الحوار السوداني لوقف الحرب وانهاء دائرة العنف ومنع الانهياروالحرب الأهليه
تاريخ النشر: 10th, November 2024 GMT
رئيس تنسيقيه تقدم دكتور عبد الله حمدوك يلتقي مع دوائر صنع القرار في الجكومه البريطانيه، ويطلعهم علي حجم وفداحه المخاطر والمعاناة والمأساة الانسانيه والكارثيه الأسوأ والأكبر علي مستوي العالم، من حيث النزوح واللجوء 13 مليون مواطن ,أكثر من من نصف السكان 25.6 حافه الجوع وفقدان الأمن الغذائي، يحتاجون مساعدات عاجله-مستوي الأزمه و10 مليون سوداني بلا مأوي بحسب تقارير الوكالات العالميه، وأكثر من 150 ألف قتيل وتصاعد الانتهاكات والتجاوزات الجسيمه والبشعه والفظيعه لحقوق الانسان والقانون الأنساني الدولي التي يرتكبها أطراف النزاع في حق المدنيين ، ومن اجل لفت انظار العالم لما يدور في بلادنا من حرائق وخراب ، كما طلب من الحكومه البريطانيه في اطار الجهود المبذوله لدعم المجتمع الدولي لوقف الحرب المدمرة في السودان واحلال السلام، توفير وصول المساعدات الانسانيه، واتخاذ التدابير اللازمه التي تقود الي حمايه المدنيين بالتفكبربفرض حظر الطيران ومناطق آمنه للمدنيين، والتشاور بشأن نشر قوات لحمايه المدنيين، بريطانيا التي تقلدت رئاسه مجلس الأمن في الأول من نوفمبر، تقول انها تخطط لجعل قضيه السودان أولويه،وزير الخارجيه البريطاني ديفيد لامي السودان لم يجد الأهتمام الدولي الذي يستحقه، ويشكل مصدر قلق كبير من حيث الكارثه الانسانيه والخسائر البشريه التي تفوق صراعات اخري حول العالم، وتداعيات هائله اذا أصبح السودان دوله فاشله بالكامل،وسوف يتواجد في نيويورك لطرح القضايا بما فيها الجانب الانساني وجمع الأطراف ومحاوله التوصل لحل سلمي
اللحوء الي الوسائل والأدوات السياسيه ناتج من ان الصراع بدأ سياسيا ولايمكن ان يحل بالسلاح والانتصار فيها عسكريا،ترافقت مشاركه حمدوك في حوار(شتام هاوس) المعهد الملكي للشئون الدوليه، احداث مؤسفه وهمجيه من قبل الأخوان وأنصار الحركه الاسلاميه وفلول النظام البائد، الذين تجمعوا للاحتجاج والبعض يرتدون زيا عسكريا، وقاموا بالاعتداء علي عدد من المنتمين للقوي المدنيه بدوافع انتقاميه، وفي مشهد غير مألوف بعيدا عن السلوك الحضاري والتقاليد العريقه المعروفه عن لندن، في الدعوة للسلام ونبذ ومناهضه الديكتاتوريات والحروب ،وارساء قيم الديمقراطيه والسلام والعداله وربما تكون أول تظاهرة تشهدها لندن تطالب باستمرار الحرب وسفك الدماء والترويج والوقوف مع الحكم الاستبدادي والديكتاتوري والشموليه ضد قوي الديمقراطيه والسلام والعداله، لذلك يجب فضح وتعريه هذة المواقف والذين يروجون ويحاولون التحريض علي الحرب من الجهلاء والمغيبين والمزايديين من خلال الأعلام المسموم، عبر منصات وصناعه رأي عام داعم ومؤيد للجيش حاضنه الكيزان والحركه الاسلاميه، لتمرير الأجندات المشبوهه، ومحاولت تشويه القوي المدنيه عبر تدشين الأعمدة والمقالات وعبر حملات اعلاميه مدعومه من الحركه الاسلاميه والجيش، للتضليل والبلبله ونشرالشائعات واستخدام الوسائط، لبث خطاب الكراهيه والعنصريه والقبليه والجهويه والأثنيه،ومهاجمه تقدم والقوي المدنيه والأخرين واتهامهم بالعماله والارتزاق، باعتبارهم الغطاء السياسي والحاضنه للدعم السريع، وخلط الاصطفاف بالوقوف مع الجيش المؤسسه القومي ضد المليشيا المتفلته وهكذا وهي حملات مشبوهه ومكشوفه لتغبيش الوعي عن مواجهه حقائق الصراع، وطمس الحقائق لأخفاء الدوافع الاساسيه والجوهريه للحرب للتأثير علي الرأي العام وخلق حاله من الخوف والتردد للابتعاد عن خط الثورة ووقف الحرب،التي اشعلها شريكا الحكم والاستبداد ،الجيش والدعم السريع في 15 أبريل، للقضاء علي ثورة ديسمبر وامتدادا لجريمه فض الأعتصام وتزييف الوثيقه الدستوريه، وفرض الشراكه والتسويه مع العسكر ووضع التعقيدات والعراقيل امام المرحله الانتقاليه، وانقلاب 25 أكتوبر 2021 لاستعادة النظام البائد وهزيمه الثورة ،ولقطع الطرق علي احلام وطموحات شعينا في الحكم المدني الديمقراطي وتحقيق أهداف الثورة، ثم انفجر الصراع بين الطرفين حول السلطه والحكم والمواقع والنفوذ والموارد والثروة،، حرب الحركه الاسلاميه سوف تستمر ضد قوي الثورة ، وهي ليست مؤجله حتي لو اضطروا وفق المعادلات العملياتيه والميدانيه للتحالف مجددا مع الدعم السريع وفق تصريحات سناء حمد، ويمكن قراءة ذلك من خلال الخطاب الصادم الاخير لحميدتي الذي تنصل فيه من الاطاري واعتبرة من اسباب الحرب مرددا نفس خطاب البرهان والحركه الاسلايه ، مع الابعاد الأثنيه والقبليه الضمنيه في خطابه واستشفاف التراجع والضعف حول التمسك بوحدة السودان، واي اصطفاف غير الاصطفاف ضد الحركه الاسلاميه بفعاليه ووضوح يخدم قوي الثورة المضادة ويعمل علي اطاله امد الحرب في مواجهه قوي الثورة وشعبنا
القوي المدنيه الديمقراطيه غير معنيه بسرديات طرفي الحرب، حول حرب الكرامه أو تفكيك دوله 56 والتي لن تقودنا لايقاف الحرب واسترداد الثورة والدوله المدنيه الديمقراطيه، والحرب مستمرة في الخرطوم والخرطوم بحري وامدرمان والجزيرة والفاشر وسنارومناطق مختلفه في السودان، 404 قري في شرق الجزيرة تعرضت للتهجبر والنزوح الجماعي، والهجمات الانتقاميه والابادة والاحتياح والانتهاكات، التي تقوم بها مليشيات الجنجويد المجرمه ،في أعقاب انشقاق ابوعاقله كيكل، في تمبول والهلاليه ورفاعه وبرانكو والسريحه، القتل والتعذيب والاغتصاب والاعتداء والعنف الجنسي والمذابح والتصفيات الجماعيه والمجازر والاعتقال والاختطاف والنهب والحصار والتجريد،قوات الدعم السريع مليشيات الجنجويد لا توجد لديها عقيدة قتاليه او عسكريه ولاتؤمن بالديمقراطيه والعمل المدني، والخوف من خطاب العنصريه والكراهيه والتحريض علي العنف بدوافع واسباب عرقيه، بينما يستخدم الجيش الطيران والبراميل المتفجرة والمدفعيه، التي ادت الي وفاة العشرات من المدنيين من بينهم أطفال ، غوتيرش رغم الكابوس الذي يواجهه الشعب السوداني في العنف والجوع والمرض وتداعيات وتبعات الصراع علي الاستقرار الأقليمي الا انه اعتبر الظروف غير ملائمه لنشر قوة تابعه للأمم المتحدة في السودان، واكتفي بتوصيات لمجلس الأمن حول سبل مختلفه ممكنه لحمايه المدنيين، تشمل التوصل لاتفاق فوري بين الجانبين علي وقف الأعمال العدائيه، وقضيه حمايه المدنيين، وضمان تدفق المساعدات الانسانيه،ورغم المعاناة الانسانيه تقف الأمم المتحدة عاجزة ومترددة ولا توجد لديها الأرادة والرغبه، في اتخاذ الاجراءات المطلوبه لنشر قوة أمميه بنجاح في انتظار الظروف المثاليه ونتائج مفاوضات وقف اطلاق النار، والذي يتعارض مع المخاوف الانسانيه، دون اكثراث لوحشه الحرب والقتل والمجاعه والنزوح واللجوء والتشرد والأمراض، الذي اشارت اليه منظمات حقوقيه وهيومن رايتس ووتش ، وكانت بعثه تقصي الحقائق قد أوصت بفرض حظر توريد الأسلحه لطرفي الصراع بالسودان، ونشر قوة حفظ سلام لحمايه المدنيين، فشل المجتمع الدولي والأقليمي ممثلا في الأمم المتحدة، في القيام بحمايه المدنيين وايقاف الحرب واسكات صوت القنابل والمدافع، ولا يمكن اغفال ان المجتمع الأقليمي والدولي ايضا طرفا في الحرب وضالعا فيها، في الاجندة التي تعمل علي تغذيتها بالسلاح والعتاد والتحهيزات والدعم السياسي، في ظل غياب التوافقات الأقليميه والدوليه، وتجاهل الدور المدني والتركيز علي طرفي لحرب، في غياب الفصل السابع كان بالامكانيه تطبيق العقوبات الاقتصاديه والبلوماسيه، وتعزيز حمايه المدنيين في غياب بعثه عسكريه، وتقديم المساعدات الانسانيه المقيدة والمشروطه، والهدن المؤقته لوقف العدائيات لايصال المساعدات الانسانيه، مخاطبه مجلس الأمن للطرفين والعمل علي احياء منبر جدة ،ورعايه ذلك وبدور الوسطاء ومجلس الأمن والسلم الأفريقي،حمدوك رئيس الهيئه التنسيقيه لتقدم يدعو الي تشكيل جبهه عريض واسعه لمقاومه الحرب واجتماع لمائدة مستديرة للقوي السياسيه والمدنيه،لاجبار الأطراف المتنازعه للعودة الي طاوله المفاوضات،ولاستقطاب الدعم الدولي لوقف الحرب، تنسيقيه تقدم والتي تعتبر أكبر تحالف سوداني يضم قوي سياسيه ومدنيه ونقابيه ومهنيه ومنظمات مجتمع مدني والأدارات الأهليه والطرق الصوفيه،وهي لاتمثل كل القوي السياسيه والمدنيه ولاتعبر عن كل السودانيين ،لديها رؤيه وبرنامج ومشروع،الأكثر تأثيراعلي المستوي الداخلي والخارجي
مما يثير قلق دعاة الحرب ولذلك يتم الأستهداف الممنهج لتقدم وحمدوك وللشعبيه التي يحظي بها لدي المجتمع الأقليمي والدولي والمحلي وتوجد قوي جديدة لديها تفاهمات مع تقدم، البعث العربي الاشتراكي الأصل وحركه تحرير السودان وقوي معارضه للحرب ليس ضمن تقدم،والشيوعي لديه تحفظات ويبقي في المنطقه الرماديه مع تجمع المهنيين، استمرار الحرب وتفاقم الكوارث والأوضاع الانسانيه تضع علي عاتقنا مسؤوليات يناء الجيهه العريضه الواسعه والتمسك بالحل الذي يخاطب جذور الازمه من الداخل باعتبارة مفتاح حل الأزمه،والتحالف الجماهيري الواسع ورص الصفوف،والاعتماد علي النضال المدني السلمي ورفض التخلات الخارجيه في الشأن السوداني ،لنعمل علي تعزيز روح الصمود والمجابهه والاعتماد علي دور القوي الحيه والقواعد لاسترداد الثورة واستعادة المسار المدني الديمقراطي
shareefan@hotmail.
/////////////////////////
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
السودان: ثورات تبحث عن علم سياسي (2-2)
عبد الله علي إبراهيم
ملخص
أفضل مَن شخّص التغيير واصطراع القوى حوله بعد ثوراتنا الثلاث هو منصور خالد في كتابات له بعد ثورة أكتوبر عام 1964 نشرها في كتابه "حوار مع الصفوة" (1979). فالصراع عنده قائم بين بما قد نصطلح عليه بـ"القوى الكسبية" و"القوى الإرثية". فالقوى الكسبية هي التي اشتهرت بالأفندية وهي طبقة طارئة على المجتمع السوداني أسسها الاستعمار الإنجليزي لأغراضه وتقلدت منزلتها كسباً. وهذا بخلاف الطبقة الإرثية التي قال منصور إنها تليدة وعليها ركائز المجتمع "الوصائي" (الأبوي) في العشائر والطرق الصوفية في الريف بخاصة، وتعلي النسب على الكسب. وقلنا أن الطبقة الكسبية في مأزق: فالديمقراطية هي بيئتها المثالية ولكن الديمقراطية الليبرالية (صوت لكل مواطن مستحق) تحول دونها والتمثيل الفعلي في البرلمان لأن الواحد من الطبقة الإرثية له صوته وأصوات شيعته كلها كما تجري العبارة.
جاءت الطبقة الكسبية بمأزقها مع الديمقراطية إلى ساحة ثورتي 1964 وأبريل 1985، وكان التغيير الجذري الذي طلبته هو إصلاح عميق في البرلمانية يأذن لها بتمثيل مرموق فيها يمكّنها من وضع بصمتها على التشريع صوب الحداثة. فسعت في ذلك الإصلاح إلى "التحايل"، إذا شئت، على مبدأ "صوت واحد للمواطن" الذي يربح منه الإرثيون بينما يكاد يلغي وجود الكسبيين في البرلمان. وكان لب اقتراح طبقة الكسب هو افتراع كليات مهنية وقطاعية انتخابية لها فيها نفوذ مؤكد تكسر به حدة غزارة جمهور الطبقة الإرثية.
فتبنت الطبقة الكسبية، ناظرة لمأزقها السياسي المشاهد، ثلاثة إصلاحات تؤمن بها لنفسها تمثيلاً معتبراً في البرلمان يعوضها قلة نفرها الاقتراعية.
الإصلاح الأول
طالبت هذه القوى مرتين بعد ثورتي 1964 و1985، تطويل المرحلة الانتقالية قبل إجراء الانتخابات للجمعية التأسيسية المنتظرة، فواضح أنهم كانوا يريدون شراء الوقت وهم في "عسى ولعل" أن دروس الثورة والتغيير تنسرب لوعي الجمهور، فيميل ناحيتها ويرجح كفتها في تلك الانتخابات، وكانت الأحزاب التقليدية تريد الفترة الانتقالية "قصيرة وعسل" في عبارة إنجليزية ماتعة. فطمعت الطبقة الكسبية بعد انتفاضة 1985 أن تطول الفترة الانتقالية لخمس سنوات، وكانت حجتهم للتطويل أن البلد بحاجة إليه لإزالة "آثار مايو"، أي حكم نميري الذي جاء بانقلاب في مايو (أيار) عام 1969، ووضع القواعد لسودان ليبرالي موحد. ثم اكتفوا بسنتين للمهمة الانتقالية في مفاوضات صاخبة مع الطبقة الإرثية والمجلس العسكري الانتقالي الذي فرض ولايته على البلاد بعد نجاح الثورة بعزم التدرج بها للحكم الديمقراطي. وقد أرادها المجلس أيضاً قصيرة وعابرة، ثم عادت القوى الحديثة من الغنيمة بعام واحد للفترة المقصودة لإصرار المجلس والقوى التقليدية على تقصير الفترة الانتقالية. وفي ثورة 2018 نجحت هذه القوى بجعل الفترة الانتقالية ثلاث سنوات قابلة للتمديد.
الإصلاح الثاني
وكانت حيلة الطبقة الكسبية الثانية أن يقوموا بإصلاح يؤمن لهم تقلد زمام الفترة الانتقالية وما بعدها، فبعد ثورة أكتوبر نادوا بأن تصبح جبهة الهيئات التي قادت الثورة كياناً دائماً ليؤمن مسار الثورة، ورفضت القوى الإرثية تلك الدعوة ووجهت منسوبيها للتحريض على سحب نقاباتهم من عضويتها. وعام 1985 اقترحوا حكومة ثلاثية التكوين قوامها مجلس وزراء تنتخب النقابات 60 في المئة من عضويته، ويأتي 40 في المئة منه من الأحزاب الإرثية مع حرمان الإخوان المسلمين (الجبهة الإسلامية القومية) من التمثيل فيه جزاء وفاقاً لتعاونهم مع نظام الرئيس نميري حتى قبيل خلعه بقليل، ومجلس منتخب من النقابات بمثابة مجلس تشريعي، إضافة إلى مجلس سيادة، ورفضت القوى الإرثية الخطة بالكلية.
الإصلاح الثالث
وجاءت مشاريع إصلاح النظام الانتخابي للقوى الكسبية متوافقة مع خطتها لاكتساب الغلبة في البرلمان المنتظر غلبةً لا تستحقها بأعدادها القليلة بين السكان، فبعد ثورة أكتوبر 1964 استلهموا تجربة الناصرية فطالبوا بأن تقوم الانتخابات، إلى جانب الأسس الجغرافية، في دوائر مخصصة لمهن الناخبين وقطاعاتهم، وعليه ستكون للعمال والمزارعين والمثقفين دوائر مخصصة. وأذاع الحزب الشيوعي في ديسمبر 1985 مشروعاً لإصلاح الانتخابات جعل للقوى الحديثة 110 مقاعد في برلمان منتظر من 360 مقعداً، وجعل للعمال 35 مقعداً وللمثقفين المهنيين 15 مقعداً. واقترح التحالف النقابي الوطني الذي قاد الانتفاضة في 1985 برلماناً من 225 مقعداً جعل للعمال منها 19 مقعداً. ووقف "الحزب الاتحادي الديمقراطي"، المشكّل من القوى الإرثية، بقوة ضد أي مشروع لتمثيل القوى الحديثة. ولم تقوَ لجنة الانتخابات على بتّ الخلاف الذي نشأ حول المسألة. واجتمعت مع المجلس العسكري الذي رفض فكرة تمثيل هذه القوى بترتيب غير الانتخاب بصوت لكل مواطن.
الثورات والتغيير
إذا كان التغيير الجذري شرط بعض نخبتنا لتسمية الحراك الذي أسقط نظاماً قديماً ثورة، فواضح من عرضنا أن الثورات السودانية لم تخلُ من رؤية للتغيير، أو همة لتنزيله كسياسات للدولة بعد سقوط النظام. فلا يجوز نزع صفة الثورة من ثورات السودان إذا بدا لهؤلاء الكتّاب أنه لم يتغير شيء بعد سقوط النظام، والأحرى بهم تحري الأسباب التي أدت إلى "إجهاض" ذلك التغيير لا قبوله ضمن طبائع الأشياء. فقد كان الصراع حول مشروع التغيير الانتخابي الذي طرحته القوى الكسبية صدامياً، لا كما وصفه الأكاديمي عبدالوهاب الأفندي الذي قال إن حصيلة ثورة أكتوبر، مهما قلنا عنها، تطور طبيعي "في إطار تفاهمات وتنافس نخبة صغيرة تتشارك في الرؤى والمصالح، جرت في جو حميمي أقرب إلى الاسترخاء منه إلى الانفجار". فيكفي أن القوى الإرثية التي كرهت مشروع القوى الكسبية الانتخابية وغيرها، روعت الخرطوم بتحشيد جماهيرها من الريف في شوارعها في الـ18 من فبراير (شباط) عام 1965 لتُسقط حكومة ثورة أكتوبر الأولى التي غلبت فيها القوى الكسبية على الإرثية. فاستقال سر الختم الخليفة، رئيس الوزراء، ولم يمضِ في الحكم سوى أربعة أشهر، حرصاً، في قوله، "على مصلحة البلاد وسلامتها وعلى تجنيب أبنائها الشقاق والخلاف الحاد".
اشتراط وقوع التغيير بالثورة ضربة لازب وإلا انتفت عنها صفة الثورة، وجه آخر من وجوه قلة حيلة علم السياسة عندنا في دراسة الصراع في الفكر والممارسة على بينة من صدام الإرادات والمصالح والرؤى. فالثورة التي قصرت دون التغيير في رأي هذا العلم ليست من الثورة في شيء. وهذا الحكم عقوبة وليس تحليلاً ترحل بالمسألة لضبط المصطلح لا لدراسة معينة في ديناميكية إجهاض الثورة.
محمد هاشم عوض كتابه البلوتوكرسي شخص فيه باكراً أزمة الطبقة الكسبية مع الديمقراطية الليبرالية
ibrahima@missouri.edu