الخرطوم- قال وزير الخارجية السوداني، المعين حديثا، السفير علي يوسف، إنهم يتبنون سياسة خارجية منفتحة ومتوازنة لا غبش فيها، ويسعون لأن يستعيد السودان مكانته وتحسين علاقاته مع دول الجوار ليعود إلى موقعه الطبيعي في العمقين العربي والأفريقي.

وأوضح الوزير أن مصر تلعب دورا إيجابيا رئيسيا في مواجهة المؤامرة والتحدي اللذين يواجهان السودان من منطلق العلاقات العميقة بين الشعبين، وكشف عن تواصلهم مع الجهات التي يمكن أن تؤثر على صياغة السياسة الأميركية في المرحلة المقبلة لتعديل المواقف والتواصل بالصورة التي تستجيب لاحتياجات المرحلة الجديدة والتفهم للواقع في السودان.

وحول العلاقات السودانية الروسية، قال يوسف "نحن حريصون مئة بالمئة على تطوير علاقتنا مع روسيا، لكن نؤكد أن تطوير العلاقات مع أي دولة، لن يكون على حساب دولة أخرى".

وفي ما يأتي نص الحوار:

علي يوسف (يسار) يلتقي نظيره المصري بدر عبد العاطي في القاهرة (مواقع التواصل) بدأتم نشاطكم بلقاء الأمين العام لجامعة الدول العربية ونظيركم المصري، إلى أى مدى يمكن أن تسهم الجامعة العربية في دعم السودان، خاصة أن الصف العربي ليس كما كان في السابق؟

ما من شك في أن الجامعة العربية هي المؤشر الأول للمواقف العربية المشتركة، وأي موقف منها تجاه القضايا المطروحة على الساحة العربية يشير إلى إجماع عربي تجاه هذه القضية. لذلك نحن حرصنا حرصا كبيرا على أن نضع الجامعة العربية في الصورة مما يجري في السودان وما يتعرض له الشعب السوداني من تحديات ومؤامرات.

وهناك جهود كبيرة من مختلف منظمات الجامعة العربية الاقتصادية والاجتماعية والمهنية التي لها أدوار وعلاقة بما يجري في السودان. ولذلك كان اللقاء مع معالي الأمين العام أحمد أبو الغيط، فالرجل رحب بنا ترحيبا حارا، وأكد مواقف الجامعة العربية. ونحن شكرنا الجامعة العربية على مواقفها خاصة إدانتها لانتهاكات المليشيا ووصْفها لقوات الدعم السريع بأنها هي مليشيا، وهذا موقف إيجابي ومؤشر مفيد.

وهناك بعض القضايا المتخصصة كذلك بحثناها معه حول مسائل تتعلق بدعم الموسم الزراعي في السودان ومواضيع الأمن الغذائي وانتقال بعض المؤسسات العربية من الخرطوم إلى مناطق أخرى تأكيدا على أنه انتقال مؤقت. ووجدنا درجة عالية جدا من التفهم والتأييد والتجاوب مع مطالبنا، ووجهنا له دعوة لزيارة السودان، ووافق على الزيارة التي ستكون إن شاء الله في الأسبوع الأول من شهر ديسمبر/كانون الأول المقبل.

هل يشعر السودان بأنه فقد عمقه العربي والأفريقي بسبب ما يمكن اعتباره تجاهلا للأزمة السودانية؟ وإذا كان الأمر كذلك هل لديكم خطة لمعالجة ذلك؟

السودان مؤكد أنه لم يفقد عمقه العربي والأفريقي. وكان هناك خلط وسوء فهم لما جرى في 15 أبريل/نيسان 2023، وطبعا كانت هناك بعض القيادات في دول أفريقية مثل كينيا وإثيوبيا لها علاقات ومصالح مرتبطة بالدعم السريع و"كفيل الدعم السريع"، أي الجهة الممولة له والتي تدعمه، وحدثت مواقف مناوئة جدا للحكومة السودانية.

وبمرور الوقت اتضح أن الصراع ليس بين جنرالين أو مجموعتين، وإنما هو صراع بين مليشيا وجيش وطني لدولة من أوائل الدول المستقلة في القارة الأفريقية والمؤسِّسة لمنظمة الوحدة الأفريقية ومن الدول التي دعمت حركات التحرر الأفريقي ولديها علاقات عريقة جدا مع الدول العربية وواحدة من الدول المهمة في الجامعة العربية. والصورة بدت تتضح رويدا رويدا.

وبالتالي المواقف بدأت تتبدل وما زلنا نعمل على أن يتفهم القادة في الدول العربية والدول الأفريقية خطورة ما يجري وأثره على الشعب السوداني، وعلى علاقات السودان بدول الجوار الأفريقية والعربية. ونسعى لأن يستعيد السودان مكانته، ففي الجامعة العربية يتمتع السودان بعضوية كاملة ويمارس نشاطه واتصالاته.

وبالنسبة للقارة الأفريقية، هناك تعليق لعضوية السودان في الاتحاد الأفريقي، وسنعمل بصورة جادة جدا لاستعادة موقع السودان في الاتحاد الأفريقي وأيضا تحسين علاقات السودان مع دول الجوار ليعود إلى موقعه الطبيعي في العمقين العربي والأفريقي.

ما الدور الذي تلعبه مصر بالتحديد في أزمة السودان؟ فهناك اتهامات لها من الدعم السريع بالتدخل العسكري المباشر

مصر مؤكد أنها تعلب دورا رئيسيا في مواجهة المؤامرة والتحدي الذي يواجه السودان. وهذا من منطلق العلاقات العميقة جدا بين شعبي مصر والسودان وأيضا القيادات والمسؤولين في مصر والسودان، والإيمان القاطع بأن أمن السودان من أمن مصر، وأن أمن مصر من أمن السودان، وأن البلدين يواجهان تحديات مشتركة، وأن الشعبين يواجهان تحديات تنموية وحياتية مشتركة.

وهذا ظهر لنا خلال لقائنا مع وزير الخارجية المصري من أن الالتزام فعلا قويٌّ ونابع من قلوب المصريين ومن فهمهم العميق لما يجري في السودان وجهودهم الجادة جدا في لعب دور إيجابي.

وطبعا في المعركة العسكرية فإن لمصر موقفا، وفي المعركة السياسية أيضا لمصر موقف. ومصر هي الدولة الوحيدة التي سعت لجمع الفرقاء السودانيين، وأول اجتماع شاركت فيه كل القوى السياسية السودانية في الساحة عندما قامت الحرب كان في القاهرة.

ونحن نريد أن نبني على هذه المبادرة فيما يتعلق بإحياء الأفق السياسي والسعي لتوافق سياسي بين الأطراف السياسية السودانية لأن هذا هو الطريق الوحيد لتسوية سياسية ولوضع خارطة طريق لما بعد الحرب، لأن الاتجاه هو أن تكون هناك حكومة مدنية ديمقراطية منتخبة من قبل الشعب، وهذا يقتضي أن تعمل هذه القوى الوطنية مع بعضها للوصول لهذه الصيغة المقبولة للأطراف والمقبولة كذلك للمجتمع الدولي.

ونحن نثق في موقف مصر ثقة كاملة، ولحسن الحظ فإن أول لقاء إبان وجودي في مصر كان أنْ اتصل بي وزير الخارجية المصري في المرة الأولى للتهنئة، ثم التقينا لقاء مهما جدا بحثنا فيه مختلف المسائل خاصة المسائل المتعلقة بالمواطنين السودانيين الموجودين في جمهورية مصر العربية من أسوان إلى الإسكندرية.

وكان لقاء مثمرا ومتميّزا جدا بحثنا فيه أهم المشاكل واتفقنا على كيفية المعالجات، لأن هناك أشياء مرتبطة بوزارات وجهات أخرى وعد بتذليلها. وبحث اللقاء العديد من القضايا وكيفية معالجتها وإن شاء الله سيكون لهذا اللقاء ما بعده.

ونتمنى أن تتواصل اللقاءات على المستوى الرئاسي، وكان قبلها تم لقاء بين الرئيس البرهان والرئيس السيسي في القاهرة، وستتواصل اللقاءات على مختلف المستويات، فسفير السودان في القاهرة يقوم بمجهود كبير جدا مع مختلف الأطراف، وهناك اتصالات ولقاءات على مستويات مختلفة كوزراء التعليم والتعليم العالي وغير ذلك، فالعلاقة مع مصر متميزة وهي علاقة تاريخية ومصيرية وإن شاء الله تسير دائما للأمام.

هل أنتم متفائلون بفتح صفحة جديدة من العلاقات بين الخرطوم وواشنطن والضغط على الدعم السريع واعتبارها مليشيا إرهابية في عهد ترامب كما ألمح البعض إلى إمكانية ذلك؟

نحن نهنئ الشعب الأميركي بأنه اتخذ قرارا في ظل انتخابات حرة ونزيهة بانتخاب الرئيس ترامب مرة أخرى، وهذا خيار ديمقراطي للشعب الأميركي نهنئه عليه. وتمت تهنئة الرئيس الأميركي بواسطة رئيس مجلس السيادة. ومؤكد أن الرئيس ترامب سيكون مشغولا بتشكيل إدارته وانتقال السلطة في يناير/كانون الثاني من الحزب الديمقراطي للحزب الجمهوري.

ونتواصل مع الجهات التي يمكن أن تؤثر على صياغة السياسة الأميركية في المرحلة المقبلة لتعديل المواقف والتواصل سواء أكان عن طريق مبعوثين أم سفراء أم غيره بالصورة التي تستجيب لاحتياجات المرحلة الجديدة والتفهم للواقع في السودان.

وهناك مؤشرات مهمة على تحسن فهم الموقف الأميركي للمشكلة وإدانة الانتهاكات التي تقوم بها المليشيا تجاه الشعب السوداني خاصة في منطقة الجزيرة.

وطبعا الولايات المتحدة الأميركية دولة مهمة وقوة رئيسية في العالم، ونحن حريصون على أن تكون لنا علاقات طيبة معها قائمة على الفهم المشترك للقضايا والتعاون المثمر والوقوف مع قضايا الحق والعدل.

كيف تنظر لوضع علاقات السودان الخارجية حاليا خاصة الموقف الروسي الذي يبدو ضبابيا للسودانيين؟

الآن المحور الرئيسي لعلاقتنا الخارجية هو معركة الكرامة والحرب التي يخوضها السودان للقضاء على التمرد الذي قامت به مليشيا الدعم السريع وإعادة الأوضاع الأمنية والعسكرية إلى حالتها الطبيعية، وإعادة إعمار السودان بعد هذه الحرب التي دمرت المقدرات السودانية في العاصمة ومدن أخرى وقعت تحت سيطرة المليشيا الإرهابية تدميرا ممنهجا.

وسنسعى بصورة جادة جدا لاستكمال مهام مرحلة حرب التحرير سواء أكان ذلك بدعم الجيش أم بدعم جهود مفاوضات السلام وصولا لإنهاء هذه الظاهرة "الكريهة" في تاريخ السودان. وسياستنا منفتحة ومتوازنة وقائمة على الاحترام المتبادل وقياس تطور العلاقات ومدى الدعم والوقوف مع الحق السوداني، ولا يوجد أي غبش.

وعلاقتنا مع روسيا الاتحادية جيدة وطيبة جدا وهي ليست بالجديدة وظلت مستمرة لفترة طويلة جدا. ونحن نعرف أن هناك بعض المخاوف من تطور العلاقات بين السودان وروسيا خاصة بعد ما أبدته روسيا من رغبة في أن تكون لها تسهيلات بحرية أو قاعدة على البحر الأحمر وهذا أمر قيد البحث والاتفاق لكن ينبغي أن لا يقود لأي نوع من المخاوف.

وأنا لم أقترب من هذا الملف بعد، لكن نحن حريصون مئة بالمئة على تطوير علاقتنا مع روسيا، لكن نؤكد أن تطوير العلاقات مع أي دولة، لن يكون على حساب دولة أخرى. فنحن نسعى لعلاقات متوازنة فيها فائدة لبلدنا وشعبنا مع البلاد والشعوب الأخرى.

هناك تخوف سوداني من احتمال نشر قوات أممية على الأرض، هل هو تخوّف مشروع؟ وهل لا يزال هذا الاحتمال قائما مما يستوجب العمل من جانبكم لإجهاضه؟

ليس هناك مخاوف، هنالك عمل حقيقي يجري على الأرض بين أطراف دولية وأطراف إقليمية وأطراف محلية لاستدعاء قوات أممية للتدخل في السودان لتوصيل المساعدات وغير ذلك. وهذا انبنت عليه مخططات بالحديث عن مجاعة في السودان وأن السلطات السودانية ترفض السماح بإدخال المساعدات الإنسانية وأن توصيل المساعدات غير آمن وأن المنافذ لم تفتح، لكن كل هذا هو مجرد محاولات لتهيئة المناخ لهذا التدخل.

ونحن نعارض مثل هذا الأمر لأن السودان تجاوب تجاوبا كاملا مع جهود إيصال الإغاثة، ووافق على فتح المعابر. حتى ما يثار الآن حول معبر أدري على الحدود السودانية التشادية نحن من حيث المبدأ وافقنا وهناك طلب واحد أن يكون هناك حضور للجهات السودانية في الحدود حتى لا يكون المعبر مدخلا لتهريب الأسلحة.

فنحن لا نريد أن يستمر الصراع في السودان لفترة أطول ويكون هناك ضحايا وخسائر أكبر. فنحن نريد أن تقدّم المساعدات وأن تكون هناك جهود لإنهاء الحرب والتمرد وحل المشاكل بطرق سلمية. ويهمنا جدا الإنسان السوداني في أي بقعة من بقاع السودان. والحكومة تقدم بنفسها مساعدات ضخمة، وهناك العديد من المساعدات تأتي من الدول العربية الشقيقة ودول أخرى صديقة تصل بصورة منتظمة وتحوّل بصورة سريعة جدا إلى المحتاجين.

وذريعة أن هناك مجاعة وأن هناك أمرا يستدعي التدخل أمر سخيف، وحتى الأمين العام للأمم المتحدة قال إنه لا حاجة للتدخل في هذه المرحلة بحجة إيصال المساعدات الإنسانية. وعلى مستوى مجلس الأمن، مؤكد هنالك بعض الأصدقاء المتفهمين للقضايا السودانية ولما يجري في السودان وللأطماع الخارجية وسيوقفون هذه المحاولة عند حدها باستخدام حق النقض وليس لدينا شك في ذلك.

كيف تنظر لاتهام الدبلوماسية السودانية بالتقصير في التصدي للأزمة؟ وما أهم ملامح خطتكم للعمل الدبلوماسي خلال المرحلة المقبلة؟

أول همومنا عندما نعود لبورتسودان هو ترتيب البيت من الداخل بإعادة تنظيم وزارة الخارجية بصورة أكبر وإشراك أكبر عدد ممكن من السفراء والدبلوماسيين في العمل لأن هناك مجموعة بسيطة لا تتعدى 10 أشخاص هي هيكل وزارة الخارجية في السودان.

وطبعا هناك تفعيل السفارات وإكمال الهياكل البشرية والإدارية لها ودعمها، وهذا يتساوى مع جهود الحرب، ومع تزويد الجيش باحتياجاته، فلا بد من تزويد وزارة الخارجية باحتياجاتها.

ثم بعد ذلك نحن لدينا أولويات واضحة مرتبطة بدعم القوات المسلحة ودعم جهود السلام، وسنسعى في كل ذلك بصورة إيجابية جدا، وسنظل -إن شاء الله- على اتصال لإحاطتكم بما نقوم به من أجل السودان وشعب السودان.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات العربی والأفریقی الجامعة العربیة یجری فی السودان علاقات السودان وزیر الخارجیة الدول العربیة الدعم السریع فی القاهرة شاء الله أن تکون ما یجری أن هناک على أن

إقرأ أيضاً:

“بيعت في مناطق حدودية وجنوب السودان”.. اتهامات لسلطات جوبا بإهمال مناشدات ضبط الآثار السودانية المسروقة

شف مسؤولون ومصادر حكومية سودانية عن متابعة وملاحقة الآثار السودانية المسروقة من عدد من المتاحف، خاصة تلك التي مرت عبر جنوب السودان أو عبر الحدود، ولم يتسن بعد تحديد حجم أو قيمة المسروقات بسبب صعوبة وصول المسؤولين إلى المتحف القومي بالخرطوم والمتاحف الأخرى في أنحاء

منتدى الإعلام السوداني: غرفة التحرير المشتركة

اعداد وتحرير: سودان تربيون

الخرطوم :20 يناير 2025 - كشف مسؤولون ومصادر حكومية سودانية عن متابعة وملاحقة الآثار السودانية المسروقة من عدد من المتاحف، خاصة تلك التي مرت عبر جنوب السودان أو عبر الحدود.

ولم يتسن بعد تحديد حجم أو قيمة المسروقات بسبب صعوبة وصول المسؤولين إلى المتحف القومي بالخرطوم والمتاحف الأخرى في أنحاء مختلفة من البلاد، والتي تقع جميعها في مناطق اشتباكات بين الجيش وقوات الدعم السريع.

وخسر السودان تاريخاً كاملاً، معززا بآثاره الثقافية، بعد سرقة مخزن رئيسي لآثاره في المتحف القومي بالخرطوم. وتعرض المتحف للنهب، ولم يتم التأكد بعد من حجم الآثار المسروقة، حيث لم يتمكن المسؤولون من الوصول إليها.

آثار ضائعة

وأكدت مديرة المتاحف بالهيئة القومية للآثار السودانية ورئيسة لجنة استرداد الآثار السودانية الدكتورة إخلاص عبد اللطيف، في حديث لـ«سودان تربيون» أن المتحف القومي بالسودان تعرض لعملية نهب كبيرة من قبل قوات الدعم السريع.

وتم افتتاح المتحف القومي عام 1971، وهو يقع في العاصمة ويطل مدخله على ضفة النيل الأزرق، ويضم مقتنيات وقطعا تؤرّخ لجميع فترات الحضارة السودانية بدءا من العصور الحجرية وحتى الفترة الإسلامية مرورا بالآثار النوبية والمسيحية.

وفي ذات السياق أكدت إخلاص، أن الآثار الموجودة في المتحف تم نقلها بشاحنات كبيرة عبر أم درمان إلى غرب السودان ومن هناك إلى الحدود خاصة إلى دولة جنوب السودان.

يأتي ذلك في الوقت الذي أكدت فيه مصادر خاصة في جوبا لـ«سودان تربيون» قيام مجموعة من تجار الآثار من بعض الدول الأوروبية والأفريقية بشراء هذه الآثار ونقلها خارج البلاد.

وفي مقابل ذلك، اتهم مسؤول حكومي في حديث لـ«سودان تربيون» السلطات في جوبا بإهمال التواصل مع السودان بشأن آثاره المسروقة وتورط مسؤولين جنوبيين في تهريب آثار سودانية مسروقة إلى الخارج بعد بيعها بجوبا.

وأوضح المسؤول أن السودان خاطب دولة جنوب السودان رسمياً لتعقب هذه الآثار ومنع نقلها وبيعها وخروجها ومصادرتها، إلا أن السلطات في جوبا لم تستجب له.

وقال إن السلطات في جوبا لم تهتم بالأمر، مؤكدا أن هناك آثاراً تم بيعها بتسهيلات من مسؤولين في حكومة جوبا- لكنه لم يقدم أدلة على ذلك خلال حديثه-.

في هذه الأثناء أكدت مديرة المتاحف بالهيئة القومية للآثار السودانية الدكتورة إخلاص عبد اللطيف، تعرض متاحف أخرى للنهب والتدمير، مؤكدة أن متحف نيالا بدارفور تعرض لنهب كل ممتلكاته ومقتنياته بالإضافة إلى الأثاث وخزائن العرض.

كما تعرض متحف الخليفة عبد الله التعايشي بأم درمان للسرقة وتدمير أجزاء من المبنى وفقا لحديث إخلاص.

وأوضحت في الوقت نفسه، أنّ المجاميع المتحفية ترجع إلى جميع العصور التاريخية القديمة منذ العصر الحجري وحضارة كرمة ونبتا ومروي وما قبل المسيحية والمسيحية والإسلامية، حيث أن مخازن متحف السودان القومي تُعتبر المستودع الرئيس لكل آثار السودان.

ويعدّ متحف السودان القومي، أكبر المتاحف في البلاد، ويحتضن تطور الحياة السودانية وحضارتها منذ الفترة النوبية بآثارها والمسيحية والعصور الحجرية حتى الفترة الاسلامية.

مطاردة بالانتربول

وأكد المسؤول الحكومي أن السلطات السودانية، عبر أجهزة الأمن والمخابرات، رصدت آثاراً سودانية معروضة في مدينة جوبا، خاصة مجموعة نادرة من الكنوز (القطع الأثرية) في أحد الفنادق.

وتحدث عن عرض مجموعة من القطع الخاصة بالعصر الحجري ومعها قطع أخرى تخص الحضارة النوبية، وكشف أن عمليات المتابعة تجري حاليا مع الإنتربول لتعقب هذه القطع وغيرها بالتنسيق مع اليونسكو، وأن كل الآثار تُعتبر سُرّقت رغم عدم التأكد من ذلك.

وقال المسؤول، "إن رصد وتتبع كل الآثار الموجودة في المتحف يعزز فرص حمايتها، ولا يوجد يقين بأنها كلها مسروقة، لكن لضمان حمايتها فضلت السلطات الإبلاغ عن سرقة محتويات المتحف بالكامل".

وذكر أن الآثار المتتعبة حاليًا تشمل منحوتات وتماثيل وأسلحة وآنيات أثرية ذات قيمة تاريخية ومادية عالية جداً.

وتعرضت آلاف القطع الآثرية السودانية للسرقة خلال الحرب من المتحف القومي، وعرضت قطع منها على موقع (إي باي) مقابل 200 دولار وكانت عبارة عن 3 تماثيل على قاعدة واحدة تضم رجل وامرأة وطفل لكن الموقع قام لاحقاً بحذف تلك المعروضات.

وفي نوفمبر الماضي، ألقت المباحث الجنائية في ولاية نهر النيل شمال السودان، القبض على مجموعة مكونة من عشرة أشخاص أجانب كانوا في طريقهم لتهريب قطع أثرية نادرة مسروقة من متحف السودان القومي.

وأعلنت المباحث حينها عن ضبط قطع أثرية أخرى مسروقة من متحف نيالا بجنوب دارفور، حيث تم إخفاء القطع الأثرية لفترة في أحد المصانع بمدينة عطبرة، وبعضها تم إخفاءه في أحد المنازل.

وشملت الآثار المضبوطة تمثالين أثريين نادرين مزخرفين بنقوش قديمة، 7 أباريق نحاسية تاريخية، بالإضافة إلى خنجر ومدق أثريين يعودان لعهود قديمة.

وقبل فترة قصيرة تعرضت المعالم التاريخية في متحف وقصر السلطان علي دينار بالفاشر للقصف من قبل قوات الدعم السريع ما أدى إلى حرق أجزاء كبيرة من القصر وتدمير محتويات القصر وأثاثه.

وقالت مصادر في المدينة لـ«سودان تربيون»، إن المتحف تعرض لأضرار بالغة، حيث أتت النيران على متعلقات السلطان الشخصية، بالإضافة إلى تدمير واسع للمبنى.

ودعت اليونسكو في بيان قبل شهرين، الجمهور والأفراد العاملين في تجارة السلع الثقافية في المنطقة وفي كل أنحاء العالم إلى الامتناع عن حيازة ممتلكات ثقافية من السودان أو المشاركة في استيرادها أو تصديرها أو نقلها.

وأكدت أن مجموعات رئيسية عديدة أخرى تشهد على تاريخ السودان الغني، أُبلغ عن سرقتها من متحف بيت الخليفة ومتحف نيالا.

ومع ذلك، أبدى خبراء في الآثار مخاوفهم من تعرض التماثيل الكبيرة بالمتحف القومي للتدمير بسبب المواجهات العسكرية المحتدمة بين الجانبين بالقرب منه.

كما يخاف الخبراء من العبث وتدمير النصب التذكارية والتماثيل الكبيرة للدمار بسبب محاولة تحريكها ونقلها أو إقتطاعها لتسويقها، فيما تؤكد اليونسكو تعرض 10 متاحف ومراكز ثقافية للنهب والسرقة والتخريب في السودان منذ ظهور الحرب.


ينشر هذا التقرير بالتزامن في منصات المؤسسات والمنظمات الإعلامية والصحفية الأعضاء بمنتدى الإعلام السوداني
#SilenceKills #الصمت_يقتل #NoTimeToWasteForSudan #الوضع_في_السودان_لا_يحتمل_التأجيل #StandWithSudan #ساندوا_السودان #SudanMediaForum

   

مقالات مشابهة

  • وزير الخارجية الأمريكي: التحديات كبيرة لكن هناك أمل في إحلال السلام بالمنطقة
  • ما هو أثر العقوبات الأمريكية على الحرب السودانية؟
  • وزير الخارجية يلتقي باللجنة الأولمبية السودانية
  • بيعت في مناطق حدودية وجنوب السودان”.. اتهامات لسلطات جوبا بإهمال مناشدات ضبط الآثار السودانية المسروقة
  • الحرب السودانية وتداعياتها الإنسانية !
  • “بيعت في مناطق حدودية وجنوب السودان”.. اتهامات لسلطات جوبا بإهمال مناشدات ضبط الآثار السودانية المسروقة
  • توجيه اتهامات لحفتر بدعم المعارضة السودانية وسط تزايد النفوذ الإقليمي في ليبيا
  • النيابة العامة السودانية: حمدوك لا يزال مطلوبًا للعدالة
  • الشهادة السودانية كرقصة التانغو (1-2)
  • الحكومة السودانية: قتيل و17 جريحا في قصف مدفعي للدعم السريع بالخرطوم