هاشم صديق: موت إنسان غالي في زمن رخيص
تاريخ النشر: 10th, November 2024 GMT
رحل هذا المساء بعيداً عن بلاده وعن أهله وعن شعبه الذي أحبه، رحل إنسان غالي في زمن رخيص، غادر عالمنا المبدع الكبير هاشم صديق المنتمي منذ سنوات شبابه الباكر للكادحين والفقراء والثورة.
في رسائل عديدة أرسلها مؤخراً للأستاذة اسيا الربيع في لندن وهي من اصدقائه الخلص، احدهما قبل ساعات من رحيله، كان هاشم صديق مدهشاً ومهموماً بتفاصيل الوطن وبالنسيج الوطني الذي تمزق والقبائل والمجتمع .
وقال ان ثورة الشباب لم يكن لها مثيل في أفريقيا وتأسف وتحسر عن ضيق الأرض والمدن بالناس وبأهلها وعن خطاب الغش، ورفضه لتوريط الناس وخداعهم، وبضميره المفرط في الحساسية سأل الأستاذة اسيا الربيع عن أهلها الذين استضافوه في ام درمان في حي (الثورة) في رحلته الشهيرة وهو يتنقل من منزله بعربة (كارو)، وعبر عن معزته وشكره لهم. لقد كان هاشم صديق إنسان كبيراً رغم مرارة الحرب والزمن الرخيص.
كان هاشم صديق يحن إلى بيته وللحي والأهل وتسأل عن احوال المبدع الكبير ابو عركي البخيت وعن المخرج شكر الله خلف الله حتى يرسل دواوينه اليهم وقال بانه يختزن الكثير من الأشياء التي يود ان يخطها ابداعاً ورحل وفي نفسه شيءً من حتى الابداع.
اكثر ما لفت انتباهي في احاديث للمبدع الكبير هاشم صديق هي انتباهته القوية وبحسه الثوري المطبوع وتجربته الطويلة وهو يتحدث عن ان الثورة تحتاج لخطاب جديد ولمن يفرز الخيوط والحديث عن ثورة ذات قالب اجتماعي، هذا الجزء من حديثه غاية في الأهمية من فنان ومبدع يلامس الزمن والناس.
رحم الله هاشم صديق بقدر ما أعطى لبلاده من ملحمة وصلاة وطنية طويلة والعزاء لاسرته وأهله واصدقائه ولحواري أمدرمان وأرصفة المدن والفقراء في الريف والقرى وله مغفرة واسعة عند مليك رحيم.
٩ نوفمبر ٢٠٢٤
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: هاشم صدیق
إقرأ أيضاً:
هاشم صديق شاعر الملحمة ورمز الأدب والمسرح السوداني
هاشم صديق شاعر وكاتب مسرحي وصحفي سوداني، ولد عام 1957 في حي بانت شرق مدينة أم درمان. عايش منذ صغره ثورة أكتوبر/تشرين الأول 1964 -التي أطاحت بنظام الفريق إبراهيم عبود– وألهمته تأليف أوبريت "ملحمة قصة ثورة".
حصل على درجة البكالوريوس في النقد المسرحي بامتياز من المعهد العالي للموسيقى والمسرح عام 1974. وسافر لاحقا إلى بريطانيا، والتحق بمدرسة "إيست 15" لدراسة التمثيل والإخراج، وتدرب على أساتذة بارزين في المسرح السوداني.
عُرف شعره بالسلاسة والبساطة وعمق المعاني، وعبّر عن تطلعات الشعب السوداني للحرية والعدالة، وقد تغنى بأشعاره فنانون سودانيون كبار. وتوفي يوم 9 نوفمبر/تشرين الثاني 2024 عن عمر ناهز الـ67 عاما.
المولد والنشأةولد هاشم صديق الملك علي عام 1957 في حي بانت شرق أم درمان. وتوفي والده وكان آنذاك في المرحلة المتوسطة، فتولت أمه آمنة محمد الطاهر تربيته.
وعايش في صغره ثورة 21 أكتوبر/تشرين الأول 1964 التي أطاحت بنظام الرئيس الفريق إبراهيم عبود.
الدراسة والتكوين العلميتلقى هاشم صديق تعليمه الأولي في مسقط رأسه، ثم انتقل إلى مدارس الأحفاد، وحصل على درجة البكالوريوس في النقد المسرحي بتقدير امتياز من المعهد العالي للموسيقى والمسرح عام 1974.
وسافر لاحقا إلى المملكة المتحدة، والتحق بمدرسة "إيست 15" لدراسة التمثيل والإخراج، وتتلمذ على يد أساتذة في مجال المسرح والتمثيل، منهم إسماعيل خورشيد والسر أحمد قدور والفاضل سعيد.
التجربة الأدبيةبدأ هاشم صديق اهتمامه بالتمثيل والإلقاء الشعري وهو في مراحله الدراسية الأولى، وحينئذ اشترك في برنامج "ركن الأطفال" بالإذاعة السودانية ممثلا دور الأب.
عمل بعد تخرجه أستاذا مشاركا بالمعهد العالي للموسيقى والمسرح بالسودان حتى عام 1995، وأسس مكتبة المسرح السوداني، التي ضمت أرشيفا من الأعمال الأدبية والفنية السودانية.
وعُرف صديق بلقب "شاعر الملحمة" بعد تأليفه أوبريت "ملحمة.. قصة ثورة"، التي استعرضت ذكريات ثورة 21 أكتوبر/تشرين الأول 1964، ولحنها الموسيقار الراحل محمد الأمين. وشكّلت أول تجربة ناجحة في فن الغناء الموسيقي الكورالي في السودان.
وقد تغنى بشعره، الذي عُرف بالسلاسة والبساطة وعمق المعاني، فنانون سودانيون كبار، أمثال محمد الأمين ومصطفى سيد أحمد وأبو عركي البخيت وسيد خليفة، وكانت أشعاره تمزج بين عشق الأرض وتطلعات الشعب السوداني إلى الحرية والعدالة.
وأنتج أعمالا درامية مسرحية، من أشهرها "أحلام زمان" و"نبتة حبيبتي"، كما قدم عددا من المسلسلات الإذاعية والتلفزيونية التي تحاكي هموم المجتمع السوداني وتطرح قضاياه.
وعمل صديق في عدد من الصحف السودانية، وكان حاضرا في الساحة السياسية، وتعرّض للاعتقال مرات عدة بسبب بعض أعماله الأدبية، وحظرت كثير منها، من بينها مسلسل "الحراز والمطر"، ومسلسل "الحاجز"، الذي حذفت الرقابة على الإعلام أجزاء منه.
مؤلفات وجوائزألّف هاشم صديق عددا من الأعمال الدرامية والأدبية التي حازت جوائز عدة، وبثّت في القنوات والإذاعات السودانية، ومن أعماله:
مسلسل "قطر الهم" عام 1973. مسلسل "الحراز والمطر" عام 1979. مسلسل "الحاجز" عام 1984. مسلسل "طائر الشفق الغريب" عام 1993. مسرحية "أحلام زمان" عام 1972، وحازت جائزة الدولة لأحسن نص مسرحي. مسرحية "نبتة حبيبتي" وحازت على جائزة النص المسرحي عام 1973.وقد أصدر مجموعة من الدواوين الشعرية منها:
"كلام للحلوة"، نشر عام 1975. "أذن الآذان"، طُبع عام 1976. "اجترار"، صدر عام 2002. "على باب الخروج"، طبع عام 2006. وفاتهمرض الصديق في وقت ساءت فيه الأوضاع الأمنية وتأزمت عقب اندلاع القتال بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع في 15 أبريل/نيسان 2023، فاضطر أهله لنقله على عربة تجرها الدواب (كارّو) إلى منطقة أخرى لتلقي العلاج، ونُقل منها إلى دولة الإمارات العربية المتحدة التي توفي فيها يوم 9 نوفمبر/تشرين الثاني 2024 عن عمر ناهز الـ67 عاما.
ونعته الأوساط الأدبية والإعلامية والسياسية السودانية، ووصفه مجلس السيادة السوداني بأنه "شاعر فذ ومبدع متعدد المواهب واتسمت كل أعماله بالرصانة والإبداع".