في أقل من 10 سنوات أصبح الحزب الجمهوري حزب الرئيس المنتخب دونالد ترامب بمساندة "حركة ماغا"، مستعيرا شعاره الشهير "لنجعل أميركا عظيمة مجددا"، وقد انخرطت في الحركة تيارات متنوعة، يمكن تصنيفها وفق ثلاثية بسيطة: الدين والمال والنفط.

بهذه المقدمة افتتح موقع ميديا بارت -تقريرا بقلم فرانسوا بوغون- ذكر فيه بخطاب ترامب الذي ألقاه فور تأكيد فوزه بالانتخابات، محاطا بعائلته والمقربين منه أمام حشد من أنصاره، حيث أشاد بقوة بالحركة السياسية التي بدأها قبل نحو 10 سنوات في أول سباق له للوصول إلى البيت الأبيض.

اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4أميركا أولا.. مجلة لوبس تدخل عالم عُبّاد "المسيح ترامب"list 2 of 4حركة ماغا.. منظمة سياسية تبنت شعار ترامب الانتخابيlist 3 of 4ترامب يغازل “القوميين المسيحيين” ليعود للبيت الأبيضlist 4 of 4لوبس: 6 أشياء قد لا تعرفها عن نائب ترامبend of list

وقال ترامب "كانت هذه حركة لم يسبق لها مثيل. وبصراحة، أعتقد أنها كانت أعظم حركة سياسية على الإطلاق. لم يكن هناك شيء مثل ذلك في هذا البلد، وربما خارجه. والآن ستصل إلى مستوى جديد من الأهمية لأننا سنساعد بلادنا على التعافي".

وأوضح الكاتب أن هذه القوة المعروفة باسم حركة ماغا، نسبة إلى شعار الرئيس السابق رونالد ريغان الذي تبناه ترامب "اجعل أميركا عظيمة مرة أخرى"، اخترقت الحزب الجمهوري وحولته إلى تنظيم حول شخصية ترامب.

وقالت المؤرخة الأميركية سيلفي لوران للموقع "هذا مشروع رجعي"، وهي ترى أنه لا وجود للترامبية، بل "للنزعة الأميركية"، لأن الترامبية إذا قيلت فالمراد منها أصلا فصيل من الحزب الجمهوري، تمثله حركة ماغا داخل هذا الحزب، أما اليوم فقد صوت 51% من الأميركيين لصالح شخص يعرفون برنامجه جيدا، وأصبحت الترامبية أميركية.

وكان البعض يتساءل هل ترامب فاشي بأجندته الاستبدادية المعادية للأجانب، ولكن نظرا لعدم تجانس حركة ماغا فمن الصعب تحديد عقيدة لها ولكن من السهل تحديد ما يحفز أولئك الذين مولوها وشاركوا فيها بنشاط، ويمكن جمعهم حول ثلاثية بسيطة: الدين والمال والنفط، وذلك في خدمة مشروع يسلط الضوء على ماض أسطوري، وصورة أميركا ذات الأغلبية البيضاء، عندما ساهم النفط الرخيص في تمويل ازدهار بلد أرسل الصواريخ إلى الفضاء.

اليمين المسيحي المتطرف

في عام 2024، تمكن دونالد ترامب مرة أخرى من الاعتماد على دعم وتعبئة المسيحيين البيض، وهم رؤوس حربة القومية المسيحية، الذين يعود تاريخهم إلى سيادة العرق الأبيض لجماعة كو كلوكس كلان، ثم إلى "الأغلبية الأخلاقية" للوعظ التلفزيوني في عهد ريغان، وهي ترى في ترامب الزعيم المثالي لخوض معركتها.

ومع أن ماضي ترامب -حسب الكاتب- ليس نموذجا للفضيلة، فإنه ربط هذه الأطياف الدينية بمعركته السياسية، وأشار خلال خطاب النصر إلى محاولتي الاغتيال اللتين كان ضحيتهما، وقال "لقد أخبرني الكثير من الناس أن الله أنقذ حياتي لسبب ما، وكان هذا السبب هو إنقاذ بلادنا وجعل أميركا عظيمة مرة أخرى، والآن سنقوم بهذه المهمة معا".

يستفيد دونالد ترامب على سبيل المثال من دعم مجلس السياسة الوطنية، وهو منظمة سرية للغاية تأمر أعضاءها بعدم التحدث في الخارج، كما يستفيد من السديم الذي نشأ حوله، بما فيه مؤسسة التراث التي طورت "مشروع 2025"، وهو عبارة عن خريطة طريق رجعية ضخمة لعودة ترامب إلى السلطة، كما يقول الكاتب.

بالنسبة لهؤلاء القوميين المسيحيين، يتعلق الأمر "بتنصير" الولايات المتحدة، ووضع حد للفصل بين الكنيسة والدولة وإلغاء حق المرأة في الإجهاض، ومحاربة الأقليات الجنسية والجنسانية وما إلى ذلك، ولكن "الفكرة الكبرى للقومية المسيحية هي أن الله خلق أميركا لنوع واحد من المسيحيين، من بيض ذوي اعتقاد خاص"، كما يشير إيبو باتيل، مؤسس منظمة "إنترفيث إن أميركا".

أباطرة النفط

يعتز ترامب بمجموعة أقطاب النفط والغاز الطبيعي إلى درجة جعلها عنصرا أساسيا في وعده بالتجديد الاقتصادي للولايات المتحدة، ووضع هذه الطاقة الأحفورية في قلب برنامجه خلال حملته الانتخابية إلى حد ذكرها في كل لقاء، وقد شجب "الحرب على الطاقة" التي يشنها الديمقراطيون، وتظاهر بأنه مدافع عن النزعة الاستخراجية، وقال ترامب أمام حشد: "سوف نقوم بالحفر يا عزيزي ثم الحفر وعلى الفور"، دون ذكر العواقب البيئية.

وكان ترامب قد رحب عام 2020 أمام مجلس السياسة الوطنية، بانسحاب الولايات المتحدة من اتفاقية باريس للمناخ، ووصفها بازدراء بأنها "كارثة باريس المناخية"، وأضاف "لقد كانت هذه طريقة للاستفادة من الولايات المتحدة. لم نتمكن من الحفر ولم تكن لدينا طاقة".

وأشار الكاتب إلى أن أباطرة النفط دللوا ترامب، وكانوا المانحين الرئيسيين لحملته بأكثر من 75 مليون دولار وربما أكثر، وقد اجتمع ترامب مع مجموعة من المسؤولين التنفيذيين في قطاع النفط وجماعات الضغط وطلب منهم مليار دولار لحملته، ووعدهم في المقابل بإزالة جميع الحواجز البيئية أمام صناعتهم وعكس بعض السياسات التي اتبعها جو بايدن لصالح الطاقات المتجددة والمركبات الكهربائية.

وقال ترامب على قناة فوكس نيوز في أغسطس/آب "لدينا طاقة كبرى. لدينا ذهب سائل كما أسميه. تحت أقدامنا أكثر من السعودية ومن روسيا. سوف نسيطر على سوق الطاقة ونحقق ثروة، وسنخفض أسعار الطاقة".

فاحشو الثراء

غير أن أصحاب المليارات من الذهب الأسود ليسوا الأثرياء الوحيدين الذين اصطفوا تحت راية ترامب، بل إن ثلث الأموال التي تم جمعها لحملته -وفقا لإحصاء صحيفة فايننشال تايمز- جاءت من مليارديرات من أمثال إيلون ماسك، أغنى رجل في العالم ورئيس شركتي سبيس إيكس وتسلا، الذي أشاد به ترامب مستحضرا على وجه الخصوص صواريخه.

وأشار الكاتب إلى أنه من الممكن أن يعرض ترامب على إيلون ماسك دورا مهما، بعد أن أطلق عليه لقب "وزير خفض التكاليف"، لاقتراحه إنشاء "لجنة كفاءة حكومية" يمكنها إلغاء ما يقرب من ثلث الميزانية الفدرالية.

أما الأثرياء الآخرون فكانوا أكثر تحفظا ولكنهم قدموا مساعدات مالية قيمة، ومن بينهم ميريام أديلسون، الإسرائيلية الأميركية التي تدافع عن إسرائيل وأقنعت ترامب بنقل السفارة الأميركية إلى القدس خلال فترة ولاية ترامب الأولى، ومنهم كذلك تيموثي ميلون، وريث إحدى أغنى العائلات في الولايات المتحدة، وليندا مكمان.

لكن وجود هذه الشخصيات من عالم الاقتصاد والمال يوحي بوجود تضارب كبير في المصالح، وبالفعل حذرت منظمة "مواطنون من أجل الأخلاق" غير الحكومية، التي تحارب الفساد داخل الحكومة، من أن الرئيس المنتخب، إذا لم يتنح عن شركاته سوف ينتهك بند المكافآت الذي يحظر بأحكام الدستور الأميركي على أصحاب المناصب الفدرالية تلقي هدية أو مدفوعات أو أي شيء آخر ذي قيمة من دولة أجنبية أو مسؤوليها أو ممثليها.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات ترجمات الولایات المتحدة

إقرأ أيضاً:

صحيفة إسرائيلية تكشف عن حياة الأسد الجديدة في موسكو.. الزوجة والابن والمال

#سواليف

بينما تقرأ هذه السطور، يحدّق رجل طويل القامة، منحنٍ قليلاً، عبر النافذة الواسعة لشقته فوق ناطحة سحاب في مدينة موسكو، ويفحص المنظر بنظرة حزينة. على مدى الشهرين الماضيين، اعتادت عيناه على هذا المنظر، رغم أنهما لم يتعلما قط كيف يستمدان الراحة من هذا المنظر. تثقل سماء الشتاء الرمادية في العاصمة الروسية أفكاره الكئيبة، فتسحق آخر بقايا الأمل. النهر الذي يمكن رؤيته من النافذة مثير للإعجاب، لكن تدفقه المستمر لا يثير سوى صور ربما أراد قمعها، أو ربما حرقها في الذاكرة: القصر الدافئ في دمشق، وخط الجنرالات تحت قيادته، والبلد الذي كان ملكه بالكامل، بلده البعيد عنه.

ولكن لا ينبغي لنا أن نتعجل في الشفقة على بشار الأسد، المقيم الجديد في مدينة موسكو. يقول صحافي مقيم في موسكو يتابع حياة الحاكم السوري الجديدة في العاصمة الروسية، شريطة عدم الكشف عن هويته، مبتسماً: “لا شك أن معمر القذافي كان على استعداد لتبادل الأماكن معه. لقد أنهى حاكم ليبيا وجوده في قذارة المجاري والدم والبراز، حيث كان رعيته السابقون يعاملونه بقسوة. أما الأسد، على النقيض من ذلك، فهو محظوظ. فلم يهرب ويبقى على قيد الحياة فحسب بفضل الأمر الصريح الذي أصدره فلاديمير بوتن بإخراجه من مركز انهيار نظامه ــ بل لقد أحضر معه كل ما يلزم لحياة مريحة وخالية من الهموم: المال، والمزيد من المال، والكثير من المال”.

هناك شيء واحد لا جدال فيه: لم يرَ أحد الأسد في حفلات إطلاق الألعاب النارية أو غيرها من المناسبات المتألقة التي تفتخر بها النخبة في موسكو

ويعتقد الصحافي أن الأسد تَعلَّمَ درس القذافي، وليس فقط في ما يتصل بتفضيله الهروب على البقاء في بلد متهالك. لقد أدرك القذافي حكمة الاستحواذ على الممتلكات وتأمينها في مواقع الملاذ المستقبلية، ولكنه فشل في الهروب إليها في الوقت المناسب. لقد تفوّقَ الأسد في كلا الجانبين.

مقالات ذات صلة كائن دقيق بالبحر الميت يُحيي آمال العثور على حياة بالمريخ 2025/02/16

لا تغطي وسائل الإعلام الروسية أنشطة عائلة الأسد في موسكو. وأكد الصحافيون أن “هذا موضوع محظور للتغطية”، مؤكدين أن أي صحافي لن يجرؤ على انتهاك الحظر والإبلاغ علناً عن مكان إقامة أفراد الأسرة، وما يفعلونه أو كيف يبدو روتين العائلة اليومي. “ليس من المستحيل أن يقرر أي شخص منح الأسد اللجوء ذات يوم، فمن المفيد إحضار المنفي السوري أمام الصحافيين المعتمدين ووضع رسالة أو أخرى في فمه، ربما دفعه ليروي قصة مؤثرة عن مدى جودة الحياة في روسيا، لكن في الوقت الحالي، ليس لدى السلطات الروسية ما تكسبه من مثل هذا العرض، وإذا لم يكن لديها ما تكسبه، فلماذا تسمح بذلك؟ وهناك الكثير لتخسره: فالتفاخر بالأسد قد يزعج السلطات السورية الجديدة، ومن ثم يمكن للكرملين أن ينسى حلم الحفاظ على القواعد العسكرية الروسية في سوريا”.
قواعد اللعبة

لم يمنع الافتقار إلى الدعاية الدوائر الاجتماعية النخبوية في موسكو من تداول الشائعات حول تجارب عائلة الأسد في موقعها الجديد. كما أن قنوات تيلغرام، وهي أداة فعالة إلى حد ما في المشهد الإعلامي الروسي المكبوت، لا تصمت أيضًا، حيث تقدم أحيانًا أجزاءً مختلفة من المعلومات. أولئك الذين يجمعون هذه الأجزاء معًا، كما يفعل الصحافي المقيم في موسكو، يمكنهم تجميع صورة موثوقة لحياة الحاكم السوري المخلوع.

إن الثروة التي نقلها الأسد إلى روسيا قبل فترة طويلة تشكل العنصر الأكثر أهمية في هذا الوجود. “الأمر بسيط للغاية: بعد حصولك على اللجوء، إما أن تكون متسولًا خاضعًا لأهواء البلد المضيف، أو تكون ثريًا، ثم تصبح الرئيس”، كما حلل الصحفي. “يمكنك شراء النفوذ وترويض وكالات إنفاذ القانون وما إلى ذلك – كل هذا طالما أنك لا تبالغ، وتتبع قواعد اللعبة، ولا تطور ميلك هذا إلى شهية كبيرة جدًا. سيتعلم بشار الأسد قواعد اللعبة. في الواقع، ربما تعلمها بالفعل”.

ولكن هل كان الأسد وحده هو الذي يعتقد أن الأسد تعلم القواعد الروسية للعبة، بينما كان لا يزال حاكماً لسوريا، أي قبل وقت طويل من اجتياح وحدات المعارضة للبلاد وإجباره على الفرار؟ يتذكر د. الذي كان له مسيرة طويلة في مجال العقارات في موسكو، كيف كان قبل نحو عقد من الزمان مشاركاً في تسويق العقارات في أبراج مدينة موسكو، والتي كانت قيد الإنشاء في ذلك الوقت: “جاء إلينا ممثلو “شخصية سورية رفيعة المستوى” مهتمّين بشراء شقق فاخرة. كانوا مولعين جداً بالمشروع ولم يفكروا بأن الأمر قد يكون تافهاً حتى. لقد اشتروا عدة شقق بأسماء أقارب بشار الأسد أو تحت شركاتهم الخاضعة لسيطرتهم، ودفعوا دون مساومة”.

وفقاً للصحافي المقيم في موسكو، اشترت عائلة الأسد ما لا يقل عن 19 شقة مختلفة في جميع أنحاء مدينة موسكو على مرّ السنين. كان سعر الشقة العادية في المجمع الذي نتحدث عنه حوالي 2 مليون دولار في ذلك الوقت، لكن ممثلي الأسد فضّلوا الشقق الفاخرة على تلك المعتادة. وأضاف د. أن هذه المشتريات منحت أفراد أسرة الأسد الكبيرة أكثر من مجرد قناة استثمارية جذابة ــ بل في الواقع لم تكن تلك الشقق سوى تذكرة دخول إلى نادي النخبة في موسكو. فمدينة موسكو رمز للمكانة، ومع هذا الرمز تأتي الامتيازات المرتبطة بها.

ومن بين هذه الامتيازات المشاركة في الحياة الاجتماعية الغنية في موسكو، لكن الصحافي أكد أن الأسد تجنبها تماماً حتى الآن. وتكهن قائلاً: “ربما يكمن التفسير في مرض زوجته أسماء الخطير، أو ربما يكون الأسد نفسه مكتئباً بعد خسارته السلطة، أو ربما يتلقى توجيهات من وكالات الأمن الروسية بعدم الخروج دون داع بسبب خطر الاغتيال. لا أعرف التفسير الصحيح، ولكن هناك شيء واحد لا جدال فيه: لم يرَ أحد الأسد في حفلات إطلاق الألعاب النارية أو غيرها من المناسبات المتألقة التي تفتخر بها النخبة في موسكو”. ربما تكون كل تفسيرات الصحافي صحيحة.

تشير التقارير إلى أن سرطان الدم لدى أسماء الأسد قد تفاقم، وهي الآن في عزلة تامة في أحد المرافق الطبية الرائدة في موسكو لتقليل خطر العدوى. وبالإضافة إلى ذلك، من المشكوك فيه ما إذا كان الأسد قد تكيّفَ مع وضعه الجديد كمنفي ثري يقضي أيامه في الحفلات. وأخيراً، سواء أحبَّ ذلك أم لا، فإن المخاوف الأمنية الشخصية تلاحقه إلى العاصمة الروسية.

الأسد تَعلَّمَ درس القذافي. لقد أدرك القذافي حكمة الاستحواذ على الممتلكات وتأمينها في مواقع الملاذ المستقبلية، ولكنه فشل في الهروب إليها في الوقت المناسب

ويكشف الصحافي أن مصادره في أجهزة الأمن الروسية تفيد بأن “نصف جهاز الأمن الفيدرالي مكلف بحماية الأسد”. وحتى لو كان في هذا مبالغة، فمن الواضح أن الروس يأخذون أمن الأسد وأفراد عائلته على محمل الجد. من الذي قد يهدده في موسكو، على بعد آلاف الأميال من سوريا؟ نفس الجهاديين الذين قاتلوا ضد نظامه، رد الصحافي المقيم في موسكو: “لا تنسوا أن مواطني دول آسيا الوسطى التي كانت ذات يوم جزءًا من الاتحاد السوفييتي – الأوزبك والطاجيك، على سبيل المثال – يمكنهم دخول روسيا بدون تأشيرات. قاتل مواطنو هذه البلدان في صفوف الجماعات الجهادية في العراق وسوريا، وانضموا إلى داعش، وخضعوا للتطرف الراديكالي، وعاد بعضهم إلى بلدانهم الأصلية. يمكنهم القدوم إلى موسكو سعياً للانتقام من الرجل الذي قمع رفاقهم”.
كيف نقلت الأموال

لقد شهدت موسكو بالفعل إرهابًا إسلاميًا. وكان أشدها خطورة قبل أقل من عام، عندما فتحت مجموعة من أربعة مسلحين النار على مركز “كروكوس سيتي هول” الترفيهي على مشارف العاصمة. قُتل ما لا يقل عن 144 شخصًا وجُرح المئات في هذا الهجوم. سعت السلطات بكل الطرق لربط الفعل بأوكرانيا، لكن الجناة كانوا من سكان طاجيكستان، وعملاء منظمة ولاية خراسان الإرهابية التابعة لـ “الدولة الإسلامية”.

في السنوات الأخيرة، وفي أعقاب غزو أوكرانيا، شهدت موسكو أيضًا اغتيالات مستهدفة. تم القضاء على كبار الضباط العسكريين وعملاء الخدمة الدعائية الرسمية على يد قتلة، من المرجح أنهم كانوا موجهين من أوكرانيا. ويشير م. إلى أن كل حالة من هذه الحالات تسببت في إحراج كبير للنظام، وكشفت عن ضعفه المفاجئ أمام من يواليه، حتى في قلب العاصمة الروسية.

وهكذا، في السابع عشر من ديسمبر/كانون الأول، عندما كان الأسد في موسكو بالفعل، قتل مجهولون الجنرال إيغور كيريلوف، قائد قوات الدفاع الكيميائي والأسلحة البيولوجية والنووية الروسية، باستخدام عبوة ناسفة مخبأة في عمود توجيه دراجة كهربائية. إن سيناريو مماثلاً في ما يتصل بالأسد أمر لا يمكن تصوره على الإطلاق بالنسبة للكرملين، ومن ثم فقد تم تزويد المنفي السوري، الذي لديه بالفعل الكثير من الأعداء، بحراسة أمنية مشددة بشكل خاص.

فماذا تبقى إذن لحاكم فَقَدَ بلاده ولا يرغب في الانغماس في حياة موسكو البراقة؟ يتنبأ الصحفي قائلاً: “سوف يغامر الأسد بدخول عالم الأعمال، إن لم يكن شخصياً فمن خلال أبنائه. لقد تم بالفعل بناء الأساس له، على أساس الأموال النقدية التي تم نقلها جواً من سوريا قبل عدة سنوات. ويقسم أولئك المطّلعون إن هذه هي الطريقة التي تم بها نقل 250 مليون دولار من الأوراق النقدية، التي يبلغ وزنها الإجمالي طنّين، إلى موسكو في أكثر من 20 رحلة جوية!”

وبحسب ما ذكره، في مايو/أيار 2022، أسس ابن عم الأسد إياد مخلوف شركة عقارية في موسكو: “فقط الأعمى لن يفهم من هم المالكون الحقيقيون للشركة، ومن أين تأتي أموالها. وإذا تعافت أسماء، فقد تنضم إلى العملية – بعد كل شيء، تتضمن سيرتها الذاتية العمل في شركة استثمارية. لكن آمال الأسرة ترتكز على حافظ الأسد، الابن الأكبر لبشار (سمي على اسم والده، مؤسس السلالة)، الذي أكمل دراساته للدكتوراه في جامعة موسكو الحكومية في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي. وبفضل دراسته، يفهم الثقافة الروسية، وهو معروف في الأوساط الروسية أيضًا. ورغم أن حافظ درس الرياضيات، إلا أنه سيحتاج في المقام الأول إلى القدرة على حساب النقود”.

وقد كتبت أطروحة الدكتوراه للأسد الأصغر باللغة الروسية وامتدت على 98 صفحة. ويتضمن قسم الشكر – إلى جانب الشكر للوالدين بشار وأسماء، والأخت زين، والأخ كريم – امتنان حافظ “لشهداء سوريا، وأولهم شهداء الجيش السوري”.

من المثير للاهتمام أن أسماء الأسد ووالديها حضروا الحدث الجامعي الأبرز الذي أقامه ابنها حافظ، عندما دافع عن أطروحته أمام لجنة من الأساتذة المتميزين، على الرغم من أن ذلك حدث في نفس اليوم الذي دخل فيه المتمردون حلب، ما يمثل اختراقًا حاسمًا في طريقهم إلى دمشق. ليس أن أحدًا كان قلقًا حقًا بشأن النتيجة، أو يعتقد أن دعم الأسرة سيساعد الوريث في التنقل بين الصيغ. جاءت أسماء ووالداها للاحتفال، على الرغم من أنه، على عكس الحفل السابق حيث احتفلت الأم الفخورة بإكمال حافظ لدرجة الماجستير في يونيو 2023، لم يتم نشر صور من هذا الحدث.

“إنها ظاهرة شائعة في “نادي الدكتاتوريين المخلوعين” الذي يتشكل في موسكو: يتكيف الأطفال في الواقع بشكل أسرع مع الوضع الجديد ويجدون طرقًا لاستغلال مكانتهم كمنفيين متميّزين على النحو الأمثل”، كما زعم الصحافي.
في أي تجارة سيعملون؟

في حال تساءلتم، لن يقول أحد في روسيا “نادي الدكتاتوريين المخلوعين” على الهواء، ولكن عندما لا يكون هناك ميكروفون، تستخدم هذا المصطلح حتى الشخصيات الإعلامية القريبة من الكرملين بلا خجل. حاليًا، يضم النادي عضوين: بشار الأسد وفيكتور يانوكوفيتش، الرئيس الأوكراني السابق، الذي تم إجلاؤه أيضًا إلى روسيا قبل لحظات من انهيار نظامه. يصرّ المراقبون الصارمون على الإشارة في نفس السياق إلى الرئيس القرغيزي السابق عسكر أكاييف، الذي حصل على اللجوء في موسكو في ظل ظروف مماثلة في عام 2005، لكن أكاييف تمكَّنَ من التوصّل إلى اتفاق مع السلطات الجديدة في بلاده، ولم يعد بحاجة إلى وضع المنفى المحمي في روسيا. على أي حال، فإن أحد التكهنات الرائجة في موسكو تخمين من سيكون العضو الثالث الجديد في المجموعة: ربما نيكولاس مادورو من فنزويلا، أو ربما دانييل أورتيغا من نيكاراغوا، أو ربما ألكسندر لوكاشينكو من بيلاروسيا.

لقد حرص الروس على التأكيد على أن الأسد لم يلتق فلاديمير بوتين منذ وصوله إلى موسكو، ولا يتوقعون مثل هذا الاجتماع. والواقع أن الرئيس الروسي ليس حريصاً على الظهور مع شخص فقد السيطرة على بلاده، مثل يانوكوفيتش، وبالتالي اكتسب صورة الخاسر. وسوف يحتاج بشار إلى نسيان السياسة ولقاءات القمة مع الزعماء، ولكن موسكو لا تفتقر إلى اللاعبين الأقوياء الذين قد يتعاونون معه بكل سرور في مجال الأعمال. والأموال التي جلبها من خزائن سوريا سوف تحدث فرقاً كبيراً في وضعه.

وأوضح الصحافي: “كان ألكسندر يانوكوفيتش الابن يعتبر ثرياً حتى قبل فرارهما من أوكرانيا، ولكن عندما وصلا إلى روسيا بدافع الضرورة، بدأت أعماله تزدهر أكثر فأكثر”. “ورغم العقوبات الغربية المفروضة عليه، كما حدث مع الأسد الابن، فإن وريث يانوكوفيتش تمكّنَ من التحايل عليها، وتقوم شركاته بتوريد الفحم إلى دول الاتحاد الأوروبي. ومؤخراً وَرَدَتْ أنباءٌ تفيد بأنه يبيع الفحم من الأراضي الأوكرانية المحتلة من قبل روسيا إلى تركيا، ومن هناك إلى وجهات أخرى. وفي حين كانت عائلة يانوكوفيتش تتعامل دوماً في الفحم، وعائلة الأسد بعيدة كل البعد عن تجارة الفحم، فإن بشار وأولاده من المرجح أن يجدوا قنوات تجارية قريبة من قلوبهم. وتوفر موسكو فرصاً مغرية لا حصر لها لأشخاص مثلهم: فهم فائضون من المال، ومرتبطون بالكرملين، ولا وطن لهم”.

مقالات مشابهة

  • صحيفة إسرائيلية تكشف عن حياة الأسد الجديدة في موسكو.. الزوجة والابن والمال
  • حركة حماس تؤكد أن تصريحات ترامب تتناقض مع الاتفاق الذي تم التوصل إليه
  • هذا ما يعلّمه مسلمو أميركا للعالم
  • وزير الطاقة والنفط يبحث مع الشركات العالمية والهندية الاستثمار في قطاع النفط في السودان
  • حركة المجاهدين الفلسطينية تجدد إشادتها بالموقف اليمني الأصيل الذي عبَّر عنه السيد القائد
  • استمرار دخول المساعدات إلى غزة وسط تحديات ومعوقات
  • استمرار دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة من معبر رفح (فيديو)
  • "القاهرة الإخبارية": استمرار دخول المساعدات إلى غزة وسط تحديات ومعوقات
  • تهجير أهل غزة في النظرية الترامبية.. العالم في اليوم التالي لتنصيب ترامب2
  • بأمر من ترامب.. سفارات أميركا تستعد لخفض عدد الموظفين