نهاية غامضة لمهمة فضاء أمريكية… أربعة رواد نُقلوا للمستشفى فور عودتهم
تاريخ النشر: 10th, November 2024 GMT
يمن مونيتور/قسم الأخبار
انتهت مهمة فضائية لوكالة الفضاء الأمريكية «ناسا» بشكل غامض وغير معروف، بعد أن وصل أربعة رواد فضاء إلى كوكب الأرض وتم نقلهم على عجل إلى المستشفى الأسبوع الماضي من دون أن يُعرف مصيرهم ولا ما هي الظروف التي واجهوها.
ونشرت جريدة «دايلي ميل» البريطانية في تقرير لها اطلعت عليه «القدس العربي» صورتين لسيدة كانت من بين الرواد الأربعة، حيث تظهر في الأولى قبل ذهابها للمهمة بينما الثانية وهي داخل المركبة الفضائية خلال المهمة، وبدا واضحاً أن رائدة الفضاء كانت في حالة صحية سيئة خلال الرحلة خارج كوكب الأرض.
وبعد قضاء أكثر من 200 يوم على متن محطة الفضاء الدولية، هبط رواد الفضاء قبالة ساحل فلوريدا في الساعات الأولى من صباح يوم 25 تشرين الأول/أكتوبر.
وكشفت وكالة «ناسا» أن أحد رواد الفضاء تلقى رعاية طبية بعد العودة، ولكن تبين لاحقاً أن جميع الأعضاء تم نقلهم إلى المستشفى.
وتم الاحتفاظ بأحد أفراد الطاقم طوال الليل، ولكن قيل إنه «في حالة مستقرة تحت الملاحظة كإجراء احترازي».
ولم تصدر وكالة «ناسا» أي تفاصيل حول سبب نقل الطاقم إلى المستشفى، أو أي رائد فضاء كان عليه إكمال إقامته طوال الليل، أو ما إذا كانت المشكلات الطبية مرتبطة بعودتهم إلى الأرض.
وفي أعقاب الحادث الغامض، أخبرت لجنة السلامة التابعة لوكالة ناسا سبيس إكس بالتركيز على سلامة الطاقم أثناء استعدادهم لمهام مأهولة مستقبلية إلى محطة الفضاء الدولية.
وخلال اجتماع للجنة الاستشارية لسلامة الطيران والفضاء في 31 تشرين الأول/أكتوبر، ذكر رائد الفضاء السابق وعضو اللجنة كينت رومينجر سلسلة من «المشاكل الأخيرة» مع صاروخ فالكون 9 التابع لشركة «سبيس إكس» ومركبة دراغون الفضائية.
وقال إن الحوادث بمثابة تذكير بضرورة البقاء يقظين مع زيادة الشركة لسرعة مهامها. وأضاف: «يجب على كل من وكالة ناسا وسبيس إكس الحفاظ على التركيز على عمليات Crew Dragon الآمنة وعدم اعتبار أي عمليات طبيعية أمراً مفروغاً منه».
وانطلقت مهمة «Crew-8» نحو محطة الفضاء الدولية في 3 آذار/مارس الماضي، وكان من المتوقع في البداية أن يعود الطاقم إلى الأرض في آب/أغسطس الماضي. لكن سلسلة من التأخيرات دفعت رحلة العودة إلى أوائل تشرين الأول/أكتوبر، ما أدى إلى تمديد ما كان من المفترض أن يكون إقامة لمدة 180 يوماً على متن محطة الفضاء الدولية إلى إقامة لمدة 235 يوماً. وتستمر الإقامة طويلة الأمد النموذجية على متن محطة الفضاء الدولية ستة أشهر أو ما يقرب من 182 يوماً، حيث إن العيش على متن محطة الفضاء الدولية يؤثر على صحة رواد الفضاء، وكلما طالت مدة إقامتهم، كلما زادت احتمالية تعرضهم لهذه المشاكل الصحية، حسب ما يقول خبراء الفضاء.
ومن المعروف أن رواد الفضاء يعانون بعد مهام فضائية طويلة الأمد من فقدان العظام والعضلات، ومشاكل في الرؤية، وحصوات الكلى، ومشاكل القلب والأوعية الدموية وغيرها من الحالات الصحية.
ولم تصدر وكالة «ناسا» أي معلومات حول سبب نقل رواد الفضاء إلى المستشفى، لذلك ليس من الواضح ما إذا كانت إقامتهم الطويلة على متن محطة الفضاء الدولية هي السبب. ومن المحتمل أيضاً (ولكن لم يتم تأكيده) أن شيئاً ما حدث عن طريق الخطأ أثناء عودة الفريق الفضائي إلى الأرض، حسب ما تقول جريدة «دايلي ميل».
وأفاد موقع «سبيس نيوز» أن الحوادث التي أشار إليها رومينجر تشمل ملاحظات حول مظلات «Crew Dragon» أثناء هبوط الفريق الفضائي «كرو 8» مثل السلوك «المتأخر» الذي تسبب في فتح أحد المظلات الرئيسية الأربعة بشكل أبطأ من غيرها.
كما استشهد بالعديد من المشكلات المتعلقة بصاروخ «SpaceX Falcon 9» مثل فشل الإطلاق في تموز/يوليو الذي أدى إلى توقف الصاروخ لمدة أسبوعين تقريباً.
وفي آب/أغسطس الماضي توقفت عمليات إطلاق صاروخ «فالكون 9» لفترة وجيزة بعد فقدان أحد معززات الصاروخ أثناء هبوط سفينة بدون طيار.
وفي أيلول/سبتمبر وقع حادث آخر مع محرك المرحلة العليا من صاروخ فالكون 9 أثناء احتراقه بعد إطلاق مهمة كرو-9.
ونتيجة لذلك، هبطت المرحلة الثانية خارج منطقة الهدف، وتوقف الصاروخ عن العمل لمدة أسبوعين آخرين، باستثناء مهمة واحدة.
وحتى الأسبوع الماضي ألغت شركة «سبيس إكس» إطلاق قمر صناعي «ستارلينك» كان مقرراً في نهاية هذا الأسبوع بسبب تسرب الهيليوم.
وقال رومينجر: «عندما تنظر إلى هذه الحوادث الأخيرة على مدار الأسابيع القليلة الماضية، فإن هذا يقودنا إلى القول إنه من الواضح أن التشغيل الآمن يتطلب اهتمامًا كبيرًا بالتفاصيل مع تقدم عمر الأجهزة وزيادة وتيرة العمليات».
وأضاف أن كلاً من «ناسا» و«سبيس إكس» سوف يتعين عليهما «الحذر من السماح للوتيرة العالية للعمليات بتغييم حكمهما» لضمان إجراء المهام بالمستوى المناسب من الاهتمام والوقت والموارد.
وكانت شركة «سبيس إكس» التابعة لإيلون ماسك شريكاً موثوقاً به لوكالة «ناسا» لسنوات، وكانت الشركة مشغولة بشكل خاص هذا العام.
كما أطلقت الشركة الرائدة في مجال رحلات الفضاء التجارية بالفعل أكثر من 100 صاروخ في عام 2024 بما في ذلك العديد من المهام المأهولة، وقد حدد ماسك هدفاً طموحاً لتحقيق إجمالي 148 رحلة قبل نهاية العام. وسيتفوق هذا على 98 عملية إطلاق حققتها «سبيس إكس» في عام 2023.
وتقول «دايلي ميل» إن تركيز الشركة على الحفاظ على جدول مهام سريع الخطى، وبالتالي مكانتها الرائدة في صناعة الفضاء التجارية، قد يأتي على حساب صحة وسلامة رواد الفضاء.
المصدر: القدس العربي
المصدر: يمن مونيتور
كلمات دلالية: الفضاء على متن محطة الفضاء الدولیة إلى المستشفى رواد الفضاء إلى الأرض سبیس إکس
إقرأ أيضاً:
المنابر السودانية الإسفيرية: بين ضرورة التطوير ومعضلة الإعلانات المزعجة
إنَّ الفضاءات الإسفيرية السودانية، على محدوديتها، قد شكلت عبر العقود الأخيرة ملاذًا معرفيًا ووطنيًا، ومساحة نادرة لتمثُّل التنوع الفكري والثقافي والسياسي بعيدًا عن قبضة السلطة. فهذه المنابر كانت، ولا تزال، تعبِّر عن ديناميكية المجتمع السوداني في مقاومته المستمرة لمحاولات تدجينه، وتقدّم بديلًا للمؤسسات الإعلامية التقليدية التي طالما فُرِضت عليها الوصاية السياسية والإيديولوجية.
لكن، بالرغم من هذا الدور الجليل، فإنها تعاني مشكلات بنيوية لم تعد مقبولة في عصر الانفجار المعلوماتي، حيث صار الوصول إلى المعلومة تجربةً تتطلب السلاسة، وليس مغامرة تُعرِّض القارئ لإزعاج الإعلانات المتطفلة أو لبطء التصفح الذي ينهك الرغبة في الاطلاع. حين تصبح المعرفة اختبارًا للصبر، تفقد قيمتها كنافذة للفهم والتحرر.
ليس كل صمتٍ حرية، كما أن ليس كل ضجيجٍ صوتٌ مسموع.
إنَّ أكثر ما يميز هذه المنابر هو استقلاليتها النسبية، حيث ظلت بمنأى عن الرقابة المباشرة، مما أتاح لها فضاءً رحبًا للنقاش والتفاعل دون الخضوع لمنطق السلطة. غير أن هذا الاستقلال لم يُترجم إلى تحديث تقني أو رؤية تتواكب مع ضرورات العصر الرقمي، بل ظلّت هذه المنصات تحافظ على هياكل تقنية بدائية تُحيل المستخدم إلى تجربة مرهقة لا تتناسب مع مستوى الحاجة إليها. التقنية ليست ترفًا، بل وسيلةٌ لإزاحة العوائق التي تفصل الإنسان عن المعرفة.
فالتصفح البطيء، والإعلانات المزعجة، وانعدام التصميم المريح للمحتوى، كلها عوامل تجعل من الرغبة في المشاركة أو الاطلاع مشقةً لا طائل منها.
ومع ذلك، لا بد من الاعتراف بأن هذه الإعلانات قد تكون واحدة من الموارد الأساسية التي تعتمد عليها هذه المنابر للبقاء والاستمرار. فلا يمكن إغفال حقيقة أن تشغيل المواقع وصيانتها يتطلب تمويلًا، وهو أمر يدركه كل من ينتمي إلى هذا الفضاء. لكن بين الحاجة إلى الإعلان وبين تحوله إلى مصدر إزعاج، هناك حلول وسطى يمكن اللجوء إليها. فمثلًا، يمكن تقليل الإعلانات المنبثقة التي تقطع القراءة فجأة، واستبدالها بإعلانات مدمجة داخل المحتوى بشكل غير منفّر. كذلك، يمكن تحسين أسلوب عرض الإعلانات بحيث تكون متوافقة مع اهتمامات المستخدمين، بدلًا من أن تظهر بعشوائية منفّرة. ويمكن لهذه المنابر أن تقدّم خيارات اشتراك مدفوعة لمن يرغب في تصفح خالٍ من الإعلانات، وهو نموذج أثبت نجاحه في العديد من المنصات العالمية.
المعرفةُ إن لم تُقدَّم في سياقٍ مريح، تحوَّلت إلى عبءٍ لا يُحتمل.
إن معالجة هذه المشكلات لم تعد ترفًا، بل ضرورة لضمان استمرارية هذه المنابر كمؤسسات رقمية قادرة على أداء دورها التنويري. وربما يكون الحل في مبادرات تعاونية يقودها المهتمون بالتقنية، بحيث يتم تطوير هذه المنابر وتحسينها مجانًا أو بتكاليف رمزية. فالعالم اليوم يعيش ثورة معرفية، حيث لم تعد المعرفة حكرًا على المؤسسات الكبرى، بل أصبحت المساهمات التطوعية والمشاريع المجتمعية تلعب دورًا حاسمًا في تطوير البنى الرقمية. ويمكن لهذا النموذج أن يجد طريقه إلى الفضاء السوداني، خاصة في ظل وجود خبرات تقنية سودانية شابة قادرة على إحداث تغيير جوهري إذا ما أُتيح لها المجال.
لكن من المفيد هنا أيضًا النظر إلى تجارب مماثلة في دول أخرى، حيث استطاعت بعض المنابر المستقلة تجاوز أزماتها التقنية عبر نماذج تمويل بديلة، كتوفير اشتراكات مدفوعة لمن يرغب في محتوى خالٍ من الإعلانات، أو الاعتماد على التمويل الجماعي من المهتمين بالحفاظ على فضاء معرفي مستقل. في بعض الدول، لجأت المنصات الرقمية إلى التعاون مع المؤسسات الأكاديمية أو المنظمات الثقافية التي تدعم حرية التعبير، مما وفر لها بنية تحتية أكثر تطورًا دون أن تفقد استقلاليتها. إن هذه التجارب يمكن أن تلهم حلولًا محلية تتناسب مع واقع السودان، حيث الحاجة إلى فضاء رقمي متطور أصبحت أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى.
حين تعيق التقنية الفكرة، يصبح الإبداع رهينة للقيود التي كان يجب أن يكسرها.
لقد بات واضحًا أنَّ مشكلة هذه المنابر ليست في فكرتها أو ضرورتها، وإنما في تعثرها التقني الذي يكاد يجعلها عائقًا بدلًا من أن تكون وسيلة. لكن الأمل لا يزال ممكنًا، شريطة أن تتوفر الإرادة لإصلاحها من خلال مشاريع جماعية تُعيد النظر في بنيتها وتقدّمها بصيغة عصرية تليق بأهمية الدور الذي تلعبه. فالذين يعانون من هذه الإشكالات اليوم ليسوا مجرّد مستخدمين يطالبون بالراحة، بل هم قراء فاعلون في المشهد الثقافي والفكري، يستحقون فضاءً رقميًا يليق بهم وبطموحهم في المعرفة.
أن تملك منبرًا حرًا لا يعني أن تملك صوتًا مسموعًا، فالصوت يحتاج إلى أن يصل، لا أن يضيع في الفراغ.
إنَّ إصلاح هذه المنابر ليس مسألة تقنية فحسب، بل هو جزء من مشروع ثقافي أوسع، يُعيد الاعتبار لفكرة الفضاءات المستقلة، ويمنحها قدرةً حقيقية على المنافسة والتأثير في عصرٍ أصبحت فيه التكنولوجيا عاملًا حاسمًا في تحديد من يملك الحق في الكلام، ومن يُترك على هامش المشهد.
zoolsaay@yahoo.com