقبل
الموجة الثانية من الثورة السودانية توحي بأن ثورات السودان لم تنتهِ، بل تعيد تعريف ذاتها وتثبت جذورها بعمق في واقع الشعوب. الشعب السوداني، بوعيه العميق وإرادته التي تعززت من خلال تجربته مع محاولات التدخل، اختار قيادة تعبر عن طموحاته الوطنية وتسعى إلى استقلاله الكامل. هذه القيادة الشعبية لا تستسلم للتأثيرات الخارجية، بل تؤمن بأن التحديث وتحقيق مطالب الحرية والكرامة لا يمكن تحقيقهما إلا من خلال إرادة الشعب ذاته، بعيداً عن أي محاولات لفرض حلول جاهزة من الخارج.
في النهاية، يظل الطريق أمام الثورة السودانية صعبًا، لكن التاريخ يظهر أن الإرادة الشعبية قادرة على تحقيق المستحيل.
zuhair.osman@aol.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الثورة السودانیة الموجة الثانیة
إقرأ أيضاً:
أطباء بلا حدود: تستأنف عملياتها في مستشفى بشائر جنوبي العاصمة السودانية
رغم استئناف العمل، أكدت المنظمة استمرار الدعوة إلى ضمان وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق لتلبية الاحتياجات المتزايدة في السودان.
الخرطوم: التغيير
أعلنت منظمة أطباء بلا حدود استئناف عملياتها الكاملة في مستشفى بشائر التعليمي بجنوب العاصمة الخرطوم بعد توقف قصير بسبب مخاوف أمنية ناجمة عن توغل مسلح.
وقال إستيفانوس ديباسو منجستو، منسق الطوارئ في المنظمة بالسودان، في تحديث الثلاثاء، إن القرار جاء بعد مناقشات مع جهات محلية لضمان سلامة وأمن موظفي المنظمة وموظفي المستشفى والمرضى. وأضاف: “نحن الآن قادرون على تقديم الرعاية الطبية الحرجة لمن هم في حاجة إليها”.
ورغم استئناف العمل، أكدت المنظمة استمرار الدعوة إلى ضمان وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق لتلبية الاحتياجات المتزايدة في السودان.
كما شددت على أهمية تأمين سلامة المنشآت الصحية، لضمان استمرار المستشفيات، مثل مستشفى بشائر، في تقديم خدماتها للمدنيين المتأثرين بالأوضاع الراهنة.
وأعلنت الكوادر الصحية مستشفى بشائر الأسبوع الماضي إضراباً عن العمل شمل جميع الخدمات عدا الحالات الحرجة، ولم يتم استقبال مرضى جدد إلا إذا كانت حالاتهم حرجة، وذلك حتى إشعار آخر.
الإضراب جاء احتجاجاً على اعتداء مسلح تعرّض له المستشفى مؤخراً، حيث اقتحمت مجموعة من المسلحين، يُعتقد أنهم ينتمون إلى قوات الدعم السريع، المستشفى وأطلقت وابلاً من الرصاص داخل قسم الطوارئ، مما أسفر عن مقتل أحد أفراد القوات المقتحمة.
فيما تمكن العاملون من الفرار دون إصابات، لكن الحادثة خلّفت لديهم حالات من الهلع والصدمة العميقة.
الوسومآثار الحرب في السودان أطباء بلا حدود جنوب الحزام جنوب الخرطوم مستشفى بشائر